|
رسالة إلى رئيس الجمهورية قانون الانتخابات والاستفتاء الشعبي
سالم روضان الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 6380 - 2019 / 10 / 15 - 14:49
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
السيد رئيس الجمهورية المحترم انك رئيس الدولة واعتبرك الدستور رمز وحدة الوطن ومكلف بالسهر على ضمان الالتزام بالدستور والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور وهذا ما نصت عليه المادة (67) من الدستور كما انك وعند توليك المنصب أقسمت بالله العلي العظيم بان تسهر على سلامة نظام العراق الديمقراطي الاتحادي، وعلى وفق القسم الوارد في المادة (50) بدلالة المادة (71) من الدستور، وهذه المهمة الجسيمة لابد من تحمل عناء الالتزام بتنفيذها لأنك تحت القسم وذلك عبر الآليات الدستورية والقانونية، ومنها أن يكون الالتزام بالدستور هو الهاجس الأول والأخير والهدف الاسمي، لان من أهم المبادئ الدستورية التي وردت في الدستور النافذ أن يكون النظام السياسي في العراق جمهوري نيابي ديمقراطي، على وفق ما جاء في ديباجة الدستور والمادة (1) منه، وحيث إن مجلس النواب هو حجر الزاوية في تشكيل وتكوين الدولة لان من عباءته يخرج رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والحكومة وسائر المناصب المفصلية في الدولة وتحت كنفه تكون الرقابة والمحاسبة، لذلك فان الدستور الذي حظي بقبول الشعب عند الاستفتاء عليه قد أكد على إن مجلس النواب يتكون من أعضاء يمثلون الشعب العراقي وهذا ما نصت عليه الفقرة (أولا) من المادة (49) من الدستور، وهذا المجلس النيابي ينتخب من قبل الشعب بالاقتراع السري المباشر، ومنح الدستور الصلاحية إلى مجلس النواب لإصدار قانون ينظم العملية الانتخابية بكل مفاصلها وجزئياتها بما فيها آلية الترشح والانتخاب، وفعلا ًاصدر مجلس النواب قانون انتخابات مجلس النواب رقم 45 لسنة 2013 المعدل، لكن ما جرى كان على خلاف غاية الدستور وهدفه إذ أنتج هذا القانون بعد تعديله وقبل ذلك، مجلس نواب ما زال محل جدل كبير لأنه كان يمثل الكتل والأحزاب ولا يمثل عموم الشارع العراقي، وقد ظهر ذلك جلياً في انتخابات عام 2018 ولاحظنا العزوف الكبير للعراقيين والامتناع عن التصويت والمشاركة فيها وكانت نسبة الممتنعين اكبر بكثير من المصوتين، فضلاً عن التعقيدات التي رافقت تلك العملية الانتخابية وشبهات التزوير التي طالتها، وهذا القانون قد أتى باليات للتصويت والاحتساب معقدة وغير واقعية وإنها تمثل المصالح الضيقة لبعض الفئات المهيمنة على المشهد في العراق، والدليل على ذلك مرور أكثر من دورة انتخابية ولم تتغير مراكز القوى في الحياة السياسية أو البرلمانية، وان عدد محدود هو من يتحكم بأمور البلد وان دور النواب يكون تابع أو مكمل لرؤية هذه الدائرة الضيقة، وعندما تحصل بعض الشخصيات المستقلة على مقعد فإنها تنضوي تحت لواء كتلة أو جهة سياسية معينة، وان وصلت إلى موقع المسؤولية فإنها غير قادرة على التصدي لمشاريع الفساد القائمة، لأنها منفردة ولا تشكل أغلبية برلمانية تعينها على إصلاح الأمور أو تطبيق رؤيتها الإصلاحية، وهذا الحال أدى إلى نتائج كارثية تسببت في إراقة دماء العراقيين الذين اقر لهم الدستور بالحق في الحياة والأمن والرفاهية والحياة الحرة الكريمة، لذلك فان مطلب الجماهير أصبح ينحصر في تعديل قانون الانتخابات الحالي ومنهم من ارتفع منسوب مطالبه إلى تعديل الدستور وتغيير شكل النظام السياسي القائم وأنا على يقين بأنك ذلك كان محل ملاحظتكم ومتابعتكم المتواصلة للمشهد السياسي، والسبب الرئيسي يكمن في قانون الانتخابات النافذ، لذلك نحن بحاجة إلى قانون جديد يضمن وصول الممثل الحقيقي للشعب وهو الفائز الذي يحظى بأعلى الأصوات وليس من يدخل في حيز القائمة المغلقة كليا أو نسبياً لان ذلك الأسلوب القائم على وفق قاعدة سانت ليغو أو غيرها أدت بنا إلى ما نحن عليه الآن من أزمات تتوالد بعضها من بعض، ومما تقدم وحيث إنكم تملكون صلاحية تقديم مشاريع القوانين وعلى وفق أحكام الفقرة (أولا) من المادة (60) من الدستور اطلب من جنابكم الموقر الآتي : 1. تقديم مشروع قانون إلى مجلس النواب يكون بديلاً عن قانون الانتخابات النافذ، ويضمن التمثيل الحقيقي للشعب في مجلس النواب ، وذلك بجعل التصويت والترشح يكون عبر القوائم المفتوحة كليا وليس القوائم المفتوحة نسبياً لأنها تغيير في المسمى والبقاء على المضمون، والابتعاد عن الاجتهاد في البحث عن آليات عملت بها بعض البلدان مثل سانت ليغو وغيرها وغادرتها منذ زمن لأنها لم تحقق غاية التمثيل الحقيقي للشعب، والعمل على إيجاد آليات تضمن أن يكون فائزا في الانتخابات من يحصل على اكبر عدد من الأصوات وليس القائمة التي تحصل على اكبر عدد من الأصوات والابتعاد عن مفهوم العتبة الانتخابية لأنها وجدت لإبعاد القوائم ومن ثم سحب أصوات من صوت لها إلى القوائم الأكبر على خلاف إرادة الناخب ووصول من ينضوي إليها إلى عضوية المجلس دون الالتفات إلى عدد الأصوات التي حصل عليها. 2. عدم الالتفات إلى الأصوات التي تضع العراقيل بوجه هذا التوجه لان هناك من يتعلل بان ذلك سيؤدي إلى صعوبة تشكيل الحكومة ومعرفة من هي الكتلة الأكبر فان كلامهم مردود عليهم لان الدستور في المادة (76) لم يعتد بالقوائم الانتخابية الفائزة، وإنما بالكتلة النيابية التي تتشكل بعد أداء أعضاء مجلس النواب اليمين الدستورية وهذا ما أكدته المحكمة الاتحادية العليا في قرارها التفسيري العدد 25/اتحادية/2010 في 25/3/2010 ولاحظنا كيف اجتمع الفرقاء في ائتلافات واصطفافات لتشكيل الكتلة الأكبر على الرغم من التقاطع في الاتجاه والرؤية من اجل الظفر بمنصب رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة ومن ثم تقاسم المنافع والمواقع. 3. لضمان الحصول على التأييد الشعبي لمشروع القانون الذي ستقدمونه بعد صياغته اطلب عرضه على الاستفتاء الشعبي فإذا ما حصل على أغلبية الأصوات يرسل إلى مجلس النواب بمعية نتيجة الاستفتاء، لان ضغط الشعب هو الوسيلة الأنسب لتمرير القانون ويقطع الحجة على من يعارضه تحت ذريعة ان مجلس النواب هو الممثل عن الشعب، فضلا عن كون قانون الانتخابات يعد من القوانين التي تدخل في مفهوم الكتلة الدستورية، وفي عدة بلدان جعلت من شروط نفاذ قانون الانتخابات شرط الاستفتاء عليه من الشعب، وان رئيس الجمهورية يملك كامل الصلاحية بالطلب من مفوضية الانتخابات لإجراء الاستفتاء على القانون لأنها مكلفة بتنظيم عمليات الاستفتاء بحكم المادة (1) من قانونها المرقم 11 لسنة 2007 المعدل. 4. كما اطلب تقييم نتائج العمل بالدستور خلال فترة تطبيقه منذ عام 2005 ولغاية الآن ومعرفة الفراغات الدستورية فيه، ومدى الحاجة إلى تعديل بعض المواد التي أصبحت تمثل المشكلة وليس الحل لازمات البلد المتوالية، ونحن على ثقة كبيرة بان الكادر الاستشاري في رئاسة الجمهورية لديه الخبرة العالية والكفاية العلمية و المهنية في مجال القانون الدستوري ومنهم أستاذ القانون الدستوري مستشاركم القانوني الدكتور (علي الشكري) ذو المقدرة العلمية في القانون الدستوري وفي مجال العمل النيابي وكذلك ممارسته الجانب المهم في السلطة التنفيذية حينما كان وزيرا للتخطيط، مع واجبكم بحكم مسؤوليتكم تجاه القسم الذي أديتموه أمام الله وأمام الشعب بالعمل وبهمة عالية كما عهدها الشعب فيكم خلال مسيرتكم في العمل النيابي والتنفيذي على أن تبذل كل وسعك لإقناع مجلس الوزراء لاقتراح تعديل الدستور وعلى وفق ما جاء في الفقرة (أولاً) من المادة (126) من الدستور. وفي الختام أتمنى أن تصل هذه الرسالة إلى حضرتكم وان تحظى بالعناية والدراسة واتخاذ ما يلزم للحفاظ على دماء العراقيين أولا وأخيرا ومن ثم الحفاظ على سلامة العراق ونظامه الديمقراطي الاتحادي. مع وافر الاحترام والتقدير القاضي سالم روضان الموسوي
#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعديل الدستور أصبح مطلباً شعبياً
-
تقصير الأجهزة الحكومية تجاه التجاوز على الأملاك العامة
-
مجلس الاتحاد المغيب المفقود
-
هل يجوز الاستثمار في المقابر؟ تعليق في ضوء القانون والشريعة
...
-
طرق الطعن بعدم دستورية القوانين أمام المحكمة الاتحادية العلي
...
-
معاناة استحصال الزوجة لنفقتها مع وجود الحلول القانونية
-
القانون هل يمثل وجهة نظر من اقترحه أم من شرعه؟
-
مفهوم المدد في الدستور العراقي والآثار المترتبة عنها في ضوء
...
-
من هي الجهة المختصة بمحاسبة المتولي على الوقف الذري ؟
-
التقادم في الدعوى الدستورية
-
قواعد المرافعات في الدعوى الدستورية قراءة في كتاب شرح قانون
...
-
مفهوم عبارة (الشك) في القانون المدني وفي قانون الإثبات
-
ختلاف المركز القانوني بين النائب في مجلس النواب والمرشح الفا
...
-
القيمة الدستورية لقانون النشيد الوطني
-
هل يثق الدستور بالسلطة التشريعية؟
-
معيار الجودة في العمل القضائي
-
الاستهداف السياسي للسلطة القضائية
-
دور المحكمة الاتحادية العليا في حماية استقلال القضاء تعليق ف
...
-
من تراث القضاء الدستوري في العراق القرار التفسيري المؤرخ في
...
-
الوصي على القاصر ملزم بالحفاظ عليه وعلى امواله بحكم القانون
المزيد.....
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
-
مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال
...
-
جدل في لبنان حول منشورات تنتقد قناة محلية وتساؤلات عن حرية ا
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|