|
تعالوا نرفع التجريم عن الإجهاض .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6342 - 2019 / 9 / 5 - 16:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعود موضوع الإجهاض إلى الواجهة بعد اعتقال الصحفية هاجر الريسوني وشريكها والطبيب ومعاونين بتهمة الفساد والإجهاض والمشاركة فيه . وبغض النظر عن طبيعة العلاقة بين الصحفية وشريكها وكذا تقرير الخبرة الطبية ، فإن المشكل المركزي يكمن في الفصول القانونية التي تجرّم الإجهاض والعلاقات الرضائية . ذلك أن عملية الاعتقال لم تكن لتتم لولا وجود نصوص قانونية تجرّم الإجهاض وتصنف العلاقات الرضائية بين البالغين "فسادا" ما يجعلها تشرعِن الاعتقال في هذه الحالات . ولم تكن هاجر الأولى التي يتم اعتقالها بنفس التهم إذ ،حسب الإحصائيات التي أوردها موقع "هسبريس" بتاريخ 4 سبتمبر 2019، "فقد تمت معالجة 15 قضية على مستوى الشرطة القضائية وطنيا سنتي 2018 و2019، وتم الاستماع إلى 70 مشتبها فيه على ذمة هذه القضايا، منهم ممرضات ومساعدات طبيب وممرضو التخدير، إضافة إلى 23 طبيبا". ولن تتوقف عمليات المطاردة والاعتقال بذات التهم طالما ظل نفس القانون يجرم هذه الأفعال والعلاقات . فالقانون إياه أصبح متجاوزا ولا يساير حركية المجتمع وتطور بنياته الاجتماعية والثقافية . فضلا عن كونه يضع المغرب في حالة تناقض مع المواثيق الدولية ذات الصلة بالحريات الفردية التي صادق عليها. أعتقد أن الوقت جد مناسب الآن لفتح نقاش جدي حول ضرورة صيانة الحريات الفردية ورفع التجريم عن العلاقات الرضائية وعمليات الإجهاض . فمن جهة ، مشروع القانون الجنائي لم يُعرض بعد على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه ، الأمر الذي يعطي للأحزاب والهيئات الحقوقية والمدنية فرصة التنسيق فيما بينها لتقديم مطالب موحدة تصب في اتجاه الارتقاء بالمنظومة التشريعية حتى تستجيب للالتزامات المغرب الحقوقية ؛ ومن جهة ثانية ، حادث اعتقال الصحفية هاجر الريسوني الذي فجر نقاشا واسعا حول الحريات الفردية وضرورة احترامها وصيانتها . إذن الأجواء السياسية والإعلامية مناسبة لطرح مسألة الحريات الفردية للنقاش والضغط على الحكومة لوضع تشريعات قانونية تحمي الحريات الفردية . من هذا المنطلق ،أقول للمشرّع المغربي الذي جرّم الإجهاض والعلاقات الرضائية بين الراشدين بحجة الحفاظ على تماسك الأسرة والمجتمع : أيهما أخطر على الأمن الشخصي والأسري والاجتماعي والأخلاقي : الإجهاض الناتج عن علاقة رضائية أم اعتقال الأطراف المشاركة في الإجهاض؟؟ هل يدرك المشرع مدى الدمار والأذى النفسي والاعتباري والاجتماعي والأسري والمهني الذي سيلحق الأطراف المشاركة في الإجهاض عند الاعتقال ؟؟ كانوا خمسة فقط يعلمون بعملية الإجهاض (الأم والأب البيولوجي والطبيب وتقني التخدير والكاتبة) أما بعد الاعتقال فالشعب المغربي وشعوب أخرى علمت وتتابع الواقعة . الواقعة جرت داخل العيادة ولم يخرج المعنيون شاهرين لافتات أو رافعين شعارات تهدد الأمن العام أو تحرض "الفساد". هل يعلم المشرّع ومعه الحكومة أنه بسبب تجريم الإجهاض يتم التخلي عن طفل واحد في كل الساعة، حسب تقرير “الطفل المهجور في المغرب”، الصادر عن اليونيسف، والرابطة المغربية لحماية الطفولة؟؟ وهل يدرك المشرّع ومناهضو الإجهاض أن المغرب يشهد يوميا ولادة أكثر من 100 طفل بدون هوية الأب، وفق تقرير المركز المغربي لحقوق الإنسان الذي حذر من أن "نصف هؤلاء الأطفال يعتبرون مشاريع "أطفال شوارع"، والذين"يشكلون المصدر الرئيسي لظاهرة الإجرام المتزايد بالمغرب، وتبني مواقف متطرفة، ويشكلون النسبة الأكبر من المتورطين في جرائم اعتراض سبيل المواطنين، وفي الفوضى التي تشهدها بعض الملتقيات الرياضية، وفي السقوط في أحضان الإرهاب، وكذا في ارتفاع نسبة حالات الانتحار في صفوف الشباب، وتعنيف وقتل الأصول"؟؟. أليس التشريع إياه محرض على الإفساد الحقيقي للمجتمع ويهدد نسيجه ؟؟؟ فما الفائدة من تشريع أضراره أخطر من منافعه ؟؟ فماذا أعدّ المشرّع والحكومة لآلاف الأطفال المتخلى عنهم (حوالي 500 ألف طفل مغربي وُلدوا خارج مؤسسة الزواج بين سنتي 2003 و2009 حسب السيدة عائشة الشنا رئيسة جمعية التضامن النسوي )؟؟ لا شك أن الاعتقال بتهمة الفساد أو إجهاض الحمل الناتج عن علاقة رضائية يمس بكرامة الأشخاص ووضعهم الاعتباري والأسري والاجتماعي . لا يدرك المشرع مدى الدمار الذي يلحقه بالمتهمين وبكرامتهم وسمعتهم . فالمشرّع والحكومة والبرلمانيون جميعهم يحبون أن تشيع الفتنة في المجتمع . فجميعهم يرفضون تغيير القانون الجنائي قصد إلغاء الفصول التي تجرّم العلاقات الرضائية والإجهاض . إن المطلوب اليوم هو تكثيف الجهود بين الحداثيين والإسلاميين للضغط على الحكومة والدولة بهدف تغيير القانون الجنائي ورفع التجريم عن الإجهاض والعلاقات الرضائية . لم تعد ادعاءات الإسلاميين الطهرانية والفضيلة تنطلي على أحد بعد تورط عدد من رموزهم في قضايا "الفساد" الأخلاقي والعلاقات الرضائية . وكلما انكشف أمر أحدهم أو اعتقل ، سارع أعضاء الحزب الإسلامي إلى المطالبة باحترام الحريات الفردية . ولما كان مطلب احترام الحريات الفردية يرفعه الجميع ، فإن الأوكد التسريع بتقدير مشروع قانون يضع حدا لخرق أو مصادرة الحريات الفردية . أمام استفحال ظاهرة الأطفال المتخلى عنهم وما يترتب عنها من جرائم تهدد أمن المجتمع واستقراره ، فإن المدخل القانوني الواجب اعتماده لمواجهة الظاهرة يقتضي التعجيل برفع التجريم عن الإجهاض ثم تحميل الأب البيولوجي كل المسئولية في الإنفاق والنسب لفائدة الطفل الناتج عن علاقة خارج مؤسسة الزواج انسجاما مع مبدأ المساواة الذي يقره الدستور والمواثيق الدولية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكومة البيجدي تصادق على مصادرة حقوق الطفل.
-
شورط المتطوعات وخزي البرلماني.
-
حرية الإضراب وحرية العقيدة عند الإسلاميين .
-
جهوية ألمانيا وجهوية المغرب .
-
مفهوم المواطنة داخل منظومة الفكر الإسلامي
-
في السياسة والدين
-
في رمضان تتغوّل انحرافات التديّن .
-
ما فائدة اعتذار عائض القرني ؟
-
حوار لفائدة جريدة الأحداث المغربية
-
لماذا فشلت -ثورات الربيع العربي-؟
-
حوار لفائدة جريدة الأحداث المغربية
-
أهداف البيجيدي من تعريب المدرسة العمومية.
-
زيارة البابا تسقط القناع عن تطرف الإسلاميين .
-
سقوط شعار -حجابي عفّتي-.
-
درس نيوزيلندا درس لنا .
-
أين مشروع الإسلاميين للنهوض بأوضاع المرأة ؟؟
-
دور الهيئات والمنظمات النسائية في النهوض بأوضاع المرأة بالمغ
...
-
من كانت مرجعيته -محددة من عند الله- فمكانه الزاوية وليس الحك
...
-
يوم كانت المدارس القرآنية تكوّن الوطنيين .
-
إستراتيجية الإخوان لتطويق النظام .
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|