أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الأيزيدية شيرين فخرو … العُقبى لداعش














المزيد.....

الأيزيدية شيرين فخرو … العُقبى لداعش


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6404 - 2019 / 11 / 10 - 11:41
المحور: حقوق الانسان
    


كنتُ أتمنى أن أرى لمعةَ الفرح في عينيها الحزينتين. أو ظلالَ ابتسامة ساخرة تومضُ خلسةً على زاوية شفتيها، حتى وإن سرعان ما تختفي ليعودَ الأسى المقيمُ. وكيفُ يسكنُ الفرحُ عيونًا عايشتِ القهر والإذلال والانتهاكَ الجسدي أيامًا وأسابيعَ وشهورًا وسنوات؟! كنتُ أرجو أن أصافحها، أن أُقبّلها وأعانقَها، في ذلك اليوم، كما عانقتُها قبل ستة أشهر في مدينة آربيل عاصمة إقليم كردستان العراقية، في أبريل الماضي. من بين مليارات البشر في هذا العالم الواسع، لم أفكّر إلا فيها في تلك اللحظة التاريخية العظيمة. من بين كلّ ما قرأتُ من مآسي عن الأيزيديات اللواتي دفعن الفاتورة الباهظة المخيفة، تمنيتُ أن ألتقي بتلك الفتاة الجميلة على وجه التحديد، ولو لخمس دقائق فقط، يوم هلاك الإرهابي المجرم "أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الدموي، أكلي لحوم البشر، مغتصبي أجساد النساء.
شيرين فخرو، البطلة الأيزيدية، وكلّ الإيزيديات اللواتي ذُقن الويل على يد مجرمي داعش بطلاتٌ. لكنها الوحيدةُ من بينهن التي التقيتُ بها وجهًا لوجه، وحادثتُها وسمعتُ وجعَها وعانقتُها وبكيتُ على إيقاع دموعها، التي لم تنزل من مُقلتيها، بل تجمدت مثل لؤلؤ بلّوري عنيد وصلد، يأبى أن يسيل على الوجنات؛ حتى لا يشفَّ عن انكسار الروح.
في معرض أربيل الدولي للكتاب، في أبريل الماضي، أقامت دار "المدى" للكتاب ندوة لتلك الجميلة، لكي تحكي جانبًا من فظائع تنظيم داعش الإرهابي، عايشته تلك البطلة وخرجت منه رافعةَ الرأس، رغم الإذلال، قويةً، رغم انتهاك الجسد، مُصرّة على استئناف الحياة، رغم معايشة الموت اليومي على مدى عامين تحت مظلّة داعش السوداء.
تُرى كيف استقبلت تلك الجميلة خبر هلاك المجرم السفّاح أبو بكر البغدادي؟ الرجل الذي ترك ثأرًا في كل بيت من بيوت هذا الكوكب. الرجل الذي حفر نُدبةً في كل قلب من قلوب بشر هذا العالم. هل فرحتْ "شيرين" كما فرحنا نحن، الذين قرأنا عن الإهوال ولم نعشها كما عاشتها؟ أم تُراها كانت تود قتله بيديها لتثأر لشرفها وكرامتها وجسدها وأرواح من استشهدوا من أهلها على يد عصابة داعش؟ بحثتُ عن رقمها في هاتفي لأتصل بها، فلم أجده. ففكرتُ أن أخاطبها في هذا المقال، علّها تقرأه يومًا لتعلم أن شقيقة مصرية لها لم تنسها يومًا منذ عرفتها. حين صافحتُها في كردستان، عانقتُها وكأنما أردتُ أن أغطّي جسدها الموجوع بزفرات روحي وخفقات قلبي. كنتُ أعتذرُ لها، فتندهش! كنتُ أعتذر لها نيابةً عن كل العالم الذي وقف صامتًا بينما كانت تُغتصبُ وتُنتهكُ آدميتُها هي وآلاف من الكريمات مثلها من جميلات هذا العالم، الأيزيديات اللواتي لن يغفر التاريخُ ما ارتُكبَ في حقّهن على يد داعش الرخيصة.
في نهار واحد، قتلت داعش 700 فتاة وامرأة ورجل من الأيزيديين، وسبت واغتصبت مئات من النساء والطفلات والفتيات. منهن الطبيبة "ناديا مراد" التي فازت فيما بعد بجائزة نوبل للسلام 2018. تناوبت ذئابُ داعش الجائعة على الفتيات ضربًا واغتصابًا جنسيًّا. كانت ضباع داعش تترك الفتيات عاريات دون ملابس ليكنّ جاهزات للشياطين الذين يتبجحون برفع لواء الدين، وكلُّ دين منهم براء.
عاش أبو بكر البغدادي كأي ضبعٍ خائف مُتخفيًّا في بطون الجبال المظلمة مثل أي جبان، ثم هلك ونفق مُطارَدًا من الكلاب المُدربة على مطاردة اللصوص والمجرمين.
ويبقى السؤال: هل بموت البغدادي وتفكك الدولة الداعشية من قبل هلاكه، سقط داعش كتنظيم؟ بالطبع لا. داعش فكرة خبيثة نبتت بتحالفات دولية شيطانية تروم السيطرة على ثروات العالم وامتلاك السلطان على البشرية. وخفوتُ الفكرة، أو موت رأسها، لا يعني انتهاءها. انتهاؤها يحتاج جهودًا تنويرية دولية تجتث من الرأي العام العالمي جميع خلايا سرطان الإرهاب والإقصاء والتسيّد والترويع باسم الدين. كلُّ إنسان فوق ظهر هذا الكوكب عليه "فرضُ عين" أن يحارب منهج استخدام "اسم الله" في ترويع البشر، لأن ذلك النهج هو الذي شوّه صورة الإسلام وشوّه صورة المسلمين في عيون العالم. هلك أبو بكر البغدادي وهلك خليفته، وسوف يهلك من يخلفه، ولكن الأهم من هلاكهم، هلاكُ الفكرة الداعشية المعادية للدين والإنسان. العُقبى لداعش كفكرة، وليس فقط كتنظيم. صديقتي "شيرين فخرو " التي لم ألتق بها سوى مرة، أحبُّك وأصافحك.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيدُ الحبّ المصري … والڤالنتين الإيطالي
- 7 أرطال … من اللحم البشري!
- التذكرةُ قاتلةٌ … لأن القانونَ طيبٌ وأمّي
- سهير العطار … نجوى غراب … أكذوبةُ الخريف
- حتى لا تموتَ الشهامةُ في بلادنا!
- يراقصُ الزهراءَ فوق الثريا | إلى مازن ... فاطيما
- البابا تواضروس … والخاذلون أوطانَهم
- -بين بحرين”: بحر الظلام وبحر النور
- كيف عشتُ طقسَ -الحلول- مع فرجينيا؟
- سانت كاترين: متخافوش على مصر
- اللواء باقي زكي يوسف… كاسر أنف صهيون
- أيها الخائنُ … أيها النبيل!
- يوم من أيام مصر الجميلة... تحيا مصر يسقط كل عدو لمصر!
- مهرجان الجونة … الرقصُ داخل الأغلال
- أن نكون شوكةً في ظهر مصر!
- خالد جلال … يستعيدُ ذاكرةَ (نادية)
- صَهٍ … إن مصرَ تتكلّم!
- اعترافات أجدادي العِظام … السَّلفُ الصالح
- ماعت التي ما ماعت ... في صالوني
- جهادُ المصريين ضد الجهل والطائفية والإخوان


المزيد.....




- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...
- مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا ...
- اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات ...
- اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
- ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - الأيزيدية شيرين فخرو … العُقبى لداعش