أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كمال سبتي - جراح الضحايا















المزيد.....

جراح الضحايا


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 446 - 2003 / 4 / 5 - 21:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



                                                                                                        

كتبتُ في هذه الجريدة وفي غيرها من الصحف العربية رأيي صراحة في معارضة الحرب، معبرا عن قناعتي المطلقة بأن الامم المتحدة قادرة علي تغيير الدكتاتورية في العراق.
كنت أري ان القرار الخاص بحقوق الانسان في العراق، الذي صدر بعد حرب الكويت، كفيل بدفع مجلس الامن الي تبني قرار آخر، يدعو الي اجراء انتخابات الزامية، تحت اشراف الامم المتحدة، تكون الدول الاعضاء ملزمة بتنفيذه وفق البند السابع من الميثاق.
كنت أري الحرب، عاملا تدميريا يضعف نضال شعبي من اجل نيل حريته. ولقد عشت عمري كله، في الحياة وفي الأدب، حالما بيوم الحرية. وخاصمت الارض وانا لا احيد عن حلمي هذا وتغيرت الارض مرات كثيرة وتبدلت، بقرارات اممية وتكتلات دولية وتجمعات حزبية، وكلها خطط لابعاد الدكتاتور بالحرب، ولم يتغير رفضي للحرب. ولم يستملني احد اليها، براتب مغر وانا الفقير المنعزل، او بمنصب لاحق بعد الاحتلال، وأنا الجندي الهارب.
كان الشعب العراقي يموت ببطء تحت قمع الدكتاتورية وكان العالم كله معنا. فكان ممكنا ـ لو صدر القرار ـ ان تخرج الملايين متظاهرة، من اجل اجبار الدكتاتور، علي اجراء انتخابات في العراق.
كان ممكنا ان يكون القرار مخرجا من مأزق التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل، فيقول الباحثون عنها: ان حكومة ديمقراطية مقبلة ستكفل امر تدميرها. وسيجتمع الجميع بلا فيتو، في مجلس الامن من اجل اصدار القرار حوال اجراء الانتخابات، وقد كان بوش نفسه قد اشار اليها في خطابه، في الثاني عشر من ايلول (سبتمبر) من السنة الماضية، امام الامم المتحدة، لكنه لم يعد اليها ثانية قط. لقد صبر العالم اثنتي عشرة سنة، فلماذا لم يصبر وقتا آخر، قليلا، من اجل شن حملة دولية تجبر الدكتاتور علي اجراء انتخابات؟
سيقول مؤيدو الحرب: ان صدام ما كان ليقبل بها. وسأقول: لم يصدر قرار، ولم تشن حملة دولية من اجل تنفيذه.
لقد سقطت دكتاتوريات عديدة في قارات مختلفة بانتخابات تحت اشراف الامم المتحدة، لا بقوات اجنبية، وكان هذا وحده املا لنا لو كنا احسنا السلوك.. كأدباء للعراق.. الذي يتمزق الان شر ممزق، لو ان بعضنا لم يلهث وراء فتات موائد الساسة ـ الباعة. مهلهلا. مزغردا.. كان الشعب، قبل الحرب، مقموعا في مدنه برجال الحزب الحاكم وميليشياتهم وبمنتسبي الامن السري والشرطة العادية.
الان في هذه الحرب يكتمل خناق الرقبة برجال الجيش المتخندقين في المدن وبميليشيات فدائيي الدكتاتور الذين يندسون بين الاهالي بالزي المدني، في البيوت وفي الشوارع.
جاءت هذه الحرب لتسيء الي نضال الشعب من اجل حريته. فقد قمعته اكثر بالعطش والجوع. وبالقنابل والصواريخ وحصار الدبابات، وقمعته اكثر عندما زاد الدكتاتور ميليشيات القتلة المتخفية بين فقراء الناس. وقمعته اكثر عندما تركته وهو الميت بطيئا، يُرمي في العراء من اجل مقاومة المحتل ليلتبس الامر ولتضيع قضيته التي باعها ساسة تجار وادباء هوّسوا للحرب بلا معرفة بها وبدمارها، وهم الذين اذا سمعوا نشرة اخبار بلغتهم الأم احتاجوا الي مفسرين.
جيم كلانسي مذيع الـCNN سأل الشريف علي بن الحسين، الناطق باسم المؤتمر الوطني العراقي يوم 29 من شهر آذار (مارس)
هل اخبرتم الرئيس بوش بما كانت ستكون عليه المقاومة في العراق؟
وبغض النظر عن الجواب، فان السؤال وحده يشي بما يعتمل في الاذهان، والاخبار كثيرة ومتنوعة حوله.
كان عدد من اولئك الادباء، الذين سميتهم في المرة الماضية ادباء الحفيز ، الذين لا يفقهون شيئا في تخيل الحرب حتي، قدر فقههم في تجميع الجنيهات يروجون لامل الحرية بدبابات الولايات المتحدة وصواريخها العابرة. صوروا الحرب نزهة تنتهي بحرية ما في الجيوب، فخدعوا قراءهم الذين يبكون الان وهم يرون اخوتهم في المواطنة مشردين في الطرقات بحثا عن ماء او رغيف خبز، او قابعين في البيوت منذ عدد من الايام، تجنبا لقصف الطائرات او رصاص الميليشيات ومدافعهم.

اليوم الثلاثون من شهر اذار (مارس) عرض الـBBC ريبورتاجا لمراسله في مدينة الناصرية، كانت طائرات الكوبرا(فيه) تطلق من منتصف نهر الفرات صواريخها علي البيوت في الضفة المقابلة، فتنفجر البيوت. ابناء مدينة الناصرية كلهم يعرفون بان عائلتي تسكن هناك.
تحصن الامريكيون في ضفة علي نهر الفرات، وتحصن الآخرون في الضفة المقابلة وبدأت لعبة اطلاق الصواريخ والقنابل.. بدأت لعبة الحرب والمقاومة، وبدأنا نحن ابناء المدينة في المنفي نتهاتف في ما بيننا لاعبين ـ خلال المهاتفة ـ لعبة اخري هي لعبة النظر الي بيوتنا تنفجر في شاشة التلفزيون، وكل يقول لصديقه في الهاتف: هذا بيتي وذاك بيتك. وأهلنا ـ ان هم احياء ـ قابعون في بيوتهم عطشين وجائعين وخائفين.. وما سوف يأتي هو الاعنف. كما قال رومسفيلد اليوم في الـCNN. وقد قلت هذا قبله، ما سوف يأتي هو المأساة.
حين يأمر فرانكس قواته بمحاصرة بغداد ستبدأ الفاجعة، مدينة بخمسة ملايين وربما بستة او بسبعة.. لا ندري ستشهد الحصار الاقسي في التاريخ. سيعطش الناس اكثر، سيجوعون اكثر، وسيموتون اكثر.
في ذلك الوقت سأنسي مشهد طائرات الكوبرا علي نهر الفرات وهي تقصف بيوت عوائلنا في مدينة الناصرية، سأنسي مشهد فقراء البصرة يهربون من مدينتهم ـ تحت وابل رصاص الميليشيات ـ الي قناني الماء المهداة الينا من الكويت لأننا: Human being, also ، كما قالت شابة كويتية في الـCNN سأنسي كل مشهد.
امام الفاجعة سنصرخ بأن جراح الضحايا فم ـ كما قال الجواهري في مرثية اخيه جعفر ـ فم ليس كالمدعي قولة، وليس كآخر يسترحمُ، لكنه فم المقهورين، كما في كل زمان، يهز الارض هزا بصرخته، ليفضح ويعرّي الساسة ـ الباعة، وحثالة الادباء الذين هوّسوا للحرب.

 



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أُدباءُ الحَفيز!
- جلسةٌ قبل الحرب
- فــي الأصــلِ الشـّـعـريّ


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كمال سبتي - جراح الضحايا