أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - البهائية والنزعة السحرية














المزيد.....

البهائية والنزعة السحرية


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1558 - 2006 / 5 / 22 - 10:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعد اختفاء البشر من دون سبب واضح من الظواهر السحرية التي جاءت في حكايات ألف ليلة وليلة ، مثال ذلك حكاية الأمير الذي سحرته ابنة عمه الخائنة وسحرت معه مدينة السلطان محمود صاحب الجزائر السود وما فيها من الأسواق والغيطان ، وكانت المدينة أربعة أصناف مسلمين ونصارى ويهودا ومجوسا فسحرتهم سمكا ، فالأبيض مسلمون ، والأزرق نصارى ، والأصفر يهود ، والأحمر مجوس ، ثم أخفتهم في بركة ماء . هذا في الأدب ، وليس في الحياة ، ومع ذلك فقد حدثت معجزات كتلك في حياتنا منها اختفاء الصحفي رضا هلال نائب رئيس تحرير الأهرام في 11 أغسطس 2003 ، وهو ملء العين والبصر ، فلم يظهر له أثر ولم نعرف من الذي سحره إلي يومنا هذا ؟ . من الظواهر السحرية أيضا أن ترى أمامك فجأة بشرا ، يتحركون ، ويتزوجون ، ويأكلون ، وهم غير موجودين ! هذا في الأدب ، وليس في الحياة ، ومع ذلك فقد حدثت معجزة كتلك ، أقصد ظهور البهائيين الذين يسكنون المنازل ، ويركبون المواصلات ، ويعملون ، ولكن ما من علامة واحدة في سجلات الدولة تثبت أن لهم وجودا شرعيا وقانونيا بيننا ! المصريون من البهائيين موجودون ، ويمكنك أن تلتقي ببعضهم ، وتخاطبهم ، ويخاطبونك ، ولقطع الشك باليقين يمكنك أن تمد يدك إلي أجسامهم لتتأكد من أن وجودهم حقيقة ، لكنك ستفشل تماما إذا حاولت أن تتيقن من وجودهم رسميا. تسأل البهائي : ألست فلانا ؟ يقول : نعم . تسأله : ألا تعمل في المصلحة الفلانية ؟ يقول : نعم . تسأله : أنت متزوج ؟ يقول : نعم . تستفسر : لك أولاد ؟ يقول : نعم . تسأله : هل لديك بطاقة أو شهادة ميلاد أو جواز سفر أو رخصة قيادة ؟ يقول : لا . تسأله : هل تستطيع أن تشتري أو تبيع أو توقع عقدا ؟ . يقول : لا . تسأله : طيب .. هل تستطيع أن تتعامل مع البنوك ؟ يقول : لا . تسأل : هل تستطيع تحديد موقف أولادك من التجنيد ؟ . يقول : لا . لا أستطيع . الله ؟ هل أنت موجود أم لا ؟ . يقول : لا أدري . ولا يبقى لك سوى أن تفرك عينيك ناظرا للبهائي متسائلا : يا ربي ، هل أن أولئك البهائيون المحيرون موجودون أم لا ؟ حقيقة أم وهم ؟ أبدان تدب أم أطياف في الجو ؟ فإذا كانوا حقيقة فكيف اختفوا من كل الأوراق الرسمية ؟ وإن كانوا وهما فكيف يتحركون ويأكلون وينامون ؟ بل تصل الجرأة ببعضهم إلي حد الإنجاب ؟! أتكون تلك هي الواقعية السحرية في طبعة مصرية ؟ ومن هو المؤلف المبدع لذلك النص السحري ؟ أهو وزير العدل المصري ؟ أم وزير الداخلية ؟ .
البهائيون حقيقة دخلت إلي مصر منذ منتصف القرن 19 ، وأصبحوا جزءا من نسيج المجتمع المصري ، ومنهم كتاب وفنانون عظام مثل حسين بيكار . والحوار بشأن مشكلتهم ليس حوارا متعلقا بالدين ، لأنهم لا يطالبون أحدا بالاعتراف بديانتهم ، كلا ، لكن ما ينشدونه هو حق التحول من وهم إلي واقع ، أقصد حقوق المواطنة التي لا علاقة لها بالموضوع الديني . وقد ظهرت مشكلة البهائيين منذ زمن ، وفصلت فيها محكمة شرعية مصرية عام 1923 وقضت بالاعتراف بالبهائية كدين . لكن الدولة قامت فيما بعد بإغلاق محافلهم بقرار جمهوري رقم 263 عام 1960 ، واعتبرتهم ملة مارقة بفتوى أزهرية ، وجاء قرار آخر عام 1961 حرم البهائية من اعتراف بها . ثم عقدت الدولة حياتهم مع صدور القانون 143 عام 1994 القاضي بحصول المواطنين على بطاقة " قومية " ، وكانت أوراق تلك البطاقات تحتوي على أربع خانات، ثلاث للديانات المعترف بها ، وخانة رابعة يكتب فيها " أخرى " أي ديانات أخرى . وحصل بعض البهائيين بالفعل على بطاقات قومية بالخانة الرابعة ، ثم ألغيت تلك الخانة بقرار إداري رقم 46 عام 2004 ، وهو قرار لم ينشر في جريدة الوقائع الرسمية ، ولم يصدق عليه من مجلس الشعب . وبعدها توقف صرف أي بطاقات أو شهادات ميلاد أو أية أوراق رسمية للبهائيين ! لقد سحرتهم الدولة سمكا وأخفتهم في بركة ماء ! واستمر هذا الوضع السحري إلي أن أصدرت محكمة القضاء الإداري التابعة لمجلس الدولة حكمها في 4 أبريل هذا العام بحق المواطنين البهائيين المصريين في إثبات ديانتهم في أوراقهم الرسمية ، تأكيدا لحكم سابق مماثل صدر منذ ثلاثة وعشرين عاما . ثم جرى الطعن في ذلك الحكم وسط موجة من التحريض على البهائيين إلي حد المطالبة بقتلهم كما حدث في جلسة مجلس الشعب 3 مايو 2006 ! الغريب أن هناك حالات لبهائيين كانت الزوجة فيها أمريكية والزوج مصري، أو العكس ، وصدرت شهادات ميلاد للأطفال من دون ذكر أية ديانة أصلا ! ربما لأن البهائي الأمريكي من النوع الأصلي ومش مضروب كالبهائي المصري ! .
ما يطالب به البهائيون أمر لا علاقة له بالاعتراف بديانتهم من عدمه ، إنهم يطلبون منحهم شهادات ووثائق بدون أية هوية دينية ، يطالبون بحقوق المواطنة لتنظيم شئون حياتهم وحياة أولادهم . هذا أو يظل البهائيون موجودين وغير موجودين ، يتحركون على شعرة دقيقة بين الواقع والوهم ، وفي هذه الحالة ينبغي على الدولة أن تمنح مؤلف ذلك النص السحري جائزة الدولة التقديرية في الأدب .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي يريده الشعب المصري ؟
- تبني مطالب الأقباط .. هو الطريق للخروج من الأزمة
- الآداب السلطانية . نص متجدد
- أطوار بهجت .. من الشعر إلي الحرب
- حكاية هند والفيشاوي
- الأزمة الدانمركية بين الدين والسياسة
- ميشيل باشليه واليسار الجديد
- رحيل فؤاد قاعود .. موال الرفض والحرية
- الجوائز الأدبية وكرامة الكاتب
- اعتذار للشعب السوداني ، واستنكار لما جرى
- بروزاك .. صديق المبدعين
- ألفريد فرج .. في وداع الخيال
- الوجه الآخر لفوز الإخوان في مصر
- يوميات جندي أمريكي في العراق
- من أين يأتي الحزن ؟
- أقباط مصر .. هل يريدون الكثير ؟
- أحداث باريس وكلمات ألبير كامي
- الثقافة والطائرات
- المسألة القبطية وماجرى في الاسكندرية
- اللحظة الحرجة


المزيد.....




- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-J ...
- منظمة: 4 من كل 5 مهاجرين مهددين بالترحيل من أميركا مسيحيون
- جدل حول اعتقال تونسي يهودي في جربة: هل شارك في حرب غزة؟
- عيد الفطر في مدن عربية وإسلامية
- العاهل المغربي يصدر عفوا عن عبد القادر بلعيرج المدان بتهمة ق ...
- المرصد السوري يطالب بفتوى شرعية عاجلة لوقف جرائم الإبادة
- عبود حول تشكيلة الحكومة السورية الجديدة: غلبت التوقعات وكنت ...
- بقائي: يوم الجمهورية الإسلامية رمز لإرادة الإيرانيين التاريخ ...
- الخارجية الايرانية: يوم الجمهورية الإسلامية تجسيد لعزيمة الش ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد الخميسي - البهائية والنزعة السحرية