|
كلام ياسر رزق أم استراتيجية الرئيس؟!
محمد القصبي
الحوار المتمدن-العدد: 6352 - 2019 / 9 / 15 - 12:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يعزف الكاتب الصحفي ياسر رزق على قيثارة قصر الاتحادية ؟ هذا ما يظنه البعض ..من خلال متابعة مقالاته عبر السنوات الست الماضية .. ولايستثنى من هذا مقاله الأخير المثير للجدل ..شكلاً.. بنشره إليكترونياً فقط يوم 11 سبتمبرعلى بوابة مؤسسة الأخبار ، دون النشر الورقي في أي من إصدارات المؤسسة التي يرأس مجلس إدارتها !!!!!!!!!!!!!!! و مضموناً ..بما احتواه من أفكار ورؤى للمستقبل عن إصلاح سياسي يرى رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم أن به يكتمل مشروع ثورة 30 يونيو الطموح لضخ بلازما الحياة في الدولة المصرية التي كانت تعاني من موت سريري" على حد تعبيره في حوار تليفزيوني" فتشق طريقها بعنفوان نحو مركز الحضارة العالمية.. يقول كاتبنا الكبير في مقاله المعنون ب " ياسر رزق يكتب :عودة إلى حديث الإصلاح السياسي: "لابد من تعبيد الطريق أمام الأحزاب التي يبلغ عددها 104 أحزاب، ليتكتل المتشابه منها في الرؤى والاتجاهات ولعلهم يندمجون، وأحسب من الضروري تحفيز عملية الائتلاف والاندماج تحت مظلة رعاية وطنية غير منحازة إلا للمصلحة العامة وأظنها مؤسسة رئاسة الجمهورية، بل الرئيس السيسي نفسه.
أتلك رغبة الرئيس السيسي فعزف كاتبنا على أوتارها ..بهدف ربما جس نبض الشارع ..أو الترويج لها؟! أم هي نصيحة يقدمها المواطن الصالح ياسر رزق لنظام صالح ..انبثق من ثورة 30يونيو ؟ عقب قراءتي لمقال كتبه " رزق " أو ربما تصريحات تليفزيونية أدلى بها قبل انتخابات الرئاسة عام 2014 ،وبالطبع كان عشرات الملايين من المصريين يعتريهم التفاؤل بأن تفيض صناديق الاقتراع ب" نعم " قوية ل"مهندس" ثورة 30 يونيو المواطن عبد الفتاح السيسي..حينها أمسكت قلمي وكتبت :عوداً حميداً ل "ناصر/ هيكل" والمعني بالعنوان الرئيس المرتقب عبد الفتاح السيسي والكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق ..تكرار آخر لتجربة عبد الناصر/ هيكل ..ربما في صورة محسنة ..صورة أكثر وعياً..بصناعة آليات التعامل مع التضاريس شديدة الوعورة في الإقليم ..في العالم .. لاستعادة مصر دورها القومي ، والأفريقي ، بل والعالمي ..دون الانزلاق إلى خنادق الصراع .. لكني توقفت عن المضي في مشروع المقال حين شعرتُ بأنه سيقابل بالتهكم والسخرية..هذا مالاح لي من خلال حواري مع بعض الأصدقاء حين حدثتهم في الأمر .. ولاأظن أن مقالاً كتبه هيكل منذ منتصف الستينيات أو كتاباً صدر له ..ولم أقرأه ..أماثل في أمري هذا الملايين من جيلي.. كنا نتابع مايكتب بإعجاب..ونستمد من سطوره أسلحة ندافع بها بشراسة عن النظام الذي رضعنا من شهد انتصاراته وعلقم انكساراته ..نظام ثورة يوليو .. ومع مرور السنين ..لم يتوقف إعجابي بهيكل ..كمرجعية معرفية موسوعية ..يجيد توظيفها ..كخط إنتاج لرؤى سياسية عميقة ..كقلم يمزج مداده باقتدار بين اللغتين الصحفية والأدبية ..ولاأنسى أبداً ماقاله في كتابه "مدافع آيات الله" أن آية الله خوميني رصاصة انطلقت من العصور الوسطى لتستقر في قلب القرن العشرين !! بساطة اللغة الصحفية تفوح بجماليات الأدب في نسق لغوي من بضع كلمات يجسد بدقة خلفيات وأبعاد الزلزال الإيراني في أواخر سبعينيات القرن الماضي . لكن ربما كان الأهم من كل هذا أننا كنا نترقب كلمة هيكل باعتباره الناطق الفصيح باسم عبد الناصر ..فإن أردنا معرفة مايضمره الزعيم هرعنا إلى سطور هيكل لنلتهمها..لنلقي بها في معامل التحليل والتمحيص بدواخلنا.. أهذا حال ياسر رزق مع الرئيس الذي يحب ..ونحب ..عبد الفتاح السيسي أهذا الذي كتبه مثلاً في مقاله المنشور في أواخر ديسمبر من العام الماضي حول حتمية إجراء بعض التعديلات في دستور 2014 وتطلعه بأن يشهد العام الجديد " 2019" حالة من الزخم تنتهي بإصلاح سياسي، أسطوره آنذاك كانت انبثاق رؤيته الخاصة؟ أم أنه كان يعزف على قيثارة " الاتحادية "؟.. ..ربما الأمران معاً..فكاتب بثقل ياسر رزق ..وكما يبدو من كتاباته يحظى بقرون استشعار بالغة الرهافة لما تفكر فيه القيادة ..ولاعيب في هذا طالما تلك القيادة كانت خياراً شعبياً حقيقياً ..بل ينتفي العيب " إن كان ثمة عيب" ..ويتحول إلى ميزة طالما صاحب قرون الاستشعار تلك لديه مرجعية معرفية موسوعية ..ووعياً عميقاً بتضاريس الداخل والخارج الأكثر تعقيداً من تضاريس خمسينيات وستينيات القرن الماضي ..وقلماً قادرا على أن يشكل من كل هذا رؤى تثري العقل الجمعي سواء اتفقنا مع تلك الرؤى أو اختلفنا معها .. وهذا حالي كمواطن بسيط أتابع مقالاته ..والتي تثري مرجعيتي المعرفية ..لكن هذا لايعني بالضرورة اتفاقي دوماً مع ما يقول ..سواء كان مايقول رؤيته الخاصة أم رصداً لما تفكر فيه القيادة السياسية.. لذا يؤرقني ما جاء في مقاله الأخير- تحديداً أن تتولى مؤسسة الرئاسة ، بل الرئيس السيسي نفسه رعاية مشروع إئتلاف واندماج الأحزاب المتقاربة أيديولوجياً..
..وسواء كان هذا الذي طرحه انبثاق خط إنتاجه هو، أو قراءة لما تضمره رئاسة الجمهورية من خطوات للإصلاح السياسي..فإني أرى أن الزج بالرئاسة ..بالرئيس.. في أمر مثل هذا قد يطفح بتداعيات بالغة الخطورة ..تعيدنا إلى الموت السريري ..إلى المربع صفر.. إلى الحزب اللاوطني!! نعم ..مع ياسر رزق في مطالبته ..بالإصلاح السياسي.. فالديموقراطية هي الفريضة الغائبة منذ عقود ..بل قرون ..والتي نتوق إليها أوكسيجين حياة لايمكن تعويضها برغد العيش !..هذا ليس بديلا عن ذاك ، بل مكملاً حتمياً له.. ولايمكن أن يكتمل مشروع ثورة 30 يونيو لإعادة هيكلة الدولة المصرية على أسس علمية صحيحة إلا من خلال رباعية الإصلاح التي تطرق إليها ياسر رزق في مقاله ..الإصلاح الاقتصادي ، الإداري، الاجتماعي ، السياسي. ..هي نظرية الأواني المستطرقة ..حيث لاتستقيم الأمور إن لم يتساوَ ارتفاع منسوب المياه في كل الأحواض طالما أنها مفتوحة على بعضها البعض ..وفي المجتمعات لاشيء بمعزل عن غيره.. كله يتغذى ويُغذي غيره.. وعلى قدر علمي ..لايمكن لدولة أن تنهض مع غياب الديموقراطية ..مع زنزنة المرأة في دهليز ضيق مظلم بالدماغ الذكوري.."فيما يتعلق بالثانية يبذل نظام ثورة 30 يونيو جهداً خارقاً لإطلاق سراح نون النسوة المصرية ،بل وتسكينها غرف صناعة القرار..رغم المقاومة الشرسة التي يقودها مشايخ الجاهلية الجديدة ..ضد هذا التوجه " . فإن كان لاتوجد استثناءات عبر العالم مع شرط الحضور النافذ للمرأة في ميادين معر كة البناء.. حيث لاتوجد دولة واحدة نهضت مع إغفال دور حواء ..إلا أن الأمر يختلف قليلاً مع شرط الديموقراطية .. فثمة حالة خاصة جداً تمردت على قاعدة توافر هذا الشرط..التجربة الصينية ..ففي ظل ديكتاتورية المكتب السياسي الصارمة بنت الصين اقتصاداً مزدهر اً ..ينافس بقوة ، وأحيانا يتفوق على اقتصاديات ضفتي الأطلنطي واليابان ..وكلها اقتصاديات نمت وازدهرت بوَنس الديموقراطية.. لكنها تجربة بالغة الاستثنائية ، لم ولن تتكرر ..بل في لحظة ما قد يحتشد ميدان" تيان آن من " في بكين مجدداً .. وكل ميادين الصين.. بمئات الملايين..وفي هذه المرة لن ينفع رصاص المكتب السياسي في قمع التواقين إلى الحرية .. فالتجربة الصينية رغم نجاحها المذهل اقتصادياً وتكنولوجياً ..لايمكن أن أراها سوى صورة من نظام الأخ الأكبر " Big brother" في رائعة جورج أورويل " 1984" ، إن نجح اقتصادياً .. فمرة واحدة..فقط مرة واحدة ..وحتماً سيفشل آلاف المرات.. كل المرات !! ..هي في النهاية نظام صارم عبودي .. لايليق بإنسانية الانسان ..حتى لو أودعوا يمنى كل مواطن مفاتيح قصر..ويسراه أحدث الموبايلات ..ودسوا في جوفه أشهى الأطعمة ..هذا لايمكن أن يخمد توقه إلى أوكسيجين الحرية.. إذا ..لا بناء للدولة إلا - كما ينوه ياسر رزق- من خلال مشروع رباعي الأركان ..إصلاح اقتصادي ، وإداري واجتماعي وسياسي .. لكن الإصلاح الحزبي – أحد أهم محاور الإصلاح السياسي- ينبغي أن يتم بعيداً عن الرئاسة والرئيس .. الرئيس وهو رمز الأمة ينبغي أن ننأى به عن أي نشاط يتعلق بالحياة الحزبية ، حتى لو كان مشروع رعاية إندماج ال104 أحزاب متناهية الصغر في عدة أحزاب كبيرة.. أرقي ..بل خوفي يتكيء على تجربة مأساوية أدت إلى تردي الدولة المصرية وتبنيدها من قبل ياسر رزق في خانة الدول التي تعاني من "موت سريري" ..تجربة الحزب اللا وطني..!! والمثل المصري يقول "اللي يقرصه التعبان يخاف من الحبل " ..فربما كانت مسألة الرعاية مجرد خطوة لأن يترأس الرئيس أحد هذه الأحزاب .. أو ربما يقرأ الشارع - سواء كانت قراءة صحيحة أو خاطئة- أن الرئيس ينحاز لإئتلاف حزبي بعينه ..فيتهافت دود الأرض ..على الانضمام ل"حزب الرئيس" فينتفخ الحزب ويتورم بصورة مثيرة مضحكة ..بل مأساوية..مثلما حدث مع الحزب اللاوطني..الذي تعرض لعملية هرمنة سياسية زائفة من قبل رجال أعمال وإعلاميين و مسئولين.. ليصبح الأكبر..فقط لأنه حزب الرئيس ..حتى أنني كتبت مرة..ربما عام 2005 مقالاً في صحيفة الوفد قلت فيه ساخراً أن هذا الحزب لو تخلى الرئيس مبارك عن رئاسته لتقزم بشكل لايمكن رؤيته بالعين المجردة!! ولقد نخر سوس هذا الحزب اللاوطني في مفاصل الدولة المصرية لينهار التعليم والصحة والعدالة ..كل شيء انهار.. لتعاني مصر العظيمة من حالة موت سريري ، على حد وصف كاتبنا الكبير ياسر رزق ..إنقاذها منه تم بمعجزة بفضل الله ونظام ثورة 30 يونيو.. ولاأبالغ إن قلت أنه إن كانت الدول المتقدمة شيدت اقتصادياتها العظيمة اتكاءً على شعار المفكر الاسكتلندي آدم سميث " دعه يعمل ..دعه يمر" – فمافيا الحزب اللاوطني، وفي تجربة لامثيل لها عبر العالم- نجحت في تعديل شعارسميث ليصبح "دعه يسرق ..دعه يفر!" ..وما كان لها أن تفعل ذلك إلا عبر نفوذها في أركان الدولة ..المستمد من مناصبها القيادية في الحزب اللاوطني ..حزب الرئيس! سيدي الرئيس ..ليتك تنصت لمخاوفي ..مخاوف مواطن بسيط..شارك وأفراد أسرته في ثورة 30 يونيو .. بداخلي ..بداخل عشرات الملايين من المصريين أنت رمز..يزداد إجلالنا لك مع كل نجاح يتحقق في ملحمة البناء الشاقة التي تقودها..حتى لو بدا خطأ هنا أو هناك. لذا.. أرجوك..إبقَ بعيداً عن الحياة الحزبية..واترك مهمة تشكيل الأحزاب أودمجها.. لمشيئة الشارع..
#محمد_القصبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا فشل حفل ثومة في الساحل الشمالي ؟!
-
ياوزير الأوقاف ..وعاظك يروجون لدين غير دين الله!
-
أنا والموت وسمير غريب!
-
لماذا لم تصدر وزارة الداخلية حتى الآن بياناً حول واقعة مارين
...
-
جائزة الشعب.. للشاروني !
-
الشامتون في وزيرة الثقافة- السابقة- !
-
د.عواض :لماذا لايصبح حملة الأقلام.. أيضاً حملة مقشات؟!
-
لو أسند عبد الناصر وزارة المعارف لسيد قطب لتغير مجرى التاريخ
-
سمير غريب..كيف لانحبه ..وكل من أحب ؟!
-
ما أشرسها حروب عمرو فهمي ..ضد المرض ..ضد الفساد!
-
صفقة القرن ..من يجرؤ أن يقول نعم!
-
سيدي الرئيس : لماذا لاتخضع الثقافة في مصر لنظرية الأواني الم
...
-
د. هشام: ماذا لديك تقدمه للمراكبي المجاور لمكتبك؟!
-
شهر الورع أم شهر الفجع؟!!
-
أزمة الممثل الراحل أحمد راتب مع التعديلات الدستورية!
-
الفريق كامل الوزير قائداً للمؤسسات الصحفية!
-
كلاهما وطني ..من يقول : نعم ..من يقول: لا
-
سيدي الرئيس ..هل سأعاقب إن قلتُ للتعديلات الدستورية..لا؟!
-
-منكوس- أبوظبي ..شجن وبهجة وجوائز بالملايين
-
انحياز نقابة الصحفيين للدولة لايعني زواجاً كاثوليكيا بالحكوم
...
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|