هل ستختفي الأسكندرية عن الخريطة المصرية ؟

أمنية طلعت

الحوار المتمدن-العدد: 1560 - 2006 / 5 / 24 - 10:39
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

قرأت منذ أيام تصريحا خطيرا على لسان الدكتور محمد العشري خبير البيئة المصري العالمي والمدير السابق لصندوق البيئة العالمية .... التصريح بكل بساطة هو أن ارتفاع درجة حرارة الأرض سيؤدي إلى خلل جوهري في منظومة المناخ العالمي وحدوث ظواهر استثنائية مثل الفيضانات والجفاف.... بالطبع عند هذا الحد سنقول وكما اعتدنا دائما (طب واحنا مالنا؟) لكني سأجيب قائلة (لا ده إحنا مالنا ونص) لأن العشري يكمل تصريحه الخطير قائلا أن مصر لن تكون استثناء من قانون الطبيعة فارتفاع الحرارة سيؤدي إلى ارتفاع سطح البحر بما في ذلك البحر الأبيض المتوسط وسيترتب على ذلك أن ثلث دلتا النيل الموجودة في شمال مصر ستختفي تماما تحت مياه البحر ...المصيبة الأكبر هي أن الدكتور العشري لا يحدثنا عن خطر محتمل في عصور جيولوجية لاحقة بل عن تقديرات مؤكدة الحدوث في العقود الثلاثة القادمة وأن خبراء الصندوق العالمي للبيئة التابع للأمم المتحدة لديه دراسة علمية جادة وتفصيلية حول هذا الموضوع بل إنهم يمتلكون خريطة تقدم لنا الشكل الجديد للدلتا ...................!
هذا الحدث الذي نشاهده كخيال علمي ومجرد شطحات خيال لصانعو السينما في هوليوود كحدث قد يقع في أمريكا، سيتحول إلى واقع ولكن عندنا في مصر وفي دلتانا العزيزة وطبعا مدينة الإسكندرية التاريخية ستكون أول المختفين ...هذا الحدث الذي وقع مؤخرا في تسونامي والبلاد التي ابتلعها البحر والآلاف الذين راحوا وخرجت بعض الأصوات الجاهلة من مدعي العلم الديني ليقولوا أن ذلك عقابا من الله للكفار ...هذا الحدث سوف يقع في مصر رغم أن غالبية السكان في مصر تدينوا بالشكل الذي يطالب به دعاتنا المحدثين والتيارات الدينية الجارفة المتصاعدة في البلد...!
ما الذي يمكن أن نفعله كي نخرج من تلك الكارثة بأقل خسائر ممكنة؟ ما الذي يمكن أن نفعله لننقذ تراثا إنسانيا يمتد لعصور سحيقة وحضارة قامت على تلك الدلتا وخاصة مدينة الإسكندرية التي تضم أهم ما تبقى من تاريخنا أثناء التواجد اليوناني والروماني في مصر وكذلك العديد من مظاهر الإنجازات المصرية المعاصرة مثل مكتبة الإسكندرية على سبيل المثال لا الحصر؟ ما الذي يمكن أن تفعله حكومتنا الغراء والتي يقودها حسني مبارك للمرة الخامسة على التوالي تحت شعار رنان كبير جدا هو ( العبور إلى المستقبل) فكيف ستعبر بنا إلى ذلك المستقبل الذي بالتأكيد لن تراه فلا يمكن أن تخلد حتى المائة من عمرك وتظل تحكمنا أيضا ! لكن ماذا فعلت لمصر من الأساس ولأولادها كي يواجهون أزمة وكارثة طبيعية مثل تلك؟
للأسف الشديد نحن مازلنا غارقين في مشاكل الديمقراطية ومطالبات القضاء بالاستقلال ومطالب إلغاء قانون الطوارئ ومكافحة إرهاب لا يعلم أحد بالضبط مصدره وإرهاصات لفتنة طائفية متصاعدة لا يعلم أحد أيضا من الذي يزكيها ويشعلها بالتحديد، وجمهرة من البشر مازالت تتناقش في جسد المراة العورة وفتوى خروجها من المنزل وأحكام الجنابة وما إلى ذلك من القضايا التافهة التي أغرقونا فيها حتى أنوفنا، مازلنا نرزح تحت وطأ قطع الألسنة ومصادرة الآراء ومناقشة إن كان للبهائيين الحق في الاعتراف بهم وكذلك الشيعة ...مازلنا ومازلنا ..آلاف القضايا المفتوحة والمتشعبة والمتشابكة والتي فيما يبدو ستظل مفتوحة حتى يأكلنا الطوفان ليخرج في النهاية واحد من الباقين من تلك المجزرة الطبيعية ليقول ان اهل الدلتا كانوا فاسقين فأزالهم الله من على أرضه بالطوفان ...!
هل سيأتي ذلك اليوم ونكون عزل تماما من أي علم نتسلح به لمواجهة الطوفان أم سنظل فاغري الأفواه زائغي العيون، نحوقل ونبسمل و ندور في الدوامة التي يلفنا فيها نظامنا الحصيف بأصابعه المدربة على القذف بنا في التيه منذ البداية؟

#أمنية_طلعت (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات