موت الإسلام

عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1556 - 2006 / 5 / 20 - 09:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

هل هذا الذي يجري في العالم الإسلامي طبيعيا ً ؟ لماذا كل هذا التردي المخجل؟ وهل الإسلام أصبح دين موت وقتل ؟ لماذا المسلمون لا يستطيعون أن يتفاهمون حتى مع أنفسهم ؟ لماذا لا توجد الحروب والموت والقتل والتصفيات الجسدية إلاّ في العالم الإسلامي ؟ وهل الإسلام واحداً ؟ أم أن الذي يجري هو بسبب الإسلام السياسي ؟ ثم أليس من المخجل أن يتصارع المسلمين على أحداث جرت منذ مئات السنين ولا علاقة لهم بها ؟ هل أرباب الحسين في الزمن الماضي بما يحملونه من مفاهيم وقيم وقناعات دينية هم ذاتهم اليوم الذين يقدسون الحسين ؟ ثم هل المطلوب تقديس الأشخاص , أو المذاهب الدينية أم المطلوب تقديس الدين , ثم هل هؤلاء الذين ينتمون إلى الإسلام السياسي , هم نفسهم الذين ينتمون إلى الإسلام الديني ؟ أسئلة كثيرة كل واحدة منها تحتاج إلى مجلدات لكتابتها , دائماً تراود ذهن المرء , وهي تتشوق إلى البحث العلمي الجاد , الدقيق والحيادي , والعودة إلى التاريخ بشكل يجعلك تكون أكثر موضوعية وابتعاداً عن ردود الفعل المذهبي أو الطائفي , لكي يكون البحث خادما ً للموضوع , هذا الموضوع المهم والخطير والكبير والمغري بالبحث , ثم هل تستطيع أن تكتب عن هكذا موضوع بحرية ؟ وتطرح الأسئلة الكبيرة , مثل الدين والانتماء , الدين والمفهوم الديني , الواقعي والاجتماعي لفهم الدين , الدراسة المنهجية حول الظرف الموضوعي والذاتي الذي جعل الدين دينياً , حاجة الإنسان إلى الدين , ودين من هو ؟ أي دين أية جماعة في ظرفها الاجتماعي والاقتصادي , أهو دين عبادة فقط ؟ أم هو دين جامع للدنيا والآخرة0 لماذا المؤمنون إذا كانت المسألة هكذا لا يكونون جميعهم أخياراً , ثم هل الدين من أجل أن يكون ديناً يقع في فخ القتل ؟ وهل القتل في الإسلام في حالات ٍ معينة واجب ؟ ومن الذي يستطيع أخلاقياً وحقوقياً يعطي مبرر القتل ؟ وهل الإسلام يجيز ذلك لتحكم مجموعة متدنية باسمه ؟ أليس ذلك فيه إهانة للقيم ؟ أوليس الله الذي أنزل الدين بأكبر مما يتصور المتدينون وبالتالي يكونون واهمين في فهم ما يريد ؟ ثم ألا تستحق المسألة أن يكون هناك إجماع كلي على المسألة التي تقرر مصير الإسلام ؟ أسئلة كثيرة ومعقدة لا نجد لها أجذابات شافية , أو تجد إجابات تأخذ من الموضوع بعض جوانبه , فالدين كما أفهمه هو دين حياة , أي مراع لها ومساير لأمورها التي ُيفترض أن تكون للصالح العام , و بما أن الدين من الله عز وجل فيكون الدين أرقى ما فيه الأخلاق , أي منظومة القيم التي أساسها العدل والمحبة والتسامح وعمل الخير لكل الناس ( إنما ُبعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وهذا يعني أن يكون الإسلام مبنياً على العدل والتكافؤ وتأمين حاجة المحتاج , وإبعاد الظلم عنه والغبن والكراهية , أما العبادة فهي شيء ذاتي عميق يضرب في أغوار النفس البشرية منذ الأزل وكل من يتعبد الله ويؤمن به فهو مؤمن والمؤمن الخيّر هو الذي يجعل إيمانه وعبادته لصالح الجماعة الخيرة , التي تحاول بسط المحبة للناس جميعا ً لأنّ تواصلها في العبادة هو محبة بالدرجة الأولى وليس فقط طمعاً في الجنة , وكما أن الدين أي دين هو دين محبة , فعلى المسلمين أن يحترموا كل الأديان أياً تكون هذه الأديان , طالما جميع المتدينين يسبحون باسم الله ويؤمنون به وبذا يكون المسلمون ضد كافة أشكال التفرقة والكراهية ويكون شعارهم ( الإيمان بالله هو الحل ) لأن جميع الأديان والمذاهب والمعتقدات , مركزها وقاسمها المشترك, فالإيمان هو بالله سبحانه وتعالى , وكلما كان التقارب أكثر بين الأديان , كان الاقتراب من بعضها بعضاً وإزالة الأحقاد والمفاهيم التي كانت سبباً للحروب الدينية منذ آلاف السنين ولا تزال, وكلما ابتعد الدين عن الاقتصاد والسياسة والمصالح المباشرة , وتحول إلى دين عبادة وهداية كان القائمين عليه أقرب إلى الله , وبما أن الإسلام هو دين الله على الأرض , إذاً يجب أن يكون المتدينون والقائمين عليه من أكثر الناس إيماناً بأحدث العلوم لا تجهيلاً وتكفيراً , لأن الأرض ومن عليها هي لله وحده , وهو يهدي من يشاء , فلماذا إذن ُيكفرون العلماء ويحصرون أنفسهم في الزوايا الميتة , فالجهل والتخلف والكره وادعاء المعرفة والتظاهر بالدين كلها مظاهر تشويه للإسلام, والذي جرى في أفغانستان وما يجرى في إيران والعراق والسودان والسعودية وغيرها من الدول الإسلامية , يؤكد أن هؤلاء جميعاً سخروا الدين لمفاهيمهم الدنيوية , وبدلاً من أن يكونوا منائر للحق والعلم والتسامح , استغلوا الدين لأنانيتهم وجهلهم ومصالحهم الضيقة , والأكثر بؤساً أنهم سخروا الدين للسياسة والتي كانوا فيها مجموعة من الجهلة وكأنه لا يربطهم رابط بالذي يجري في العالم فأعطوا المثال السيئ وشوهوا المفاهيم الدينية المقدسة , فالدين أكبر من أن تشوهه السياسة ويستغله الاقتصاد , أسئلة كثيرة نتركها لكم للإجابة عليها , فهل يريدون موت الإسلام 0؟

#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات