|
العلاقة الملتبسة بين المثقفين الملتصقين بالسلطة
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 6340 - 2019 / 9 / 3 - 14:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فى عدد مُـتميزمن أعداد (مجلة الطليعة) كان العدد كله عن دورالمثقف فى المجتمع..وقد شارك فيه ماركسيون عرب مثل: الأخضرالإبراهيمى، كريم مروة، محمد حربى..ومن مصر: لطفى الخولى، د.إسماعيل صبرى عبدالله، أبوسيف يوسف، صلاح عيسى، د.منى أبوسنة..ود. مراد وهبة. استهلّ د.إسماعيل صبرى عبدالله مقاله بتعبيرابن المقفع الذى قال فيه ((صاحب السلطان كراكب الأسد، يحسده الناس..ويأكله الأسد))..وهوتعبيرفى قمة البلاغة عن مصيركل من يقترب من سلطة الحكم..وإذا لم يــُـثبت الولاء الكامل..والطاعة المطلقة لصاحب السلطة، سيكون من المغضوب عليهم والضالين..ومصيره القتل. وضرب الكثيرمن الأمثلة عن خضوع الوزراء والشعراء للحاكم، طوال التاريخ العربى/ الإسلامى..وأنّ هذا التاريخ شهد الكثيرمن وقائع بطش السلطة..كما حدث مع أبى حنيفة الذى فضــّـل السجن على تولى القضاء..وذكرأنّ قضية العلاقة بين المثقف والسلطة، فى شد وجذب فى الحضارة الإنسانية، التى أتيح لنا أنْ ندرسها، والتى يعيبها جهل أى كاتب (بحضارات الصين والهند واليابان..إلخ))..ولم أندهش من أنه لم يذكرالحضارة المصرية، لأنه أثبت تطابقه مع أغلب الماركسيين المصريين..وكان مثلهم بدفاعه عن النظام الناصرى حيث اختلف مع الذين ((حمّـلوا كل النواقص والمصائب على شمولية حكم عبدالناصر..ولكنه تناقض مع نفسه عندما كتب أنّ النظام استثنى الشيوعيين المعتقلين من قانون العفوعن السياسيين.. وأعملت فيهم البطش والسجن والتعذيب فى عام1955وعام1956..ولم يذكرحملة الاعتقالات فى يناير1959..والتى استمرّتْ حتى مارس1964. ونتيجة هذا التوجه الناصرى الذى اشترك فيه معظم المشاركين فى الملف، لذلك جاء فى نهايته نص المذكرة المرفوعة إلى الرئيس أنورالسادات..والاعتراف بأنّ ((ثورة يوليو1952تــُـعتبريسارًا..وأنه بعد هزيمة يونيو67..كان اليسارالمصرى فى القاهرة..وفى أكثرمن مدينة على رأس الجماهيرالتى تحرّكتْ..وتمسّـكتْ بقيادة عبدالناصر)) (ص92، 93)..ومعنى هذا الكلام أنّ الماركسيين غاب عنهم أنّ عبدالناصرهومهندس الهزيمة. وأعتقد أنّ أهم دراسة هى دراسة صلاح عيسى فى19صفحة من القطع الكبير..وذكرأنّ الحملة ضد الشيوعيين تعاظمتْ..وبلغتْ الذروة مع حملة يناير1959..وعندما صدرقرارإصدارجريدة المساء برئاسة خالد محيى الدين (من7نوفمبر1956- 12مارس59)..كان عبدالناصريــُـتابع ما يــُـكتب فيها..ويتصل بإدارتها..ويسأل ((الدكاتره بتوعكم بيقولوا إيه النهاردا؟))..وبعد حملة يناير59 أعقبتها حملة مارس59..وأنّ الصحفيين فى المساء (ومعظمهم من الشيوعيين) رفضوا مشاركة الصحف الأخرى فى تجريح الشيوعيين المعتقلين، أونشرالأخبار غيرالصحيحة عن الأوضاع فى العراق..وكان لطفى الخولى أحد الذين شملتهم حملة 1959مع أنه لم يكن عضوًا فى أحد التنظيمات الشيوعية..وإنما كان أحد العناصر الماركسية المستقلة..وكان يقف فى الغالب فى منطقة متوسطة بين الحركة الشيوعية وتوجهات عبدالناصر..وخلال المرحلة الأولى من الاعتقالات التى انتهتْ باغتيال شهدى عطية الشافعى فى15يونيو1960،عومل الشيوعيون فى معتقلات عبدالناصر معاملة بشعة، تستهدف تصفيتهم بدنيا ونفسيا..وكان الجميع قد دخلوا المعتقلات وهم يشتركون فى تقييم حكم عبدالناصر(تقييمًـا إيجابيـًـا باعتباره زعيمًـا وطنيـًـا معاديـًـا للإمبريالية..ويتفقون على أنّ التناقض بينهم وبينه ((تناقض ثانوى))..وليس رئيسيا. ومع أنّ انغماس عبدالناصرفى الصراع مع الشيوعيين (على صعيد الوطن العربى كله) كان قد أدى إلى ارتباك خطواته..وتشوش رؤيته..وتحالفاته الدولية، مما أعطى المُـتشددين ذرائع تؤكد صحة رؤيتهم..وأنّ الخولى وهوفى المعتقل كتب رسالة إلى هيكل..وطلب منه التدخل لحل التناقض الثانوى بين الشيوعيين وعبدالناصر..وفى الحوارالذى أجراه فخرى لبيب مع الخولى، ذكرالأخيرأنّ عبدالناصر((هوّن من أثرالتناقض الثانوى حول (قضية الديمقراطية)..وأشارإلى الخطر((على التحول الثورى))..ومصدره ((نفوذ القوى البرجوازية داخل النظام)) (ص68) أعتقد أنّ كلام الماركسيين عن (التناقض الثانوى) بينهم وعبدالناصرأدق دليل على (فشلهم) وانصراف الجماهيرعنهم..وموقفهم هذا لايخرج عن أحد احتماليْن: الأول: غياب الرؤية الموضوعية، لأنّ التناقض بين عبدالناصروأهداف الماركسية ليس (ثانويـًـا)..وإنما هوتناقض جوهرى، فبينما الماركسية مع الجماهيرالشعبية، فإنّ عبدالناصركان ضد الجماهير..وتسبب فى تخريب مصر. الاحتمال الثانى أنهم اتبعوا أسلوب تملق السلطة، بالرغم من اعتقالهم بأوامرمن عبدالناصر..ومن أمثلة ذلك موقف الماركسى/ العروبى (عبدالرازق حسن) الذى استعرض علاقته بضباط يوليوالذين اعتقلوه..وفصلوه من عمله، مع أنه ((كان من المؤيدين لهم والداعمين لخطواتهم..وعندما وافق هيكل على اقتراح الخولى بتخصيص (صفحة الرأى) بجريدة الأهرام..كان تعليق صلاح عيسى: كان اقتناع هيكل- المدنى الوحيد فى سلطة يوليوذات الأصول العسكرية..والتى تـُعانى من فقرأيديولوجى..هوالوحيد الذى يملك فرصة للحوارمع عبدالناصر..والتأثيرفيه، بأهمية إقامة جسربين هذه السلطة..وبين المثقفين الماركسيين، بهدف ترسيخ (منهج الديالوج) بين الطرفيْن ليحل محل (منهج المونولوج) الذى ساد خلال عامى1952..و1960متواكبًـا مع حملة القهرالتى أشاعتْ الرعب بين صفوف النخبة المثقفة، حتى التى تــُـعادى الشيوعية، لمجرد أنّ (توجهها نحوالليبرالية) أى أنّ عبدالناصرجمع الشيوعيين والليبراليين فى (جبهة واحدة) واعتبرهم من أعدائه..ومع أنّ معظم الكتابات لم تكن تخلومن حذرطبيعى، بتأثيرحقبة المونولوج المخيفة، فإنّ الهم الديمقراطى..كان يشيع بين كثيرين..وما لبث هيكل أنْ شارك فى الحوارفكتب ست مقالات، جمعها بعد ذلك فى كتاب..ولم يـُـطبع سوى مرة واحدة..وكان بعنوان (أزمة المثقفين)..وكان هدف هيكل هوتوجيه المناقشة فى اتجاه يقول: إنّ قيادة عبدالناصرحققتْ للمثقفين الماركسيين أكثرمما كانوا يحلمون به..وانتهى إلى أنّ تياراليسارمن أعداء الوطن (حيث الخلط بين الوطن ورئيس الدولة..وأنه هوالوطن)..وشهدتْ هذه الفترة انحياز عبدالناصرلما عــُـرف (بأهل الثقة) وتجاهل الماركسيين حتى ولوكانوا (أهل خبرة) وفى تطوردراماتيكى جاءتْ مقالات هيكل- الأيديولوجست المعتمد لدى ضباط يوليولتــُـمهد لقرارات تأميمات يوليو1961، التى ((صفــّـتْ البرجوازية المصرية الكبيرة..وأقسامًـا من البرجوازية المتوسطة..وكان من رأى الماركسيين أنّ التأميم (خطوة وطنية)..وأكثرمما كانوا يحلمون به..وبالتالى لم يعد هناك مبررلكى يشقوا (عصا الطاعة)..وكان تشخيص صلاح عيسى الموضوعى: مشكلة عبدالناصركانت فى أنه ((دمج الوطن والشعب فى شخصه، فأصبح الحفاظ على السلطة فى مخيلته قرينــًـا بالحفاظ على هذا كله..وفى بعض الأحيان مُـقدمًـا على هذا كله..وصارولاء الآخرين له..وثقته بهم هوهاجسه الأساسى..ولم يكن فى أى وقت من الأوقات مستعدًا للقبول بأية مشاركة مؤثرة فى اتخاذ القرار..وأنه ((لايفتى وعبدالناصرفى المدينة))..ولم تكن صدفة أنّ كل التنظيمات السياسية التى ابتدعها كانت أوعية لتنظيم التأييد..وليس لتنظيم المشاركة..ولما كان عازفــًـا حتى عن أنْ يأخذ برأى الذين يؤيدونه..كان طبيعيـًـا ألاّيسمع رأى الذين يعارضونه أويخالفونه. وفى حواربين الماركسى/ العروبى محمود أمين العالم وأنورالسادات قال الأخير ((تنظيم يعنى سلطة يا محمود. إحنا أنشأنا تنظيم الضباط الأحرار..واستولينا على السلطة..وإبقاؤكم على الحزب بتاعكم معناه إنكم عاوزين السلطة)) (نص الحوارفى كتاب عبدالستارالطويلة: أزمة اليسارالمصرى- مطابع التعاون- القاهرة- عام1987 ص222)..ويتصل بذلك التباين بين مواقف التنظيمات الشيوعية، فى تقييم حكم عبدالناصر(الشريك الأصغرللإمبريالية العالمية) وبين الاشتراكييين..والتذبذب فى مواقف بعض التنظيمات من عبدالناصرأى تذبذبه من الفاشية العسكرية، إلى البرجوازية..وكانت تدفعه لشك دائم فى استمرارولائهم له..وكان يقول: المشكلة هى مشكلة ولاء: لمن يكون ولاء الشيوعى ساعة الجد؟ لى. أم لحزبه الشيوعى؟ ومن هنا جاءت فكرة التعاون بين نظام يوليو..وبين فريق من الماركسيين..كان فى طليعتهم لطفى الخولى، بينما كانت عمليات اعتقال الشيوعيين مستمرة..وتقديمهم إلى (محاكمات عسكرية)..وكان التعاون مشروطــًـا..وكانت شروط عبدالناصرهى المرعية بحكم أنه الطرف الأقوى..وكان أهم شرط أنْ يتخلى الماركسيون عن تنظيمهم المستقل..وقال الخولى فى لقاء مع الباحثة الأمريكية (سيلما بوتمان) أنّ صفحة الرأى بالأهرام كان لديها فرصة لانتقاد بعض الجوانب السلبية..ولكن فى سياق إبرازالإيجابيات..وأنّ عبدالناصرقال إنه يسمح بالنقد ((عدا الشخصى)) وقد لقيتْ صفحة الرأى هجومًـا متعدد الاتجاهات..كان أقساها هوما جاء من الشيوعيين المعتقلين، الذين كانوا ينظرون إلى الماركسيين المستقلين باعتبارهم مواطنين (درجة ثانية أوثالثة)..وينظرالمتشـدّدون إلى الماركسيين المتعاونين مع نظام يعتقل الشيوعيين..ويعذبهم باعتبارهم (خونة أومرتدين)..وقال عبدالرازق حسن أنهم كانوا يتلقون خطابات تتهمهم بالخيانة والتآمر..والمباحثية..وأنه اقترح على لطفى الخولى تقديم هذه الخطابات لهيكل..حتى يعلم مدى الشكوك التى تحيط بالصفحة..وطلبوا من هيكل التدخل للإفراج عنهم، فكان يجابههم بما يصدره المعتقلون من بيانات ((تتهم عبدالناصربالخيانة))..وذكرالخولى أنّ تقاريرسياسية ناقدة..كانت أسرة تحريرالصفحة ترفعها لعبدالناصر..وسببتْ له مشكلات مع جهازالحكم، فأدى لاعتقاله أوتحديد إقامته..وضرب عبدالرازق حسن مثالاعلى ذلك بأنّ الخولى اقترح إجراء بحث عن التركيب الطبقى للقوات المسلحة..وأنّ هيكل أيـّـد الفكرة..وعرضها على عبدالناصرالذى وافق عليها..وأحالها إلى المشيرعامر الذى اعترض على إجراء أى بحث عن الجيش..وكان من بين تحليلات الشيوعيين التى أغضبتْ عبدالناصرما كتبوه عن الوحدة المصرية السورية..وأنها كانت (وحدة فوقية) وبعد الانفصال تبيـّـن أنّ ما حذروا منه هوالسبب فى (تفكك هذه الوحدة) وكانت اعتقالات1959- 1964كشفت الكادرالرئيسى والاحتياطى للتنظيمات الماركسية..وبذلك صارالعمل السرى مستحيلا مع نظام ((كانت عيون أجهزة أمنه تخترق كل جدار..وكانت النتيجة أنّ ما رفضه الشيوعيون فى عام1958قبلوه بعد الإفراج عنهم..ووافقوا على حل حزبهم..وإنهاء وجوده المستقل..وأصدرالحزب الشيوعى المصرى بيانــًـا جاء فيه: نظرًا لوجود اشتراكيين مُـتعاونين مع السلطة، لذلك قرّرتْ اللجنة المركزية إنهاء الشكل التنظيمى المستقل للحزب..كخطوة لابد منها فى ظروف بلادنا..إلخ..وهكذا انتصرالعسكر..وانهزم الماركسيون..وكانت ملاحظة صلاح عيسى الثاقبة: ولم تكن مصادفة أنْ يحرص البيان على الإشارة إلى ((وجود ماركسيين يـُـساندون عبدالناصر)) وتأكد ذلك بأنْ انضـمّ إلى صفحة الرأى بالأهرم..وإلى مجلس تحريرها ثلاثة من ممثلى (قادة الحزب الشيوعى الشهيرباسم 8يناير)..وهم أبوسيف يوسف، د.فؤاد مرسى..ود.إسماعيل صبرى عبدالله. ونظرًا لأنّ قراء صفحة الرأى بالآلاف، لذلك تقرّرترحيل صحفييها إلى مجلة، ربما تقع فى أيدى المئات هى (مجلة الطليعة)..وفى تفسيرالخولى لذلك قال إنه يعتقد أنّ وراء ذلك ضغوط بعض المجموعات البيروقراطية فى نظام عبدالناصرفى حين أنه لم يكن فى حاجة إلى الضغط عليه، حيث كان منذ البداية مليئــًـا بالشكوك من أنْ ((يخطف الشيوعيون منه البلد))..وكان ذلك ما قاله خالد محمد خالد عام1962عندما طلب من عبدالناصرالإفراج عن المعتقلين السياسيين، فى احدى جلسات اللجنة التحضيرية للمؤتمرالوطنى للقوى الشعبية..وبالرغم من وساطة ياسرعرفات وغيره من القادة الفلسطينيين الإفراج عن الشيوعيين، الذين أيـّـدوا سلطة يوليوفإنّ عبدالناصرأصرّعلى استمراراعتقالهم..وكان تفسيرالخولى: أنا أعتقد أنّ الاعتقال كان ((يحدث بسبب إصرارنا على الذوبان والاستقلالية..والقضية كانت تطويع واستيعاب))..ولذلك كما ذكرصلاح عيسى ((فقد آن الأوان لنقل الماركسيين من (عنبرصفحة الرأى الفسيح) إلى (زنزانة الطلعة الضيقة)..وتبـدّدتْ أوهام الاشتراكيين..وذكرعبدالستارالطويلة أنّ من بين3000شيوعى، لم يدخل التنظيم الطليعى (تنظيم السلطة) سوى36وتــُـرك الباقون يدقون باب الاتحاد الاشتراكى (العربى) الذى رفض قبولهم، أوحتى فتح الباب لهم..والاستماع لمأساتهم بعد أنْ تخلوا عن مبادئهم..وذكرعيسى أنّ عبدالناصركان يحرص على الهيمنة على كل شيىء..وعلى دمج الوطن فى شخصه، انطلاقــًـا من يقينه بأنّ أحدًا لايستطيع مزايدته على ((وطنيته..ويساريته.وعروبيته))..ومع أنّ الشيوعيين قد سلــّـموا له بكل ذلك، فإنه لم يمنحهم ثقته فاعتقلهم..وضيق عليهم فى معاشهم بعد الإفراج عنهم. وأصدرت وزارة الثقافة (مجلة الرسالة) برئاسة أحمد حسن الزيات، للتعبيرعن الفكرالسلفى..وضمّـتْ قيادات من الإخوان المسلمين..وأمين شاكرذى الميول الأمريكية..وعمل مديرًا لمكتب عبدالناصر..وعندما اجتمع عبدالناصرمع أسرة تحريرالطليعة كرّركلامه عن أنه غيرمستعد أنْ يترك أحدًا ((يخطف منه البلد)) ونصحهم بأنْ يكتفوا بالتثقيف والتبشربالاشتراكية، أما العمل السياسى فكلا وألف كلا..ومن يعترض فإنّ المعتقلات موجودة..والقانون رقم119لسنة1964يعطى رئيس الجمهورية الحق فى اعتقال كل من سبق القبض عليه، أوالتحقيق معه، أومحاكمته..واعتقاله منذ عام1952..واعترف محمد سيد أحمد الذى أشرف على صفحة الرأى بعد أنْ تركها الخولى أنها أصبحتْ (شاحبة وأكثرحيادية..وكفــّـتْ عن أنْ تكون صفحة للآراء المختلفة..وذكرالخولى أنّ عبدالناصراعتقد أنّ مجلة الطليعة يمكن أنْ تكون لسان حال تنظيمه الطليعى..ولكننا لم ننخرط مع توجهات الاتحاد الاشتراكى..ولكن د.فؤاد مرسى ذكرأنّ مجلة الطليعة ساندتْ نظام يوليو..ولم يكن صدورالطليعة هوالمؤشرالوحيد على رغبة عبدالناصرفى أنْ يـُـغلف نظامه بغلالة اشتراكية..وإنما أضاف إليها (مجلة الكاتب) التى رأس تحريرها الضابط الماركسى/ العروبى أحمد حمروش، ثم الماركسى العروبى أحمد عباس صالح. وفى عهد السادات اشتد الهجوم على نظام عبدالناصرفإذا بمجلة الطليعة تستبسل فى الدفاع عن سياسات عبدالناصرعلى نحولم يفعله غلاة الناصريين، الذين انضـمّ كثيرون منهم إلى السادات..وقال محمد سيد أحمد المشرف على صفحة الرأى ((لم أكن أستطيع نشرأى مقال لأى كاتب لايوافق عليه هيكل..وفى واحدة من تجليات الصراع بين السلطة والمثقفين..كان اعتقال د. جمال العطيفى (عضومجلس تحرير الطليعة) بسبب مقال كتبه انتقد فيه تكرارظاهرة إغفال نشربعض القوانين فى الجريدة الرسمية، أوالتراخى فى نشرها، أوإعطاء تاريخ للنشرمغايرللتاريخ الحقيقى أونشرها فى عددرمزى محدود النسخ..واعتبرذلك مخاطرة بحقوق المواطنين، وإهدارًا لسيادة القانون..ودافع أعضاء اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى عن قرار اعتقاله، بتبريرساذج وسطحى بحجة أنّ العطيفى..كان يتعمّـد ((دس إيماءات فى مقالاته تــُـشكك فى جدية إرساء دعائم الديمقراطية)) وبعد قرارعبدالناصربتعيين هيكل وزيرًا للإعلام فى إبريل1970وهوما اعتبره ((ضربة لنفوذه))..ولذلك شجـّـع توفيق الحكيم على أنْ يكتب رسالة لعبدالناصرينتقد فيها نقل هيكل ((من مجال القلم إلى مجال السلطة))..وكان الخولى من بين الذين شجــّـعوا الحكيم على كتابة الرسالة التى سُـلمتْ لحاتم صادق (زوج ابنة الرئيس) ليوصلها لعبدالناصر..وكان الحكيم قد أطلع (نوال المحلاوى) مديرة مكتب هيكل على الرسالة..واحتفظتْ بصورة منها..وكان ما ورد بها موضوع حواردارفى شقة الخولى، بينه وبين نوال المحلاوى خلال زيارة عائلية قامتْ بها هى وزوجها، وبحضورزوجة الخولى..وتطرّق الحوارإلى انتقاد أسلوب عبدالناصرغير الديمقراطى..وقامتْ أجهزة الأمن بتسجيل الحوارفأمرعبدالناصرباعتقال الأربعة. ومع أنّ اليسارالمصرى دعــّـم (بنشاط) الاتجاه نحوترشيح السادات لرئاسة مصرعقب وفاة عبدالناصربحجة سد الباب أمام (شخصيات يمينية) مثل زكريا محيى الدين..ولكن السبب الحقيقى هوتوهم قادة اليسارأنّ السادات (أسلس قيادًا) وانهم يستطيعون أنْ يحكموا من خلاله..وكان ثمن الصفقة تعيين اثنيْن من الماركسيين وزيريْن..هما د.فؤاد مرسى..ود. إسماعيل صبرى عبدالله، فضلا عن ((وضع خاص للماركسيين الناصريين فى الأمانة العامة للاتحاد الاشتراكى)) وذكرعيسى أنّ سياسة الاستيعاب التى نفذها عبدالناصرحققتْ للنظام الناصرى فوائد عظيمة..خاصة الترويج لمقولة (مجتمع الاشتراكية)..كما أضفى الماركسيون على النظام (صبغة أيديولوجية اشتراكية)..وكانت الطليعة هى أول من أطلقتْ على عبدالناصر(صفة المناضل)..وأول من نحتتْ تعبيرالتطبيق العربى للاشتراكية. لكن تأثيرها الأكبر((كان فى تلميع صورة عبدالناصرالدولية))..وأنّ إحسان عبدالقدوس الذى خلف أحمد بهاء الدين فى رئاسة تحريرالأهرام عام1976تعرّض للضغوط حتى جاء خلفه (يوسف السباعى) الذى استجاب لأوامرالسادات..ونفذ له ما يريده. وأثارمنازعات شكلية مع الطليعة..وألغاها بتحويلها إلى (مجلة الشباب والعلوم) ومع أنّ الطليعة كانت تتخذ شعارفولتير(قد أختلف معك فى الرأى..ولكننى على استعداد لأنْ أدفع حياتى ثمنــًـا لحقك فى الدفاع عن رأيك) فإنها كانت (فى حالات كثيرة) عاجزة عن أنْ تفعل ذلك حتى للتيارالذى تنطق بلسانه..وتنتمى إليه..ومن الأمورالمُـلفتة للنظرأنّ الطليعة لم تــُـطالب فى أعقاب هزيمة يونيو1967بنوع من التعدد السياسى، حتى فى إطارالنظام نفسه. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الأرض ((بتتكلم عربى))؟
-
السلطة فى الإسلام مثل أى منظمة استبدادية
-
البحرية المصرية فى الحضارة المصرية والعصرالحديث
-
التقسيم الناصرى للأنظمة العربية
-
تاريخ الملكة الأمازيعية المسكوت عنه
-
لماذا تجاهل تجفبف منابع الإرهاب؟
-
الفرق بين تسليمه نسرين ونصرأبوزيد
-
ثمن النجومية: التنازل عن الكرامة الشخصية
-
المجلس العسكرى السودانى ومبررالمحاكمة الجنائية
-
الشعب الفيتنامى وتجربته الرائدة فى الكفاح المسلح
-
اليسارالمصرى والعربى والولع بالمرجعية الدينية
-
المغزى الحقيقى وراء نشرالتعليم الأزهرى
-
لماذا ينفرد النظام المصرى (بظاهرة الدونية القومية)؟
-
أليستْ مبادرة روجرزبروفة السلام مع إسرائيل؟
-
إسرائيل تحارب بالسلاح النووى والحمساويون بالسكاكين
-
المتيمون بالمتنبى وتأثيرالعروبة على أدمغتهم
-
الناصرية وكارثة (الحول الثقافى) عاصم الدسوقى نموذجًا
-
دورجامعة الأزهرومعاهدها فى تخريج التكفيريين
-
ما سرغيبوبة Coma الإعلام المصرى
-
حاضرالثقافة فى مصر: عنوان واحد ورؤيتان
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|