|
الرئيس بارزاني وملابسات الاستفتاء على استقلال كردستان
بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 6363 - 2019 / 9 / 28 - 00:25
المحور:
القضية الكردية
يبدو إننا نحن الكرد محكومين بالإنقسام والصراعات الداخلية حيث قديماً كان صراع الأجداد قبلياً واليوم كذلك ولو تحت مسميات جديدة حزبية، لكنها أقرب وللأسف للمفاهيم القبلية منها لمؤسسات المجتمع المدني والتي يفترض بأحزابنا أن تكون جزء منها وليس لتلك التشكيلات والتكوينات المجتمعية القبلية القديمة .. إن سبب كتابتنا لما سبق هو الصراع التناحري القائم بين مختلف أطياف الحركة السياسية الكردية وبالأخص بين أهم تيارين داخل جسم الحركة الوطنية الكردية ونقصد؛ حزب العمال الكردستاني والديمقراطي الكردستاني حيث بات إنقسامهم وصراعهم يذكرنا بإنقسام المجتمعات العربية دينياً مذهبياً بين جماعتي السنة والشيعة، فإن كان أولئك منقسمين دينياً مذهبياً فنحن الكرد سياسياً حزبياً نعيد نفس الحالة بكل مآسيها وكوارثها وتبعاتها وإن أستمر الحال في مجتمعاتنا فلا نستبعد بأن تكون هناك الكثير من الحروب والمآسي القادمة وبالمناسبة تاريخ المجتمعين العربي والكردي مليء بتلك الصراعات الداخلية.
وتوضيحاً أكثر للموضوع فقد كتبت قبل يومين بوستاً قلت فيه بأن؛ عفرين وكركوك ضحيتا الصفقات الدولية وقد ضحى الأمريكان بنا في الكارثتان من أجل مصالحهم الإستراتيجية؛ مرة لكي لا يخسروا الحليف التركي بالمناورة الروسية الحقيرة ومرة لكي لا يدفعوا بغداد أكثر للحضن الإيراني وبالمناسبة وفي المرتان أخطأ الأمريكان في قراءتهم السياسية، لكن على حسابنا نحن الكرد حيث كنا ضحايا تلك السياسات الغبية لواشنطن .. ولذلك نأمل من مؤيدي كلا الطرفين الكردستانيين؛ بأن لا يضعوا لوم الكارثتين كلٌ على الطرف الآخر، بل على الحليف الأمريكي الإنتهازي. طبعاً الأمريكان هنا قدموا مصالحهم على حقوقنا وهذه جزء من سياسات تلك الدول وعلينا أن ندرك ذلك وللعلم علينا معرفة الحقيقة التالية؛ بأن رغم كل ذلك يبقى الأمريكان بالنسبة لنا أفضل حليف -بالوقت الحالي على الأقل- وذلك لعدم توفر البديل الأفضل. بالأخير نحن الكرد نتحمل المسؤولية الكبرى عن واقعنا، لكننا هنا نتحدث عن جزئية تتعلق بالفواعل الخارجية.
إن بوستي السابق دفع الكثيرين يعلقون بطريقة تكشف عن حجم أحقادنا وصراعاتنا الداخلية بحيث حاول العديد تناسي المصالح الدولية في ضرب قضايا شعبنا والنكران لحقوقه -كما كان دائماً- وذلك على مذبح مصالحهم الإستراتيجية، لكن الأخوة المخالفين للبارزانيين سياسياً تناسوا كل تلك المقدمات ومصالح الدول وأرادوا تحميل قيادة الإقليم وتحديداً الرئيس بارزاني كل المسؤولية -رغم عدم نفينا عن المسؤولية الكاملة بحكم إنه صاحب القرار والمسؤول الأول حينها في قيادة إقليم كردستان كرئيس لها وبالتالي يتحمل تبعات سياسات الإقليم كأبرز مسؤول فيها- لكن ليس بالتأكيد أن كل المسؤولية تقع على عاتقه كما يريد البعض من الأخوة الترويج لها وبهذا الخصوص وكما أشرت علق بعض الأصدقاء والأخوة وسنأخذ نماذج منها حيث كتب أحد الأصدقاء قائلاً:
"ماذا لو أصرت ال ب ي د على إجراء إستفتاء للاستقلال برغم معارضة كل دول العالم العظمى والصغرى منها؟ وماذا لو كانت تبعات هذه الخطوة خسارة قامشلو أو عامودا مثلا؟ وماذا لو إعترفت ال ب ي د بعد ذلك بوحدة الأراضي السورية وعدم المساس بوحدتها؟ وماذا لو إنصاعت ال ب ي د لكل التهديدات الإقليمية ورضخت لها؟ وماذا وماذا وماذا.. وماذا كان سيقول الأنكسة؟. -على أي حال نعم لاستقلال كوردستان كل كوردستان وليس جزء منها فقط؟!" وقد كان ردي له هو التالي:
صديقي يعني إما الكل أو لا تريد الجزء؛ شو هل المنطق .. يا ريت لو أي طرف يحرر ولو مدينة كردستانية ويعلنها دويلة مستقلة.. المهم ذاك ليس موضوعنا، بل مسألة الاستفتاء والموقف الدولي وتحديداً الأمريكي حيث ليس دقيقاً؛ بأن الأمريكان كانوا ضدها على الأقل في البداية وهذا موقف مراكزهم وليس قراءتي حيث إن أمريكا لم تعلن موقفها الصريح إلا في اللحظات الحرجة التي بات فيها البارزاني في وسط المعركة بحيث أي تراجع كان يعني سقوطه وخذلانه للجماهير التي ساندته في الاستفتاء.. وبالمناسبة قرار الهجوم على كركوك واستعادتها لسيطرة بغداد كان متخذاً لو أجري الاستفتاء أو لم يجري مثل قرار الهجوم التركي على عفرين وحجة صور الزعيم أوجلان، فهل حقاً أن تركيا هجمت على عفرين لأن القيادة هناك كانت ترفع صور أوجلان، كما يزعم الطرف السياسي الآخر من جماعة المجلس الوطني الكردي.
وكذلك فقد كتب صديق آخر يقول: "استاذ بير رستم كلنا مع الأستقلال قلبا وقالبا . لكن حسب معلوماتي المتواضعة أن أغلب الدول نصحوا قيادة باشور بتأجيل الأستفتاء أمريكا فرنسا بريطانيا ودول أخرى . وحتى الأحزاب أيضا نصحوه بتأجيل الأستفتاء لكن لكي لايحسب على الأحزاب مأخذ بأنهم ضد الأستفتاء من قبل الديمقراطي الكوردستاني الكل أيدوا الأستفتاء . أما باالنسبة لألاء الطالباني هي كانت مع تأجيل الأستفتاء وطالبت بتأجيل الأستفتاء . وبعدها أصبحت ألاء الطالباني خائنة لأنها ليست مع الأستفتاء وأنها أجتمعت مع هادي العامري رئيس الحشد الشعبي وأنها تجتمع مع قيادات محسوبين على حزب البعث ووووالخ . على فكرة وبعد الأستفتاء وأثناء تشكيل الحكومة العراقية ذهب السيد البرزاني الى بغداد وأول شخص أجتمع معه هو رئيس الحشد هادي العامري". وإليه هو الآخر الرد والتوصيح:
كتبت عن الموضوع أكثر من مرة وسأعود للكتابة عنه -وها قد فعلت- حيث الدول وخاصةً الأمريكان لم يُبدوا موقفهم الواضح من الاستفتاء إلا بعد أن كان البارزاني قد تورط تماماً بحيث لم يجرؤ وللأسف عن الرجوع عن قرار استفتاء حيث أعتبرها ستكون نوع من الضعف والخذلان، طبعاً كانت قراءة خاطئة، لكن فقط كي لا نقول: بأن موقف الدول كان واضحاً وأعتقد لو كان البارزاني يدرك بأن فعلاً سيواجه بذاك الرفض من قبل المجتمع الدولي، لما أقدم على الاستفتاء.. طبعاً يعتبر ذلك تقصيراً وضعفاً في القراءة السياسية له ولفريقه السياسي، لكن ذاك ما حصل وللأسف .. أما بخصوص "آلاء طالباني" ورغم إنني يوماً كتبت ثناءً قي مواقف قديمة لها، لكن ليتك لو تتابع نشاطها بعد الاستفتاء -ودعك من خلافنا على قضية الاستفتاء- ستجد بأن القضية الكردية آخر همومها السياسية وأما بخصوص زيارة البارزاني فنقول؛ بأن لم يبقى له إلا ترميم بعض العلاقات ولملمت الجراح ولعلمك ها هي قيادة الإدارة الذاتية تقبل بالاتفاق الأمريكي التركي بخصوص "المنطقة الآمنة" رغم كارثة عفرين، فهل تعتقد إنهم بطيب خاطر يوافقون، أم أن ليس لهم من خيار آخر؟!
وهكذا يمكننا القول؛ بأن الرسالة الأمريكية وموقفها بخصوص الاستفتاء جاءت في اللحظات الحرجة من العملية بحيث لم يكن للبارزاني من مفر على المضي إلى النهاية وإلا كان الانتحار السياسي له بحسب قراءته وقراءة مستشارية، رغم إختلافي معها وأعتقد بأن موقفه كان شبيهاً بموقف الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بخصوص الوقوع في مصيدة الدعم والحشد المعنوي للجماهير وذلك حينما نصحوه هو الآخر بالانسحاب من الكويت ولم يقدر على الموافقة والتراجع، كون كان هناك الحشد الجماهيري العربي الكبير الذي يمنعه من الانسحاب حيث أي إنسحاب كان يعني الإذلال والإنكسار وخذلاناً لتلك الجماهير وللشعبية الذي كان يجدها في تلك الحشود الكبيرة مما كان البداية خراب البلد وأوصله لحبل المشنقة وأعدم وكانت النهاية المدوية للنظام العراقي السابق .. وبالمناسبة ذكرت ذلك في أكثر من مقالة لي سابقاً.
وأخيراً يمكننا التأكيد؛ بأن الكرد والرئيس بارزاني نجحوا في جعل الاستفتاء ركيزة وقاعدة جديدة للوقوف عليها بالإضافة إلى شرعة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية للمطالبة باستقلال كردستان، كون الأغلبية المطلقة من شعبنا صوت بنعم للاستقلال وليس كما يدعي البعض بأنه فقط كان قرار البارزاني، رغم أن هذا الأخير كان يأمل في جزئية منها أن تكون قضية شخصية بحيث يسجل استقلال كردستان باسمه وهذا حق طبيعي لكل زعيم سياسي أن تسجل الانتصارات التاريخية بأسمه وباسم مرحلته السياسية ولذلك سيبقى البارزاني أحد أهم الرجالات التاريخية -بقناعتي- وذلك رغم على الرغم من عدد من الأخطاء السياسية له ولفريقه ومرحلته السياسية بعد القدرة على القراءات الدقيقة والوقوع -أحيانا كما في الاستفتاء- ضحية الرغبات الشخصية أو المشاعر العاطفية للحشد الجماهيري.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل حانت لحظة الحقيقة للإعتراف بالوجود والدور الكردي؟!
-
المجلس الكردي والحمل -أو الحلم- القومي الكاذب.
-
تحرير كردستان مرتبط بتحرير الإنسان الكردي.
-
تركيا وإنعدام الخيارات
-
أمريكا وعلاقتها مع الشريك الكردي
-
كردستان الحمراء قربان المصالح الإشتراكية
-
-زمن عتونو راح- والكرد باتوا شركاء بالوطن
-
ماذا قدمت لنا الأمريكان؟
-
أخاك قد يقتلك أما أعدائك سيبيدونك .. وهذا هو الفرق!
-
ما هو الحل لصراعاتنا الحزبية؟
-
حروب -الردة- كانت دينية أم اقتصادية؟!
-
القربان .. بين الرمز والمدلول الحضاري
-
وأخيراً .. تركيا تعترف بالإدارة الذاتية!
-
هل بات سقوط أردوغان وشيكاً؟ -أردوغان يلهي الجيش بالحروب كي ل
...
-
أردوغان .. وضجيج الاجتياح لشرق الفرات
-
ولادة إقليم كردي جديد بات واقعاً.. قراءة سريعة للبيان الختام
...
-
شرق أوسط جديد .. علماني ديمقراطي!
-
روجآفا.. بات أمراً واقعاً! مكينزي والمسمار الأخير بنعش مشروع
...
-
أنحن كرد أم إيزيديين؟!
-
رسالة وتوضيح بخصوص أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية
المزيد.....
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|