|
على هامش الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية في تونس...
عمران مختار حاضري
الحوار المتمدن-العدد: 6385 - 2019 / 10 / 20 - 01:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على هامش الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية في تونس ... ... أسوأ الخيارات هو الإختيار بين السيء و الأسوأ... !!! ... لعله من أبرز مظاهر الانفصام على الواقع و عدم الإلمام بمجرياته و تعقيداته و عدم كسب تحدي الإنتشار و الانغراس في الفءات الشعبية و ما خللفه في الجسم اليساري بصفة عامة من ارتباك و شخوص أمام النتائج الانتخابية المؤلمة التي شهدها اليسار بمختلف أطيافه ... يعود أساساً إلى : الانحسار في المستوى السياسي و إهمال المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي، الذي أفضى إلى فقدان أطياف يسارية واسعة القدرة على الإلمام بالمشهد السياسي و استيعاب تناقضاته و ترتيب أولوياته كما أفقدها القدرة خاصةً على فهم واقع الطبقات الشعبية و طبيعة مشكلاتهم، و ربما لم يلمس إلا طابع "وعيهم " بصورة عامة و غير دقيقة... و بالتالي يفقد القدرة على معرفة طبيعة مشاكلهم و طريقة تفكيرهم و اولوياتهم و درجة احتقانهم و احتجاجاتهم و حدود انضغاطهم بفعل الأوضاع المزرية التي يعيشون فيها نتيجة السياسات العدوانية القديمة الجديدة التي تنتهك حقوقهم وتعتدي على أسباب عيشهم و توغل في مزيد تهميشهم و افقارهم نتيجة السياسات والخيارات المازومة لرواد الحداثة الشكلانية الزائفة و الاسلام السياسي بمختلف تمثلاتهم ... و هو ما يطرح على الأطياف السياسية والمدنية الناهضة من الديمقراطيين و الوطنيين المنتصرين لعموم الشعب الكادح و استحقاقاته... جعل على رأس أعمالهم توفير الشرط الاجتماعي للحريات الديموقراطية حيث يكون النضال من أجل الحريات الديمقراطية جنبا إلى جنب مع الديموقراطية الاجتماعية بما تعنيه من مساواة و تكافؤ الفرص و التوزيع العادل للثروة و الحق في الشغل و العلاج والتعليم و النقل والخدمات و غيرها من مقومات الرعاية والعدالة الاجتماعية المنشودة... الحرية النسبية التي انتزعها الشعب و نخبه بفضل التضحيات الجسيمة و الشاقة على أهميتها وقيمتها الحيوية وحدها لا تكفي... ! فالفءات الشعبية الضعيفة و الجائعة و المهمشة إقتصاديا و إجتماعيا لا يشبعها أي قدر من الحرية... ! وهي في معظمها ربما تبحث عن "الوجود البيولوجي" قبل "الوجود الأيديولوجي" ... ! هذا إلى جانب تفشي ظاهرة البحث عن "الزعيم" التي سكنت المخيال الجمعي الشعبي نتيجة عقود من التعايش مع استبداد الحكم الفردي المطلق الذي كرس ثقافة الخوف و الشعور بالهوان و فقدان الثقة بالنفس لدى المواطن العادي ... فالإنسان الذي يستشعر الضعف في نفسه يلتفت حوله باحثاً عن القوة خارجه ليتلمسها في غيره... و يظل احتياجه "للزعيم " حتى إن كان شخصية هلامية فوضوية شعبوية سليلة المنظومة القديمة المرسكلة والتي ثار ضدها الشعب و انتهت برحيل نظام بن علي المافيوي أو سليلة المنظومة التقليدية المحافظة على حد سواء... نفخ في صورتها و صنعها الإعلام الموجه و المال الفاسد و المنصات الإلكترونية لشبكات التواصل الاجتماعي و اللوبيات و شركات الدعاية و الاشهار ... و يشتد هكذا احتياج لدى المواطن العادي كلما ازداد إحساسه بضعفه و يأسه و وهنه... لذلك و في الحالة الإنتخابية نرى شراءح تنقاد طواعية إلى حد التماهي في شخصيات شعبوية ليبرالية طوباوية لوثت وعيها و انخدعت لمنسوب خطابها السفسطاءي المخادع سواءا حول الفقر أو الذود و المحافظة على الهوية ...! لذلك ليس من باب "الإعجاز الإنتخابي" أن تطفو على السطح شخصيات و أطياف بعينها، استغلت مبكرا مساحة الفراغ التي تركها اليسار حيث العامة و المعامل و المزارع و الاحياء الشعبية... فضلا عن إنتشار الأمية السياسية و هبوط الوعي و بخاصة استغلال الأوضاع المزرية لشراءح شعبية لتستثمر في أحلامهم و توقهم إلى الأفضل بالعمل " الخيري" المشبوه و الخطاب الهووي " الثورجي المحافظ المقيت ...!!! و هو ما يحيلنا على تجارب تاريخية مماثلة كالتي ظهرت في إسبانيا في ثلاثينات القرن العشرين أو في إيطاليا و ألمانيا من تنامي تيار " الثورة المحافظة" ( révolution concervatrice) التي سبقت ظهور الفاشية و النازية... !!! لن يرى الشعب التونسي النور و لن تتحسن أوضاعه و يستعيد مواطنيته و سيادته و حقوقه إلا متى عمل مسنودا بأصدقائه الحقيقيين المنتصرين له و لانتظاراته على إبقاء كهنة السوق والمعبد و توابعهم من التيارات الشعبوية المقيتة خارج الحكم بكافة الأشكال النضالية و في مقدمتها النزول إلى الشارع و الاحتجاج حتى إدراك المطالب المشروعة التي ثار من أجلها الشعب... الذي لا يملك ترف النزول إلى الشارع بل دفعته و حركته أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المزرية...ولن يهدأ مهما تعثر المسار و طال المشوار ... !!!
#عمران_مختار_حاضري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حل لغز المجالات المغناطيسية الغريبة لنبتون وأورانوس
-
تأثير العناية بالمظهر على السلوك الاجتماعي
-
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
-
دراسة تكشف عن أسباب نفسية لآلام الدورة الشهرية الشديدة
-
صفقة -أوبك+- يمكن أن تنهار بسبب كازاخستان
-
الجبهة الأوكرانية تنهار: إمّا أن يأمر زيلينسكي بالانسحاب أو
...
-
ريابكوف: روسيا ستجعل الأمريكيين -يرتعشون- من نتائج تورطهم في
...
-
إعلام عبري يتحدث عن -بنود سرية تتعلق بإيران- في اتفاق وقف ال
...
-
بوليانسكي: روسيا قد تعيق عمل البرنامج الأمريكي في مجلس الأمن
...
-
ترامب يعلن عن اتفاق مع رئيسة المكسيك بشأن الهجرة وسط تهديدات
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|