|
هل نسي الله أن يحرر العبيد ؟!
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6382 - 2019 / 10 / 17 - 01:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في محاضرة من مخلفات التاريخ لأحد شيوخ الفضائيات عن العبودية وكيف تعامل معها الاسلام بمنتهى الانسانية والرحمة ! من ضمن ما قال ( ربنا امر بعتق العبيد … ) واسترسل بأن الله دعا الناس الى عتق ما يستطيعون من عبيد كفارةً وثواباً لهم في الدنيا والاخرة … وكأن الله هنا يتسول من الناس تحرير البشر الذين حكم عليهم بدينه أن يكونوا عبيداً دون ذنب ارتكبوه … وأسترسل الشيخ دون ان يمر حرف واحد مما قال في خلايا مخه التالف الصدء ، ويتسائل كما فعلتُ انا وغيري : لماذا لم يحرر الله العبيد بنفسه مباشرة وبجرة قلم وينتهي الموضوع ، بدلاً من ترك الامر لشهامة ونبل ورحمة وانسانية وكفارة البشر ؟ ألم يقل في كتابه ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ) … أليس من باب أولى كإلاه ، له الامر من قبل ومن بعد ان يستبدل مثلا لعنة ابو لهب او يؤخرها ، ويضع مكانها نصاً يلغي كل أنواع العبودية وألاسترقاق وألسبي ؟ … مَنْ أكثر أهمية شتم أبو لهب أم تحرير العبيد ؟! حتى نؤمن بأنه فعلا الاه رحمة وعدل وإنسانية ! هل جاء الاسلام ليوحد البشر ام ليصنفهم الى عبيد وأحرار ومؤمنون وكفرة وخوارج ودواخل و و و … ؟! لماذا كان الله يشغل نفسه بحياة نبيه الخاصة ويترك موضوع حيوي وانساني مثل مأساة الرق والعبودية ؟ التي عانى منها ملايين البشر من تعيسي الحظ على مر التاريخ ولحد الان ! يقولون بأن العبودية ليست بدعة اسلامية لقد كانت موجودة في الامم السابقة وكان الكفار يستعبدون الناس ويذلوهم ، (وأن الإسلام عالج قضية الرق بتحسين حال الرّقيق معنويّاً وعمليّاً ، ورفع مستوى الرقيق المعنوي واعتبرهم بشراً لهم من الحقوق ما لأي إنسانٍ آخر)… الى آخر الاسطوانة المملة … هل إعتبار الرقيق بشراً منة من الاسلام على أُولائك المساكين ؟! الم تقولوا بأن الاسلام جاء ليصحح ما كان عليه الناس من مفاهيم مغلوطة ؟ لماذا اذن ترك هذه المفاهيم المغلوطة على حالها دون تصحيح ؟! …ألم تقولوا بأن الاسلام ينسخ ما قبله ؟! … أي يلغي ما قبله . لماذا اذن لم يلغي العبودية والرق ؟! عندما تتطرق الى موضوع العبودية امام وزراء اعلام الاسلام من الشيوخ سيجيبوك فوراً بكلام محفوظ ومعلب وتجميلي جاهز بأن ( الاسلام دعا إلى العدل والمساواة بين النّاس جميعاً ، فلا تفاضل بين الناس إلا على أساس تقوى الله والخوف منه ، ولا يكون التفاضل أبداً على أساس العرق أو اللون أو الجنس )… نظرياً كلام جميل جداً لكن على ارض الواقع لا قيمة له ، تافه … يعني هل الله يريد العبيد كما الاحرار ان يعبدوه ويتقوه ويخافونه ويخشونه ويطيعوه ، وهم عبيد اذلاء يباعون ويشترون ومكبلين بالايات والسوَّر والحديد والنار والذل والهوان ؟ اليسوا مثل بقية مخلوقاته ام ان لهم خالق آخر ؟ أين العدل والمساواة بين الناس جميعاً إذن ؟ ام انه يريد أن يفرغ فيهم نزعته السادية ويسقيهم المزيد من الذل والهوان ، أكثر مما هم فيه ؟! أم هو مجرد كلام مغلق المعاني ؟! … أصدرالكافر إبراهام لنكولن إعلان التحرير معلنا ( إن جميع الأشخاص المحتجزين كعبيد ، ومن الآن فصاعدا أحرار ) … كما اصدر الملك فيصل ملك السعودية مرسوماً بتحرير العبيد : ( تم تحرير العبيد في عهد الملك فيصل و دفع 60مليون ريال لتحريرهم من العبودية ...) سؤال : هل النصراني الكافر لنكولن والملك فيصل ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ) جاءوا ليصححوا ما غفل عنه رب العزة والجلال ؟!! … رفض مُلاك العبيد قرار التحرير الذي اصدره الملك فيصل دون تعويض مادي يغطي المصاريف التي انفقوها على العبيد طول مدة الاستعباد ، لماذا ؟ لان الناس استمرأت استعباد البشر وهو حلال زلال نصاً ومضموناً ، ولكنهم وافقوا بعد أن دفعوا لهم تعويضات مادية مجزية ، أين قيم وانسانية ورحمة وصلاة وصوم وحج الاخ المسلم ؟! … ( كانت العبوديّة منتشرةً وسائدةً قبل مجيء الإسلام، وكانت الدول في المعارك والحروب تستعبد الأسرى وتسترقّهم، ولم يكن سائغاً حينها أن يحرِّم الإسلام الرق والاستعباد ) نتوقف هنا عندكلمات الشيخ الاخيرة لهذا النص وكأنه يريد ان يقول ان الله وجد تحريم الرق والاستعباد امر غير لائق وغير مستساغ حتى لايجرح مشاعر الحفاة العراة ، و لايخرج عن الاجماع البشري الذي كان سائداً آنذاك ، وكأن الله يجامل البشر الهمج او ربما يخشاهم على حساب القيم الرفيعة المفروض تصدر منه كالاه ! … هل هذا كلام معقول ؟ … ( بل جاء بمنظومة من الأفعال إذا قامت بها الدولة الإسلاميّة بشكلٍ منظّم، وقام بها أتباع الدولة الإسلاميّة أيضاً فإن ظاهرة الرق ستتلاشى وهو ما حدث بالفعل ) الرق يا شيخ لم يتلاشى بفعل منظومة الافعال التي قامت بها الدولة الاسلامية واتباعها ، وانما بفعل ما قامت به الامم المتحدة عندما اصدرت الاعلان العالمي لحقوق الانسان وحررت بموجبه كل البشر وجعلتهم متساويين في الحقوق والواجبات … المادة 4 من الاعلان : ( ٛلايجوز استرقاق او استعباد اي شخص ، ويحضر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة اوضاعهما ) اذن تحرير العبيد لم يأتي من الله بل من البشر بعد أن يأسوا من ان يفعلها رب العزة والجلال بنفسه ! ( فقد شرع الله -سبحانه وتعالى- الكفّارات وجعل منها تحرير العبيد للتكفير عن الذنوب، وشرع من الوسائل الأخرى ما يضمن القضاء على ظاهرة الرق ) ماهي الوسائل الاخرى ، يا ترى ؟ … أقول لكم : 1. الافطار العمد : عندما يقع الرجل على إمرأته ( يضاجعها سهواً بعد أن نسي أنه صائم !!! ) في رمضان ، عليه ان يحرر رقبة ، كفارة لعملته السودة التي قام بها ! …2. الحنث باليمين … الله يعرف المسلم كذاب أشر ، فأستغل هذه الصفة لعتق رقاب البؤساء . … 3. وسيلة لمراجعة المرأة إذا أوقع عليها زوجها ظهارًا بأن قال لها: "أنت عليَّ كظهر أمي"، … يعني يرجع الزوجة الى فراشه بعد ان اصبحت محرمة عليه كأمه بأن يعتق رقبة مسكين … 4. كفارة القتل الخطأ : لم افهم كيف يكون القتل الخطإ في زمن السيف والخنجر … يمكن أن يُفهم في عصرنا الحالي كأن يطلق البدوي الرصاص ، وتنحرف الطلقة عن مسارها وتقتل مسكيناً ، عليه أن يحرر رقبة محظوظ … وكأن الامر تسول ! بدل ما يشرّع تحريم الرق والعبودية يشرّع الكفارات ويدخل المسلمين في دوامة من المعميات !! أخيراً يبدو أن الأديان جاءت لتلعب وتستخف بعقول البشر وتستفزها وتهينها ، وقد مرت عندما كان الانسان محكوم ببيئته البسيطة ومحدودية تجاربه في الحياة ، وضيق الافق المعرفي المحصور بين عناصر المحيط البدوي الضيق الذي يعيش فيه ، فأستوعبه الدين قبل ان يستوعب هو الدين … أي سيطر على عقله وإستقر فيه يسرح ويمرح آمناً مطمئناً … ولكن كيف لهذا الامر ان يمر بعد أن تحركت الطاقات لتشغيل العقل واعمال الذهن … وبعد ان توسعت المدارك وكبرت العقول ، وباتت تحمل ماتحمل من كم هائل من التجارب والثقافة والمعرفة لدى الانسان اضعاف ما كان يحمله احسنهم علماً ومعرفةً ؟! …
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعليق على كلمة السيدة ميركل عن دموية الارهاب الاسلامي …
-
المنطقة من حرب الى حرب الى حرب !!
-
العراق بين نارين الفساد والمحاصصة الطائفية !
-
الاسلام وعقدة المرأة !
-
نحن أسرى موتى التاريخ !
-
المسلمون في وادٍ وبقية العالم في وادٍ آخر !
-
الاسلام السياسي ولعبة الديمقراطية !
-
لو تركوا حد الردة لما كان هناك اسلام !!
-
تعليق على مجريات المؤتمر العالمي الاخير للاخوان المسلمين في
...
-
الاسلاميون المتشددون … وآلة الزمن !!
-
فتش عن الاخوان …
-
بين التوكل والدعاء انحدرنا الى الحظيظ …
-
اين هو الاسلام الصحيح ؟!
-
الاخوان … و خرافة استاذية العالم !!
-
التنوير … و عصى الدين في الدولاب !!
-
الاخوان و عقدة الحكم …
-
الصمت الفلسطيني …
-
الغلو في التعاطي مع الدين …
-
هل ما قبل الاسلام جاهلية ، ام ماذا ؟!
-
ملك اليمين …
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|