حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 6376 - 2019 / 10 / 11 - 18:07
المحور:
المجتمع المدني
"عند أم ترتر" مَثلٌ شعبيٌ، فما قصتُه؟ وراءَ هذا المثلِ الشعبي قصةٌ قد تكون حقيقيةً في أحدِ حواري الإسكندرية بمنطقة كرموز. كانت أمُ ترتر سيدةً مشهورٌ عنها طولُ اللسانِ والقوةُ، وأطلقَ عليها أهالي المنطقة "الشرشوحة ست جيرانها" لأنها كانت تتسترُ على سوءِ أفعالِها بالصوت العالي والبذاءةِ والبلطجة. استخدامُ مَثل "عند أم ترتر" شاعَ عند فقدانِ شئٍ سرقَته أم ترتر من جيرانِها وأخفَته وأصبحَ الحصولُ عليه مستحيلًا لطولِ لسانِها وبجاحتَها وصوتِها العالي.
مع الوقت أصبحَت الشرشحة، ولا مؤاخذة، مهنةً، إذ يتمُ تحريضُ بعضِ النسوةِ للتطاولِ على شخصٍ لأسبابٍ سياسيةٍ، أو اجتماعيةٍ، أو ماليةٍ. تقومُ النسوةُ بتجريسِ الشخصِ المستهدفِ أمام منزلِه ومكانٍ عملِه حتى يجدُ صعوبةً في رفعِ رأسِه من فظاعةِ ما نالَه من إهاناتٍ واتهاماتٍ. ولما كانت المنافسةُ قائمةً، فقد التحقَ رجالٌ بهذه المهنةِ.
في زمنِنا هذا شاعَت الشرشحةُ والسرسعة وأصبحَت أم ترتر ست جيرانها على مواقعِ التفسخِ الاجتماعي بالبذاءاتِ والإدعاءاتِ. أم ترتر موجودةٌ أيضًا في أشخاصٍ تنتسبُ للإعلامِ والرياضةِ ولا تجدُ مهارتَها إلا في التهديدِ والوعيدِ والتطاولِ وتوزيعِ الاتهاماتِ. فقدَت مؤسساتٌ وفضائياتٌ إعلاميةٌ ورياضيةٍ كلَ مصداقيةٍ باللجوءِ لتلاميذِ مدرسةِ أم ترتر واعتبارِهم واجهاتِها.
حتى المؤسساتِِ الجامعيةِِ فيها أم ترتر!! هناك من لا يستحون من الإدعاءِ بالصوتِ العالي عن انجازاتِهم العلميةِ، يسطون على تعبِ غيرِهم وكأن الصوتَ العالي والبجاحةَ والأونطة لغةُ هذا الزمنِ.
أم ترتر بالشرشحة أصبحت ست جيرانها لأنهم سكتوا؛ آثروا البعدَ عن المتاعبِ يأسًا، لغيابِ القانونِ واِنعدامِ تحَري الصوابِ فيما يُقالُ ويُفعلُ، فطفى على كلِ سطحٍ العديدُ من خريجي مدرسةِ أم ترتر.
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،
www.albahary.blogspot.com
Twitter: @albahary
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟