أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غسان عبد الهادى ابراهيم - وعود على طبق من جليد..اكثر من 15000 طفل يموتون يومياً بفضل التواء سياسات المساعدات الامريكية















المزيد.....

وعود على طبق من جليد..اكثر من 15000 طفل يموتون يومياً بفضل التواء سياسات المساعدات الامريكية


غسان عبد الهادى ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1556 - 2006 / 5 / 20 - 10:30
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


وضعت مجموعة الدول الكبرى معايير لتقديم مساعدات واعفاء مديونية الدول النامية بغرض مكافحة الفقر والعمل على تحقيق باقى اهداف الالفية للتنمية الصادرة عن الامم المتحدة. واستبشر العالم خيراً بأن الفقر سيدخل التاريخ فى ظل الوعود التى قدمت من الدول المانحة فى اكثر من مناسبة. فهل حقاً سيدخل الفقر التاريخ ام ان وعود هذه الدول هى التى ستدخل التاريخ؟
ما تقوله التقارير يدعو إلى التشاؤم حيث يموت يومياً اكثر من 15000 طفل فى العالم الثالث من الجوع كما يعانى أكثر من ربع عدد الأطفال دون سن الخامسة فى البلدان النامية من نقص الوزن، حسب تقرير يحمل عنوان "التقدم من أجل الأطفال: تقرير حول التغذية" صدر عن منطمة -اليونيسف-.
فهذه الارقام تدل على ان الوعود المقدمة من الدول المانحة مجرد شعارات "كتبت على طبق من جليد" وذابت قبل انتهاء المؤتمرات التى ارتفعت فيها اصوات الادارة الامريكية وحلفائها مطالبة بمواجهة الفقر بالكلام وتقديم الوعود التى لا تكلف اكثر من عقد اجتماعات وتقديم توصيات.
التقرير يؤكد ان نسبة الأطفال ناقصى الوزن لم تنخفض إلا انخفاضاً طفيفاً منذ عام 1990 وهذا دليل على أن العالم يخذل الأطفال. وقالت السيدة فينمان، المديرة التنفيذية لليونيسف : "إن عدم إحراز تقدم فى مكافحة نقص التغذية يلحق الضرر بالأطفال والدول. فما من شيء يعادل التغذية فى تأثيرها على قدرة الطفل على البقاء والتعلم والإفلات من براثن الفقر".
ووعد زعماء الدول الكبرى بمنح المزيد من المساعدات وبنسب قياسية لم يسبق ان "تكرمت" تلك الدول بها على فقراء الدول النامية، ولكن بشروط "براقة فقط" تمثلت بربط المساعدات واعفاء المديونية بمقدار التقدم فى مكافحة الفساد ومدى تمتع تلك البلاد بالديمقراطية والحرية السياسية. وحسب هذا المقياس، من المفترض ان ينخفض عدد الجوعى والمرضى من الاطفال فى الدول التى حصلت على المساعدات نظراً لانخفاض مستوى الفساد.
ولكن التقارير الجديدة لم تلحظ فرقاً فى عدد الاطفال الموتى جوعاً فى الدول التى حصلت على مساعدات واعفاء ديون والدول التى لم تحصل، اى لا يوجد فرق بين ما اعتبرت دولا صالحة وبين ما اعتبرت دول فاسدة. ففى جميع تلك الدول دون استثناء لم يلحظ تقدم، إن لم تنخفض نسبة الجوع بين الاطفال إلا بخمس نقاط مائوية فى السنوات الخمس عشرة الماضية، وبلغت نسبة الأطفال ناقصى الوزن فى البلدان النامية حاليا 27% ـ أى ما يعادل 146 مليون طفل تقريبا. ويعيش حوالى ثلاثة ارباع الأطفال ناقصى الوزن فى 10 بلدان فقط، ويوجد أكثر من نصفهم فى ثلاثة بلدان هى باكستان وبنغلاديش والهند.
وهنا تبرز التساؤلات التالية: اين المساعدات ولمن تذهب؟ هل المعايير التى اعتمدت كانت ذات توجه سياسى بحت؟
طالما ان عدد الموتى جوعاً والمرضى اهمالاً لا يختلف كثيراً بين الدول ذات النظام الفاسد والدول الصالحة -أو منخفضة الفساد- فلسوف يكون من الجائز القول ان المساعدات المقدمة لم تصل الى المحتاجين، وبالتالى فان المعايير التى وضعت كانت عبارة عن حبر على ورق. ولم تكن "الدول الصالحة" صالحة فعلاً، بل تم انتقاؤها بوسيلة او اخرى ولمصلحة فئة معينة ولم تكن فعلياً وفق معايير "الصلاح" أو مبادئ الديمقراطية.
ويقول مراقبون ان عملية "انتقاء" الصلاحية تمت فى الأصل وفقا لمعايير خبيثة لمَن تتوافق سياساته الخارجية مع الدول الكبرى بغض النظر عن كل المعايير الأخري. اذ كانت معايير مكافحة الفساد ومبادئ الديمقراطية مجرد حجج ومواربات لتبرير المساعدات والاعفاءات وفق مصالح الدول المانحة، وليذهب الجائعون الى الجحيم.
ويمكن الافتراض ان تحقيق الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية المتمثّل فى القضاء على الفقر والجوع بحلول سنة 2015 لن يرى النور ما لم يتم تخفيض نسبة الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن والجوع والمرض إلى النّصف. ولكن المؤشرات الحالية تبين أن العالم ما زال بعيداً عن تحقيق هذا الهدف.
فالدول التى اعتبرت نموذجاً للديمقراطية ومكافحة الفساد اثبتت الحقائق انها لا تقل فساداً عن الفاسدين، فالارقام -وهى كـ"السيف اصدق انباء من الكتب"- اكدت أن عدد الجوعى لم ينخفض فى كل الدول على سواء. ففى الهند التى تعتبر دولة ديمقراطية وحققت نسبة عالية من مكافحة الفساد يعانى حوالى 47% من الأطفال دون سن الخامسة من نقص الوزن، اى ثلث الأطفال ناقصى الوزن فى العالم.
فاين ذهبت المساعدات؟ هل ذهبت ادراج الريح ام الى جيوب اصحاب الكراسى وحواشيهم؟
ويعتقد مراقبون انه طالما لا يوجد فرق ملحوظ بين الدول الفاسدة والدول الصالحة فى العالم الثالث فانه ببساطة لا توجد نية حقيقية لدى المجتمع الدولى وخصوصاً اسياده من الدول المانحة ان تبادر الى حل هذه المعضلة، وستتحول اهداف الالفية للتنمية الى مجرد مصطلح اقتصادى يدخل القاموس فقط وربما سيدخل التاريخ ايضاً.
وقد تكون اهداف التنمية للألفية الثالثة مجرد تجربة تحتاج الى اعادة نظر فيها قبل فوات الآوان، فهل سينظر فيها من جديد قبل ان تبدأ الألفية الرابعة؟
والواقع، فقد تحولت اغلب القضايا المتعلقة بمساعدة العالم الثالث على مواجهة ازماته الى "نكتة" تلوكها المنظمات والدول الكبرى بتقديم وعود وآمال مربوطة بشروط غير حقيقية وذات اهداف سياسية بعيدة كل البعد عن حقيقتها الانسانية. فالمساعدات التى اعتبرت قياسية، ظلت هزيلة مقارنة بالناتج القومى للدول الكبري. وهى لم تبلغ 0.5% فى احسن احوالها. فطالما اعتبرت المساعدات مكافآت سياسية سيظل الجوع قائما وستظل الدول الفاسدة قائمة وتعمل على تجميل صورتها وكأنها صالحة وراعية للديمقراطية. ولكن لو كانت المساعدات أخذت طابعاً انسانياً وفتحت الابواب للمساعدات ورُوج لها شعبياً فى الدول الغنية وابعد عنها رجال السياسة فى الدول المانحة واصحاب الكراسى فى الدول الفقيرة لكنا سنبصر بريق أمل فى مكافحة الفقر.
وتؤكد ارقام صادرة عن وزارة الخارجية الامريكية ان التبرعات الأميركية الخاصة المقدمة من الشعب الامريكى فاقت المساعدات الحكومية بكثير. وصدر تقرير من منظمة "هدسون للازدهار العالمي"، التى غالباً ما تنشر وزارة الخارجية الامريكية تقاريرها، يؤكد أن تبرعات القطاع الخاص الأميركى للقضايا الدولية كانت فى مستوى يقرب من أربعة أضعاف المبلغ الذى أنفقته حكومة الولايات المتحدة على المساعدات الرسمية للتنمية.
وهكذا فان الولايات المتحدة الامريكية تبرعت فى العام الماضى بـ 20 مليار دولار فقط، بينما تجاوزت التبرعات من المنظمات الخيرية الأميركية، والمؤسسات الدينية، والجامعات، والشركات، والمؤسسات المختلفة 71 مليار دولار فى نفس العام، حسب تقرير "مؤشر التبرعات الخيرية عبر العالم" الصادر عن "هدسون".
فاذا كانت الولايات المتحدة أكبر متبرع بالمساعدة الأجنبية الحكومية بين الدول المتقدمة على أساس إجمالى المبلغ المقدم، حسب "منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية" فانها فى المرتبة قبل الأخيرة من حيث نسب المساعدات الى إجمالى الدخل القومى حيث بلغت نسبة المساعدات الأجنبية الحكومية 0.17 % من إجمالى الدخل القومى للولايات المتحدة فقط لا غير.
وعليه، سنعرف الجواب لماذا يموت فى العالم 15000 طفل يومياً؟ ببساطة، لان راعية المجتمع الدولى تتبرع بنسبة هزيلة وبمبلغ اقل باربع مرات مما يتبرع الامريكى العادي.
فما هو حال باقى الدول المانحة؟
ذكرت منظمة أبحاث خيرية تدعى "فاونديشن سنتر" حدوث زيادة بنسبة 77 بالمئة فى عدد المؤسسات المدنية خلال العقد الماضي، وزيادة بنسبة 100 بالمئة فى العطاء الدولى من قبل المؤسسات خلال الفترة من 1998 إلى 2002. هذه الارقام هى ما يمكن ان تشجع وتحث الدول المانحة على رفع ايديها عن المنح والتبرعات وتركها للمؤسسات المدنية لتأخذ دورها من باب انسانى محض بدون اى تداخلات سياسية. وفى المؤتمر الدولى لتمويل التنمية، تعهد الاتحاد الأوربى بزيادة المساعدات إلى حوالى 0.4% من إجمالى الناتج القومى فى عام 2006 اى نحو 11 مليار دولار اضافى فى السنة، بينما تعهدت دول اخرى بزيادة المساعدات كالتالي: النمسا بالوصول إلى 0.33% و بلجيكا بالوصول إلى 0.7% وفنلندا بالوصول إلى 0.4% وفرنسا بالوصول إلى 0.5% وألمانيا بالوصول إلى 0.33% واليونان بالوصول إلى 0.33% وايرلندا بالوصول إلى 0.7% وايطاليا بالوصول إلى 0.3% ولوكسمبورغ بالوصول إلى 1% وهولندا بالوصول إلى 1% البرتغال واسبانيا بالوصول إلى 0.33% والسويد بالوصول إلى 1% وبريطانيا بالوصول إلى 0.4% من إجمالى الدخل القومى فى العام 2006.
وقدم مانحون اخرون تعهدات، ووافقت كندا على زيادة المعونة 8% سنويا ، أو حوالى 1.7 مليار دولار - وبحلول العام 2010 سيرتفع ذلك إلى 0.28% من إجمالى دخلها القومى . ووافقت النرويج على زيادة المساعدة سنويا لتصل إلى 250 مليونا.
كما وافقت سويسرا على زيادة المساعدة إلى 0.37% من إجمالى دخلها القومى بحلول العام 2010 .ان تحقيق أهداف الإنمائية للألفية المتمثّل فى القضاء على الفقر والجوع وخصوصاً فى وسط الاطفال يبدو شبه مستحيل ضمن المعطيات الحالية التى تبين تواضع المساعدات المقدمة من جهة. ومن جهة ثانية، فان السياسات المرسومة من طرف الإدراة الامريكية وحلفائها من الدول المانحة فى تقديم المساعدات والاعفاءات لم تنجح ولن تنجح مادامت مقيدة بشروط ابتزازية سياسية. المطلوب، ان ترفع تلك الدول ايديها عن ادارة المساعدات وفتح الباب لمؤسسات مدنية غير مسيسة ولا تخضع لانتهازية زعماء الغرب ولا للصوصية رجال السلطة فى الدول النامية لتقوم بادارة المساعدات وحث الدول والمواطنين فى الدول الغنية لتقديم العون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحث اقتصادى من أسرة جريدة "العرب الاسبوعي"
[email protected]



#غسان_عبد_الهادى_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر العلاج... كي شركات النفط
- اقتصاد الفساد ينجب الفقر
- سرّاً والى الأبد ..بعض الدول العربية تبيع حقول الغاز بعقود ح ...
- بددنا النفط...فهل سنحرق الغاز ايضاً؟
- عام البورصات الناشئة..ليس بالاسواق المالية وحدها يحيا الاقتص ...
- النفط.. نقمة فى نعمة
- هناك أمل... -نوعا ما-... التجارة العربية البينية تتطلع لمستق ...
- ...إذا نضب النفط
- هل سنموت عطشاً؟.. نعم
- -انفلونزا الطيور- وباء أخطر من -الأيدز-
- الاستثمارات الأجنبية.. خير نرجوه وشر نتّقيه
- مستقبل النفط.. مشرق ومظلم
- الهجرة في الداخل والعوائد الى الخارج
- تكنولوجيا المعلومات بلسان أهلها
- النفط في طريقه إلى النضوب.. فما انتم فاعلون
- دولار ضعيف لاحكام الهيمنة على النظام المالي العالمي
- البنك الدولي: العدالة هي الحل الوحيد للقضاء على الفقر
- غناكم سبب فقرنا
- التدخل الانساني ظاهرة غير انسانية
- كالعادة، العالم العربى يحتل المراتب الاخيرة فى تسهيل الاستثم ...


المزيد.....




- بعد اجتماع البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة .. سعر الدولار ا ...
- بسعر المصنعية .. سعر الذهب اليوم بتاريخ 22 من نوفمبر 2024 “ت ...
- سؤال يؤرق واشنطن.. صنع في المكسيك أم الصين؟
- -كورونا وميسي-.. ليفاندوفسكي حرم من الكرة الذهبية في مناسبتي ...
- السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت ...
- وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا ...
- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غسان عبد الهادى ابراهيم - وعود على طبق من جليد..اكثر من 15000 طفل يموتون يومياً بفضل التواء سياسات المساعدات الامريكية