|
العمل الجماعي في الجزائر..الفريضة الغائبة ..
حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6362 - 2019 / 9 / 27 - 15:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نحو خطوة عملية لإعادة بعث حضاري للعمل الجماعي و التثقيفي بدل التشرذم و الانقسام في الساحة الجزائرية..
إذا كان العمل الجماعي قد أخفق عبر التجارب المعروفة من أحزاب مغلقة و وصولية و جمعيات بنفس المواصفات ..
لأن النظام كرس الفردانية و اللامبالاة و التوجس من العمل الجماعي و اعتباره و تصويره بشاعة و هيمنة و قيدا في مخيال الناس...
و نشر ثقافة الإستقلال بما يسمى رأيا و هو خلاصة عقل مدمر و مأزوم لا ينتج الرأي بل ينتج التسطيح و التشرذم و الأنانية و الإنهمام بالقضايا اليومية و عالم الأشياء و المادة و التشيء ...
من غير ترك حيز للقاء الناس بعضهم ببعض و الإهتمام و التفكير في الشأن العام و قضايا الأمة و المجتمع و التعاون من أجل المصلحة العامة ...
بدل الإحتباس في عالم الأشياء و الماديات اليومية التي تتداعى من غير توقف...
يساعد على هذا الوضع ما قام به النظام من تدمير رهيب للإنسان و للمجتمع المدني و الهيئات المدنية و الأحزاب و الجمعيات و العمل الفكري و العمل السياسي و تشيء الحياة العامة و اختصار الحراك المجتمعي ( لا اتحدث عن الحراك الشعبي الراهن فالمقال حرر قبله زمنيا ) في مجالات محدودة و تزييفه و توريط اصحابه ...
ضف الى هذا كله الضغط الذي اخضع له الافراد و الأحزاب و الجمعيات و حالة الترويض و التهجين و انتشار الوصولية و الانتهازية و التسلق حتى في الوسط الجامعي الذي يفترض فيه أن يبقى بمنأى عن هذا التحول القيمي المفزع...
أيضا الخيبات التي شهدها المجتمع من جهة المنتخبين و النواب و بعض من كان ينتظر منهم عطاء و منحا للوطن و المجتمع أو قل كان ينتظر منهم منحا و عطاء له شخصيا و من ثمة فقد شارك في صناعة هذه الخيبات و ها هو يدفع ثمنها ..
ساهم في هذا الوضع و طغيانه على مستوى ثقافة الأفراد و العائلة و المجتمع ريوع البترول و البحبوحة المالية من جهة و ايضا اثار العولمة السلبية على المجتمعات المتخلفة و تهاوي نظام التعليم و الجامعة و البحث العلمي..
و منزلة العلم و انتشار وسائل التواصل و دورها في تفكيك روابط التواصل الاجتماعية و عرى المجتمع بما لها من ايجابيات أخرى...
كما انتشرت ظاهرة تسلسل العدوى و انتشارها و عموم بلوى حالة الوهن و اليأس عند الافراد و المتعلمين و المثقفين الراغبين في التغيير لكنهم يرفعون الرايات البيضاء أحيانا قبل محاولة دعوة الناس و النضال في صفوف المجتمع ..
فكل يرمي الاخر بالوهن و الكل في النهاية استسلم لتداعي الوهن عند رافض التغيير و طالبه و اندثرت هكذا تقاليد المثابرة و المصابرة و الإلحاح و الإصرار...
و انتشرت ثقافة التبرير "عليك بأهلك و أولادك " و وجد الكل متدينا و غير متدين نشوته في متع الدنيا و حاجاتها التي لا تنتهي من تربية الأولاد و دراستهم و رعايتهم و التفكير في مستقبلهم و حاجاتهم اليومية ..
إلى التفكير في العقار و السكن و المركب و المصيف و ربما السفر الى الخارج و ايجاد موارد اخرى غير المورد الوظيفي او الاول أو البحث عما هو افضل منه ..
و ألبس المتدين هذه الحالات لبوس الدين و الأخلاق و تأول لها الايات و الاحاديث و الأمثلة الشعبية " إذا تخلطت الأديان حافظ على دينك " ليبرربها عزوفه عن العمل الجماعي و أضاف لها الشطارة و المسلم كيس فطن و التجارة بارك فيها ربي ...
أما فريق من الحزب المحل فانقسم الى ثلاثة اقسام فريق تورط مع السلطة فنال الوظائف و العطاء منها و فريق بقي نزيها لكنه نقم على المجتمع الذي يقدر انه خانه و عليه لا يجب الثقة فيه ثانية بعد تلك التضحيات الكبار ...
و فريق تراه يبحث عن سبيل للمشاركة و تحصيل قسمة من الكعكة على شاكلة الأحزاب الإسلامية التي تلون في كل مرة مواقفها بلون الدين من فقه و مصلحة و كم هو النص مطاط و فضفضاض لمن لا يخاف الله و يقبل بالنيابة و هو لا يقدم للأمة شيئا ملموسا
واضحا يغير من حالها...
أما العلماني فهو ايضا يجد من التبريرات الكثيرة على رأسها أن " الدين شأن فردي " لا سياسي و لا عمل جماعي ....
نجح النظام الحاكم في جعل العمل الجماعي سلوكا اجتماعيا و حضاريا و تثقيفيا و سياسيا غريبا و لا معنى له و مثيرا للتوجس و سوء النية و الرغبة في الإستغلال و التوظيف و ممن ساعدوا على نشر هذه المعاني أيضا تيار السلفية المدخلية..
انتشر تدين قشري درويشي لا هو بالعرفاني و لا هو بالحركي و لا هو بالقائم على معرفة راسخة بقيم و مقاصد الدين يتمثل في الإكثار من الأدعية و النوافل و الصيام و الدعاء في كل لحظة من اليوم..
و منشورات توزع بين اهل الافتراضي ترسخ التواكل و خوارق العادات و المعجزات و تسهيل الامور من غير سعي ...الخ تخلو من المعرفة و العلم و العقل ..
و انكفأ اساتذة الشريعة على بحوثهم الغارقة في التراث يوهمون الناس انه لا بد من تعليم الناس الدين و بناء المجتمع دينيا و ترك الحديث عن السياسة و لو ان منهم من لا علاقة لهم بالسلفية المدخلية غير انهم لا يختلفون عنهم في الغايات ....
امتص النظام الحاكم ظاهرة التدين عبر بعض الزوايا و السلفية المدخلية و أحزاب مروضة تساهم معه في قسمة الكعكة و الكوطات و جمعيات لها سقف من الحرية تمتص غضب الناس و احزاب اسلامية لم يحن دورها بعد في نيل مستحقاتها....
هكذا ضاعت قيمة العمل الجماعي و اندثرت...
لا يعد هذا قدرا محتوما بل ان الخلاص منه يبدأ من الذين اقتنعوا بوجوب التغيير أن يبدأوا بأنفسهم أولا و يحاربوا الوهن الذي يشدهم الى الأرض و يتخلصوا من ذهنية التبرير و اليأس و القول دون العمل التي تسكنهم..
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمة في الجنسانية و المرأة و نظرية الجندر و مكافحته
-
في العقل التصنيفي..
-
الأسئلة المدخلية لنقد ما يسمى ب - منهج الدراسات المصطلحية -.
...
-
كلمة في معالم مشروعي النهضوي الجامع و خصائص نخبته
-
في التصوف نقيا و ثريا و وافدا غريبا
-
في الثورة التحريرية الجزائرية ..و مفهوم القراءة .. عند محمد
...
-
ملاحظات حول الحراك الجزائري راهنه و مستقبله (2)
-
في زواج المتعة - الشيعي- و المسيار - السني-
-
في نقد كتب الإصلاح التربوي في الجزائر
-
التربية من منظور العقل التبعيضي فضائح بالجمع لا مشروعا يخضع
...
-
ملخص مختصر لمسار محمد أركون في اشتغاله على النص القراني (1)
-
في علاقة القومي العروبي بالإسلامي..
-
أخرج و لا تدخل مغاراتهم المظلمة..
-
الشاعر و الفيلسوف -صراع الأضداد- أم وئام الأحباب
-
الجزائر : الحالة التي تستعصى على الدراسة - الجزء الأول - - ا
...
-
أمة إقرأ المحمدية تخلفها أمة لا تقرأ و تجعل من رعي الغنم قيم
...
-
في العلمانية و الإسلامية ..
-
ملاحظات حول الحراك الجزائري راهنه و مستقبله (1)
-
ضجة البخاري و مسلم ..
-
كلمة مبسطة حول جدوى العلمانية ..
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|