أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مهند طلال الاخرس - علمٌ حاضر وصورةٌ غائبة (٦)














المزيد.....

علمٌ حاضر وصورةٌ غائبة (٦)


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6391 - 2019 / 10 / 26 - 11:29
المحور: سيرة ذاتية
    


في ذلك الوقت وعند ذلك المشهد كنت وحدي اجلس على دربزين الطريق انتظر وارقب انتهاء ذلك المشهد المجنون، جنود يختبئون خلف مدرعاتهم والتي تسير ببطء ثم تنطلق بين الناس فجأة وبسرعة كبيرة يحميها صوت اطلاق رصاص في الهواء يتبعه وابل من الغاز المسيل للدموع وصوت زعيق ينطلق من صفارات الانذار، تقتحم المدرعات صفوف المتظاهرين متجاوزة سواتر الكاوتشوك والحجارة والنيران، يترجل افراد الامن من المدرعة بسرعة البرق يعتقلوا من يتأخر من الناس عن فهم قواعد اللعبة في مثل هكذا ظروف..ثم يعاود الشباب الكرة من جديد، رجم حجارة واشعال اطارات، يتقدم الامن ليحدث مزيدا من الاعتقالات تستمر اللعبة ويطول المشهد...

منظر غريب شدني ساهم بكسر حدة هذا المشهد ورتابته؛ شاب ملثم بالعلم بيده تنكة ماء، وما ان تسقط قنابل الغاز بين الجموع ينطلق سريعا ويقتحم ساحات المواجهة، ينتظر قنابل الغاز غير آبه برائحتها او دخانها، وبمجرد ان ترتطم بالارض يخمدها بماء التنكة، ثم يعلوا التصفير والتصفيق عند كل محاولة ناجحة فيزداد الجو حماسة لدى المتظاهرين ويزداد حقدا ورجما لدى الجهة المقابلة..

بقيت ارقب ذلك المشهد البطولي للفتى الملثم بالعلم، تركت مجلسي على دربزين الشارع واتجهت اكثر نحو المواجهات واقتربت اكثر من ذلك الشاب. ذهلت حين رأيت ذلك الشوال "ابو خط احمر" والذي إمتلأ بتلك القنابل الفارغة، في تلك اللجة تسرب الى مسامعي ما كان يتناقله مجموعة من الفتية حول رغبتهم بسرقة ذلك الشوال وبيعه المنيوم...
عزّ علي تعب ذلك الفتى فذهبت اليه في وسط المواجهات واخبرته بنية تلك المجموعة..

عاد معي مسرعا وهو يمسك بتنكته إحدى قنابل الغاز، وصلنا الجانب الآمن من المناوشات ونحن منحنيي الجسم هروبا من ما قد يضر بالرأس او يصيبه في مثل تلك الاحوال...
وصلنا المكان المأمول حيث تختبيء مجاميع الشباب والشوال إلا اننا وجدنا الشباب وقد تبدلت ملامحهم واختلفت مجاميعهم واختفى الشوال..
صاح الفتى اين الشوال؟
اجابه احدهم؛ أخذته المجموعة التي كانت ترابط هنا.
جثى الفتى على ركبتيه واشاح بالعلم عن وجهه واذا بالدمعات تتقاطر على وجنتيه وتختلط بسواد الكاوتشوك المحترق كأنها كحل عربي دامع باك كايام الشعب الفلسطيني...

انحيت امامه واجلست ركبتي بمقابل ركبتيه، وقلت له: اتبكي لاجل علب الالمنيوم تلك، لا عليك، سأعوضها عليك، لكن لا تبك، فأمثالك ومن يتمتعون بكل تلك الجسارة يجب ان لا يبكي...

مسح بيده المسودة بالغبار والدخان ما تبقى من دموع وقال: لست ابكي على ضياع تلك العبوات الفارغة، بل ابكي على جهد لا يقدّر في سوق الطفولة والنحاس والالمنيوم والتنك، ابكي على صغار لا يعلمون من النضال واظهار الحقائق شيء، ومد يده الى التنكة واخرج منها قنبلة الغاز الفارغة، واخذ يقربها الى عينيه وينظر اليها بتمعن، لعله يلمح اي شعاع ضوئي يعينه على قراءة تلك السطور المكتوبة على العبوة، حتى استطاع ان يبلغ مبتغاه، حينها انقلبت دموعه صرخات من الفرح والضحك الطويل، سألته ما الامر؟ لم يجبني، ومع استمراره بالضحك اعدت السؤال؛ فشدني من يدي ونهضنا سويا وقادني وهو يضحك الى حيث شعاع نور منبثق من السماء وناولني قنبلة الغاز الفارغة مشيرا اليّ بقراءة ما عليها من معلومات، لم أتفاجأ عندما قرأت عليها عبارة صنع في امريكا(made in u.s.a )...
لكني تفاجئت اكثر حين قرات عليها بأن تاريخ صلاحيتها كان قد إنتهى؛ فصحت بأعلى صوتي: سأخبر الشرطة؟
فضحك هو وبكيت انا على حال لا يسر الصديق ولا يغيظ العدا...

انتهى(٦/٦)



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علمٌ حاضر وصورةٌ غائبة (٤/٥)
- علم حاضر وصورة غائبة (٣)
- علمٌ حاضر وصورةٌ غائبة (٢)
- علم حاضر وصورة غائبة (١)
- في قبضتي
- الغناء الثوري؛ المهمة والدور (٢٢)
- الغناء الثوري؛ المهمة والدور
- صبرا وشاتيلا، هوية عصرنا للأبد
- تبغ وزيتون، حكايات وصور من زمن مقاوم
- العاشقين
- دليل حركة المقاومة الفلسطينية
- أما بعد ؛ كفاح طافش
- موت أرتيميو كروز رواية لكارلوس فوانتس
- خواطر فلسطينية، عبدالفتاح القلقيلي ابو نائل
- القطا لا ينام ، غريب عسقلاني
- قصائد منقوشة على مسلّة الاشرفية
- رائحة التمرحنّة
- حياة معلّقة
- سرد فلسطيني ، المتوكل طه
- تعليم المقهورين


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مهند طلال الاخرس - علمٌ حاضر وصورةٌ غائبة (٦)