أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود كرم - كفرتُ بسحر الشرق














المزيد.....

كفرتُ بسحر الشرق


محمود كرم

الحوار المتمدن-العدد: 1556 - 2006 / 5 / 20 - 10:10
المحور: المجتمع المدني
    


لطالما اعتقدتُ أن ( سحر الشرق ) لا يُبطله سحرٌ آخر ، ولكني في ( أوبسالا ) المدينة السويدية الجميلة التي مكثتُ فيها ما يقارب ستة أشهر متواصلة كفرتُ بسحر الشرق ..

أيقنتُ أن للغرب سحراً يخطف الأبصار والألباب و يثير مكامن الجمال في النفس البشرية ، ولكن لأن الغرب ليس مولعاً بسحر البيان كأمة العرب لذلك ربما لا نجدهم يتفاخرون ( بياناً وفصاحة وشعراً ) بإنجازاتهم ومنجزاتهم ..

أوبسالا الفاتنة في تلك الأيام كانت ترتدي ثوبها الأبيض وتُمارس أبهى طقوس البياض ، فلم يتسنَ لي الاستمتاع بخريفها فوقعتُ سريعاً في عشق بياضها المتموج برعشات الشتاء الراقصة ..

أسرتني هناك لينا وصوفيا وكاسيا وكاترين ، أسرني جمالهن الداخلي والخارجي ، أسرتني طيبتهن ولطفهن ومساعدتهن لي ..

حينما كنتُ أتأخر في المكوث في المستشفى ليلاً ويتعذر عليَّ اللحاق بالباص تنصحني كاترين أن أستقل ( التاكسي ) خوفاً من أن أتعرض لنزلة برد ..

أما صوفيا الشابة السويدية التي تتمتع بجمالٍ استثنائي تجعلكَ تعيد النظر بنظرية أن الجمال الأنثوي نسبي تتصل بي كل يوم لمعرفة أحوالي وأحوال أخي الذي كان يتلقى العلاج هناك ..

لينا أخصائية التأهيل الطبيعي في المستشفى تعامل أخي وكأنه واحد من أعز ابنائها وتفرح كثيراً حينما تتلمّس تطوراً على حالته الجسمانية ..

في محل الملابس الذي تعودتُ أن أبتاع منه ما يلزمني لا تتركني كاسيا البائعة الجميلة عرضة للحيرة فتختار لي ما يناسبني وتودعني بابتسامة رقيقة مع تمنياتها لي بالتوفيق ..

حينما علِمت صوفيا بعشقي للمغنية الكندية ( سيلين ديون ) أهدتني واحداً من أشرطة المغنية مع علمها بأني لا أتقن الانجليزية جيداً ..

في أوبسالا لم أتعرض لمشاكل التعامل مع النساء ( المحجبات ) ، شخصياً أنتمي إلى جيل ما قبل الحجاب ، فلم تكن في بيتنا محجبة واحدة حتى والدتي الله يحفظها لم تكن ترتدي الحجاب بل كانت تكتفي بارتداء ( العباءة ) ، ولكن بعد أن اجتاحت الكويت موجة التشدد الديني في عقد الثمانينات من القرن المنصرم أصبحن النسوة يرتدين أشد أنواع الحجاب فتكاً بالطبيعة الأنثوية ..

لذلك أجد صعوبة في التعامل مع المحجبة ، لا أدري هل أمد يدي لمصافحتها وهل تتقبل مني أن أهديها زجاجة عطر أو قصيدة شعر ..

هناك لا توجد هذه المشكلة ، حتى أني قد لا أتردد في تقبيل يد أية سيدة سويدية تمشياً مع أصول اللياقة الغربية إذا أقلتني بسيارتها إلى مقر إقامتي ، وإلا فأن عدم العمل بهذا البروتوكول يعني إهانة للمرأة ..

حينما تكون تحت رعاية الغرب ، فذلك يعني أنك ستستمتع برعاية كاملة ، رعايتهم لذيذة ورقيقة وحضارية ودافئة ..

أستغرب من الأصوات القومية والأصولية ( القبيحة ) التي ترفض رعاية الغرب السياسية ، بينما لا يمانعون أبداً من أن تشملهم رعاية الغرب الطبية والتقنية والعلمية ..

لقد عاش الغرب ردحاً من الزمن في كنف العرب ، فلماذا لا يجرب العرب اليوم أن يعيشوا في كنف الغرب ..

أبو مجدي العربي صاحب محل كمبيوتر في أوبسالا ، قال لي ذات نقاش ، أن ما فعله ( الغرب ) في العراق هو تدمير للأمة العربية ..

ضحكت كثيراً ، ثم قلتُ له : أولاً أين هذه الأمة العربية التي تتحدث عنها وتتغنى بها ولماذا بقيت طيلة ثلاثة عقود صامتة عن جرائم النظام البعثي بحق الشعب العراقي وحينما دسّ ( الأجنبي ) أنفه هناك قامت قيامتها الحنجرية ، وثانياً أنتَ يا أبا مجدي تعيش منذ أكثر من عشرين عاماً في قلب الغرب وتتمتع برعاية إنسانية كاملة من قِبل القانون الغربي فلماذا تستكثر على العراقيين إذا فكروا بالتمتع بهذه الرعاية ..

ثم قلتُ له ( دخيلك ) يا أبا مجدي هنا لا أريد الخوض في أحاديث السياسة حتى لا تنتقل إليَّ عدوى مشكلات أمتنا السياسية حينما أدعو حسناء سويدية لشرب القهوة معي وأفسد كل شيء ، فهل ستقبل مني دعوة ثانية حينما تحدثني عن أعمال شكسبير بينما تجدني أحدثها عن مشكلة فلسطين ..



#محمود_كرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما أصعب الكلام
- فلسفة التحايل على الموت
- ظاهرة الثقافة الشفهية
- قراءات
- بعض فنون الحب جنون
- النووي الإيراني .. تتويج لأحلام القوة
- العالم يسير بعكس أحلامي
- جدلية التراث والحداثة
- الاستبداد المشروع
- الأنسنة في الفعل الأخلاقي
- الأنثى ولذة العقاب
- استنطاق الأفكار وآفاق التأمل
- الدنيا في عيونهم
- يموت الزمار وأصابعه تلعب
- كيف أرسمُ وجه حبيبتي
- المجازفة خَلقٌ جميل
- هزيمتان في الغرام
- الحب اخترعه المترفون
- المسلمون والعقلية الانفعالية
- المرأة وتجليات الأصوليين


المزيد.....




- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود كرم - كفرتُ بسحر الشرق