|
تحية تقدير ووفاء للمعارضة الليبية..
فتحي الفاضلي
الحوار المتمدن-العدد: 1557 - 2006 / 5 / 21 - 11:07
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
مثلت المقاومة الليبية المعاصرة نقيضاُ فكرياً وثقافياً وسياسياً واجتماعياً للنظام الليبي القائم، واظهرت ان لليبيا وجهاً حضاريا يختلف عن وجه الارهاب البشع. كما اثبتت المعارضة الليبية.. بمختلف اطيافها السياسية.. ان لجماهير ليبيا فكر وانتماء وتوجهات ورغبات تختلف اختلافاً تاماً.. عما يدعو اليه النظام الليبي القائم.. كما اثبتت المعارضة الليبية.. في نفس الوقت.. ان النظام
الذي جاء ليقود العالم قد عجز.. وبوضوح.. عن قيادة ليبيا.
ومثلت.. المعارضة الليبية في الداخل والخارج.. الصوت الاخر لليبيا والليبيين.. وهو صوت.. لم يفرضه الدرهم والدينار.. ولم تفرضه البندقية او الدبابة على الناس.. بل اختار ذلك من اختار.. بعيداً عن افواه وحراب البنادق واصوات جنازير الدبابات وصيحات الفوضى والغوغائية.. فهو.. عند الاغلبية.. خيار حر صادق.
وكشف المعارضون.. كما كشفت التنظيمات السياسية في الداخل والخارج.. المدنية منها والعسكرية.. ما اراد النظام ان يخفيه من قرارات وممارسات وتجاوزات مست الجوانب الانسانية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، فالمعارضة.. عيون.. رصدت.. ولا زال اغلبها يرصد ويكشف لابناء ليبيا.. بل وللعالم.. ممارسات واكاذيب ودجل النظام.
لقد كشفت.. القوى المضادة للنظام.. على سبيل المثال.. عن جميع الممارسات اللا انسانية.. التي لم يمارسها ضد الليبيين حتى اعداؤهم من الامم غير المسلمة.. فنجحت تلك القوى بذلك.. في تمثيل قضايا المظلومين من الشعب الليبي.. ونجحت في توثيق احداث ووقائع حساسة من تاريخ ليبيا، بما في ذلك جرائم النظام وارهابه، ثانية بثانية ودقيقة بدقيقة وحدثا بحدثا ومناسبة بمناسبة.
كما ان.. هذه المرحلة من تاريخ ليبيا السياسي.. هي في الواقع.. فرصة تاريخية للجهاد والعطاء بالروح والوقت والكلمة والجهد والمال.. وقد سقط.. في هذه المرحلة.. من سقط.. ووقف وقفة رجل في هذه المحنة من وقف.. واستشهد في سبيل دينه ووطنه فيها من استشهد.. وخذل فيها من خذل.. وانضم الى القوة والمال من انضم.. حتى على حساب دماء ابناء شعبه.. بل على حساب دماء ابناء مدينته وريفه وقريته.. فهي.. مرة اخرى.. مرحلة تمحيص وفرز واختبار واختيار.
وتسببت المعارضة.. او المقاومة.. او القوى الرافضة.. افراداً وجماعات.. داخل وخارج ليبيا.. مدنية كانت او عسكرية.. تسببت في افشال بعض الاهداف الاستراتيجية للنظام الليبي.. من بينها.. على سبيل المثال لا الحصر.. افراغ المجتمع الليبي من القوى الثقافية والسياسية والاجتماعية والعسكرية التي تعتبر نتاج لمجموعة القيم والتقاليد والعادات والاعراف التي استمدها ابناء ليبيا
من ديننا الحنيف.
لقد اراد النظام الليبي القضاء على كافة القوى المذكورة.. والتي تاسست.. فكرياً ومهنياُ.. وسط مجتمع ما قبل الانقلاب.. حتى لا تتحول هذه القوى.. حسب اعتقادات النظام الغريبة.. الى نواة لاعادة المجتمع القديم الذي يناقض المجتمع الفوضوي الغوعائي الثوري. لكن القوى المعارضة.. قضت.. كما ذكرنا.. على هذا الهدف وحفظت تاريخ ليبيا السياسي وحفظت مجموعة الرؤى الفكرية والسياسية القديمة والمعاصرة.. كما حفظت وبكل امانة.. وبكافة قواها.. في الداخل والخارج.. التراث والتقاليد والاعراف الليبية الاصيلة.. بل اصبح الصوت الغوغائي في طريقه الى الاندثار رويداً رويداً... ".. فاما الزبد فيذهب جفاءً، واما ينفع الناس فيمكثُ في الارض، كذلك يضرب الله الامثال الرعد19".
واتاحت.. هذه التجربة النضالية الليبية المعاصرة.. الفرصة لاظهار ابداعات المبدعين من الليبيين في الداخل والخارج في مختلف المجالات الثقافية والاعلامية والعسكرية والسياسية.. تمثلت في تنظيم الجيوش.. وحرب العصابات.. والنشاطات الفدائية.. والصدام المسلح مع النظام.. بالاضافة الى تاسيس التنظيمات.. والدخول في المحك السياسي.. والاهتمام بقضايا حقوق الانسان وتمثيلها.. وتاسيس المواقع الاعلامية المميزة الرائدة على شبكة المعلومات.. وممارسة حرية الكلمة.. وتنظيم الاجتماعات والمظاهرات والندوات والمؤتمرات.. وقيادة الافراد وتوجيه الناس ومحاولة التاثير الفكري والسياسي على الشارع الليبي وممارسة النشاطات النضالية الاخرى بصورة دائمة مستمرة منذ الانقلاب حتى يومنا هذا.
وبينت هذه التجربة النضالية الرائدة.. مدى تمسك واعتزاز الشعب الليبي بدينه وعقيدته وهويته.. يتمثل ذلك.. وبكل وضوح.. في ارتال الشهداء الذين ضحوا بارواحهم في سبيل دينهم ووطنهم وبلادهم.. ليبيا.. وقد انضموا بذلك الى قائمة الشرف التاريخية التي ضمت صقور ليبيا واسودها ممن حفظوا لنا الارض والدين والعرض من دنس.. وعنف.. وتسلط الفاشست القديم.. والفاشست المعاصر. ويتمثل.. هذا الاعتزاز ايضاً.. في عشرات الاقلام.. والاف الاصوات.. التي تتصدى لكل من تسول له نفسه ..السخرية او التهجم او الاستهزاء بالله.. او باياته.. او بالرسول الكريم واحاديثه.. او بالصحابة الكرام.. وتتصدى ايضاً.. لكل من تسول له نفسه طمس الخير من تاريخنا وتراثنا وعاداتنا وتقاليدنا واعرافنا وقيمنا المستمدة من ديننا الحنيف.
وبينت هذه التجربة الحية المعاصرة المستمرة.. انحياز معظم الشعب الليبي.. والاغلبية الساحقة منه.. الى قيم الخير والعدل والحق والجمال.. ونبذ هذا الشعب للظلم والتسلط والاستبداد.. ومقته للعنف والقمع والارهاب.. بل بينت هذه التجربة.. صموده وعناده وتصلبه.. تجاه الباطل.. يتمثل ذلك في استمرار المقاومة منذ خمسة وثلاثون عاماً.. تلك المقاومة التي انطلقت مع ولادة الانقلاب نفسه.. ولم تتوقف حتى يومنا هذا.
وهذه التجربة النضالية.. المستمرة.. هي.. فوق ما سبق.. وعاء يعرف منه محصلة الفكر السياسي الليبي.. ويعرف منه رؤى واتجاهات القوى السياسية الليبية المعاصرة ..فهي مدرسة قائمة.. حية.. مستمرة.. حتى يومنا هذا.. ستستفيد منها ليبيا بدون شك حاضرأً ومستقبلاً.
ذلك غيض من فيض.. وذلك شيء من ايجابيات المعارضة الليبية.. بمختلف اطيافها السياسية.. واتجاهات افرادها.. وهي ايجابيات ذات اهمية تاريخية وسياسية بالغة، قد لا ندركها في يومنا هذا.. وهي.. مرة اخرى.. صفحة جديدة.. معاصرة.. مستمرة.. من صفحات الجهاد في تاريخ الشعب الليبي وجولة جديدة من جولات الصراع في ليبيا، من اجل احقاق الحق وترسيخ الامن والعدل والامان لهذا الشعب الطيب.. فتحية تقدير ووفاء لكل صوت ناضل.. ومازال يناضل.. من اجل ليبيا الغد.. ليبيا الحرية والامن.. والامان.. ليبيا العدل والسلام.. ليبيا البناء.. والتقدم ..والامل.. والرفاء.. ليبيا التفوق والاصالة والابداع.. ليبيا الخير كما عرفناها.. وكما سيعرفها العالم على حقيقتها قريباً باذن الله.
#فتحي_الفاضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاهد توثق انفجار أجهزة -البيجر- اللاسلكية في عدد من المتاج
...
-
مصادر عسكرية رفيعة: تناقض شديد بين الجيش ونتنياهو ونخسر حرب
...
-
ألمانيا تتعهد بتقديم 100 مليون يورو إضافية لأوكرانيا في الشت
...
-
مصرع 4 أشخاص وإصابة 40 جراء حرائق الغابات في البرتغال
-
وزير القوات الجوية الأمريكية: روسيا ستواصل تهديدنا بغض النظر
...
-
قيس سعيد: جهات أجنبية تسعى لإفشال حركة التحرر الوطني في تونس
...
-
البرلمان الجورجي يتبنّى مشروع قانون حظر الدعاية للمثلية وتغي
...
-
مالي: مسلحون يهاجمون مقرا للقوات المسلحة في العاصمة والجيش ي
...
-
عاجل: عدد من الإصابات في حدث أمني غير واضح في الضاحية الجنوب
...
-
تطوير صمام قلب جديد لتفادي مشاكل عمليات استبدال الصمامات
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|