أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - خطبة الجمعة















المزيد.....

خطبة الجمعة


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6379 - 2019 / 10 / 14 - 09:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



خطبة الجمعة تقليد دأب عليه المسلمون منذ ان تشكلت لهم سلطة بعد الهجرة الى المدينة . ولم يكن للخطبة وجود في المرحلة المكية من الدعوة . نشأت الخطبة الإسلامية اساساً في الجامع الذي بناه محمد في المدينة ، لتكون صوت السلطة الإسلامية الوليدة وسط سلطات متعددة : سلطة شيوخ قبيلتي الاوس والخروج ممن اطلق على من اسلم منهم منهم وصف : الانصار ، وسلطات قبائل المستعمرات اليهودية ، وسلطات القبائل خارج المدينة . فالخطبة وليدة تنظيم القوة المحمدية ، ولهذا يمكن الربط بينها وبين وجود السلطة ، فالخطبة والسلطة توأم واحد ، نشآ في آن واحد ، كجهاز إعلام لسلطة الأمة الإسلامية الناشئة ، ولا سلطة من غير إعلام . وقد كانت سلطات القبائل تستنجد بشعرائها وبخطبائها ان وجد في القبيلة خطيب مفوه لتمجيدها وتمجيد بطولاتها ومروءاتها ...
كانت خطبة الجمعة في جامع المدينة تدور حول العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من عبادات ، وما بدأ القرآن يأمر به من شرائع ، ومناقشة ما جرى من حروب وغزوات ، كما وتتضمن الإشارة الى ظاهرة المنافقين : الفصيل المعارض وجلهم من سكنة يثرب الأصليين كتعبير عن مصالحهم المتعارضة مع مصالح الحركة الدينية الجديدة . وكان يتم عبر هذه الخطبة تبليغ أعضاء الحركة بما استجد من وحي ، أو لاصدار أوامر الحرب أو لرسم المخططات الكفيلة بردع العدو ...
وعبر تاريخ الدولة الإسلامية كانت خطبة الجمعة بالأساس خطبة سياسية . لان تنظيم القوة هو في حد ذاته : سياسة . يقوم الخطيب فيها بالدعوة إلى السلطان الجديد الذي فرض وجوده بقوة السيف ، ولعن السلطان القديم هو ونظامه السياسي اللاعادل ...
كنت وما زلت حريصاً على سماع خطبة الجمعة في أي عاصمة عربية ازورها . لانني اعتقد ان فلسفة النظام السياسية وما يسترشد به من منهج في الحكم تتركز في خطبة الجمعة : أفضل الف مرة في وضوحها من أي سياسي عربي سواء أكان في السلطة أو في المنافي ( لأن المعارض عليه ان يغادر بلاده العربية خوفاً من السجن أو من القتل ، لان المعارضة لم تتشكل بعد في بلداننا وفي البلدان الشبيهة بأوضاعنا في قارات : اسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، وآخر تقليعة للمعارضة تلك التي اعلنها الحكيم زعيم تيار الحكمة في العراق بكل أبهة السلطان : بانه الآن في المعارضة ) ...
يمكن لك الاستماع إلى خطبة الجمعة وأنت في غرفة نومك ممدداً على سريرك ، من غير عناء الذهاب إلى الجامع ، وسرقة حذائك أو صندلك ، فمكبرات الصوت كفيلة بايصال صوت الخطيب إلى أي دار من دور الحي السكني الذي لا يخلو عادة من كبار السن أو من أطفال راقدين ، وحتى من مرضى يرقدون في المستشفيات . صوت خطيب الجامع يصل كل ظهيرة يوم جمعة - بمساعدة تكنولوجيا مكبرات الصوت - إلى إسماع كل الناس على اختلاف مشاربهم الفكرية وانتماءاتهم الدينية ، وسترتبط الجمعة في ذاكرتي بنوع من الاغتصاب يذكر بالاغتصاب الأول للأرض على بد الفاتحين العرب . وهذا هو ديدن الدين : اغتصاب الحياة وإزعاجها بالتفجيرات والمفخخات عند المتطرفين من الإسلاميين ، أو بفرض عقيدة الإسلام فرضاً على جميع الناس من غير احترام لمشاعرهم ومعتقداتهم الدينية أو الإلحادية عند من يسمونهم الوسطيين ...
في مصر ، أستطيع تصنيف خطبة يوم الجمعة بانها خطبة إخونجية بامتياز ، ولان الخطيب لا يستطيع التشهير بسلطة العسكر علناً ، يلجأ إلى المواربة : يهجو ما طاب له من النظريات العلمية ، ويعرج في هجائه على الكثير من التشريعات والقوانين العالمية التي وقفت إلى جانب كرامة الإنسان وحريته ، أو سب وشتم الظواهر الثقافية التي ينجبها الحراك الثقافي الكبير في مصر ، وحتى الموضة في الملبس أو في قصة الشعر ، لا تنجو من لسانه الذرب : متصوراً انه بهذا الهجاء يؤدي واجبه الديني في معارضة نظام سياسي : " علماني ، كافر ... " ، ولا تختلف خطب الجمعة في العربية السعودية أو في سواها من محميات الخليج أو البلدان العربية الأخرى عن منهج خطبة مصر التي يوجهها من قرب أو من بعد الإخوان المسلمون ...

تقابل خطبة الجمعة الاخونجية في مصر ، خطبة مرجعية الشيعة في كربلاء ، وهي من الخطب التي تستمع لها مؤسسات البحوث والمراكز الإعلامية في العالم : لا لأهمية مضمونها بل لانهم يعدونها هي السلطة العميقة ، وما سلطة عبد المهدي سوى واجهة .
فما هو مضمون النقد الموجه للسلطة من قبل المرجعية الشيعية في العراق ؟
استرعى انتباهي في خطبة الجمعة ليوم 11 - 10 / 2019 ، انها تضع الاثنين : السلطة والمحتجين عليها في كفتي ميزان عدالتها فتنتقد السلطة لانها أثخنت في جراح المتظاهرين وأدمتهم ، ونتيجة لذلك تحملهم مسؤولية هذه الدماء ، رغم اننا نعرف جميعاً : سنة وشيعة وما تبقى من فرق الخوارج في سلطنة عمان ، وما تبقى من الفرقة الشيعية الزيدية خاصة في اليمن أو الفرقة الإسماعيلية الموزعة بين دول العربيا وسوريا والهند وإيران والخارج : بان الإسلام دين سياسي ، وان السياسة لا تعبأ بالمبادئ الأخلاقية للدين بل تتوخى الوصول إلى غاياتها من طريق مختصر وبدهاء ، وان عثمان بن عفان : الخليفة الثالث لم يحاكم محاكمة عادلة ابن عمر بن الخطاب الذي حمله الانفعال على مقتل والده فقتل بسرعة : قاتل والده ، فانحاز الخليفة عثمان إلى جانب ابن عمر بن الخطاب ولم يأمر بمحاكمته كما يقتضي الشرع الإسلامي الذي يقوم الخليفة على تطبيقه . وهو الموقف نفسه الذي سيقفه علي بن ابي طالب حين اصبح خليفة : فلم يحاكم قتلة الخليفة الثالث : عثمان بن عفان .
العدالة في الإسلام تابعة لموقف الخليفة ، أي انها : عدالة شخص لا مبدأ ثابت ، وقد تحول موقف الخلفاء على امتداد التاريخ الإسلامي إلى سنة : يشير اليه الفقهاء ويوازنوا بين النصوص التأسيسية كالقرآن والحديث وأصحاب المذاهب الأربعة وبين موقف أو بالأحرى مصلحة أو مزاج الخليفة قبل ان يستنبطوا أحكامهم ...
في خطبة المرجعية الشيعية هذه تجسدت العدالة في ادانة حكومة عبد المهدي على القتلى الذين سقطوا برصاص الحكومة في المظاهرات التي انفجرت في الأول من شهرنا الجاري ، وهذا ما يشير بالملموس إلى ان السلطة في العراق لا تختلف عن السلطة في إيران من وجود ( المرشد الأعلى ) الذي يدير الحكم ويوجهه . وسيسقط عبد المهدي وحكومته بعد هذه الإدانة . لكن هل عملية إسقاط الحكومة هي العدالة بعينها ، التي عجز عن تحقيقها اكبر الرموز الشيعية والسنية : عثمان وعلي ، أم إسقاط منهج الحكم الذي يقوم على المحاصصة الذي سينتج : مظاهرات مستمرة واحتجاجات على لا عدالته ، يتبعها دوي خطبة جمعة تدين الحكومة وتطالب بإسقاطها كما حدث مراراً ؟



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرس الثاني من دروس الثورة العراقية : درس التيار الصدري
- الدرس الأول من دروس ثورة العراق
- خطبتا رئيس الوزراء والمرجعية : مملتان
- اقف إجلالاً لثورة تحطيم المومياءات
- الى ثوار العراق
- المندسون
- بلاد العميان
- الموجة الثانية من الثورة التونسية
- وحشية الحرب السعودية الحوثية
- حكومة العراق حكومة واجهة
- الحفرية الثالثة
- الحفرية الثانية
- حفريات الفصل الثاني
- 5 أفعال محمد
- القسم الثالث والرابع من الفصل الثاني
- الفصل الثاني : انتشار الأسلام
- الرسالة والنبوة
- 2 في السيرة
- حفريات ضرورية : 1 خصوصية البيئة الثقافية المكية
- 3 الأستعداد السياسي


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - خطبة الجمعة