أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ناهده محمد علي - من أطلق الرصاص على علم العراق














المزيد.....


من أطلق الرصاص على علم العراق


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6370 - 2019 / 10 / 5 - 12:13
المحور: المجتمع المدني
    


من تحت أكوام الركام الوطني المتكون من الآلاف من أطفال الشوارع الذين يهيمون صيفاً تحت العواطف الترابية وشتاءاً تحت زخات المطر ، والذي إختلط فيه اللون الأصفر والأسود ، الأصفر لون جفاف الأراضي الزراعية العراقية والأسود لون التلوث البيئي الذي نشر الأوبئة والأمراض المستعصية بين المواطنين ، من تحت هذا الركام بزغت نبتة مضيئة لم تستطع العواصف أن تقتلعها ولا ( الصبات الكونكريتية ) أن تحتجزها . لقد إختص السادة أنفسهم باللون الأخضر وكما رُفع اللون الأخضر من الأرض العراقية رُفع أيضاً من علمها وخصصوا لأنفسهم بقعة خضراء تخصهم وحدهم ثم جعلوا من أنفسهم أولياء وسادة لا يأكلون ما يأكل الناس ولا يستشعرون البرد أو القيظ ، يبدلون وجوههم ويصبغونها كل يوم بلون حتى أصبحوا كالحرباء وحتى لم نعد نعلم من هم وكيف هم ، يجلسون على عجز في الميزانية يقدر بأكثر من ٢٤ مليار دولار وعلى مئات المليارات من الدولارات من السرقات في الوقت الذي يتسول فيه آلاف النساء والأطفال والشيوخ ، ثم نسمع منهم بأن السلة العراقية قد أشبعت الشعب العراقي كله . تُرى إذا كانت قد أشبعت فلِم يخرج الشباب الغاضب إلى الشوارع عراة لا يملكون سوى جلودهم التي تنضح عرقاً حاملين علم العراق ومنشدين نشيداً وطنياً كان هو أول ما تعلموه في مدارسهم ، فتستقبلهم رشاشات الأمن المحلي وأحدث أنواع التكنلوجيا العسكرية ، مثل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والمطاطي والقنابل الصوتية ، لم يُحرق هؤلاء مدرسة أو مستشفى أو بنك ، ولم يهدروا المال العام كما أهدر السادة ، ولم يُسرقوا جيوب الأرامل والأيتام ، لم يسخروا من شعبهم بجعلهم العلاج والتعليم والعمل والماء والكهرباء والخدمات العامة سلعة تُصرف لها مليارات الدولارات لكنها تخرج من الجيب الأيمن لتسقط في الجيب الأيسر ، فلا تُصرف لعلاج الفقراء ولا على محطات الكهرباء أو محطات تصفية المياه ، ولا لخلق فرص عمل جديدة من خلال المؤسسات الإنتاجية بل تتحول إلى رواتب ميلشيات وأسلحة خفيفة وثقيلة تتوجه لصدور أبنائنا الذين ملوا من الجلوس على المقاهي ومن التجوال بين مؤسسات الدولة بحثاً عن عمل وهم لا يمتلكون الوساطات أو أثمان الرشاوي . يحدث هذا في بلد يُعد من أسوأ دول العالم في الفساد الإجتماعي والإقتصادي والإداري .
بعد أيام من المظاهرات وبعد سقوط أكثر من ٦٠ قتيلاً وأكثر من ١٦٠٠ جريح حسب مفوضية حقوق الإنسان في العراق ، يخرج علينا رئيس الوزراء ليمجد قوات الأمن فيقول ( نحيي قواتنا المسلحة الأبطال الذين أظهروا قدراً عالياً من المسؤولية وضبط النفس بوجه - المعتدين غير السلميين - وتسببوا عمداً بسقوط ضحايا من المتظاهرين ) . ثم أكتفى رئيس مجلس النواب ( نواب الشعب ) للتحقيق في الأمر .
تُرى من هم المعتدون ، أهم هؤلاء الشباب العُزل ، وكيف يُعقل أن يتقدم أحدهم بسكين أمام رجل أمن مدجج بالسلاح وبواقي الرصاص ولا يستطيع أو يبادر رجل الأمن بطرحه أرضاً برصاصة واحدة . من الواضح بأن هؤلاء الشباب الذين لا يملكون قوت يومهم لا يملكون حتماً أثمان السلاح ، بل هم البذره النقية التي نبتت من تحت الركام ، ومن المؤكد بأن هؤلاء لن ينالوا ( بركة ) السيد رئيس الوزراء .
إن تصريح المتحدث بلسان الخارجية الأمريكية قد أكد على أن المظاهرات هي ظاهرة طبيعية في الديمقراطيات ولكن بلا عنف . ونحن لم نجد أي دولة ديمقراطية تعامل المتظاهرين أو تقابلهم بالرصاص الحي كما حدث في مظاهرات الستر الصفراء في فرنسا أو المظاهرات الحادثة في الولايات الأمريكية أو آستراليا ، وأقصى ما يستخدم في هذه المظاهرات هو خراطيم المياه أو الغاز المسيل للدموع .
إن إستخدام العنف الدموي ضد المتظاهرين يُخرج النظام من حيز الديمقراطية إلى حيز الديكتاتورية . إن الشباب الذين إستقبلوا بصدورهم وسقطوا صرعى قد سقطوا وبأيديهم علم العراق وأعطوا لهذا العلم معنى لألوانه ، فكان اللون الأسود قد قلب حقيقة أرض السواد إلى حقيقة أخرى جعلت في كل بيت عراقي سواداً ، وأعطوا اللون الأبيض للضمير الحي لأبناء العراق ، ثم أعطوا اللون الأحمر لدمائهم التي سالت على جباههم .
لقد رفع هؤلاء الشباب وشاح الأولياء من على ظهور السادة ووضعوه على ظهورهم ، فهم قد رفضوا قوانين السماسرة الذين لا يرون ولا يسمعون ولا يتكلمون ، لكن هؤلاء الشباب لا يملكون ولا يخسرون وقد جعلوا أجسادهم علماً للوطن العراقي الذي لا يموت .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعرات في المهجر
- هل نحن على كوكب يُحتضر
- هل بُنيت الحضارة العربية على التماثل أم على التباين
- التطرف ذو الوجهين
- نحن أمة تئِد أبناءها البررة
- إغتراب
- لماذا يتناول أبناؤنا المخدرات
- هل يحتمي الرجل بالقوانين في ممارسة العنف ضد المرأة
- البصرة ثغر العراق الباسم أم الباكي
- موت وردة الأقحوان البيضاء
- العرب من تجارة النفط إلى تجارة البشر
- مشاكل أبناء المهجر
- الهبوط نحو الأسفل
- قيمة الذات العربية - بمناسبة اليوم العالمي للطفل
- نصب الحرية المظلم
- أطفال التوحد هم نتاج صراعاتنا
- قراءة نقدية للمجموعة القصصية ( غسل العار ) للقاصة صبيحة شبر
- حين بكى البابا على فقراء المسلمين .
- الإرجوحة
- لونوا العالم بالبرتقالي


المزيد.....




- الأمم المتحدة: الضربات الإسرائيلية في اليمن تثير المزيد من ا ...
- -قيصر الحدود- الأمريكي يتحدث عما سيفعله ترامب مع عائلات المه ...
- عاجل | أسوشيتد برس: منظمة عالمية سحبت تقريرا يحذر من المجاعة ...
- وزيرالخارجية اليمني:ندعو الأمم المتحدة وكل المنظمات لتجريم م ...
- قطف مطار صنعاء استخفاف إسرائيلي بالأمم المتحدة
- الاحتلال يُمعن في ارتكاب جريمة إبادة جماعية بزيادة وتيرة تدم ...
- مراسل RT: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم توا ...
- في جريمة هي الأكبر ضد الصحفيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة ...
- من لبنان وتركيا والأردن.. ضوابط لعودة اللاجئين السوريين إلى ...
- اعتقال قاضي المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا بسوريا


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ناهده محمد علي - من أطلق الرصاص على علم العراق