|
كوابيس عراقية
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 1558 - 2006 / 5 / 22 - 10:17
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
العراقي يشبه العراقي خاصة بعد ان يخلع كوابيس ليلته ويسرع الى التلفاز ليغمس وجبة صباحه بمشهد الدم ويكحل عيونه بمنظر الدخان والحرائق واشلاء الأبرياء ويسجل في ذاكرته حصيلة الصباح من القتلى والجرحى ثم الأستماع الى آخر خطوة تراجع للعملية السياسية ومناورات الذين اخترقوها وحصاد الصراعات حول الوزارات السيادية والملفات الأمنية والأنجازات التي حققها فيلق الذئب ولواء العقرب وفوج الأسد وكتيبة ابو الجعل وسرية ابو الحصين وكم خطف منهم او استسلم بطيبة خاطر لملثمي المقاومة’ وهكذا يواصل الجديد من الوجبة الصباحية هذا اذا لم تصفعه خطبة ثورية لهبل العروبة يستنهض فيها الزحف المقدس نحو قوازيق الذل والهزائم خاصة بعد ان تراجع القاضي رؤوف الى حيث انتهى رزكار’ ثم يواصل ظهيرته بمؤتمر صحفي او تصريحات همشرية للرئيس المنتخب لأربعة سنوات ثم آخر انجازاته على صعيد مناوراته وثعلبياته ومصالحاته مع المقاومة الشريفة ولون الأوراق التي يرفعها يميناً وشمالاً’ او بعضاً من الحكم الروزخونية والمفردات العائمة تبيحث عن معان لها لرئيس الوزراء المنتهية ولايته بعد عملية خلع تدمي الأضافر عن كرسي استلبه من قبضة الطائفة’ يطالب الناس برؤية الأنجازات الوهمية لوزارته ’ هذا الى جانب الرزمة اليومية للتصريحات والوعود المتفائلة لبعض الوزراء واعضاء المجلس الوطني وممثلي القوائم الفائزة حول حكومة الوحدة الوطنية وولادة الفرج معها بالقضاء على الصداميين والزرقاويين’ وفي لحظات الأنتظار يخرج علينا الناطقين باسم الوفاق والتوافق والعراقية بمطاليب وشروط ابتزازية غير متوقعة وكالعادة حول الأستئثار بوزارة بيان رقم واحد ووزارة السراديب والأقبية بأجهزتها وملفاتها الأمنية لتعيد بفرج الناس الى مربعه الخائب’ كل هذا في الأجواء الخانقة للمعانات الأضافية في انقطاع الماء والكهرباء وضياع ابسط الخدمات وحالة الفوضى والخوف والرعب من انتظار لحظات مواجهة القدر مع الملثمين والمفجرين والمسلحين والأنتحارين بأحزمتهم وعبواتهم الناسفة . هكذا يواصل الأنسان العراقي يومه’ و بعد احصاء عدد السيارات المفخخة التي تم تفجيرها او تعطيلها ولأحزمة والعبوات الناسفة وعدد القتلى والجرحى والخراب المادي والنتائج غير السارة لممارسات وعنجهيات مليشيات حكومات الظل والمرحلة المخيفة التي وصلت اليها مشاريع الفتنة الطائفية والعرقية ’ يتواصل نهار العراقيين حتى آخر لحظة يغادرون بها الى الفراش حاملين معهم كوابيس نهارهم بكل فضاعاته واوجاعه واحزانه ليواصلوا استلام حصتهم من كوابيس الليل . كأي عراقي يحمل ثقل كوابيس نهاره حملت نصيبي من الأنهيارات النفسية وجرعات من الصبر فاقد الصلاحية توجهت الى فراشي . كان العدد هائلاً يشبه المهرجان’ الناس مذعورة لا تشبه بعضها لا تتكلم او تجامل بعضها’ فقط ثمة همس وموجة لغط حذر يتداخل مع بعضه كاصوات كورة النحل’ جميعهم في حالة انتظار قرار هام اومرسوم حاسم او بيان مرعب يحمل رقم واحد يحسم ما تبقى من مصيرهم’ الجميع في حالة قلق تتطلع الى الأمام’ وعلى بعد امتار هناك رجل بعين واحدة يحمل على صدره رقم ( 1 ) ملفوف الرأس بقماش اسود تتكور لحيته في حضنه وفوق رأسه خطت وبشكل رديء مقتطفات من القرءآن الكريم وعلى ركبتيه قطعة سلاح’ خلفه تقف جماعة مسلحة تشبه هيئته تحمل ارقاماً تبداء من 2..3..4 .. والى آخره’ لكن حجمه يبدو الأكبر بين الجالسين والواقفين ولا يشبه الآخرين اطلاقاً’ وعلى جانبيه رجلين عرفت الذي على يمينه وكان صدام حسين ’ منفوش الشعر ملتحياً عابس الوجه تظهر عليه تقاسيم الهزيمة وآثار الكراهية والحقد والوعيد بأرتكاب جريمة قتل جماعي للحشد’ يتطلع الى كتاب بين يديه ويتحدث مع نفسه مع اشارات غير مفهومة’ على يسار وحيد العين رجل آخر خائفاً ينتظر اشارات من وحيد العين ليؤدي دوراً معداً’ اتذكر وجهه ولسوء الحظ نسيت اسمه’ انه شخصية مآلوفة مرموقة من وجهاء العملية السياسية’ وبأشارة من وحيد العين انتشرت الحماية بين الحشد وخلفه وامامه’ وبأشارة آخرى رافقها برفع سلاحه فهتف الحشد بصراخ يشبه الحشرجات الأخيرة . ــ عاشت المصالحة الوطنية . ــ لم اسمع صرخ وحيد العين . ــ عاشت المصالحة الوطنية . ــ ارفعوا صوتكم ليزيد الله اجركم . ــ عاشت المصالحة الوطنية . كان رجل العملية السياسية مستعجلاً لمصافحة صدام حسين’ وصدام يتظاهر بعدم الرغبة’ يذكرني الأمر بأستجداء المرحوم ياسر عرفات لمصافحة وتقبيل رابين اثناء المصالحة التاريخية ’ ثم مسك وحيد العين بيد صدام حسين وبيد ممثل العملية السياسية ووضعهما على بعضهما بما يشبه المصافحة وبأشارة منه هتف الحشد . ــ عاشت المصالحة الوطنية . سمعت اصوات تشبه التفجيرات او سقوط قذائف ورشقة رشاش’ تمزق الحشد بأتجاهات مختلفة تصادم وتدافع’ سقط الضعيف والمسن والطفل والأمراءة تحت اقدام الجمع المذعور’ وبالضرب والتهديد استعاد هدوئه وحالته ’ ثمة قتلى واشلاء تم تجميعها من بين دخاب التفجيرات والقذائف ومن تحت اقدام الجمع الهائج ثم رميها في مجمع قريب للقمامة . وحيد العين يضحك بصوت يشبه الصراخ ’ صدام حسين يبتسم شامتاً’ ممثل العملية السياسية يحاول ان يمسح عن وجهه اثراً لأبتسامة صفراء . اخذ الرعب مآخذه مني’ وصدفة شاهدت صديقاً تعرفت عليه في معتقل خلف السده ’ توسلت اليه ان يساعدني للخروج من المآزق ’ قال لي لا يمكن’ يجب علينا ان نواصل الحفل الى نهايته . نهض احادي العين ونهض معه صدام حسين وكذلك ممثل العملية السياسية’ وطلب من الجموع التراجع قليلاً’ بعدها تقدم اكثر من ثلاثين ملثماً وكل يسحب خلفه شخصاً معصوب العينين مقيد اليدين ممزق الثياب يحمل على جسده اثار للتعذيب’ قال لي جاري سيذبحونهم ’ حاولت الهرب فمسكني . ــ لا ترتكب حماقة حاولت ان اغمض عيني فأخبرني . ــ ان ذلك غير مسموح به جلبونا هنا لنرى الحدث حتى نهايته ــ لا استطيع ذلك’ ولا اتحمل المشهد ’ انه مرعب . ــ هل تريد ان تقتل .. ؟ ــ ابداً لا . ــ اذن علينا ان نفتعل الفرح والحماس والهتافات وشيء من التكبيرات . هتف وحيد العين : تكبير .. كبرت الحشود .. سحبت افراد الحماية الملثمة سيوفهم ورفعوا اقدامهم عن رؤوس المحكوم عليهم بالذبح على الشريعة الأسلامية وقوانينها ’ وبعد مقاطع من آيات الله البينات هتف وحيد العين الله اكبر ثلاثة مرات ارتفعت السيوف وقبل ان تسقط على رقاب الضحايا وبطريقة عجيبة تبخر الحشد’ وشعرت بمن يمسكني ويصرخ بي . بابا اكعد الريوك حاضر . بطريقة لا ارادية حمدت الله وشكرته ومسكت بدقات قلبي المتسارعة ومسحت وجهي المبتل ورقبتي ثم سألت . وما هي آخر الأخبار . ــ ثلاثة تفجيرات’ والحمد لله القتلى فقط سبعة .
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اسئلة عراقية تبحث عن جواب مفقود
-
ثقافة الفرهود الى اين ؟
-
سيدنا ونصيبنا الرئيس
-
غربان المنطقة الخضراء : مجرد مقارنة
-
بين ثقافتين
-
خيطوا النخب ... ومزقوا الشعب
-
لن نغرق في البحر والعراق حقيقتنا .
-
دهاء الرئيس عندما يكون سذاجة .
-
اهلينا الكرام : قولوها ولو لمرة واحدة
-
حرب مجهولة الهوية
-
الحزب الشيوعي العراقي : ميلاد واستشهاد
-
زرعوا الثقة ويحصدون الريبة
-
الرأي والرأي الآخر في غرفة البرلمان العراقي
-
من اسواء من ... ؟
-
الأزمة العراقية: اسباب ونتائج .
-
حلبجة : شهيدة المدن العراقية
-
بين بؤس الواقع وانتظار البديل
-
انتي الحياة : متى سندرك حاجتنا اليك ... ؟
-
الحالة العراقية : الى اين ... ؟
-
لا تموتو من اجل الفطائس .
المزيد.....
-
اكتشاف ثالث حالة إصابة بجدري القردة في بريطانيا خلال أقل من
...
-
حضور روسي مميز بمعرض ليبيا للأغذية
-
ترامب يتحدث عن -مشاورات جادة- لإنهاء الحرب بأوكرانيا
-
حسان دياب يكشف خفايا مهمة عن انفجار مرفأ بيروت
-
تحالف دجلة والفرات.. أفكار كاراكوتش تعود للواجهة
-
الشركات الأهلية حلقة من حلقات البناء القاعدي الشعبوي
-
بوعز.. تفاصيل جديدة عن الإيراني الذي اصطاد جنديين إسرائيليين
...
-
تبادل إطلاق نار في المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا
-
-حماس- تصدر بيانا بشأن فلسطينيين تتوقع الإفراج عنهم مقابل 3
...
-
عمدة مدينة اسطنبول أمام القضاء وسط هتافات المؤيدين ودعوات لا
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|