|
المطلوب من المثقف العراقي امام كوردستان
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6353 - 2019 / 9 / 16 - 00:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا اريد ان اعرّف المثقف الذي يحمل اوجه متعددة، و الاهم من هذا انه يدعي ان ما يحمله بانه هو صلب الثقافة القحة المجردة التي لا دخل لها بالمساحات الضيقة من النظرة الى الحياة اوالى المواضيع المختلفة وفق المنظور الخاص النابع من خلفية المثقف المقيّم وفق قياسات متبعة و عامة و من خلال دائرة سياسية. اي النظر الى كافة الامور التي تخص الانسان بنظرة يمكن ان يدعيها انسانية نابعة من ما تتطلبه حياة الناس من اجل السعادة و الرفاه التي يتمناه اي فرد كاهم هدف اساسي له بعيدا عن المباديء الخاصة التي يمتكلها الفرد و تتحكم به في اكثر الاحيان، و هذا ما يدفعه الى التقصير او عدم الوصول الى مستوى يمكن ان يظهر في حقيقته كمثقف و ينظر اليه الجميع كمثقف حقيقي. ربما ابسط قياس للمثقف هو الكائن المتغير باستمرار وفق التغييرات التي تحصل في ذهنه و ما يتابعه في مسيرة حياته يوميا و يؤثرعليه بشكل مستمر و يقوم بنفسه بطرح افكراه المتغيرة باستمرار وفق سياق ما يتعلمه في كل لحظة لما قبله و مما يدعه يشك في ما سار عليه او يندم في خطوات او مواقف اتخذها من قبل و توضح لديه خطاه. هذه هي الثقافة لدى الفرد بابسط حالتها. اما تاثيرات الواقع الاجتماعي الثقافي الاقتصادي العام على كل مثقف فهو امر اخر و طويل و لا نريد الغول فيه هنا، لانه يحتاج الى وقت لبيان كل ما يمت به من جوانبه المختلفة و بيان جوهره المتاثر المتداخل مع البعض يتم بعملية يمكن توضيحها ديالكتيكيا. اي لا يمكن تحديد حدود مسار الثقافة بشكل قاطع الا ان تكون لها علاقة ديالكتيكية مع الحياة و ما فيها، و لا يمكن مساواة نسبة الثقافة بين الفرد واخر حتى و ان كانت كافة الظروف المحيطة بهم متشابهة شكلا وجوهرا. العراق بلد عريق و له تاريخ متموج من حيث مستوى الثقافات التي انتشرت فيهو استوعبها المثقفون او اثر على شعبهبشكل عام منذ ماضيه الغابر و ورثوها جيلا بعد اخر و ان حصلت عليها التغييراته. كان هناك من هو المثقف الحقيقي او الزائف المدعي بالثقافة، و يمكن ان يُشهد لبعض منهم تبعا لديه من النتاجات الثفافية المعتبرة و ما يتسم بالثقافة المتميزة، سواء في حياته العملية او معيشته الخاصة و نظرته الى الاخر او المواضيع الحساسة التي تتطلب موقفا اورايا يبني مدى ايمان المثقف بجوهر و حقيقة اي موضوع بعيدا عن التعصب و الضيق في النفس الانساني و ما يتصف به او استنادا على نرجسيته المرضي القتال في كيان كل مثقف في بداياته، فهي ان كانت في حقيقته زائفة فانها تسقطه و تجعله ان تترواح في الوحل و تمنعه من التقدم و الارتقاء ابنفسه و مكانته و موقعه او يخرج بسلام من ما تفرضه الثقافة الزائفة، و تفرض الثقافة الحقيقية نفسها عليه مؤثرا عليه في بيان مواقفه من خلال نتاجات ثقافته. القضايا و التعامل معها او النظرة لها هي التي يمكن ان تكون معيارا لمستوى المثقف ونظرته للحياة و عدالته الفكرية التي يتوصل اليها المثقف ان خرج من القيود النفسية و الاجتماعية التي تفرضها البيئة و الحياة العامةو شوائب التاريخ. اليوم قصدنا ان نقيس المثقف العراقي من زاوية نظرته الى القضايا الحساسة المصيرية. و لا توجد اكثر حساسية و مصيرية في العراق من القضية الكوردية التي لها تاريخ و تداعيات و افرازات اثرت بشكل مباشر على مسار حياة الشعب العراقي من كافة النواحي بشكل عام. لو تكلمنا بدقة و بعيدا عن التعصب الفكري الايديولوجي و دون نرجسية المثقف التي تفرض احيانا اشكالا من التعصب الفردي او المصلحية في التعامل مع القضايا الكبيرة و الصغيرة ايضا. لمسنا في سياق التعامل الخاص و العام مع هذه القضية عديدا من المواقف و الرؤى و الاراء، و كنا نتمنى ان نكشف هنا عن رضانا بشكل عام عما بحثنا فيه، و لكن ما لمسناه هو مواكبة مجاراة راي و موقف المثقف بشكل عام مع الواقع و مصلحته و ان كان ظالما للقضية، اما خوفا من السلطة او لم يملك ما يتمتع به المثقف من المزايا المختلفة و انه بعيد عن الثقافة الحقيقية التي من المفروض ان تؤثر اعلى عقليته او رؤياه للحياة و الانسانية. لقد مر على هذه القضية العقود، و لا يمكن ان نشير بشكل نفتخر بمن كان من ضمن المثقفين له اليد في انصاف الكورد في قضيتهم، لا نتكلم عن المدعين من المثقفين و هم سياسيين و في الدائرة التحزبية لاضيق البعيدة عن الثقافة الحقيقية قلبا وقالبا، بل نقصد المثقف الواعي الحقيقي جوهرا و مظهرا. لا نتجرا ان نشير الى عدد لا يزيد عن العشرات ان ضغطنا على انفسنا و ادخلنا حتى ما يمكلون النسبة القليلة من النظرة الانسانية الى القضايا العامة. نعم و بعيدا عن كل الادعاءات الشخصية لما نقوم به، و نعتبر انفسنا غير مجحفين بحق الاخر، و لكن نحتك بمن لا يعلم ماهو الحق و من يظلم او يغدر و يجحف بحق االخر و بمارس شتى الاساليب في مواجهة الحق بجحود لا مثيل له، و حتى من قبل المحسوبين على المثقفين و ان كانوا غير مثقفين حقا او ليسوا بمثقفين حقيقيين في عقليتهم و ثقافتهم و معيشتهم و فكرهم ونظرتهم الى الاخر و مسار حياتهم و تعاملهم مع الواقع. منذ انبثاق العراق دولة و الشعب العربي هو السائد اي هو من يقيّم الحال باعلى صوته، لكونه ينظر من الاعلى الى الامور و القضايا، و لكن لم نتمكن من تحديد مرحلة كان فيها المثقفون في طليعة الشعب المدعين لحقوق الاخر. فمنذ المرحلة الشيوعية و القومية و الليبرالي و حتى الاسلامية الغابرة و الجديدة الاخيرة، فلا يفرض علينا الذي كان موجودا ما يمكن ان نشير الى ماهو الصح و ان نخجل ان انكرناه او نسيناه او لم نشهد به كمثل جميل و ان كان نادرا، الا ان هنام عددا قليلا جدا لا يتعدى اصابع اليد، يمكن ان نشير اليهمبابنان و ننصفهم و نقيميهم على انهم تعاملوا مع الحال بحيادية و بنوا عليه مواقفهم و نظرتهم, فالمثقف العراقي بشكل عام و الاكثرية السحقة منهم مدينون لموقف صحيح امام الكورد و حياتهم و قضيتهم العادلة، نتيجة ما يفرضه فحوى و جوهر الثقافة الحقيقية الصحيحة التي تفرض نفسها عليهم كي يمكننا ن نعرّفهم بالمثقف الحقيقي. و لا يمكن ان لا نذكر المثقف الكوردي بانه الافضل او المنصف، اوهو المثالي، الا ان هناك فرق بين من له دولة مستقلة و صاحب كيان و قدرة، و من ليس له و مغدور في حياته و يستحق كما غيره الكيان الخاص به ( و ارجوا ان لا يدعي البعض انه تعصب و توجه عرقي، و ان لا يصفني البعض بالانغلاق في العقلية و الاندفاع في رايي و مواقفي و كتاباتي من زاوية قومية عرقية ضيقة، لان هناك ما يفند هذه الادعاءات لو قيّمنا الحال كما هي و ما يجب ان يكون في ظل الموجود في الواقع و ما يفرضه الموجود على اي كاتب. ان كانت نرجسية المثقف هي الحاكم علي عقليته، فلم يصل من يمكن ان يتصف بهذا الى درجة المثقف، ان كانت نظرته حول القضايا الحساسة الانسانية لا تفترق عن الشخص الايديولوجي الحزبي، و لا يمكن ان يُقال ولو بشكل نظري فقط بانه وصل الى درجة ن يوضع في خانة المثقف، ان كان يحكم على الامور بزاوية سياسية ضيقة و يمتلك قدرة ثقافية معها لا يمكن ان يصنف بمثقف ايضا، و هكذا ليس كل متعلم هو مثقف و العكس صحيح ايضا، و يمكن ان نقول بصراحة تامة ان هناك مثقفين اميين و ان كانوا يحملون درجة البروفيسور في شهادة دراسته العلمية كانت ام الادبية او الانسانية. و هنا يمكننا ان نتمنى من المثقف العراقي و من ضمنهم الكثير من الكورد ايضا ان يصلوا الى مرحلة يمكننا ن نقول انهم مثقفون حقا و من ثم يمكن ان نحكم مدى تعمق الثقافة في كيانهم اخلاقيا وادبيا و تعاملا مع الحياة و ما فيها.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق بين المرجعية و التوجهين في الحشد
-
ما يسعى اليه اردوغان في القمة الثلاثية
-
هل الاردن افضل من كوردستان لدى العراق
-
حكومتا كوردستان و العراق تشتريان الوقت بدلا للحلول الجذرية
-
كيف اضاف الحزب الشيوعي الروسي خمسة مقاعد له في برلمان موسكو؟
-
طحنُ المنطقة بين مطرقة ايران و سندان السعودية
-
ماذا بعد ان فضح يايلا اردوغان؟
-
الحل هو الجدار العازل بين تركيا و كوردستان روزآوا
-
لجوء اردوغان الى اخبث الحيل و التضليلات !!
-
يشيعون الخوف من اجل فرض خيار سياسي
-
الموجود هو لا احد مسؤول حقيقي في اقليم كوردستان
-
الفقر المعدم في ظل وجود الثروة الهائلة في كوردستان
-
يلوي اذرع الحقيقة و يدّعي الماركسية في كلامه
-
بدا الارهاب منذ الغزوات و نفذته الامبراطورية العثمانية فيما
...
-
هل تستمر مرحلة خضوع العالم لامريكا كثيرا ؟
-
الحانق الذي فقد الحكمة في امره
-
هل دخلت كوردستان في متاهة المعلوم؟
-
لماذا يرقص اردوغان على الصراط الحاد بين روسيا و امريكا
-
حول سيادة اقليم كوردستان قبل العراق
-
لن تتمكن المنطقة الفاصلة الفصل بين الشعب الواحد
المزيد.....
-
-حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق
...
-
إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
-
تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
-
كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد
...
-
بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
-
قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز
...
-
طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل
...
-
ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|