أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - اشكالية العلمانية في العالم الإسلامي














المزيد.....

اشكالية العلمانية في العالم الإسلامي


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6355 - 2019 / 9 / 19 - 12:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وجهة نظر

الاشكالية هي النمط النظري الذي تُطرح من خلاله مشكلة واقعية, وليست المشكلة الواقعية نفسها. أو بالأحرى وبشكل أدق هي الطريقة التي يحوَّل فيها الفكر مُعطيات الواقع الاجتماعي إلى مشكلات, أي قضايا يمكن تحديدها وتقديم إجابات وحلول لها. ها هو صاحب كتاب (نقد السياسة – الدولة والدين) يُحاجج بأن منظومة القيم التي تتحكم برؤيتنا للواقع الاجتماعي كثيراً ما تمنعنا من رؤية حقيقة ما يجري فيه وتجعل من الصعب التفاهم حول طبيعة التحولات التي نشاهدها معاً. ويكفي أن نشير إلى اختلاف تفسير الناس لما يحدث تحت أنظارهم اليوم من احتجاج اجتماعي في العالم الاسلامي حيث يعتقد البعض أن الدين هو الذي يستعيد نفوذه وسيطرته على الواقع الاجتماعي الراهن, بينما يرى آخرون أن القيم الدينية قد فقدت القدرة على توجيه سلوك المجتمع والسيطرة عليه. بل أكثر من ذلك, يعتقد القسم الأكبر من أصحاب الفكر العلماني الذين يعملون في الحقل السياسي أن العودة إلى القيم الدينية هي تعبير عن تهافت هذه القيم وردة ظلامية تهدف إلى القضاء على الحرية العقلية والسياسة في المجتمعات الإسلامية. وخاصة اليوم بعد أن حُملتْ "البندقية الاسلامية" في مواجهة أنظمة حكم متوحشة أهدرت أبسط حقوق الفرد المسلم وضربته بالحائط, فكان رد فعله هو الآخر عنيفاً خرج عن كلِّ سياق معروف.

كان من صالح الحاكم في الوطن العربي أن يبقى الفرد من دون ضمير ديني حي عميق وبدون شعور حقيقي بالتضامن الجمعي بين المؤمنين كأخوة . وكان تحويل القيم الدينية الفاعلة التي ضبطت حركة المجتمع الإسلامي وصنعت نهضته؛ إلى خلافات فقهية اشكالية بين الملل والنحل, عملت السلطات الحاكمة على تفاقمها, وهذا أدى إلى التضيق على الإيمان والحد من نمو العلاقة بين البشر كأخوة. أي جعل الجماعة جماعة شكلية وحرمانها من عمقها الروحي. وهو مما أعاق تطوير مبدأ أخلاق الأخوة التي أبدعها وسنها الإسلام كنموذج للعلاقة الطبيعية والضرورية بين المؤمنين وكأساس لكل علاقة بشرية. والتراجع التدريجي عن منابع الأخلاق الدينية هو الذي أبقى أخلاق العصبية القبلية والطائفية والقومية والاقليمية حية وقابلة للعودة في أي لحظة وهو ما كانت السلطة الفردية المطلقة تسعى إلى تغذيته من ضمن استراتيجية السيطرة والتقسيم والتلاعب بالتناقضات أمام خطر المواجهة الشاملة التي يخلقها التضامن الأخوي بين الأمة وحاكمها الجائر. ففي كل حكم فردي, إسلامياً كان أم مسيحياً, علمانياً أم دينياً, ليس هناك استراتيجية أخرى للحكم إلا هذا التقسيم الدائم للمجتمع بين عصبيات متنافسة ومختصمة فيما بينها. ذلك أن هذا التقسيم هو شرط استمرار تفرد السلطة الغاشمة.

إن انهيار قواعد عمل الدولة هو الذي قاد إلى انهيار تقاليد تسامح دينية حية منذ آلاف السنين. إن الضربة الحقيقية التي تلقاها المجتمع العربي لم تكن في عقائده ذلك أنه كان أكثر من كل المجتمعات الأخرى قدرة على استيعاب القيم والأفكار والمذاهب الجديدة نظراً لوجود تقاليد التعددية الدينية بمختلف تجلياتها. ولكنها تكمن في ما تعرض له نموذج الدولة من تهديم موضوعي وفي ما ظهر من تخلفه الهائل والمفاجئ بالمقارنة مع نموذج الدولة الحديثة ومن ثم ذوبان كل مقدرة على إعادة إنتاج السلطة المركزية دون التغيير الشامل في طبيعة التوازنات الاجتماعية القائمة. ولا يزال المجتمع العربي الإسلامي لم يخرج من هذه الصدمة التي تمس نموذج بناء السلطة وعمل الدولة حتى الآن. هذه هي اشكالية العلمانية في المجتمعات الإسلامية. ومن هنا لا يبدو الحديث عن التعصب الإسلامي وكأنه سحب لتجارب تاريخية أخرى على المجتمع العربي فحسب ولكنه يتجلى للرأي العام الإسلامي كنوع من التشويه التاريخي والاتهام المغرض وهو يتفاقم في الواقع بقدر التقدم في تمثل القيم الجديدة وتطور الفكرة العلمانية أي بقدر تغريب الشعور والوعي الديني والمدني العربي. وهذا يفسر كيف أن نمو النزعة العلمانية التي كانت من العوامل الأساسية في التحول الديمقراطي في المجتمعات الليبرالية يغذي في مجتمعاتنا العربية الإسلامية النزعات الطائفية بل ويجنح إلى تحويل الدولة في مفهومها عن نفسها إلى دولة استبدادية طائفية وهو الذي يفسر كذلك لماذا لم تتحول الدولة المحررة من الدين -الجمهوريات العربية- إلى دولة علمانية يحكمها القانون. بل تحولت إلى دولة عسكرية تحكمها الأجهزة الأمنية بفظاظة مطلقة. وهذا يُفسر لماذا لم تستطع الدولة الحديثة التي ولدت بعد حقبة الاستعمار الغربي وتحت إرشاد النظرية العلمانية -والتي تبناها حتى المصلحون الدينيون- أن تفرز سلطة سياسية دستورية قانونية تقود المجتمع إلى بر الأمان.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسيب كيالي في دبي
- هل كان محمود درويش شيوعياً؟
- بين سلمى وعيوني بندقية
- من قاسيون أُطلُّ يا وطني!
- تفتيش المرأة جسدياً
- الإرهاب والكباب
- صورة فيدل كاسترو
- في رحيل الرفيق إبراهيم الخياط
- فيلسوف معرة النعمان
- ماركس فيلسوفاً
- حكايةاختطاف أدغاردو مورتارا
- مناقب الترك
- كان الحمام يطير محترقاً
- يهشّون عند المائدة
- الكانطيون الجدد وعمي أحمد
- أين أنت يا جهاد أسعد محمد؟
- استعمل مخَّك و إلَّا فقدته
- فدائيون في جدارية بيروت آب 1982
- نساء بيكاسو الجميلات
- الجسارة في مشروع طيب تيزيني الفكري


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - اشكالية العلمانية في العالم الإسلامي