|
لا يوجد للسياسة مقياس ، يوجد مصالح
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6359 - 2019 / 9 / 23 - 21:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نعترف أن نتائج الانتخابات الأخيرة فرضت على المواطنين العرب، هنا في الداخل الفلسطيني واقعاً جديداً ، ومناخاً سياسياً مغايراً لكل الفصول السياسية التي مضت، وربما يطال الفصول السياسية القادمة ، لكن أهم محطات هذه الفصول ، فشل نتنياهو في تحقيق احلامه بتشكيل حكومة بالسرعة التي قرر فيها اعادة الانتخابات مرة أخرى لقد دفع نتنياهو بكل أوراقه التوسعية والعنصرية عشية اعادة هذه الانتخابات ، لقد فعل مثل الحاوي الذي يخرج الأرانب والثعابين من ثيابه ، لكن أرانب التخويف وثعابين الكره ، لعله يستمر في خداعه للمهوسيين بشخصيته الحاقدة العنصرية ، من رعاع الجهلة والفقراء والذين يدورون في فلك الهوس الاستيطاني ، عدا عن افراز غدد نتنياهو " كراهية للعرب " ووصفهم بالإرهابيين ، ويصب عليهم أبشع الصور الوحشية . من خلال نثر هذه الأوراق المخادعة لم يعد هؤلاء الذين يقفون في طوابير نتنياهو ومعهم قيادات الحرديم الذين اعتادوا على امتصاص دماء الطبقات الفقيرة والطبقات العمالية ، من خلال حصولهم على ميزانيات لا حدود لها على حساب هذه الطبقات ، فهم يشغلون أنفسهم فقط بالعبادات على اعتبار أن العبادة أهم من العمل ، حتى لو أنها كانت كاذبة وخرافية. من خلالهم ومن خلال السباحة في هذه المستنقعات الآسنة من العنصرية كان نتنياهو يحلم بتشكيل حكومة تبعد عنه بدلة السجن وقيوده وتخفي ملفاته الفاسدة ، وباسم توفير الأمن وتوسيع الاستيطان واستعراض عضلات الهيمنة الدولية أخذ نتنياهو يشحن المواطنين اليهود بكراهية المواطنين العرب ، حيث لم يتورع على الصاق التهم بهم ، من ارهاب وقتل ويصل الى الدرك الأسفل حين يقول أنهم يسرقون ويزيفون الانتخابات ويجب وضع كاميرات في مقراتهم . وضع نتنياهو ثقله في هذه الانتخابات ، استعان بكل القوى العالمية التي تدعم اسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة ، عشية الانتخابات أطلق تصريحاته الاغرائية التي تعتبر رشوات انتخابية ، يريد ضم اراض هنا وهناك واستمراره باستعباد الشعب الفلسطيني ، رافضاً الحلول السياسية لأنه يحلم بقيام اسرائيل الكبرى. وعد المهوسيين الذين يدعمونه بأنه في حالة نجاحه بتشكيل حكومة جديدة ، سوف يسارع بالإعلان عن ضم مناطق غور الاردن وشمال البحر الميت ، وقبل ذلك صرح بأنه سوف يعلن عن ضم جميع المستوطنات للكيان المحتل ، هذا بالإضافة الى رفع مداميك الحقد والكراهية يومياً بينه وبين المواطنين العرب ، الذين اتهمهم صراحة بأنهم يريدون القضاء على دولة اسرائيل ، هل يوجد تحريض أكثر شراً وخطورة من هذا التحريض؟ ورغم جميع هذه السموم التي حقن بها المجتمع الاسرائيلي ، فقد فشل في تحقيق احلامه ، وادرك بعد فرز النتائج أنه وقع في حفرة العجز ، إنه الآن عاجز عن تشكيل حكومة متكاملة في عنصريتها ومعاداتها لكل حق فلسطيني ،حكومة تنقذه من السجن المحتوم . بعد هذا الفشل سارع الى تكييف نفسه لوضعه الجديد فسارع الى ابلاغ رئيس الدولة على استعداد للموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية مناصفة مع رئيس حزب " كحول لفان " وأثناء طرحه هذا الاقتراح عاد ونصب حلقات الردح ضد المواطنين العرب ، واخذ يشدد على أن لا يكون للأعضاء العرب في الكنيست أي تأثير أو دور في تشكيل هذه الحكومة . السؤال الأول : لماذا لا يكون رد أعضاء القائمة المشتركة حازماً ومفصلياً باستغلال خارطة النتائج واللعب بهذه الورقة لخدمة جماهيرنا ، ما هو العيب اذا كان دعم الطرف الآخر في تشكيل الحكومة ودحر نتنياهو خارج اللعبة السياسية كي يعود الى حجمه الطبيعي ويواجه مصيره أمام القضاء ، عندما يعرف بأنه المسؤول الأول عن حماقته في معاداة المواطنين العرب . السؤال الثاني : لماذا لا تشكل القائمة المشتركة قوة ضغط ايجابي وتفاوض دون أية حساسيات وتفرض شروطها التي تدعم وجودنا وحقوقنا ، واذا وافق غانتس على العديد من هذه الشروط ، عندها تكون المشتركة قد حققت الكثير من اهدافها في خدمة جمهورها ، كفى هروباً وكفى حساسية ، هذه هي اللعبة السياسية في كل مكان ، فالسياسة كالكرة لا وجه لها ، تتغير كل يوم ، بل كل ساعة نحن لم نختار العيش تحت سقف دولة اسمها اسرائيل بعد فرضها علينا ، وقد نجحت حتى الآن بالتعامل مع هذا العيش من خلال المواطنة التي فرضت علينا ، فقد حافظنا على هويتنا وانتمائنا ولغتنا ، ودياناتنا ، فلماذا هذا الهروب ؟ هذا واقع يجب ان نتعامل معه كالذي يشرب الدواء المر ، اذا كان فيه أي نوع من الشفاء علينا تناوله . نعم المعارضة مهمة ، لكن هناك ما هو أهم ، هو دعم أية حكومة توافق على شروط دعمنا لها ، مرة أخرى هذه هي السياسة لا يوجد لها مقياس واحد ، أو حجم أو لون واحد ، اذا رفض غانتس شروطنا فليذهب الى الجحيم ، السياسة لا يوجد فيها عداء ، فيها مواقف وتحقيق مصالح ، فالمواطن العربي الذي وافق على الانتماء لحزب عربي اسرائيلي ووصل عن طريق هذا الحزب الى الكنيست يعرف ماذا ينتظره ، هناك امور وواجبات عليه ان ينقلها قدر استطاعته . هذا ما تفعله جميع الدول والأحزاب في العالم ، عندما غزا هتلر الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية ، توقع أن يبقى الاتحاد السوفياتي في المعركة وحده ، وتوقع ان يبقى الحلفاء وحدهم ، كي ينفرد في كل واحد منهم ويقضي عليه منفرداً ، لكن القادة السوفييت كانوا أكثر منه بصيرة وذكاءً، وكذلك القادة الحلفاء ، فعقدوا حلفاً تاريخياً بهدف هزيمة الوحش النازي ، تحالفوا رغم الخلافات الفكرية والسياسية العميقة المتجذرة بين الحلفاء ، خاصة بريطانيا وفرنسا وامريكا مع الاتحاد السوفياتي ، خلافات بين فكر اممي اشتراكي مع فكر كولونيالي استغلالي رأس مالي . هذه هي السياسة لا تعرف العواطف ولا تستسلم للهزائم ولا وجه لها سوى وجه المصالح .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السنة التي امتدت سنوات طويلة - 3 - الاخيرة
-
قانون جديد يضاف الى كومة قوانين العنصرية
-
السنة التي امتدت سنوات طويلة
-
الانتخابات الاسرائيلية بين القديم والجديد
-
الذاكرة الفلسطينية تتحدى مشاريع الاسرلة
-
مهما تغيرت أسماء الأحزاب السياسية في اسرائيل تبقى صهيونية
-
حرية الصحافة لا تقل أهمية عن التعددية الحزبية
-
ارتفاع منسوب مخزون العنف في داخلنا
-
تموز يا تكوز عد الى الوراء وتجدد
-
لا جديد تحت شمس المذابح الصهيونية
-
القدس تركل ترامب وتصيب نتنياهو بخيبات الامل
-
أوجه الشبه بين نظم الانكشارية والفكر الصهيوني
-
من أول السطر إلى آخره - الحل هو القائمة المشتركة
-
أكثر من وجهة نظر
-
السيسي وصفقة القرن
-
يهودية يهود الفلاشا في خانة الشك
-
ارادة الفلسطيني أقوى من صواريخهم
-
مدرسون عرب يعملون داخل أتون العنصرية
-
من أجل ابعاد نتنياهو عن السلطة يجب تغيير الشعب
-
المستعرب الياهو ساسون 2
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|