أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد سعيد السراج - الحرية وأنظمة القهر














المزيد.....

الحرية وأنظمة القهر


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1558 - 2006 / 5 / 22 - 10:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الطغاة لا ينامون وفي جيب غيرهم أمل , أنهم تجار ُيفَلِّسُون شعوبهم , ويذهبون بالقيم وكرامات الناس , ويحولون مواطنيهم إلى دمى من غباء , يتراشقون وشعوبهم بكيل المديح , ويحولون أمتهم إلى بحيرة من أسن , ويتنامى البلهاء في ممالكهم كالجراد , وتصبح الكذبة الوحيدة هي الوطن , هذا الوطن المسكين الذي على مذْبَحِهِ تُهدَر كلّ القيم , وأكثر قيمة معرضة للبيع والإهانة هي الإنسان , ويستمر الإنسان يلوك جراحه ويندب حظـّه المشؤوم في أنظمة المسخ هذه , يتحول الناس من بشر أسوياء يعتزون بكرامتهم ويفتخرون بأوطانهم , إلى أُناسٍ يتحكم بهم القهر والذل , ويتوجسون خيفة حتى من أصوات أحذيتهم , ينتشر الخوف في أزقة الحارات وفي المدن والقرى , ويتغلغل إلى داخل البيوت , وتصبح الثقة أحياناً بين الأهل هي المسألة الوحيدة المفقودة , لأسرة مفككة ومخربة , وتذهب أدراج الرياح القيم الأسرية , والكل يبحث عن مصلحته وارتزاقه حتى داخل الأسرة الواحدة , لأن مخبري السلطان يتحولون إلى مسخ يلتهم كل قيمة , حتى لو كانت القيمة هي القيمة الأخلاقية في الأسرة الواحدة , ولا يتمُّ الفساد والبلاء فقط , بل أيضاً يتحول الإفساد إلى قانون ينتشر بين الناس ويخرب الزرع والضرع , فالخوف يصبح مركز العلاقات , والانتهازية والاستغلال والكذب والنفاق والتذاكي على الآخر والضياع والانهزام الداخلي , تتحول إلى أنماط العيش مدعومة بالتاريخ الطويل من المفاهيم المغلوطة عن الحياة , التي سِمَتُها الجهل ُ والتخلف , ومحاربة كل ما هو جديد وما ليس من الأعراف التي تربى عليها مجتمع مثل مجتمعنا الشرقي , الذي تضربُ أعماقه عميقاً في عالم الظلمات والجهل والخرافة , والتركيبة المعقدة والمتناقضة , لإنسان الشرق الذي أوهموه , وأوهم نفسه بمنظومة القيم البائدة التي عاش عليها أجداده الأشاوس والأقحاح , ولا مانع أن يكون المثل للتفاخر في الماضي إذا كان الجد أو جد الجد مثلاً قتل جاره , أو ابن, حَيِّهِ , أو حتى أحد أفراد العشيرة , أو الأسرة , لأن ذلك مثار للنخوة والرجولة , فكل هذه المجاميع المتخلفة من المفاهيم الواهية , تصبح عناوين تستغلها الدولة الشمولية , لتجعل من هؤلاء المواطنين أشبه بقطيع من الأغنام وتستغل الحالة القطيعية عنهم في الوقت التي تشاء , باسم الوطن والشرف والكرامة والعزة والنخوة والكبرياء والشهامة والإسلام , طالما ذلك يجعلها تتفرد بكافة أشكال الحكم وطالما رعاياها لازالوا بخير وهم يرددون الشعارات الكاذبة المنافقة , وتذهب الحريات أدراج الرياح , وُيقفل عليها في خزائن حديدية وُتبرز الشعارات المبهمة لتحل محلها , ليستمر الناس يهضمون قيم الخداع , والكتاب والمبدعون والعلماء ُيصبحون مواطنين من الدرجة العاشرة , وتسفه قيمهم وإبداعاتهم , ( فالشعراء يتبعهم الغاوون ) والعلماء بهم مس ِ من جنون , والمثقفون الشرفاء يرضعون بؤسهم وانكسار اتهم , والذل ُيصبح سيد القيم , فعندما تغيب الحرية الشخصية , يصبح النظام هو الوصي الأوحد على كلّ أشكال المفاهيم , ويصبح المفكر في ورطة , فالويل له إن تجرأ وقال مالا يرضي السلطان وأزلامه ومخبريه الصغار , الذين من كثرة ما امتهنوا الذل , أصبحوا يتلذذون بذل أنفسهم واحتقارها , لأنهم أصبحوا من الوضاعة لدرجة أنهم أدمنوا الأذى , بل أصبحوا الشرور نفسها , لا كراهية وحقداً فقط , بل أيضاَ نذالة ووضاعة ودونية , ويبدأ العدّ التنازلي للقيم العظيمة : كالوطنية , والسيادة , والحرية , والديمقراطية , والعدالة , والمواطنة , ويصبح الوطن , صغيراً وفارغاً , وبليداً كعين طاغية أعور 0



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موت الإسلام
- كيف فقدت الكتب أهميتها؟
- شارلي شابلن ,العظيم
- بمدامع السَّماء تصطلي روحي
- الديمقراطية أولاً والديمقراطية أخيراً
- أنت في العراق فاختر طريقة موتك
- الخميني – أحمدي نجاد – إسرائيل
- الحنظل الغريب
- الممثل عادل إمام – ومقاومة الإرهاب
- الأ ُفسديان
- الطاغية عبر التاريخ , من هو ؟
- مجَرد أسئلة
- يا أعداء الحياة أوقفوا جنون الكره
- المطرودون من الجنة
- الماركسية والفن
- لماذا لا يقرعون إلا طبول الموت
- ويسألني الليل عن نباح دمي
- المرأة يضطهدونها في الأرض بمباركة السماء
- إذا كنتَ تدخلُ الجنة – طز في أمريكا
- الدائرة


المزيد.....




- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-J ...
- منظمة: 4 من كل 5 مهاجرين مهددين بالترحيل من أميركا مسيحيون
- جدل حول اعتقال تونسي يهودي في جربة: هل شارك في حرب غزة؟
- عيد الفطر في مدن عربية وإسلامية
- العاهل المغربي يصدر عفوا عن عبد القادر بلعيرج المدان بتهمة ق ...
- المرصد السوري يطالب بفتوى شرعية عاجلة لوقف جرائم الإبادة
- عبود حول تشكيلة الحكومة السورية الجديدة: غلبت التوقعات وكنت ...
- بقائي: يوم الجمهورية الإسلامية رمز لإرادة الإيرانيين التاريخ ...
- الخارجية الايرانية: يوم الجمهورية الإسلامية تجسيد لعزيمة الش ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عايد سعيد السراج - الحرية وأنظمة القهر