|
الحراك العراق اللبناني
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6386 - 2019 / 10 / 21 - 20:22
المحور:
المجتمع المدني
ثمة حقيقة جامعة بين الأثنين هو ما يقوم على أساسه النظام السياسي في البلدين ، ولعل تجربة لبنان الطائفية ألهمت جهابذت العراق لكي يحذو حذوها ويقلدوها ويكتبوا دستورهم السيء على أساسها ، فكان ما كان حيث حكم الطوائف والمذاهب والقوميات الذي خرب البلد واحال شعبه إلى ركام .
وقد ساعد في هذا دور المحتل وأعوانه ومن هم على شاكلته الظاهر منه والخفي ، أولئك الأعوان والعيون الذين لا يملكون رصيدا في الواقع ، لذلك مالوا إلى هذا الإقتراح فتحول البلد إلى ضيع ومقاطعات وكانتونات وصدق عليهم القول ( كل حزب بما لديهم فرحون ) ، وشجعت الطوائف أزلامها للنهب والسرقة وإفساد كل شيء وتعطيل كل شيء ، وإن حاول أحدا أن ينهض أو يصحح قام عليه أحاد وجماعات ليمنعوه ويخربوا عليه عقله و فعله ، حتى غرقت السفينة بعدما عاث فيها أهلها الفساد والجور والظلم ، ولكم أن تتصوروا حجم المسروقات من المال العام إذ بلغت ما يزيد على 460 مليار دولار هذا حسب الإحصاء الرسمي ، وما خفي كان أعظم وقد قيل قديما ( من أمن العقاب أساء الأدب ) ولنقل من أمن العقاب عاث في الأرض فساداً ، وهذا هو حال جماعة الحكم التي توالت على العراق تباعاً .
كان العراق وشعبه من قبل سقوط صدام يُمني النفس بحكم عادل يعطي للناس حقوقهم ويحترم حرياتهم ويضع عنهم أصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، كان حلم العراقي أن تزول مظاهر الإستبداد والفساد والمحسوبية ، ولكن ذلك الحلم وغيره قد تبخر مع الأيام ، في وقت صعدت إلى الواجهة جوقة في الحكم فاشلة ساعدت عن عمد أو بدونه على هذا الفساد الكبير وأيدته ، حتى نمت وتضخمت طبقة جديدة تصدت للمشهد السياسي و الإقتصادي مستفيدة من هذا الفلتان وإنعدام القانون وضياع هيبة الدولة ، هذه الطبقة كان لها الدور الرئيسي في هذا الفساد وهذه الضعة ، التي جعلت العراق أسوء بلد في العالم من حيث الخدمات والعيش والكرامة والحقوق .
لقد جاءت المظاهرات بعدما طفح الكيل وبعدما شعر الناس ان لا احد لهم غير الله وأنفسهم ، فهبوا من كل بيت وحارة وشارع ورفعوا شعاراتهم ببرائة ، معتمدين على الله ومتكلين عليه في أن يأخذ لهم حقهم ، فالمجرمون كُثر وهم يخافون كل صيحة ، ولهذا شرعوا بقتل المئات من غير ذنب ، سوى تلك الصيحات التي تطالب بالحقوق والقانون وإنصاف المظلومين . وإذا كان السيد رئيس الوزراء جاد واظنه كذلك ، فليقم بعمل جبار غير مسبوق ، وأن تطلب ذلك تعريض الكثير من الأشياء للخطر والإهتزاز ، وعليه أولاً ان يُقدم على محاكمة رؤس الفساد بأسمائهم وصفاتهم وعناوينهم ، ويعمد بقوة للقضاء على التسيب المستشري في كل أجزاء البلد من غير تردد أو مبالات ، وذلك قدر من يرد الإصلاح فعليه بالمبادرات الخلاقة غير المسبوقة .
إن حال العراق كحال لبنان وفساده كفساده ، وتلك التوليفة من الإقطاعيين والطائفيين هم من يتحكمون بمقدرات الدولة و الشعب ، الذي ذهب إلى الجحيم بظلهم وتحت رآيتهم ، وماهذه المظاهرات العملاقة إلاَّ دليلاً على تعري الحكومة بكل أطيافها وألوانها ، ومن هنا نقول : إن شعب العراق يقف معكم يناصركم ويدعوا لكم ، وهو يقول لكم : أيها المنتفضون بلبنان شدوا الوثاق ووحدوا رآيتكم ولا تتنازعوا فتفشلوا ويذهب ريحكم ، ونحن معكم نردد ( إذا الشعب يوماً أراد الحياة ... ) ، ذلك هو القدر الجامع بيننا في هذه اللحظات المصيرية .
إن التناغم بين الحراكين هنا وهناك جاء من وحي المعانات والألم والهوان ، وبعدما فشل الجميع وتكشفت كل الأوراق والدفاتر السود ، هنا كان لا بد من موقف شجاع مُقدام غير آبه بما سيكون ، والهدف هو تحقيق العدالة ونصرت المظلوم ونهاية الظالمين من حكام الطوائف الفاشلين ، نعم سيناكف هؤلاء تجار الحروب والطوائف هنا وهناك لكن حتمية التاريخ والقدر والأيام ستقول كلمتها للحق والعدل والإنصاف .
فيا أهلنا في العراق ويا أهلنا في لبنان عظوا على النواجذ ، ولا تغرنكم تلك الوعود الزائفة ، وعليكم أن لا تتركوا الساحات حتى تروا قد تحققت أهدافكم وما قمت لأجله ، ودعوكم من ألأعيب السياسة والسياسيين ونفاقهم وكذبهم ودجلهم ، وأعتصموا بحبل القوة والإيمان والثقة بالنفس ، والله والناس جميعاً معكم ثقوا بهذا وأن كثرت المعانات والتخويف والتهديد والرشوة والإملاءات من هذا الطرف أو ذاك ، فأنتم أصحاب حق وما ضاع حق وراءه مطالب ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحروب السخيفة
-
عندما يثور الشرفاء
-
عاش العراق
-
قتل المتظاهرين العُزل
-
سفر روحاني إلى نيويورك
-
الحكومة السائبة
-
الحوار الإيراني الأمريكي
-
ثمن الحرية
-
قانون التقاعد العام
-
هل يجوز النيابة عن الميت للحج ؟
-
سقط القناع
-
ماذا تعني الضجة المفتعلة حول الإحتفال بكربلاء ؟
-
الفساد في البلاد العربية
-
عيد العمال العالمي
-
الإرهاب في عيد القيامة
-
هزيمة المسلمين
-
وهم العقل الإسلامي
-
عيد النوروز
-
صحيح البخاري
-
بمناسبة الحكم الصادر على قتلة الشهيد حسن شحاته
المزيد.....
-
قصف إسرائيلي لخيام النازحين بدير البلح
-
قبل خطابه اليوم.. آلاف النشطاء يتظاهرون أمام مقر اقامة نتنيا
...
-
السعودية.. وزارة الداخلية تعلن إعدام مواطن قصاصا وتكشف عن اس
...
-
من الأمم المتحدة.. وزير الخارجية السعودي يعلن إطلاق -التحالف
...
-
أردوغان: من العار أن يكون المجرم نتنياهو تحت مظلة الأمم المت
...
-
رغم الانتقادات اللاذعة.. تنفيذ ثاني إعدام بالنيتروجين في تار
...
-
نتنياهو خطير وعلى الأمم المتحدة أن تمنعه من دخول مقرها
-
وزير الخارجية الايراني: لن يتحقق السلام والامن في المنطقة ما
...
-
اللاجئون السودانيون في مصر.. صعوبات تعرقل تسجيل أطفالهم بالم
...
-
لافروف يلتقي غوتيريش على هامش الدورة 79 للجمعية العامة للأمم
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|