فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1553 - 2006 / 5 / 17 - 03:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
هل هي مؤشرات انتحار النظام السوري؟ أم مؤشرات الخراب على مبدأ نيرون( علي وعلى أعدائي )؟!!
ننام على نبأ اعتقال ونصحو على محاكمة وإدانة غريبة النوع والتهمة ، لا يعرفها إلا من عرف نوعا نادرا من مستحاثات التاريخ المنقرض لعهود من الأنظمة البائدة، رغم أن النوع السوري، يعتبر الأكثر ندرة وغرابة والأهم دراسة في تاريخ الأمم الحديثة والقديمة أيضا...
كالصاعقة نزل علي نبأ اعتقال الكاتب والانسان ( أبو أيهم ..ميشيل كيلو ) ، وكما كان كذلك نبأ اعتقال فاتح جاموس وحرمانه من معانقة مايا.. وككل أبناء سجناء الرأي من المناضلين السوريين، لم تنشأ بين أحضان والدها ، ولم تعرف حنانه إلا بعد انقضاء ثمانية عشر عاما تقريبا، في وطني ...يخطف الآباء من أبنائهم، وتحرم النساء من أزواجهن ، لمجرد اختلافهم بالرأي عن سلطة بلادهم!! ...علي العبدالله وأبنائه...محمد غانم كمال اللبواني ..عارف دليلة..الطلاب الصغار ..اسبر ومهند ورفاقهم..والكثير من أكراد سورية ...هل أعدهم ؟؟؟ القائمة تطول والأقبية تكتظ بنزلائها من خيرة كتابنا وأبنائنا الأبرار، لكن السؤال الملح لماذا؟؟؟والآن بالذات... ولمصلحة من؟؟ لكم أن تقرأوا ولا شك أنكم تفعلون...التهم الموجهة لكل من آل العبدالله أوفاتح جاموس وكمال اللبواني ، وإلى أي نوع من القوانين يستندون في تهمهم المعدة كما عهدناهم في كل محاكماتهم الصورية والبعيدة كل البعد عن أصول القضاء ونزاهة المحاكم ...ودون أي اثبات أو يقين... تُهم يمكنها أن تودي بهم إلى الموت أو المؤبد...مع الأشغال الشاقة!!..نقرأ التهم فنصاب بهستيريا المضحك المبكي...هل فاتح جاموس من المحرضين على الطائفية؟؟؟، وهل كمال اللبواني الذي عاد للوطن بمحض إرادته واختياره من الداعين والمحرضين للدول الأجنبية كي تحتل وطنه؟؟؟ هل ميشيل كيلو المعروف عنه توازنه ودعوته السلطة على الدوام للاصلاح والانفتاح على المواطن ...من أجل الوطن ومن أجل الوقوف بوجه أي مخطط يمكنه أن ينال من الوطن...وفاتح الذي خرج من سجنه ليسامح جلاديه ويغفر لهم ...ويمد لهم يد الحوار والصلح مع المواطن ...وقد فعلها قبله مانديلا الوطن ( رياض الترك )، ودعى إليها رياض سيف ومأمون الحمصي...وقدم فيها الوثائق والدراسات ( عارف دليلة )، لكن نظام القتل والفتك...وضع طماشات سوداء على عينيه، وصمغ أذنيه ...معلنا أنه السيد ...والمحصن ...والقادر ...أن يفعل ما يشاء ..وما أنتم سوى رعيه ...تسمع وتطيع...وأعلن في كل مواثيقه وقوانينه التي يوجه أصابعها الأمنية، ومحاكمها العسكرية والاستثنائية من خلال طوارئه العتيدة...أنه سيقمع ويمنع أي تجمع لأكثر من ثلاثة أشخاص!!! ويعتبر تعكيرا للأمن العام!!، لا يقف الأمر عند هذا الحد...يصرخ (فايز النوري )...رئيس محكمة أمن الدولة الشهير بنظافة الأحكام !...موجها حديثه لعلي العبدالله ...فيما يتعلق بابنه محمد، حين تجرأ ووقف إلى جانب امرأة ضُربت بشدة من أحد رجال الأمن كونها تنتظر رؤية ابنها وحالوا بينها وبينه ..فصرخت تلعن قانون الطواريء، تجرأ محمد العبدالله وآزرها في شتمها لهذا القانون الجائر!!، فما كان من السيد النوري...إلا أن صرخ بعلي العبدالله قائلا :ــ ( إن تكررت هذه الحادثة فاني سوف أضربه بيدي !!!) ..قاضي أبضاي...يصلح زعيما لمافيا .. مادام يحسن الضرب والبطش...ربما أخطأ طريقه للمحاكم ...أو عرفوا خصاله البلطجيه قبل تعيينه ...فنال بذلك السبق ، وحاز على الثقة والشرف ليكون، الرجل المناسب في المكان المناسب ...لمحكمة استثنائية ...تحكم برسم قانون الطواريء...وأعتقد أنه خير من يصلح فعلا...
يكفي المواطن السوري فخرا وشرفا ، أن صغاره باتوا يحفظون عن ظهر قلب ..أنماط القوانين وبنودها المفبركة والمعدة لكل سياسي معارض، والتي توجه إليه من قبل داوائر الأمن.. ...بعضها.. ربما يضيف اصطلاحا من عنده...أو جملة تنميقية ، وأخرى أكثر تزويقا ...ليعطي انطباعا أنه أكثر فهما ومعرفة بشرائع القوانين ونصوص العقوبات الجاهزة ...فقط سأضع بين أيديكم ...بعض الصياغات ، التي يحفظها معظم المواطنون وتوجه لمن يختطف من بيته أو محله أو جامعته...ويتجرأ ويجتمع مع اثنين آخرين، أو يلتقي بأبناء الوطن ..حين يزور الخارج....
المواطن السوري ..حين يسافر ..عليه فقط الذهاب للتسوق وأماكن الفرفشة...وبيوت الدعارة...ودور الأزياء...ويبتعد كل البعد عن التواصل مع أبناء وطنه في الغربة...خاصة ..من اختارتهم الغربة موطنا بعد أن لفظهم النظام وليس الوطن ..واعتبرهم متآمرين عليه...
هاهي بعض النماذج المعدة لإدانة مناضلينا...قسموها بمعرفتكم ..ووزعوها على هؤلاء الذين تزخر بهم أقبية فروع الأمن...حسب قدرة كلا منهم على التآمر وحبك الدسائس على وطنهم، خاصة من قضى نصف عمره في أقبية الوطن مثل فاتح، ولم يغادره..للمرة الأولى يذهب..ثم يعود، وكذلك ميشيل يذهب ثم يعود...أ يريدون الوطن للموالين فقط ؟؟؟
المادة 373 ... فقرة 3 ...التحقير بالكلام أو الحركات والتهديد
المادة 374 من حقر رئيس الدولة ... عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين.
المادة 363 تحريض دولة أجنبية للعدوان على سورية.....المس بهيبة الدولة والقيام بتصريحات توهن نفسية الأمة، وتضعف شعورها القومي...
هذه المادة الأخيرة وجهت لكمال اللبواني وللعديد من المناضلين أيضا...لكن السؤال :ـــ
ماهو المقياس الذي يوهن ويضعف الشعور القومي المتوقف على جملة أو مفردة وردت على لسان أحدهم في لقاء أو حوار؟؟، وكيف يمكن لهذه الأمة التي ترضع البعث منذ أكثر من أربعة عقود وتتربى على أيدي الطلائع والشبيبة...والاتحادات المجيرة والنقابات المفبركة قوائمها حسب المادة الثامنة ...أن يأتي مقال واحد على لسان ميشيل كيلو مثلا ، أو لقاء على لسان فاتح جاموس ...فيتمكن من نسف ومحو تربية عقود والتأثير على الناس بهذا المقدار؟؟ ألا يثق النظام بحسن تدبيره وبقبضته طيلة هذا التاريخ ، وعبر هذه المدارس التربوية؟؟؟
لكم أن تقرأوا ..احدى الصياغات الملغومة مثلا :ــ
ـ( إثارة النعرات والتهجم على السلطة، ودس الدسائس والاتصال مع جهات معادية في دول أجنبية....الاقتتال الطائفي ، وتسليح السوريين أو حملهم على التسليح ليقاتلوا بعضهم بعضا!!!!!!!!!!!).
وهذه بالذات وجهت لفاتح جاموس!!!، هل يملك فاتح جاموس أن يسلح أحدا؟؟ هل يحمل أو حمل ذات يوم سكينا لتقشير التفاح؟؟؟ ، هل من مباديء فاتح جاموس المسالمة والداعية لحل كل مشاكل الوطن بشكل سلمي وبالتدرج، تعني الحض على الاقتتال الطائفي؟؟؟ هل يتزعم عصابة من عصابات قطاع الطرق، أو عصابات التهريب والتشليح؟؟؟ ...أعتقد لو كان كذلك لغضوا الطرف عنه..........لأن هؤلاء من يملك المناصب ويتحكم برقاب العباد...................
هل فاتح جاموس وميشيل كيلو من خونة الوطن والمتآمرين عليه، بينما شاليش ومخلوف ، وآصف...ومملوك... من المنزهين المنزلين رسلا على أرض سورية؟؟؟؟؟، هل عارف دليلة الاقتصادي ، الذي أراد أن يضع يده على منابع الفساد وهدر المال العام، والنهوض بالوطن نحو آفاق الحرية ودرء أخطار الفقر والجوع عن بطون المواطنين، متآمر ومرتزق وخائن، يوهن نفسية الأمة ويضعف شعورها القومي؟؟؟ ماهذا الشعور المرهف يامواطن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أعتقد بعد هذا السرد الطويل ، لما يجري على أرض الوطن، نرى أن ملامح انهيار النظام، وخوفه بل رعبه ممن يملك الكلمة ويملك سلاح الحق والاقناع والمصداقية في الطرح، بعد أن كشفت عورات السلطة ودجلها لم تعد تفي بغرض التسويق على المواطن من خلال إعلام ممجوج لم يعد مفعوله التطبيلي حافلا بالروح والدم، وشعارات الولاء المفروضة بعصا وهراوات المخابرات تقنع أصغر وأبسط مواطن، وأن لغته الخشبية ومناطحته الطينية الخاسرة في بورصة السياسة الدولية والعربية والمناطقية والداخلية...عليه أن يبلها ويشرب ماءها، وبات يدرك تماما عجزه عن الاستمرار في هذا الدرب، يدرك أن سلاح البطش والترهيب ...هو سلاح العاجز..سلاح الخاسر.. في عصر القوانين الدولية التي تحاكمه على جريمة ارتكبها وارتكب مثلها الكثير في السابق ، واعتقد أن خروجه منها في الماضي سيشفع له ويمكنه من المداورة مرة أخرى!!!، لكنه اليوم ..اليوم يا سادة الحكم ...ليس البارحة...هل هناك من يعي بعد؟؟؟ اليوم العالم تغيرت موازينه...ومن تغيرت موازينه فأمه هاوية..... وهو ذاهب إلى الهاوية...يحفر خندق موته من حيث لا يحتسب ولا يدري... إنها وسيلة نيرون ...سيحرق روما بأهلها ..ويدمرها على أهلها...دون أن يدرك العاقلون فيهم ...إن كان فيهم بعد عاقلون.... أنهم إلى حتفهم يسيرون... هل تذكرون عهد النهاية لصدام؟؟ لقد نصحه الأصدقاء والخلص، أن ينفتح على الشعب ...أن يطلق سراح رجال الكلمة والرأي، أن يقرأ وطنه وابن وطنه من خلال الحقيقة حقيقة الوطن ...لا أهل السلطة... لا محيطه لا طريقه الذي يسير به إلى حيث ألقت رحلها.... لكنه لم يصغ لقول الحق...أعماه الحكم...وهاهو حتى في سجنه وأمام القضاة ..مازال يصيح ( أنا رئيس العراق!!) ، تحضرني حكاية طاغية إسبانية..( فرانكو ) أثناء احتضاره، وحضور مريديه لوداعه.. خاطبته زوجته قائلة: إنهم محبيك جاءوا لوداعك، فسألها قائلا :ــ( ولماذا، أهم راحلون إلى مكان ما؟!!)، يحسب الطغاة على الدوام أنهم خالدون.... لكن لا خالد أبدا إلا الشعوب والأوطان...
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟