رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6389 - 2019 / 10 / 24 - 12:05
المحور:
الادب والفن
كثرة استخدم الحروف يشير إلى نفور الكاتب/الشاعر من الواقع، فهي تعبر عن امتعاضه من المحيط، فيبدو وكأنه لا يريد الكلام، فيختزل كلامه ويكثفه من خلال مقاطع قصيرة ومن خلال الحروف، يبدأ الشاعر قصيدته بحرف النداء:
"يا سيدي" الذي يثير المتلقي ويجعله يتوقف عند "سيدي" المندى، فهل المقصود هو المتلقي/القارئ أم أن هناك مندى آخر؟، وهذه الأثارة بحد ذاتها تجذب القارئ وتجعله يتوقف عندها متأملا.
"لا بحرنا رمل .
ولا الأمر احتكام ..
لا أمرنا نهي ،
ولا الدنيا ظلام"
تكرار حرف النفي "لا" أربع مرات يشير إلى حالة الاحتقان عند الشاعر، وإلى عدم رضاه عن الواقع، وهو يتوحد مع القاري من خلال "بحرنا، أمرنا" وبهذا يشرك القارئ في حمل الهموم، وأيضا يقرب المتلقي من القصيدة، فهناك من يتحدث عن مسألة/هم عام، وليس خاص.
"انا نفتش تحت
بطن الارض ،
عن معنى السلام"
كثرة استخدام "لا" تدفع الشاعر تبيان أسباب ومبررات هذا الاستخدام، ويستوقفنا "تحت الأرض" التي تحمل أكثر من مدلول، موت السلام، الراحة في الموت، وفي كلتا الحالتين هناك مأساة، مأساتنا ونحن "نفتش" ومأساتنا أننا لم نجده إلا ونحن تحت الأرض.
"يا سيدي ..
ان الجريمة اننا نبني ،
وينهدم البنا"
يدخلنا الشاعر إلى مرحلة جديدة، مستخدما صيغة النداء "يا سيدي" فهو يشكو همه/همنا للسيد، مبينا حالة العبث في الفعل "نبني، ينهدم" والتي بالتأكيد سيوصله/توصلنا إلى اليأس والقنوط من الواقع.
"ان الجريمة اننا ،
نصحو ونسكر بالدماء"
تكرار "جريمة" دلالة على حجم الألم والقسوة التي يمر بها الشاعر ونمر بها نحن أيضا، فاستخدام ألفاظ: "نسكر، بالدماء" جاءت لتؤكد على حنق الشاعر على الواقع.
"ان الجريمة اننا ..
ضعنا ، وضيعنا السماء"
يتقدم الشاعر أكثر من الواقع، بحيث يبين حجم المأساة التي يمر بها، بحيث فقد الدنيا والآخرة/الأرض والسماء، وإذا عرفنا طبيعة الإنسان الشرقي وتعلقه بالسماء/الدين يمكننا أن نستنتج مقدار الألم والوجع الذي يثقل كاهل الشاعر.
"أن الجريمة اننا ،
نشكو ،
وينتظر القضاء ..
أن الجريمة اننا
متنا ، ومات الأنبياء "
وصلنا إلى الحضيض، ولم تقم لنا قائمة، فقد تعودنا على الانتظار المخلص، لكن الواقع، لم يبقى فيه خير/انبياء، لأنهم رحلوا/ماتوا.
وإذا ما توقفنا عن تكرار "ضعنا وضيعنا، ومتنا ومات" نتأكد ان الحصار اكتمل ولن يبقى بصيص أمل، ويختم الشاعر قصيدته
"يا سيدي ..
انا نوقع للهزيمة ..
انا نصفق للجريمة ..
انا نعيش الان
في دنيا عقيمة"
وينهي القصيدة بهذه المأساة: "أنا، نوقع، نصفق، نعيش" رابطا نفسه بالقراء/المتلقين، وخاتما رويته ب"عقيمة" التي حسمت قتامة الواقع الأسود.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر علىى الفيس
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟