أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالجبار الرفاعي - #وليُّ_الله_الدهلوي والإسلام التعددي الهندي














المزيد.....

#وليُّ_الله_الدهلوي والإسلام التعددي الهندي


عبدالجبار الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6340 - 2019 / 9 / 3 - 20:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


#وليُّ_الله_الدهلوي والإسلام التعددي الهندي

عبدالجبار الرفاعي
الفضلُ يعود للإسلام التعددي الهندي في نشأة علم الكلام الجديد، لأن مؤسِّسيه الأوائل كانوا من أبرز مفكري الإسلام في شبه القارة الهندية، ثم انتقل بعد ذلك إلى إيران، والعالَم العربي، وبدأ الاهتمام به أخيرًا في كل عالَم الإسلام. ولعل ولي الله الدهلوي هو أول من عمل على ترسيخ أسس الإسلام التعددي الهندي، والذي تكرست بنيته لاحقًا في أعمال: أحمد خان، ومحمد إقبال، وفضل الرحمن.
كان وليُّ الله الدهلوي (1703 –1762)، الذي يسميه بعضُ الباحثين مجدّدَ القرن الثامن عشر، يمتلك رؤيةً تتّسع لعبور التراث، وتحاول أن تعيدَ قراءةَ القرآن والحديث في ضوء الأفق التاريخي لعصر البعثة، إذ أزاح شيئًا من ركام التفاسير المكرَّرة والشروح التي دفنت القرآنَ وغيّبت المقاصدَ الكليةَ لرسالته القيمية، وحاول أن يرى النصَّ القرآني بلا وسائط تحجبه. على الرغم من أن برامجَ التعليم الديني لوليّ الله تركّز على الحديث والعلوم التقليدية، لكنه شدّد على ضرورة التعامل مع القرآن مباشرةً خارج التفاسير، ولم يقبل من التفسير إلّا بحدود ما يشرح معاني الألفاظ وإعرابَها نحويًا. كما أدرج التصوّفَ في نهاية برنامجه التعليمي، وهو ما لم تألفه برامجُ التعليم الديني من قبل في شبه القارة الهندية . ولعله تلقّى التصوّفَ من والده الذي كان متصوفًا كبيرًا. لوليّ الله أثرٌ ملموسٌ في انتشارِ دراسة الحديث أيضًا، وهيمنةِ المدرسة الحديثية، هذه المدرسةَ التي انتهت إلى مواقف سلفية متشدّدة في شبة القارة الهندية لاحقًا.
نعثر على شذراتٍ في آثار الدهلوي، تلمح إلى آراء اجتهادية، لا تكرّر المكرَّر في التراث. وقد أضاءت هذه الآراءُ لبعض مفكري الإسلام الهندي في القرنين التاسع عشر والعشرين شيئًا من عتمة حاضرهم، وأسهمت في توجيه بوصلة تفكيرهم الديني. حتى وصف محمد إقبال الدهلوي بقوله: "أول مفكر مسلم حاول إعادة بناء الفكر الديني في الإسلام" .
اهتم وليُّ الله الدهلوي بالكشف عن تعبير الشرائع عن مجتمعاتها، واصطلح على تعبير الشرائع عن مجتمعاتها بـ "الارتفاقات"، وهي تعني ان شرائع النبوات تتناسب وايقاع حياة ونمط عيش المجتمعات التي ظهرت فيها، ولا تخرج إلا بشكل محدود عن طبيعة حياتهم وظروفهم وعاداتهم وتقاليدهم. بمعنى ان هناك "ارتفاقا" أي تناغماً بين الشريعة وحاجات المجتمع، إذ تنسجم الشرائع مع الأحوال الاجتماعية وطبائع الأقوام، لذلك تختلف وتتفاوت تبعا لاختلاف المجتمعات، وقد بحث الدهلوي هذا الموضوع بشكل موسع في المبحث الثالث من كتابه "حجة الله البالغة".
ويرى وليُّ الله الدهلوي أن دورَ النبي في تلقيه الوحي لم يكن سلبيًا، فهو ليس مجردَ صدىً تمرّ من خلاله كلماتُ الله، فـ "عندما يريد الله إيصال هدى معين، يقدّر له أن يدوم إلى نهاية العالم، يخضع نفس الرسول ليرسل الكتاب الإلهي في قلبه الطاهر، بطريقة خفيّة وشاملة... فتنطبع الرسالة في قلب الرسول كما وجدت في العالم السماوي. وهكذا يعرف الرسول ويقتنع بأن ذاك هو كلام الله... بعد ذلك، وتبعًا للحاجات ينطق الرسول بخطاب بديع الصنعة، هو ثمرة لقدراته العقلانية، ولعون الملاك" . ويعتقد الدهلوي بأن وحيَ القرآن إنما يحدث في "قالب كلمات واصطلاحات وصياغات سبق أن وجدت في ثقافة النبي" . ونقرأ ما يشير إلى شيء من هذا الفهم أخيرًا لدى محمد مجتهد شبستري، إذ يعكس الوحيُ في رأيه أصداءَ ثقافةِ النبي ورؤيتِه للعالم، وهو ما شرحه بالتفصيل في سلسلة محاضراته الموسومة: "القراءة النبوية للعالم" .
مصائرُ الأفكار لا تنتمي لبداياتها، فقد انتهت آراءٌ عقليةٌ حرّة إلى مصير مريع، بعد أن أمست مغلقةً مفرّغةً من أيّة بصمة للعقل. هذا هو المآلُ الذي انتهى اليه ميراثُ وليّ الله الدهلوي في شبه القارة الهندية، فقد استحوذ عليه وشوّههُ تيارُ أهل الحديث السلفي المناهضُ لكلّ أشكال التفكير العقلي، والذي رفض حتى علم الكلام. آراءُ الدهلوي كانت مُلهِمةً لجماعة من مفكري المسلمين في الهند لاحقًا مثل: أحمد خان، ومحمد إقبال، وفضل الرحمن، على اختلافٍ بينهم في بيان مفهومِهم للوحي وحقيقتِه ومدياتِه، وإن كانوا يتفقون على الدور الفاعل للنبي الكريم "ص" في الوحي.
ومثلما كان الإسلام التعددي الهندي سباقًا في الاجتهاد الكلامي خارج علم الكلام التقليدي، كان الإسلام الأُحادي الهندي حريصًا على استئناف التراث كما هو، وبعث مقولاته المناهضة لبناء دولة حديثة نصابها المواطنة، والتشديد على الدعوة لدولة دينية تستنسخ نموذج دولة ما قبل الدولة في العصر الحديث، وتعلن مناهضة ما يمثل الدولة الحديثة من دساتير ونظم وقوانين وحريات وحقوق. وذلك ما شددت عليه كتابات أبو الأعلى المودودي، التي أضحت ملهمة لأدبيات الجماعات الدينية العربية وغيرها.
#عبدالجبار_الرفاعي

#وليُّ_الله_الدهلوي



#عبدالجبار_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أسس شبلي النعماني علم الكلام الجديد؟
- السؤالُ الميتافيزيقيُّ الجديد يفرضُ علينا بناءَ علمِ كلامٍ ج ...
- التديّنُ الشكلي
- التديّن الشعبي والتديّن الشعبوي
- التديّنُ الرحمانيّ
- التديّن الأخلاقي
- الفنُ القصصيّ في القرآن الكريم ثالث عناوين الضجة في النصف ال ...
- تلوّينُ النصِ
- أمينُ الخولي والهِرْمِنيوطيقا
- منهج التفسير الأدبي للقرآن عند الخولي
- التطورُ سُنّةٌ شاملةٌ عند الخولي
- أمين الخولي وفكرة التطور
- دعوة الشيخ أمين الخولي للتجديد
- الديمقراطيةُ ليستْ محايدةً
- التباس مفهوم مدنية الدولة
- الدين والاغتراب الميتافيزيقي مقدمة الطبعة الثانية
- دين الدولة
- ولادةُ الدولةِ في الفكرِ السياسي الحديث
- الدولةُ ظاهرةٌ أنتجها الإنسانُ
- لا يمكن استئناف تراث المتصوّفة كما هو في عالمنا اليوم


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالجبار الرفاعي - #وليُّ_الله_الدهلوي والإسلام التعددي الهندي