أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - هاله ابوليل - تنسى كمصرع طائر , ذكريات الطفولة والذاكرة المثقوبة














المزيد.....

تنسى كمصرع طائر , ذكريات الطفولة والذاكرة المثقوبة


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 6369 - 2019 / 10 / 4 - 15:41
المحور: سيرة ذاتية
    


راعني امر خطير مساء البارحة , وهو كيف يتسنى للمرء نسيان حدث ما قد يعتبر حد فاصل أو لحظة تاريخية موثقة أو ذكريات لا تنسى
لأمر عشنا تجربته وفرحنا به , ثم ينسى .
في اجتماع عالمي لرفيقات الطفولة ,كنا نتحدث عن طفولتنا وتذكرنا رحلة البحر والقارب الضائع الذي كنا نريد ركوبه ,وفجأة قالت ابنة خالي -التي رافقتنا بالرحلة إنها لا تتذكر منها شيئا .
كانت ابنة خالي ذو شخصية متحفظة وقد كانت تحظى بطفولة قاسية في طل زوجة اب قاسية جدا وفي ظل ام مريضة لا تقوى على الدفاع عنهم ضد تغّول زوجة الأب الدائم .
وكنت اعتقد ان ذكرى رحلتنا الى البحر نحن الذين نعيش في منطقة يبعد البحر عنها مسيرة يوم لا يمكن لها ان ننسى , ولا يمكن ان تمحى من الذاكرة
تلك الرحلة التي عشناها بكل تفاصيلها الجميلة
فما الذي حدث فعليا في عقل تلك الفتاة لكي تنسى امر الرحلة التي لم تكن لتتوفر للأغلبية من سكان منطقتنا نظرا لسوء الأحوال المادية وعدم توفر الحافلة المناسبة و بعد المسافة وطول الرحلة .
لماذا لا تتذكر اي شيء يخص الرحلة الفريدة ,وكيف لم ترى ماكنا نراه من الخط الحجازي والسراب الذي كنا نلاحقه في قطار كلما اقتربنا منه اختفى !
كيف يا ربي , نسيّت امر السمكة التي اصطدناها , وكيف نسيت مراسم دفن سمكتنا الاليمة ودعواتنا ان يستقر جسدها في الارض بكل ثبات وايمان لا تزعزعه اعاصير أو زلازل كنا نسمع عنها و لا نراها .
كل هذه الذكريات , كيف مسحت من ذاكرة الطفلة التي كانت في سن الكمون
نلك السن التي لا تستقر فيها نوازع الطفولة الحمقاء ولا تبدو فيها مظاهر المراهقة بعد .
صحيح , تزوجت الفتاة في سن صغيرة جدا ,هربا من جور زوجة الاب الظالمة ومن قسوة اب لا يرحم ولا يحب ابناءه !
هل هناك من لا يحب اباه ,
وهل هناك اب يكره اولاده
ام أنها تصاريف الأقدار القاسية
اب يهربون عند مجيئه لئلا يراهم .
اب قتل فيهم اي عاطفة جميلة تسمى الأبوة
اب عاش غاضبا وجعلهم في حيرة من ثبات الكون ,جعلتم ينسون الاوقات الجميلة التي جلسنا فيها على رمال البحر الغربية لأول مرة في حياتنا ,نناظر تسابيح الموجات الصاخبة لرب العباد ,بينما كنا نتقاسم الضحك والماء والركض والتراشق في حركات طفولية جميلة .
يا الهي, كيف نسيّت منظر تلك الموجات وصراع البحر وصخب ضجيجه وهو يضربنا برفق على شاطئه الفارغ الا منا
نحن الصغيرات - اللواتي كنا فيها نرتدي المايوه لأول مرة
صغيرات لا نملك اي ملامح انثوية ,ولكننا تشبثنا بما يميزنا عن اخوة لنا شاركونا صخب البحر وتدفق موجاته.
ومع ذلك تقول انها نسيّت كل ذلك, يا للهول.
اي ذاكرة مخرومة اثقلت هذه الفتاة بها ,وأي ظلم وأي تعب !
وتذكرت ما قرأته عن فساد الذاكرة ,وكيف لها أن تطمس الكثير مما لا ينبغي لها ذلك ,
كان ذلك على لسان خبير علاقات اجتماعي من اليهود الذين كانوا يوثقون الهلوكوست شفويا بمقابلة الآلآف منهم وتسجيل اقوالهم عن المذبحة ,وكيف نجوا منها .
يقول:" بينما كنا في الطائرة عائدين من استراليا ,ولدي حصيلة ممتازة عن توثيقات قديمة لكبار السن عما تعرضوا له في زمن الحرب .
انبثق صوت كورال طلابي يترنمون بأغاني الكنيس و يرددون بشغف تلك الالحان بصوت مسموع و بمباركة من المسافرين التفت له اخاه قائلا :" هل تذكر عندما كنت تغني هذه التراتيل في جوقة الكنيسة في حارتنا ؟
:"انا كنت اغني في الجوقة التابعة للكنيسة ؟
بدت ملامح الذهول على وجه الأخ وبسخرية من يعتقد ان محدثه يسخر
:"لقد كنت عازف الفرقة. ما بك
وعندما رأى ملامح الاستغراب اكمل :"
كنا سويا ننفخ في الأبواق.
صعق الباحث الاجتماعي من اصرار اخيه على حادثة لا يتذكر منها شيئا .
فسأل أخاه مرة اخرى :"هل صحيح ما تدعيه .
قال الأخ وهو يكاد لا يصدق ما يسمعه :"هذا ليس ادعاء لقد كنا لسنوات في فرقة الكنيسة للغناء ,ولا اعلم كيف يمكن للمرء ان ينسى حدثا كذلك !
تعالت امواج وابواق فرقة الغناء في الطائرة وغطت على ما كان اخاه يقوله
بينما كان الباحث يراجع اعماله والأوراق التي جمعها من ضحايا الهولوكست وشرائط التسجيل متسائلا في قرار عقله -الذي كان الجميع يعترف انه كان لماحا وذكيا و راجحا .
هل يمكن و يعقل للمخ الانساني ان يشهد تجربة مثل تلك في حياته ,
تجربة ليست شيئا عاديا في حياته لكي تنسى , بل كيان من الذكريات المتجمعة وتساءل :" أي فجوة جعلته ينسى حدثا مثل هذا .
وعندما اسهب الاخ بتذكيره بأحداث تؤكد روايته وانهم كانوا في نفس الجوقة ومن العازفين والمغنين ,امتدت يده ممزقة تلك الشرائط التي سجلها لعجائز بلغوا الثمانين واخاه ينظر متعجبا
قائلا له :" هل يعقل و قد كنت مغنيا في القداس الاسبوعي
و عازفا على الة موسيقية في صغري وانا الآن في الأربعين ,وقد اختفت تلك اللحظات التي تذكرني بها من ذاكرتي بتاتا .
فهل يعقل ان هؤلاء العجائز في سن خرفة ان تتوقع ان يتذكروا احداث حدثت قبل ثمانين سنة من اعمارهم ,بدون شروخ الذاكرة التي حدثتنا عنها للتو
ان ذاكرة الانسان, لا يمكن ان يعوّل عليها



#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما فعلته صحف وقناة فوكس التي يملكها مردخاي اليهودي - الصهيون ...
- اسلحة الخداع الشامل التي شنت حربا على العراق
- مافعلته صحف وقناة فوكس التي يملكها مردخاي اليهودي - الصهيوني ...
- مجرد اكاذيب وليست اكاذيب حقيقية
- -استخدام الخوف - تلخيص لأبرز ماجاء في كتاب أسلحة الخداع الشا ...
- كيف مول السيناتور الامريكي تشارلي مجاهدي الأفغان
- الجلوس فوق مرتفعات وذرينغ -Wuthering Heights
- كيف قام charelle Wilson بتمويل المجاهدين الأفغان لدحر البعبع ...
- رحلة صباحية سيرا على الأقدام
- شيفرة دافنشي ودراسة عن التوافق بين الرواية والفيلم .
- شجرة جوز في الهند والزهايمر وأشياء اخرى
- سبع رسائل لسبع شخصيات وحرب عشواء
- الفيل الذي يجب ان يعرف من يمتطي ظهره.
- -A Hologram for the King - توم هانكس والسعودية والفيلم الممن ...
- غاتسبي العظيم والحب الذي قتله
- سيدفعون وهم صاغرون
- الجامعات ليست للبيع و لا لشراء الولاءات والاصطفافات السياسية
- عالم متصهين ومجزرة نيوزلندا الجديدة
- كشك الزرعيني والاحتفال بمكر المرأة العالمي
- يا له من عالم طريف ! قراءة في رواية عالم جديد شجاع


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - هاله ابوليل - تنسى كمصرع طائر , ذكريات الطفولة والذاكرة المثقوبة