أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نيرمين ماجد البورنو - لا تصورني ...!














المزيد.....


لا تصورني ...!


نيرمين ماجد البورنو

الحوار المتمدن-العدد: 6395 - 2019 / 10 / 31 - 21:29
المحور: حقوق الانسان
    


صور من هنا وهناك بتنا نشاهدها يوميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر أزقة الطرقات تثير الغضب والخنقة, أو عبر تسليم الإعانات المالية أو العينية الى المستفيدين من المؤسسات والجمعيات فيها امتهان للكرامة الإنسانية وافتقار الى الأخلاق, صور وفيديوهات ومقاطع باتت تدمي القلب والروح وجعا وألما على الحال الذي وصل اليه هؤلاء الفقراء والمحتاجين من جوع وحرمان وفقد وتنمر يفترشون الأرصفة حفاة عراة يتخذون من أماكن رمي النفايات مأوي لهم, أطفال تصرخ تحت الأنقاض بينها وبين الموت شعرة وهي تتوسل بأن لا يصوروها, كما شاهدنا من أيام فيديو لفتاة سورية تصرخ "عمو لا تصورني ...ماني محجبة" والمؤسف بأن من صورها استمر بالتصوير غير مبال للفتاة فتجاهل صراخها واستمر يلتقط الصورة لأكثر من دقيقتين ووصلت صورة الفتاة الي اصقاع الأرض كافة...! وصورة وثقت شخصا وهو يسلم أمرأه مسنة وأبنها مريضين نفسيا إعانة مالية من فاعل خير, فلقد صدق نيلسون مانديلا عندما قال :" ليس حرًّا من يُهان أمامه إنسان ولا يشعر بإهانة".
صور عديدة مؤلمة منتشرة لفقراء بملابس رثه وسخه, مشاهد قاسية يمر الناس بالقرب من هؤلاء المتسولين من دون ابداء أي اهتمام وكأن من يفترش الطريق مجرد حيوان وليس إنسانا له كيانه وحقوقه, أطفال باتت تتخذ الشوارع مبيتا وحضنا يفترشون الأرض معتبرين صخورها وحصاها أحن عليهم ممن حولهم من البشر وحال لسانهم يقول كفوا عنا وأرحلوا أتركونا ننام و لا تصورونا فنحن من عناء الفقر مهملين ومن هموم الأرض مثقلين, يلفون أجسادهم النحيلة بقطعة مهترئة من السجاد! نماذج كثيرة لبشر ينتشرون في الشوارع المتعبة والمثخنة بجراحها تعددت الأسباب في هيامهم وتوحدت أشكالهم فثيابهم رثة ولحاهم كثيفة غير مهذبة وعيونهم غائرة وأجسادهم هزيلة ونفوسهم هدها الضياع والحرمان ماتت أحلامهم قبل أن تولد, تراهم كبارا وصغارا لا يأبهون لما حولهم، تسألهم عن حالهم فتغرق عيونهم بالدموع الساخنة، بل الكاوية, أي حال هذه وهم لا حول لهم ولا قوة؟ مشاهد يقشعر لها البدن، تشعرك بالشفقة والنقمة في آن واحد. الشفقة على أشخاص غدر بهم الزمن، والنقمة على مجتمع لا مبال وحكام ما همهم سوى السلطة والكرسي, فهل الفقير في بلادنا بات يموت بدون ضجيج, وهل فكرنا للحظة بحال هؤلاء الفقراء و تخيلت نفسك مكان هؤلاء الأطفال تتلقي تبرعا من جهة ما ومشروط عليك أن تتصور بتلك الهيبة المذلة! وكيف لو كبرت ورأيت تلك الصورة في أرشيف المؤسسة؟ أو كيف لو ابتكرت المؤسسة وسيلة تسويق ووضعوا صورتك على حقائب المدرسة أو على يافطات إعلانية للتبرع والتسويق في الشوارع؟ فقراء ما قبل اختراع الكاميرا نجوا والحمد لله من تلك الفضيحة التي فتكت بفقراء ما بعد الاختراع!
أيعقل ونحن في القرن الحادي والعشرين، وفي عصر العولمة، أن نجد أطفالاً يتوسلون اليك لكي تعطيهم ولو قرشا واحدا يشترون به ما يسد جوعهم ورمقهم ؟ وأيعقل أن نري شيوخا ونساء ينامون على فراش ممزق تحت الكباري والجسور وفي أكياس النفايات؟ أيعقل ونحن العرب نتغنى بالكرم والضيافة وببلد العجائب والسحر والجمال وأمه أقرا والثقافة والتراث والسياحة والفنون؟ أين نحن من حقوق الإنسان المكفولة التي نتغنى بها في مؤتمراتنا ومؤسساتنا وحديثنا وشعاراتنا؟
يد تساعد خير من عين تشاهد, إن حال الطفل الذي يضطر لتقبل تصويره حينما يستلم مساعدة يشعر بأنه ينسلخ من أدميته أمام الكاميرات ويتم المتاجرة بفقره وحاجته دون اعتبار لكرامته وإنسانيته فيقبل بالمهانة والدونية ويشعر بالخجل لكنه يصمت ويتصور لأن لقمة العيش صعبة, واشتراط التصوير حرم الكثير من المحتاجين للتوجه لأى من تلك المؤسسات حفاظا على كرامتهم رغم حاجتهم الماسة لذلك , وتلجأ الكثير من المؤسسات الى التوثيق كون الصورة تشجع متبرعا أخر على التبرع وتقدم المشاريع الى المؤسسة نفسها, ولكن الانسانية أهم من كل تلك الاعتبارات فيجب على الدول إيجاد حل لتلك الظاهرة التي تتفاقم يوم بعد يوم وتتنشر لأنها تعتبر انتهاك صارخ لكرامة وحقوق الإنسان الفقير ويجب اتباع طرق أخرى لإثبات تسليم تلك المساعدات للناس, ويجب على الاخصائيين النفسيين إجراء بحث لتلك الظاهرة كدراسة استقصائية وتحليلها وصولاً الى أسبابها وانتهاءاً الى وضع الحلول الجذرية أمام تلك الظاهرة الخطيرة, وعلى الجميع أن يعي ان إطعامهم أو كسوتهم أو امدادهم بالبطانين او حتى إيجاد مأوي لهم هو حل مؤقت شبيه بالمسكنات ثمنها بعض الصور التي تلتقطها عدسات الكاميرات لتحكي زوراً أن المشكلة قد انتهت على يد تلك المؤسسات ,ان الإعانة حق للفقير سواء أكانت مالية أو عينية لكن توظيفها إعلاميا بغية الشهرة فهو تصرف غير أخلاقي ولا يليق بكرامة الإنسان, فالكرامة حق للإنسان لا تسقطه الحاجة ومجد وهبه من الله تأتي نتيجة عقل مستقيم وجاد وثمن الكرامة والحرية فادح لكن ثمن الذل مر وعلقم, إن الثابت هو أن إنسانية الإنسان أو كرامته سابقة على الحرية وعلى العدالة, فكن إنساناً عادلاً تسلم , وعش عزيزا أو مت وأنت كريم!



#نيرمين_ماجد_البورنو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعطِ وستأَخَذ...!
- أرحل بأناقة ...!
- في ثوب السكون تختبئ الاحلام...!
- كن وسطاً... !
- شهادات ودكاكين!
- الفطام الإلكتروني ...!
- وباء التيك توك !
- شاليه الُفقراء...!
- بنَاتُنا لسن أَحْجَارًا على رُقْعَةِ الشطرنج...!
- الاكتناز القهري ...!
- جراثيم التعليم -فنلندية-.. !
- يوتيوباتنا العربية وعطش الشهرة !!!
- عَقْلاَطِفيّة .... !!!
- تَفَاصيلُ الأَلمْ ... !!!
- طُفَيليَّاتُ الواتس اب .... !!!
- صمتُ الوَهْج !!!
- أينما زرعك الله ... أزهر !!!
- الرّمَقُ الأَخيْر !!!
- السلام الذهني !!!
- كن محسناً وإن لم تلقى إحساناً !!!


المزيد.....




- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام شخص -تعزيرا- وتكشف ما أُدين ب ...
- حماس تطالب الصليب الأحمر بتكثيف متابعة أوضاع الأسرى الفلسطين ...
- مكتب إعلام الأسرى التابع لحماس: الأسرى المحررون تعرضوا لتعذي ...
- شبكة حقوقية تدعو لتحقيق العدالة لضحايا مجزرة حماة 1982
- جيش الاحتلال يعتقل صيادا لبنانيا عند نقطة رأس الناقورة.. ويع ...
- السعودية.. إعدام مقيم أدين بجريمة مخدرات
- الجزيرة ترصد أوضاع مدارس الطوارئ بمخيمات النازحين في السودان ...
- حملات اعتقال وترحيل للمهاجرين غير النظاميين من أميركا
- وصول عدد من الأسرى الفلسطينيين المبعدين إلى القاهرة (فيديو) ...
- جدل واسع في إسرائيل بعد مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نيرمين ماجد البورنو - لا تصورني ...!