|
الغيرة من المناضلين
خالد حسن يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6392 - 2019 / 10 / 27 - 04:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في عام ١٩٩١ طرد مؤتمر الهويي الموحد والذي كان يحلو له التسمي بالمؤتمر الصومالي الموحد، الرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري، من العاصمة مقديشو، وليس هذا فحسب، بل أنه استباح مؤسسات الدولة الصومالية، وبذلك إنتهى الموقف إلى سقوط الدولة.
لقد نهبت ميليشيات التنظيم والمدنيين المسلحين مقدرات الدولة الصومالية ووثائقها وآثار البلاد، اختزلوا كيان الدولة في ذات حاكمهم المخلوع، الكثير من الوثائق إنتهت كأوراق استخدمت من قبل مالكي الأعمال البسيطة، بينما تم تفكيك ونقل تماثيل رموز الصومال إلى خارج البلاد، أما التنظيم الذي سيطر على مقديشو لم يقوم بإعتراض تلك الممارسات التي تمت من قبل أنصاره.
أما الدوافع التي وقفت وراء تلك الممارسات فقد تعددت ما بين غرض النهب والحصول على عائد مالي من تلك التماثيل أو النظر اليها على أنها ذات صلة بالنظام السابق، وبطبيعة الحال فإن كلا المبررين مرفوضان، وبشكل عام فإن الكم الكبير من التعديات على الملكيات العامة والخاصة في مقديشو شمل سمة عامة، وأكد عن مدى وعي الأهالي ونفسياتهم.
إن تلك الممارسات التي اتسمت بطابع الفوضى واستباحة كل ما له صلة بالملكية العامة والخاصة، لم تتم اعتباطا، إذ تم توجيهها من قبل قيادة مؤتمر الهويي الموحد، حيث كانت تحقق المصلحة للعديد من رجال الأعمال الذين نالوا القروض من الدولة ولم يكونوا يرغبون في إعادتها مجددا، لم يجدوا مصلحة في عودة المؤسسات العامة، وشمل ذلك كل العناصر التي لم تكن ترغب في بقاء كيان الدولة.
العنصريين نهبوا تماثيلنا والحكومة في أكتوبر ٢٠١٩ أعادت أخرى كبديل سابقاتها، إلا أنها لا تتماهى مع تلك المنهوبة، فالحكومة وضعت بصمتها السياسية عليها، فتمثال المناضلة حواء تاكو صمم بهيئة تختلف عن دلالات تمثالها السابق حيث كان سهما يخترق صدرها كان تم تصويبه تجاهها من قبل مسلحين صوماليين كانوا من أنصار الإحتلال الإيطالي، في حين أنها تحمل شعلة نار في ظل تمثالها الجديد، فما الغرض من تغيير معالم الواقعة التاريخية والنهاية التي إنتهت إليها المناضلة حواء تاكو؟!
أيا كان السبب لا يجوز تغيير ملامح التاريخ الصومالي والعمل على كتابته بصيغة جديدة تتماشى مع رغبة سياسية غير ناضجة، فالمبرر الأول والأخير الذي صنعت تماثيل رموز النضال لأجله، هو للحفاظ على التاريخ الصومالي.
أما تمثال المناضل رامي الحجارة (Dhagax tuur)، فقد تم تغييبه، هل تم ذلك بفعل أسباب فنية أو لوجيستية؟ أم لدافع سياسي؟ الأمر غير معلوم، من تحدثوا عن تلك الواقعة التاريخية التي تمت في عام ١٩٤٨ أكدوا أن هناك مناضلين صوماليين كانوا قد استشهدوا في تلك المواجهة مع إيطاليا والطابور الخامس الذين قتل منهم ٥٤ مسلح، وأن الأمر لم يكن مقصورا في شهيد وأحد.
إن سياق تحوير ماهية الشهيدة حواء تاكو، يؤكد أن شهداء واقعة رمي الحجارة قد تم استبعاد تمثالهم لأجل دافع سياسي، وخلفيته تجنب التحريض على العنف، إلا أن المفارقة أن هناك حضور للمناضلين أحمد بن إبراهيم(جري)، ومحمد عبدالله حسن، وهم من خاضوا النضال المسلح والذي تجاوز انتفاضة احتجاج بالحجارة!
الحكومة الصومالية أحسنت في إجراء المحافظة على تاريخ رموز من النضال الصومالي التاريخي، وأن تصل رسالة حتمية تكريس الدولة، إلى الكثير من الرافضين لتأسيسها مجددا، ناهيك عن الوفاء لمناضلي الأمة الصومالية في إطار تضحياتهم، وأن يتخذهم أشقياء الحاضر كقدوة ينهلون من تاريخهم النضالي.
في حين أن هناك الحاقدين من الأقزام على المناضلين، هؤلاء صوروا التماثيل التذكارية كأصنام، رغم علمهم أن الصوماليين حريصين على دينهم، ولم يتخذوهم كرموز عبادة في الماضي فما بال الحاضر! هؤلاء ممثلين ببعض شرذمات الإسلام السياسي الصومالي، المصابين بالخبث وضعف الرؤية والحكمة، ومراهنتهم على إثارة ذوي الوعي المتدني لكي يخوضوا معاركهم نيابتا عنهم.
بينما يتشدق المتعصبين قبليا بالقول أن هناك مناضلين لم تشيد لهم ذاكرة تاريخية، والإجابة أن المجال ليس متاح لعشرات التماثيل بقدر ما أن المسألة ذات طابع رمزي، وفي حال حدوث القيام بأعمال تخلد المناضلين التاريخيين، يقينيا أن الغالبية من المناضلين الذين سيتبواون النجومية حتما هم من قبائل دارود، بينما هذا المكون حاليا ينتمي إليه غالبية الساقطين الصوماليين.
كان الأمر كذلك في حقب القادة أحمد بن إبراهيم،محمد عبدالله حسن، ومرحلة جامعة الشباب الصومالي، إن الشهداء ناضلوا لأجل الوطن الصومالي وتطلعاته القومية، أما هؤلاء العنصريين فهم مجرد شرذمة من ضعفاء النفوس الغير قادرة على التماهي مع استحقاقات الصوماليين.
إن هذه التماثيل تشبهكم ولا يمكن أن ننسجم معها جماليا، بالله عليكم أعيدوا لنا تماثيلنا، لا نريد النسخ، بل الأصل، كما لا نأمن أن يدمرها أو يختطفها كأمثال الحاقد عبدلاهي محمد علي (سنبلوشي)، رئيس جهاز الأمن الوطني السابق، والذي هدد بالنيل منها على خلفية قبلية!
#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلم الإثيوبي تعرفه جمال العفر!
-
ضغوط على الصومال لتسوية مع كينيا
-
مثقفين يطالبون الصومال بالتبعية لسعودية!
-
من أكاذيب الصراع العفري الصومالي!
-
أبيي أحمد وازدواجية نوبل للسلام!
-
يصارعون تركيا على أمنها القومي
-
سياج البيت لا يسع المرأة
-
الصومال والضغوط الخارجية بشأن نزاعه مع كينيا
-
على العيسى القبول بقواعد اللعبة
-
فاسدة الصومال عبئ على حقوق الانسان
-
التغيير في السودان معادلة إثيوبية
-
الصومال وإعادة إنتاج قوى الحرب الأهلية
-
الكونفيدرالية في الصومال مشروع انفصال
-
إعلامية صومالية تكشف الفساد في الإذاعة البريطانية
-
التغيير في مصر يقوده مقاول فاسد!
-
أسهم في أرامكو مقابل أراضي الصومال!
-
الصومال والأطماع الإثيوبية والإماراتية
-
ماهية العام الميلادي الحبشي
-
أبورغال قربان العرب والمسلمين
-
إبداع الحركة الرياضية الصومالية إستثنائي
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|