|
إزدهار العلاقات العربية الإسرائيلية
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 6365 - 2019 / 9 / 30 - 14:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إزدهارالعلاقات العربية الإسرائيلية طلعت رضوان فى تطور دراماتيكى أثبت وزير الخارجية الإماراتى (عبدالله بن زايد آل نهيان) أنّ شعار القومية العربية..وشعار الوحدة العربية من مخلفات النظام الناصرى، وأنّ شعوب المنطقة المُـسماة (عربية) صـدّقوا أكذوبة (العروبة) و(توأمتها الوطن العربى الكبير) وأكذوبة (القضاء على العدو الإسرائيلى) كل هذه الأكاذيب فنــّـدها ابن زايد ببرقيته التى أرسلها للمسئولين الإسرائيليين، لتهنئتهم بمناسبة (عيد رأس السنة العبرية) ولم يكتف بذلك وإنما أراد أنْ تكون تهنئته على أوسع نطاق، فكتب تغريدة على تويتر قال فيها Shana Tovah أى سنة سعيدة بالعبرى. وقد أثارت تهنئة ابن زايد على تويتر تعليقات الكثيرين، وقال بعضهم: هذا معناه تعميق وتأصيل التطبيع مع إسرائيل، وتساءل آخرون: ما أسباب ذلك التطور فى العلاقات العربية/ الإسرائيلية، والتى وصلت إلى (درجة الحميمية) وهى حميمية (مفتقدة بين الأنظمة العربية) خاصة فى سيادة (ظاهرة العداء العربى/ العربى) وأعجبنى- بشكل خاص- تعليق قال فيه كاتبه: إن بليتم فاستتروا. ومع ملاحظة إنّ تغريدة ابن زايد نشرتها مواقع عربية كثيرة مثل: موقع اسأل أكثر، وموقع غزة الآن (عربى دولى) وموقع (صوت العرب) يوم30 سبتمبر2019. 000 ابن زايد (يشغل منصب وزير الخارجية) فى دولة اسمها (الإمارات العربية) وهى الدولة التى قتلتْ وشرّدتْ الشعب اليمنى، وأرجعتْ دولة اليمن إلى عصر الكهوف بعد تدمير البنية الأساسية والمرافق الحيوية (بالتعاون والتنسيق مع الدولة المُـسماة على اسم ملوكها) ومعنى ذلك يقول- بالمصرى الفصيح (كما قول شعبنا المصرى) نحن الإماراتيين مع دولة إسرائيل، وليست لنا علاقة بالعروبة، وبالتالى نحن مع كل المخططات الأمريكية، ومع اللوبى الصهيونى، ومع كل ما يـُـدعـّـم دولة إسرائيل ويـُـقويها. 000 وأود أنْ أضيف أنّ موقف ابن زايد (الهادم لفكرة العروبة بشكل عملى) ليس هو الموقف الأول من (زعماء عرب) وإنما سبقته مواقف كثيرة. ذكــّـرتنى تهنئة ابن زايد لإسرائيل بما كتبه خالد بن أحمد (وزير خارجية البحرين) على موقع تويتر..وكان نص كلامه: إنّ الغارات الإسرائيلية على مواقع فى سوريا والعراق ولبنان ((هوبمثابة الدفاع عن النفس)) (وهذا الكلام نقلته مواقع الكترونية وصحف عربية عديدة، منها- على سبيل المثال: الشبكة العربية..وصحيفة (رأى اليوم) و RT اسأل أكثر(من يوم26 إلى يوم 28 أغسطس2019) فهل وزيرخارجية البحرين كان يـُـغرّد (منفردًا)؟ أم أنه كان يـُـغرّد ضمن (جوقة من العروبيين الصهاينة)؟ الذين سبق أنْ هاجموا السادات لأنه عقد (معاهدة الخيانة- كامب ديفيد..وفق زعمهم) مع العدوالإسرائيلى..وقبل الهجوم على السادات هاجموا (زعيم العروبة) عبدالناصرعندما وافق على (مبادرة روجرز) لأنّ ما جاء فيها يُـعتبر بروفة (معاهدة السلام) مع إسرائيل. وقد وصل خطر(مرض الحول الفكرى) الذى أصاب الماركسيين المصريين، لدرجة أنهم تغاضوا عن كتابات كتبها (عرب) انتقدوا فيها البنية العقلية التى أنتجتْ مجمل التراث العربى، مثل المفكر السعودى (عبدالله القصيمى) والشاعر السورى (نزار قبانى) والشاعرالسورى (محمد الماغوط) وغيرهم..وقد كتب الأخيرعن العرب: منذ1400سنة عاشوا فى البرارى..وناموا فى المضارب..وأضاؤوا لياليهم بإشعال الزيت والحطب..ولم يعرفوا غير الرعى والسبى والغزوات..وتيمموا بالتراب..وتقاتلوا وتحاربوا وتناحروا..ومنذ1400سنة تركوا قصصًـا وسيرًا ذاتية ونصوصًـا قالوا إنها (مقدسة) وهو نفس الكلام الذى قاله من سبقوهم..كلهم ادّعوا أنّ كتبهم (مقدسة) وبعد1400سنة: هل يتوجب علينا أنْ نفكر كما كانوا يفكرون؟ ونلبس كما يلبسون؟ ولاحظتُ أنّ الشاعر السورى الكبير نزار قبانى يختلف تمامًا مع العروبيين الذين لا يمتلكون شجاعة مراجعة الذات، بينما فعلها نزار الذى كتب ((أنا منذ خمسن عامًا/ أحاول رسم بلاد تـُـسمى مجازًا بلاد العرب/ رسمتُ بلون الشرايين حينـًا/ وحينـًا رسمتُ بلون الغضب/ وحين انتهى الرسم ساءلتُ نفسى/ إذا أعلنوا ذات يوم وفاة العرب/ ففى أى مقبرة يُدفنون؟ ومن سوف يبكى عليهم؟ وليس هناك حزن/ وليس هناك من يحزنون)) وفى ديوانه (هوامش على دفتر الهزيمة) كتب ((أنعى إليكم يا أصدقائى اللغة القديمة والكتب القديمة/ أنعى إليكم كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة/ ومفردات العهر والهجاء والشتيمة/ أنعى لكم نهاية الفكر الذى قاد إلى الهزيمة)) وكتب أيضًا ((جلودنا ميتة الإحساس/ أرواحنا تشكومن الإفلاس/ أيامنا تدور بين الزار والشطرنج والنعاس/ هل نحن خيرأمة (قد) أخرجتْ للناس؟)) وكتب (كذلك) ((تقاطعتْ فى لحمنا خناجر العروبة.. واشتبك الإسلام بالإسلام.. طائرة الفانتوم تنقض على رؤوسنا..ونحن نستقوى بزنار أبى تمام.. الحرب لاتربحها وظائف الإنشاء ولا التشابه ولا النعوت والأسماء.. مقتلنا يكمن فى لساننا.. فكم دفعنا غاليًا ضريبة الكلام؟)) وأكثر من ذلك عندما كتب ((لا تسافر بجواز سفر عربى.. لا تسافر مرة أخرى لأوروبا.. فأوروبا كما تعلم ضاقتْ بجميع السفهاء.. لا تسافر بجوازعربى بين أحياء العرب.. فهم من أجل قرش يقتلونك.. لا تكن ضيفـًا على حاتم طى.. فهو كاذب ونصاب.. لا تسر وحدك بين أنياب العرب.. فيا صديقى رحم الله العرب)) ولماذا تغير موقف الأنظمة العربية ما بين الانبطاح الجزئى عام2003، والانبطاح الكلى عام2018، خاصة أنّ هذا الانبطاح برز فى البيان الختامى الصادرعن الرؤساء والملوك العرب فى مؤتمر القمة العربية رقم29 وجاء به ((نحن مستعدون لتطبيع تاريخى مع إسرائيل، إذا هى انسحبتْ من الأراضى التى احتلتها عام1967)) فهل إسرائيل ستلتزم بوعدها؟ ومن سـُـيلزمها؟ وهل يستطيع العرب الزامها؟ وبرز الانبطاح وفق ما جاء فى تصريح الأمين العام المساعد (السفير حسام زكى) فى تصريحات صحفية أنّ مجرد تسمية القمة باسم (قمة القدس) وما خرجتْ به من قرارات تعد موقفــًـا غاية فى الأهمية (جريدة الرياض- 16 إبريل2018) وهكذا تكون المُـتاجرة باسم القدس. ولعلّ أهم سؤال هو: هل القمة العربية التى قادتها السعودية لصالح الشعب السورى؟ أم لصالح أمريكا والغرب؟ وكيف يكون المؤتمر فى السعودية التى أيــّـدتْ تدمير سوريا وتدمير اليمن..إلخ؟ وهل هذا المؤتمر سيـُـنقذ الشعب السورى من مصيره البائس؟ وإذا كانت السعودية وأتباعها من الأنظمة العربية، تظاهروا بالبكاء على الشعب السورى، الذى (يقتله بشار الأسد بالأسلحة الكيماوية وفق رواية الأمريكا) فلماذا لم يـُـظهروا هذا التعاطف مع الشعب اليمنى؟ وهل هناك تضليل أكثر من ذلك؟ ثـمّ أصل إلى السؤال الأخير: هل القمم العربية- منذ عام1964- كان لها أى جدوى؟ وهل كان للكيان الورقى المُـسمى (جامعة الدول العربية) أى جدوى؟ وهل فعلتْ أى شىء لتأكيد شعارات (الوحدة العربية) و(القومية العربية)؟ ومنذ أواخر السبعينيات من القرن العشرين، شغلنى سؤال: هل (مقولة الوحدة العربية) لها سند من الواقع؟ وهذا السؤال ظلّ ينمو مع الخلافات العربية/ العربية، التى جعلتنى أميل إلى تصديق ما كتبه ضابط المخابرات الأمريكى مايلز كوبلاند فى كتابه (لعبة الأمم)..وما كتبه ضابط أمريكى آخرعن تشجيع عبدالناصر لترويج فكرة القومية العربية. وكبر السؤال بعد فبراير58 التاريخ الرسمى لشطب اسم مصر، بزعم إقامة وحدة سياسية فوقية سلطوية مفروضة فرضًا على شعبيْن، تتباين ثقافتهما القومية تباينًا تامًا. ناهيك عن البعد الجغرافى بمراعاة موقع كل من الدولتيْن على خريطة الكرة الأرضية. فبينما تقع مصر فى الركن الشمالى الشرقى من قارة إفريقيا، تقع سوريا جنوب غرب قارة آسيا..إلى آخر باقى العوامل الجغرافية من حيث الحدود، شمالا وجنوبًا وشرقًا وغربًا..وهى حدود تؤكد التباعد المكانى لا العكس..ولم يكن تاريخ فبراير58 بداية جريمة شطب اسم مصر..وإنما بدأتْ المؤامرة وبدأ التآمرعلى هويتنا القومية كمصريين، بعد أقل من عام على وصول الضباط إلى حكم مصر. إذْ فوجىء شعبنا يوم6يوليو53 بالإعلان عن بث إذاعى جديد باسم (صوت العرب) ورغم أنّ شعبنا أطلق اسمًا ساخرًا يـُـعبرعن سخطه ورفضه لإنشاء محطة إذاعية فى مصربهذا الاسم، إلاّ أنّ السؤال الذى ظلّ مسكوتــًـا عنه ولم يجرؤ أحد على إثارته هو: لماذا (صوت العرب) فى مصر وليس فى الجزيرة العربية؟ وكيف تـمّ ذلك ؟ ومن الذى فكّر ودبّر وخطط ونفذ ؟ تتضح الصورة عندما نعلم أنّ المخابرات الأمريكية هى صاحبة قرار إنشاء محطة صوت العرب فى مصر..وأنّ الخبراء الأمريكان المُـتخصصين فى الدعاية.. هم الذين ساعدوا فى إنشائها وتزويدها بكل الأجهزة اللازمة لتشغيلها (حبال من رمال تأليف ويلبركرين إيفلاند – ترجمة على حداد. دار المروج عام 1985 ص69، 72) مع ملاحظة أنّ المؤلف مستشار سابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.. وعضو سابق فى هيئة التخطيط السياسى للبيت الأبيض.. ووزارة الدفاع الأمريكية..وهذا المؤلف الأمريكى ذكر معلومات تساعد على تجميع عناصر الصورة، من ذلك مثلا أنّ (كيم روزفلت) ضابط المخابرات الأمريكية الشهير تعامل منذ عام1950مع ثلاثة صحفيين مصريين هم محمد حسنين هيكل والأخويْن مصطفى وعلى أمين (ص207) وأنّ الإدارة الأمريكية هى التى ساعدتْ ((عبدالناصر ليكون رجل الساعة)) (ص202) وأنّ (مايلز كوبلاند ) مؤلف كتاب (لعبة الأمم) قال إنّ ((عبدالناصر سيـُـصبح قريبًا المتكلم باسم القومية العربية)) (ص65) وأنّ المخابرات الأمريكية ((تــُـقـدّم المساعدات السرية لعبد الناصر)) (ص105) هذا غير مساعدة أمريكا لضباط يوليو بالسلاح حتى يتم خروج الإنجليز من مصر(من ص58- 60) أما الهدف الثانى من الأسلحة الأمريكية لضباط يوليو فهو ((تطوير قدرة مصر على ضبط الأمن فى الداخل)) (ص64) أى فوات قمع المتظاهرين. ويعترف رجل المخابرات الأمريكى إيفلاند بأننا نحن الأمريكان ((جعلنا من عبدالناصر عملاقًا)) (ص116) فإذا كانت أمريكا وراء إنشاء محطة إذاعة فى مصر باسم (صوت العرب) ودلالة ذلك فى تغيير الهوية القومية لشعبنا المصرى، بالإضافة إلى ماتبع ذلك من توريط مصر فى وحدة مصطنعة ، لا يتوفرلها أدنى مقومات الوحدة السياسية..ونتيجة هذه الوحدة البائسة على شعبنا الذي تحمّـل نفقاتها المالية. ثم توريط مصر فى حرب اليمن خاصة فى عهد الرئيس الأمريكى جونسون الذى أرسل خطابًا إلى الأمير السعودى فيصل أبلغه فيه ((أنّ اليمن يمكن أنْ تكون مصيدة لعبد الناصر)) (د.عاصم الدسوقى- مجلة الهلال عدد يوليو2002) والصحيح أنّ اليمن كانت مصيدة لمصر وليس لعبدالناصر، خاصة وأنّ د.الدسوقى أضاف ((وهكذا بدأ برنامج إطالة الحرب (فى اليمن) لاستنزاف قوة مصر بعد أنْ كانت التسوية قد تمّتْ فى إبريل1963(إبان عهد الرئيس الأمريكى كيندى) وآنذاك كانت الترتيبات تتم لتوريط الجيش المصرى فى مواجهة مع إسرائيل بعد إنهاكه فى اليمن..وهذه أمورمعروفة لمن يريد أنْ يستخدم العقل..ووثائقها الأمريكية مكشوفة)) 000 واستفحل السؤال بعد أنْ قرأتُ ما كتبه أحد المُـتعلمين الكبار..والمؤمن بالوحدة العربية..ومن كبار المُـدافعين عنها (د.جمال حمدان) الذى ذكر فى كتابه (عقود من الخيبات- الطبعة الأولى عام1995عن داربيسان- من ص489- 491) بعنوان (حتى نتوقف عن خداع أنفسنا) فنشرنص رسالة الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى الرئيس الأمريكى جونسون (وثيقة بتاريخ27ديسمبر1966برقم342 من وثائق مجلس الوزراء السعودى..وجاء فيها...من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس، ومما عرضناه بإيجاز يتبيّـن لكم أنّ ((مصرهى العدو الأكبر لنا جميعًـا)) وأنّ هذا العدو(مصر) إن تــُـرك (يفعل ما يشاء) فلن يأتى عام1970- كما قال الخبير فى إدارتكم السيد (كيرمت روزفلت) ليكون عام إزالة عرشنا من الوجود..ولذلك فإننى أبارك ما سبق للخبراء الأمريكان (فى مملكتنا) ما اقترحوه..وأتقدم بالاقتراحات التالية: أنْ تقوم الولايات المتحدة الأمريكية ((بهجوم خاطف على مصر)) تستولى به على أهم الأماكن الحيوية فى مصر حتى تضطر(مُـجبرة) على سحب قواتها من اليمن..وإشغال مصر بإسرائيل عنا..ولن يرفع مصرى رأسه بعد ذلك. ولن تكون هناك ((وحدة عربية)) كذلك سوريا يجب ألاّ تسلم من ((هجوم إسرائيل عليها)) ولابد أيضًـا من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى لايتبقى للفلسطينيين أى مجال للتحرك..وقطع الطريق على أى دولة عربية بحجة ((تحرير فلسطين)) ويمكن توطين الفلسطينيين فى الدول العربية..ونرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرزانى..فى شمال العراق لإقامة حكومة كردية، مهمتها إشغال أى حكم فى بغداد ((ينادى بالوحدة العربية)) شمال مملكتنا فى أرض العراق، سواء فى الحاضر أو فى المستقبل، علمًـا بأننا بدأنا منذ العام الماضى (1965) بإمداد البرزانى بالمال والسلاح، من داخل العراق أوعن طريق تركيا وإيران..وأنتهز هذه الفرصة يا فخامة الرئيس لأعرب لكم عما أرجوه لكم وللولايات المتحدة من نصر وسؤدد وازهار. المخلص: فيصل بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية. 000 لقد تعمّـدتُ نشرتلك الوثيقة التى ظهرفيها الملك فيصل بدون قناع..وبالتالى كان أول من فتح الطريق لغيره من الملوك والرؤساء العرب، لهدم (فكرة الوحدة العربية) وتكذيب كل شعاراتها (بالسلوك والفعل..وليس فى رسالة إلى رئيس أمريكا) والمفارقة أنّ جمال حمدان الذى نشر الوثيقة، ظلّ- لآخر لحظة من حياته يتنفس بقصبة هوائية عروبية..وللأمانة فإنّ جمال حمدان لم يكن وحده، المصاب بمرض التنفس بقصبة هوائية عروبية..وإنما غالبية المُـتعلمين المصريين الكبار أصابهم نفس المرض بعد يوليو1952. 000 وأعتقد أنّ رسالة الملك السعودى فيصل بن عبدالعزيز إلى الرئيس الأمريكى جونسون فى عام1966..وموقفه العدائى ضد الشعب الفلسطينى، حيث أشار إلى (توطين الفلسطينيين) فى البلاد العربية (وهى نفس فكرة الترانسفير الصهيونى) وكذلك موقفه الصريح ضد (الوحدة العربية) فإنّ ذلك يـُـحتم على الباحث الموضوعى، العودة لجذور المشكلة الفلسطينية..وموقف الأنظمة العربية (كلها) وليس السعودية فقط.. ولو تجاوز الباحث عن السنوات التى سبقتْ وعد بالفور.. وركــّـزعلى سنة1947(قرارالأمم المتحدة بتقسيم فلسطين) وسنة1948(بداية الاحتلال الفعلى) فإنّ هذا الباحث (صاحب العقل الحر) سيكتشف المُـفارقة المؤلمة..والتى تتجاهلها الثقافة العربية (والمصرية) السائدة..وهى أنّ الخط البيانى لكل من فلسطين وإسرائيل يـُـوضـّـح أنه لصالح الأخيرة ضد فلسطين..وهذا الخط البيانى يؤكد أنّ المُـعتدى يتحرّك ويتوسـّـع وينتشرمثل السرطان فى الجسد الفلسطينى والعربى، بينما مأساة الشعب الفلسطينى تتفاقم يومًـا بعد يوم. وكلما تذكرتُ أوقرأتُ عن أحداث عام 1948 المأساوية التى انتهتْ بإسدال الستارعلى الفصل الختامى من إحتلال فلسطين، وكلما تذكرتُ الشعار الكاذب المُـضلل (الصراع العربى/ الإسرائيلى) بينما الأدق هو(الصراع الفلسطينى/ الإسرائيلى) كلما آمنتُ بما كتبه المفكر السعودى عبدالله القصيمى فى كتابه الذى اختار له ذاك العنوان الدال (العرب ظاهرة صوتية) 717 صفحة من القطع الكبير. الخطاب العربى التضليلى الذى ركز على دور الحكومات العربية وشعوبها، هو الذى وافق على مشروع إنجلترا الاستعمارى الذى أطلقتْ عليه (الوحدة العربية) ثم دشنته بإنشاء (جامعة الدول العربية) فخلال الحرب العالمية الثانية أعلن إيدن وزير الخارجية البريطانية فى 27مايو41 تأييده للوحدة العربية (يهود مصر- التاريخ السياسى- د.زبيدة عطا- عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية- عام 2010- ص211) وكان تعقيب المؤلفة أنّ بريطانيا ((رأتْ تجميع الدول العربية فى منظمة واحدة تربطها بالاستعمار لتحقيق مصالحه)) وكان الأميرعبدالله (الذى نصّبته بريطانيا ملكـًـا على الأردن) ضمن الجوقة التى مشتْ وراء المخطط البريطانى لإلغاء خصوصية شعوب المنطقة من ناحية، وعدم الاعتماد على الذات من خلال الاستقلال من ناحية ثانية..وشيوع المسئولية فيما يخص فلسطين من ناحية ثالثة..وهذا أخطر ما فى الأمر بمراعاة أنّ الشعب الفلسطينى هو المسئول عن تحريرأرضه..وكتبتْ د.زبيدة عن علاقات الملك عبدالله بالوكالة اليهودية وإسرائيل على مدار30سنة، منذ تأسيس مملكة شرق الأردن عام1921وحتى مقتل عبدالله عام 53..وكان هو والحاج أمين الحسينى ضد القومية الفلسطينية..وأنّ موقف عبدالله لا يُحدّده فقط لقاؤه بجولدا مائير فى17نوفمبر47 فقد كان قبل ذلك بكثير..وكان اللقاء على درجة عالية من السرية..وانتهى الاتفاق بينهما على اقتسام أرض (إسرائيل) وفق تعبيره (أى عدم ذكر أرض فلسطين) مقابل توسيع مملكة الأردن على حساب الشعب الفلسطينى..وبذا أصبح الملك شريكــًـا فى المؤامرة الهاشمية/ الصهيونية ومنع إقامة دولة فلسطينية وفقا لقرارالتقسيم الصادرعام47(ص312) ولم يختلف الموقف عند باقى الدول العربية، فالموقف العربى عامة لم تكن لديه استراتيجية معينة ولا تقارب ولا خطة مشتركة..وهناك ازدواجية حقيقية بين ما يفعلون أويقولون سرًا وبين ما يُعلنونه، حتى لا يُواجهوا بعض المتطوعين للقتال..وهو الإتجاه الذى انتهتْ إليه القيادة العربية..وأنّ الملك عبدالله كان كل ما يهمه عدم إقامة دولة فلسطينية، فهو يُعلن تأييده لقرارات الجامعة العربية وفى نفس الوقت يقول ل (إلياهوساسون) ((الجامعة ليست جامعة..وقراراتها ليست قرارات)) (هيكل فى كتابه- المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل- ص256) وعندما طرح بعض رؤساء الدول العربية مشروعًا لقطع العلاقات مع الغرب، فإنّ مندوب الملك عبدالله كان صريحًا ولم يوار عورته فقال ((كلام فارغ..هل ابن سعود سيقطع علاقاته مع الأمريكان؟ كل واحد فى العالم العربى يُزايد على الآخر..وكل ذلك لتغطية الفشل العربى)) ومن بين الكوارث المسكوت عنها أنْ يكون المسئول عن قيادة الجيوش العربية الميجور الإنجليزى (جلوب) الذى منحه الملك عبدالله رتبة الباشوية..وقال لأحد أصدقائه أنه يشعر بأنه أردنى أكثر منه إنجليزى..وهو مؤشر دال على الوضع البائس للدول العربية. لذا كتبتْ د.زبيدة أنّ ((حرب فلسطين أثبتتْ مدى التفكك الذى كان فيه الموقف العربى)) (ص 329) وفى عام49حدّدتْ إسرائيل موقفها من الأراضى التى احتلتها خارج تقسيم عام47واعتمدتْ على الملك عبدالله الذى بدأ يُـثير سكان الضفة الغربية ضد القوات المصرية التى احتلتْ أجزاءً منها حماية لها قبل أنْ تطأها أقدام الإسرائيليين..ونجح فى استمالة عناصر فلسطينية ضد مصر. وفى الوثائق المصرية بلاغات عسكرية مُتعدّدة تـُـندّد بسلوك الجعبرى عمدة الخليل المُناهض للقوات المصرية فى الضفة..وإثارة الفلسطينيين ضدها..وفى مؤتمرعمان أعلن الملك عبدالله ضم الضفة إلى دولته..وبالتالى أذعن لإسرائيل وضاعتْ أراضى فلسطين التى أخذها خارج حدود التقسيم..وفى25مايو50 أصدرتْ أمريكا بيانــًـا تضمّن فى فقرته الثالثة تجميد الصراع (العربى الإسرائيلى) وفى الوقت نفسه استمرتْ الاتصالات بين إلياهو ساسون وعناصرعربية..وذكرد.محمد عبدالرؤوف أنّ تلك الاتصالات أسفرتْ عن أنّ العرب قبلوا بشكل غيرعلنى بوجود إسرائيل كأمر واقع (ص 338، 339) ورغم الهجوم العربى على أنورالسادات بعد معاهدة الكامب، فإنّ أغلب الدول العربية تــُـقيم علاقات مع إسرئيل، بل إنّ عبدالناصر نفسه قبل مبادرة روجرز الأمريكية التى تعد بمثابة البروفة للاعتراف بإسرائيل. أما من كان صاحب رؤية ثاقبة فهو أحمد لطفى السيد الذى تنبّأ فى الخمسينات ((بقيام صلح بين العرب وإسرائيل)) (نقلته د. زبيدة عن د.عايدة سليم فى مجلة البحوث والدراسات العربية) ولعلّ ما قاله الحاج أمين الحسينى (مفتى فلسطين) أنْ يكون درسًا لمن لديه عقل نقدى إذْ قال ((إنّ سياسة مصركانت مؤيدة وموافقة كل الموافقة لرغبة المسئولين الفلسطينيين فى ألاّ تدخل الجيوش العربية إلى فلسطين. بل يقوم الفلسطينيون أنفسهم بالدفاع عن بلادهم وأنْ تـُـقدّم لهم المساعدة بالسلاح والذخائر والأموال وكل الوسائل الممكنة)) (هيكل- العروش والجيوش- دارالشروق عام98ص441) وذكرهيكل أنّ الجيوش العربية تخلتْ عن مساعدة الجيش المصرى فى معارك النقب فى شهرىْ نوفمبر وديسمبر48(المصدرالسابق- ص445) وأعتقد أنّ أهم وأخطرما جاء فى رسالة الملك فيصل إلى الرئيس الأمريكى جونسون قوله: إنّ ((مصرهى العدو الأكبر لنا جميعا..وعلى أمريكا أنْ تقوم بدعم إسرائيل للقيام بهجوم خاطف على مصرتستولى به على أهم الأماكن الحيوية فى مصر)) أى أنّ هذا الملك السعودى يدعو أمريكا لتشجيع إسرائيل على احتلال مصر..كما احتلتْ فلسطين. فهل بعد ذلك يستمر(إيمان) المتعلمين المصريين (بالاسم فقط) بالعروبة؟ ولوأنْ مصر(مش مهمة بالنسبة لهم) فكيف (يؤمنون) بالعروبة، بعد الدور السعودى/ الإماراتى فى تدمير اليمن..وعودة الشعب اليمنى إلى عصرالكهوف؟ وهل سيتمر التغنى ببلاهة: الأرض بتتكلم عربى؟ وماذا سيفعلون لوكتب شاعرإسرائيلى أهطل مثل الشاعر العروبى الماركسى: الأرض بتتكلم إسرائيلى؟ وبعد تهنئة ابن زايد لإسرائيل بعيد رأس السنة العبرية، أليس الواقع يقول إنّ الأرض بتتكلم عبرى؟ ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سياسة أمريكا الخارجية وسياستها الداخلية
-
دفتر التنوير المتأرجح
-
أدعياء وحصدوا الشهرة والنجومية (2)
-
الأدعياء رغم تخصصهم فى الفلسفة
-
العداء العربى لرموز التنوير
-
أحمد أمين: عرب اليوم هم عرب ما قبل الإسلام
-
الأدلة المضادة للرواية الأمريكية عن11سبتمبر
-
العلاقة الملتبسة بين المثقفين الملتصقين بالسلطة
-
هل الأرض ((بتتكلم عربى))؟
-
السلطة فى الإسلام مثل أى منظمة استبدادية
-
البحرية المصرية فى الحضارة المصرية والعصرالحديث
-
التقسيم الناصرى للأنظمة العربية
-
تاريخ الملكة الأمازيعية المسكوت عنه
-
لماذا تجاهل تجفبف منابع الإرهاب؟
-
الفرق بين تسليمه نسرين ونصرأبوزيد
-
ثمن النجومية: التنازل عن الكرامة الشخصية
-
المجلس العسكرى السودانى ومبررالمحاكمة الجنائية
-
الشعب الفيتنامى وتجربته الرائدة فى الكفاح المسلح
-
اليسارالمصرى والعربى والولع بالمرجعية الدينية
-
المغزى الحقيقى وراء نشرالتعليم الأزهرى
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|