عبدالله نو إمام
الحوار المتمدن-العدد: 1551 - 2006 / 5 / 15 - 06:15
المحور:
القضية الكردية
الحلقة 3 من 3 (الأخيرة)
وقد شهدت مدينة حلب آنذاك عدة لقاءات ضمت أطرافاً معارضة لم توقع على إعلان دمشق، بينها الحزبان الكرديان: آزادي ويكيتي.. وفي حين تمكن الجانب الكردي في تلك اللقاءات من إقناع الجانب الآخر باعتبار سوريا دولة متعددة القوميات، رفضت الأطراف غير الكردية تضمين الوثيقة المقترحة عبارة «الشعب الكردي في سوريا» وهذا ما أدى بالجانب الكردي إلى عدم التوقيع على تلك الوثيقة، وأصدر حزبا آزادي ويكيتي بهذا الخصوص بيانا توضيحياً في 20/11/2005م يبين سبب عدم توقيعهما على تلك الوثيقة.
بعد ذلك جاءت المبادرة الكردية التي أطلقها حزب آزادي بتاريخ 17/11/ 2005م ودعا فيها الأحزاب الكردية إلى «الحضور والمشاركة الفاعلة، في الاجتماع الذي سيعقد يوم 24/11/2005 مساءً بمدينة قامشلو، تحضره كافة الأطراف الكردية، لبحث ومناقشة التوصل إلى:
1- توحيد الموقف الكردي، وتوحيد الخطاب السياسي الكردي، حول القضايا الراهنة.
2- وضع آلية عمل موضوعية تخدم الموقف الكردي والخطاب الكردي، وتساهم في تعزيزهما وتطويرهما.
3- صياغة وثيقة سياسية كردية تتضمن الرؤية الكردية الموحدة لقضية الشعب الكردي القومية وللمسائل الديمقراطية والوطنية في البلاد.
4- توفير المناخ الإيجابي، وإيجاد الأرضية المناسبة للبدء في حوارات جادة، من أجل إنجاز إطار كردي شامل لمواكبة التطورات.».
وبالنتيجة لم يحضر لقاء قامشلو في 24/11/2005م سوى أربعة أحزاب كردية:
1- الحزب الديموقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – جناح نذير مصطفى، الذي قال في اللقاء بأنه جاء لـ «رفع العتب» ولمجرد الاطلاع لا غير..
2- الحزب الديموقراطي الكردي السوري الذي لم يوقع ولم يشارك في أية من المحطات المذكورة ضمن هذا المقال، بل إنه قد أصدر في شهر تشرين الثاني من عام 2005م بياناً أعلن فيه عدم توقيعه أو مشاركته في أي لقاء أو حوار إلاّ إذا كان ذلك تحت رعاية سلطة البعث.
3- حزب يكيتي الكردي في سوريا.
4- حزب آزادي الكردي في سوريا.
خرج اللقاء باتفاق هذه الأطراف على إعداد مشروع وثيقة كردية يتم طرحها على النقاش فيما بعد بين كافة الأحزاب الكردية من خلال اجتماع شامل لإقرارها كإعلان كردي.
وعندما وجدت أطراف التحالف الديموقراطي الكردي والجبهة الديموقراطية الكردية بأن حزب آزادي جادّ ومصرّ على السير حتى النهاية في المشروع المذكور وأنه يعمل بحماس متصاعد في سبيل تحقيق رؤية كردية سليمة لحل القضية الكردية في سوريا متبنّاة من الأحزاب الكردية.. قامت هذه الأطراف (الجبهة والتحالف) بإغراء حزب آزادي والسماح له بحضور اجتماعات للجبهة الديموقراطية الكردية كمرحلة أولى لإجهاض مساعيه بإيهامه من خلال تلك الاجتماعات بأن الجبهة – ولاحقاً التحالف – مستعدان للتوصل مع آزادي إلى مبتغاه. بينما وجد حزب آزادي في ذلك فرصة لاختبار – ربما أخير – لتلك الأطراف والتحقق من مدى مصداقيتها تجاه برامجها الحزبية وقواعدها أو اقتناعها بمضمون إعلان دمشق ورؤيته المختلة لحل القضية الكردية في سوريا (كقضية مواطنة وحسب – حسب ما جاء في إعلان دمشق).
وبعد أربعة أشهر من المماطلة والتسويف تأكد حزب آزادي من أن أطراف الجبهة والتحالف غير جادين في التوصل إلى رؤية كردية من أجل الديموقراطية وحل القضية الكردية في سوريا بما يتفق على الأقل مع برامج أحزابها، بل إن تلك الأطراف قد أصرت على أن لا يتجاوز مضمون الوثيقة المقترحة سقف إعلان دمشق فيما يتعلق بحل القضية الكردية، حتى أن السيد نذير مصطفى (سكرتير الحزب الديموقراطي الكردي – البارتي) قد أصر على أن تختتم الوثيقة المقترحة بالعبارة التالية: «لا يجوز تفسير أو تأويل أي بند من البنود الواردة في هذه الرؤية المشتركة، تفسيراً أو تأويلاً يتعارض مع بنود إعلان دمشق نصاً وروحاً.».
وبالنتيجة لم يجد حزب آزادي مناصاً من إنقاذ مشروعه من المخطط الإجهاضي المذكور فقام بطرحه باسمه في 31/3/2006م تحت اسم: «رؤية حزب آزادي الكردي من أجل الديمقراطية وحل القضية الكردية في سوريا»، والتي تضمنت أهم وأبرز الجوانب التي ينبغي أن تحقق التوافق الكردي السياسي والثقافي والاجتماعي كخطوات أولية تشكل بداية لحل ديموقراطي شامل لها.. وفي الجانب الكردي تضمنت رؤية آزادي ثلاثة أقسام:
« أولاً: في مجال الإجراءات الاستثنائية :
- إلغاء السياسات الشوفينية والقوانين الاستثنائية والمشاريع العنصرية المطبقة بحق الشعب الكردي في سوريا، مع إلغاء نتائجها، وفي المقدمة منها قانون الإحصاء الاستثنائي الخاص بمحافظة الحسكة عام 1962، والحزام العربي، وسياسة التعريب.
- إعادة الجنسية للمجردين منها، وفتح باب التسجيل للمكتومين وإنصافهم أسوة بغيرهم من المواطنين.
- إعادة الأسماء الكردية إلى القرى والمناطق والمحال التجارية ..الخ
ثانياً: في المجال الثقافي والاجتماعي :
- فتح مديريات خاصة بالشأن الثقافي والتربوي والتعليمي الكردي في الوزارات المعنية للإشراف والعمل باللغة والثقافة الكرديتين، وإحياء التراث القومي الكردي والاهتمام بآدابه وتطوير فولكلوره.
- الترخيص بإصدار صحف ومجلات باللغة الكردية (سياسية، ثقافية، أدبية ..الخ).
- الترخيص بتأسيس جمعيات وأندية ثقافية، وفرق رياضية وفنية..
- تخصيص جانب من البث في وسائل الإعلام الرسمية باللغة الكردية، وإطلاق محطات بث إذاعي وتلفزيوني خاصة باللغة الكردية.
- تدريس اللغة الكردية في المناطق الكردية، واعتبارها اللغة الثانية رسمياً في البلاد، وتدريسها في كافة المناطق والجامعات في البلاد بغية تعريف أبناء المجتمع السوري بالتراث الكردي .
- الترخيص بافتتاح مدارس خاصة للكرد تحت إشراف الوزارات المعنية.
- فتح باب العمل والتوظيف أمام الكرد، وفق الشروط المطبقة مع سائر المواطنين.
- إجراء بحث اجتماعي في محافظة الحسكة وتوزيع الأراضي على الفلاحين الكرد والعرب والفئات الأخرى كل في منطقته الأصلية على قدر المساواة وفق معايير اجتماعية معاشية عادلة.
ثالثاً: في المجال السياسي :
- الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي كثاني قومية في البلاد، وحل قضيته القومية حلاً ديمقراطياً عادلاً، على أساس التمتع بحقوقه القومية الديمقراطية في إطار وحدة البلاد، كشكل من أشكال حق الشعوب في تقرير مصيرها.
- تمثيل الكرد في المؤسسات التشريعية والتنفيذية وكل الهيئات المركزية بنسبة تعادل نسبة واقعه السكاني من مجموع سكان البلاد، أي ما يعادل 15% من مجموع سكان البلاد.
- تطوير نظام الإدارة المحلية واعتبار الكرد وحدة قومية في معرض تطبيق هذا النظام في المناطق الكردية، بحيث تؤمن لهم تمثيلا حقيقيا في المجالس المحلية.
- تطبيق نفس الإجراءات في المناطق المختلطة أو المتداخلة، بحيث تؤمن تمثيلا جزئيا مناسبا للكرد في تلك المجالس.
- إحداث وزارة خاصة لها مديرياتها في المحافظات المعنية تهتم بشؤون القوميات والأقليات القومية.
- الترخيص للأحزاب الكردية وفق خصوصيتها، أسوة بالأحزاب العربية والوطنية الأخرى، وفق الشروط المتعارف عليها عالمياً، تضمن لها العمل العلني والتسهيلات والإعانات المالية والقانونية، وتكفل رقابة دستورية على أنشطتها.».
ويبدو لي بأن الرؤية التي طرحها حزب آزادي تعتبر الصيغة الأرقى من الصيغ المطروحة حتى الآن، ليس فيما يتعلق بإيجاد حل ديموقراطي عادل لقضية الشعب الكردي في سوريا فحسب، بل فيما يتعلق بعملية التغيير الديموقراطي المطلوب على المستوى الوطني عموماً.
ـــــــــــــــــــــــــ
#عبدالله_نو_إمام (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟