|
مكبرات الصوت في شهر رمضان، و تكريس إزعاج راحة المواطنين ..... !!!.....4
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1553 - 2006 / 5 / 17 - 03:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
)شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان (
قرءان كريم
(من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له من ذنبه ما تقدم وما تأخر.)
حديث شريف
مسؤولية تحريف طبيعة الإيمان و حقيقة الإسلام :
و ما يحصل في الواقع، و في مختلف المناسبات الدينية، يدفعنا إلى القول، بأن المسؤولية حاصلة فيما يقع.
فمن يتحمل مسؤولية التحريف التي تستهدف طبيعة الإيمان وطبيعة الإسلام ؟
إن عملية التحريف التي استهدفت حقيقة الإيمان، و حقيقة الإسلام، برزت إلى الوجود، منذ مقتل عثمان بن عفان، و منذ انقسمت النخبة إلى شيعة، و خوارج، و آل الزبير، و اتباع بني أمية، فصارت كل فرقة تعطي للإيمان، و للإسلام مدلولا يتناسب مع طبيعة أدلجتها للدين، و للنص الديني، ليتوارث المسلمون بعد ذلك الانتماء إلى فرق متعددة محسوبة على الإسلام، و هي في الواقع ليست إلا ممارسة لتحريفه. و التحريف ممارسة إيديولوجية مستمرة، و باحثة في عمق ظلام التاريخ، لإيجاد المبرر اللازم لما تمارسه كل فرقة على حدة، و لاعتماد تلك المبررات لصياغة المسلكية العامة، و الفردية، أيديولوجيا، و سياسيا، و تنظيميا، ليتحول المومنون، و المسلمون، إلى مجرد مجيشين لهذه الفرقة، أو تلك، تبعا لما يحدث من فرق في الواقع، و انطلاقا من الأهداف التي تسعى كل فرقة إلى تحقيقها.
و كنتيجة لذلك التحريف، و التجييش، تصل هذه الفرقة، أو تلك، إلى السلطة في هذا البلد، أو ذاك، فتتحول تلك السلطة على يد كل فرقة إلى سلطة دينية، و هو ما أدى إلى استنبات مفهوم "الدولة الإسلامية"، فكأن الإسلام ليس واحدا، و كأن الإيمان ليس واحدا.
و في الحالتين معان فهناك أشكال من الدول الإسلامية، و هناك ممارسات إيمانية متعددة، و هناك أشكال للعبادة، تختلف باختلاف المذاهب السياسية المؤدلجة للدين الإسلامي، و هناك من يسعى إلى إقامة دول دينية نقيضة للدول الدينية القائمة، بسبب الاختلاف في الأدلجة، أو بسبب الإيغال في تلك الأدلجة. و على هذا الأساس يمكن أن نجد أن المسؤولية عن تحريف الإيمان و الإسلام تكمن في :
1) الفرق الدينية التي نشأت قديما، و التي لازالت مستمرة في أوساط المسلمين إلى يومنا هذا. و هذا النوع من المسؤولية يمكن اعتباره تاريخيا، لارتباطه بمراحل تاريخية معينة، حتى لا نعمل على تحريف التاريخ، الذي يرتبط بالأساس بتحول التشكيلة الاقتصادية/الاجتماعية إلى تشكيلة أعلى منها. و ما حدث من تكون للمذاهب التي تختلف في فهمها للإيمان، و الإسلام، يعتبر مسؤولا، و بشكل مباشر، عن شرعنة تحريف مفهوم الإيمان، و مفهوم الإسلام.
2) الدول التي تنشأ على أساس أدلجة الدين الإسلامي، لأن نشأتها على ذلك الأساس، زرع للوهم بأنها، فعلا، "دول إسلامية" و ليست دولا للمسلمين، و معلوم أن الفرق واضح بين مفهوم "الدولة الإسلامية"، و مفهوم دولة المسلمين.
ف"الدولة الإسلامية"، تنطلق من أن الإسلام دين، و دولة، و انطلاقها ذاك يعطيها الحق في اعتبار نفسها تحكم باسم الله، و هذا الحكم، هو الذي يجعل الناس يقبلون الاستبداد، على أنه قدر من عند الله. و هذا القدر هو الذي يجعل الخضوع لإرادة الحاكمين، باعتبارهم ينوبون عن الله في الأرض، واجبا حتى يتجنبوا اعتبارهم كفارا، و ملحدين، يقام عليهم حد الكفر، و الإلحاد. و كلاهما يسيء إلى إيمان المسلم، و عقيدته.
أما دولة المسلمين، فهي دولة من اختيار المسلمين، كما جاء في القرءان الكريم: " و أمرهم شورى بينهم"، و كما جاء في الحديث: " إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم". لأن المسلمين هم الذين يختارون من يحكمهم، انطلاقا من دستور ديمقراطي، و من إجراء انتخابات حرة، و نزيهة، لإقامة مؤسسات تمثيلية حقيقية، و لإيجاد حكومة، مفرزة، من صناديق الاقتراع، بناء على برنامج انتخابي معين، يقتنع به المسلمون، و تقوم الحكومة باعتماده في برامجها المركزية، و القطاعية، حتى تقوم بخدمة مصالح الشعب الاقتصادية، و الثقافية، و السياسية، التي تحفظ كرامة الناس، بصفة عامة، و كرامة المسلمين، بصفة خاصة، على أساس المساواة فيما بينهم، انطلاقا من قيم الدين الإسلامي، كما تقتضي نصوصه ذلك: "لا فرق بين عربي، و عجمي، إلا بالتقوى"، و "الناس كأسنان المشط"، و " كلكم من آدم و آدم من تراب"، و هكذا ...
و لذلك فمسؤولية الدول المتوارثة، عبر العصور، و القائمة على أساس أدلجة الدين الإسلامي، حاضرة في ممارسة تحريف مفهوم الإيمان، و مفهوم الإسلام، لاعتبارها، نفسها، دولا دينية من جهة، و لتجنيدها للجهاز الإيديولوجي الضخم، و الذي تموله من أموال المسلمين، من أجل تكريس التحريف، على أنه هو الإيمان، و هو الإسلام. و من أجل تكريس التحريف على أنه هو الإيمان، و من أجل فرض سيادة الاعتقاد، و بواسطة القوة، على أن الله هو الذي حكم بواسطة هذه الدولة، أو تلك، التي تتحول إلى دولة رهبانية، في الوقت الذي يردد فيه "علماء" المسلمين و "فقهاؤها" أنه لا رهبانية في الإسلام، للإيغال في التضليل.
3) مؤدلجو الدين الإسلامي الموالون للاستبداد القائم، أو العاملون على فرض استبداد بديل. لأن هؤلاء المؤدلجين باعتبارهم "علماء" الدين الإسلامي، و "فقهاء" هذا الدين ، هم أول من يعرف أن ما يمارس في مختلف المناسبات الدينية، و خاصة في شهر رمضان، في الحياة العامة، و في مختلف المساجد، لا علاقة له بالأيمان. لأن الإيمان في حقيقته، لا علاقة له بما يجري، فما يجري هو ممارسة للشرك، بأوجه مختلفة، و باسم الدين الإسلامي، و عن طريق التأويل، المغرض للنصوص المختلفة. كما أنهم هم أول من يعرف: أن ما يمارس، لا علاقة له بحقيقة الإسلام، الذي ينقل المجتمع الإنساني إلى ما هو أفضل، حتى يتأتى اكتمال سعادة البشرية، باحترام الكرامة الإنسانية: الفردية، و الجماعية، التي هي الهدف الأسمى للممارسة الإسلامية الحقيقية.
و معلوم أن الكرامة الإنسانية، لا تتحقق إلا بتحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، كقيم أسمى، تعتمد في بناء حياة إنسانية سليمة، تتحقق في إطارها إنسانية الإنسان، الذي يتمتع بحقوقه المختلفة، التي تمكنه من اختيار من يمثله، و من يحكمه، في نفس الوقت، و من اختيار الدستور، الذي يناسبه، و القوانين التي تعتمد لتنظيم شؤونه.
و مسؤولية مؤدلجي الدين الإسلامي، تتمثل في الإصرار على التحريف، الذي يستهدف الإيمان، و الإسلام، و العمل على إشاعة ذلك التحريف، و بكل الوسائل الممكنة، و غير الممكنة، بما فيها اعتماد مكبرات أصوات المآذن، و على مستوى التراب الوطني، و في كل بلدان المسلمين، على أنها جزء لايتجزأ، من الإيمان، و من الإسلام، و أن استعمالها يعتبر فرض عين، حتى يتم إيصال صوت "الإيمان"، و صوت "الإسلام"، إلى كل الناس، الذين لم يحضروا إلى المساجد، أو لا يحضرون إليها، حتى ينغرس في أذهان الجميع التطابق بين الدين، و بين التحريف، و بين الإيمان، و الإسلام. ليسود بذلك التضليل، و بواسطة مكبرات الصوت، فيفقد بذلك المِؤمنون، و المسلمون، بوصلة الإسلام، التي تحل محلها بوصلة التحريف، التي تصير موجهة لمسلكية المؤمنين، و جميع المسلمين، على السواء، في اتجاه القبول بالتجييش على أنه هو الإسلام، و هو الإيما، و هو الاستعداد المستمر ل"الجهاد"، الذي لم ينتج لنا إلا هذا الخضم من الإرهاب، و عبر العالم، و الذي لا يمكن أبدا، أن يصير معبرا عن حقيقة الإيمان، و حقيقة الإسلام.
4) عامة الناس من المتعلمين بالخصوص، و حتى من غير المتعلمين، الذين يتعاملون مع أدلجة الدين الإسلامي، و كأنها هي الدين عينه. و هذه المسؤولية تكمن في انجرارهم وراء الدعوة إلى التعامل مع الدين الإسلامي، و كأنهم مجرد جيوش يصطفون وراء مؤدلجي الدين الإسلامي، و في تنظيماتهم المختلفة المشارب، و الأهداف المتفقة جميعا في العمل على تضليل المسلمين، و في استغلال الدين الإسلامي، و في السعي إلى إيجاد استبداد بديل، يسمونه "الدولة الإسلامية"، التي تختلف مضامينها، و أهدافها، من فصيل مؤدلج للدين الإسلامي، إلى فصيل آخر مؤدلج للدين الإسلامي. و قد كان من المفروض، أن يعمل عامة الناس، على استخدام عقولهم، فيما يستهدفهم من قبل البشر، و مهما كان ذلك البشر، و خاصة إذا كانوا مؤدلجين للدين الإسلامي، حتى يتبين المومنون، و عامة الناس، حقيقة الدين من غير الدين، و حتى يصير الدين لله، و الوطن للجميع.
و يرجع عدم استخدام الناس لعقولهم فيما يستهدفهم من قبل البشر، و مهما كان ذلك البشر، و خاصة إذا كانوا مؤدلجين للدين الإسلامي. خاصة الديانة الوثنية، و ما لحق من تحريف بديانة موسى، و ديانة عيسى، إلى الممارسة النقدية. لأن الممارسة النقدية، تبدو واضحة وضوح الشمس في قوله تعالى: "انا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على آثارهم مهتدون"، و قوله: " انا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على آثارهم مقتدون"، و قوله: " و قالت اليهود عزير ابن الله، و قالت النصارى المسيح ابن الله". و قول الرسول: " لا يكن أحدكم إمعة، بأن يقول أنا مع الناس، إن أساءوا أسأت، و إن أحسنوا أحسنت، و لكن وطنوا أنفسكم".
و حتى في النص الإسلامي نفسه، نجد نقدا لممارسة الرسول، تجنبا لأي تحريف يمكن أن يلحق العقيدة الإسلامية.
فقد ورد في القرءان "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي". ووردأيضا: "عبس و تولى أن جاءه الأعمى، و ما يدريك، لعله يزكى، أو يذكر فتنفعه الذكرى".
و المومنون المسلمون عندما يمارسون النقد البناء، على مؤدلجي الدين الإسلامي من فقهاء الظلام، و المتفيقهين، و مجيشيهم، فلأجل المحافظة على الدين الحقيقي، وحمايته من كل استغلال إيديولوجي، أو سياسي، حتى لا يتحول إلى مجرد مطية للوصول إلى السيطرة على أجهزة الدولة، التي توظف بدورها في تحقيق المصالح الطبقية لمؤدلجي الدين، من فقهاء الظلام، و متفيقههيه، و مجيشيهم، و في حماية تلك المصالح، التي تصير بدورها مقدسة، بفعل الاستبداد البديل، الذي يسعى فقهاء الظلام إلى فرضه على المجتمع.
و هكذا يتبين أن مسؤولية المساهمة في تحريف الدين الإسلامي، هي مسؤولية تاريخية، و مسؤولية الطبقة الحاكمة، التي تقيم حكمها على أدلجة الدين الإسلامي، و مسؤولية فقهاء الظلام، و متفيقهيه، و المجيشين وراءهم، و مسؤولية عامة الناس، الذين لا يبذلون أي مجهود لمحاربة منكر الأدلجة التي تحرف الدين الإسلامي. مع أن محاربة المنكر، بمختلف الوسائل، تصير واجبة، كما جاء في الحديث ": من رأى منكم منكرا فلغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، و ذلك أضعف الإيمان ".
و يمكن بهذه المناسبة أن أعظم منكر يرتكب في حق الإنسانية بصفة عامة، و في حق المسلمين بصفة خاصة، هو تحريف الدين الإسلامي، الذي يحول هذا الدين إلى دين للشرك كما وضحنا ذلك في الفقرات السابقة، و معلوم أن الله "لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء"
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مكبرات الصوت في شهر رمضان، و تكريس إزعاج راحة المواطنين ....
...
-
مكبرات الصوت في شهر رمضان، و تكريس إزعاج راحة المواطنين ....
...
-
مكبرات الصوت في شهر رمضان، و تكريس إزعاج راحة المواطنين ....
...
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....12
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....11
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....10
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....9
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....8
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....7
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....6
-
المناضلون الأوفياء لا يؤبنون
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....5
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....4
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....3
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....2
-
النقابة / الشغيلة أوالشروع في انفراط العلاقة .....1
-
من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع
...
-
من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع
...
-
من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع
...
-
من أجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا: الجزء الرابع
...
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|