|
نظرية -الكلب الأسود- في نظام المحاصصة الطائفية!
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 6338 - 2019 / 9 / 1 - 23:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من عادات العراقيين الشعبية الموروثة تشاؤمهم من رؤية الكلب الأسود والتطير منه، وأحيانا يصفون من يكرهونه به. يبدو أن هذه العادة قد انتقلت إلى اللغة والعقلية السياسيتين في عراق دولة المكونات التابعة فالبعض أصبح يُقيِّم الأحداث والمواقف والشخصيات بموجبها تقريبا، حتى كادت هذه العادة إلى نظرية سائدة في السياسة العراقية اليوم. شاهدت قبل قليل لقاء على قناة الشرقية - التي بالمناسبة يشتمها أغلب الساسة الشيعة ولكنهم يركضون إليها على الأربع لإجراء اللقاءات والتصريحات- مع النائبة حنان الفتلاوي المستشارة الجديدة لشؤون المرأة لدى رئيس مجلس الوزراء عادل بعد المهدي. وعند سؤالها عن الفرق بين العبادي وعبد المهدي فضلت السيدة الفتلاوي الثاني على الأول. وقالت في تعليلها لهذا التفضيل ما معناه أن العبادي كان مشؤوما حتى المياه في الأنهار غاضت وانحسرت في فترة حكومته، أما في عهد السيد عبد المهدي فقد فاضت الأنهار وعاد الفلاحون في العراق إلى زراعة الشلب "الرز" لوفرة المياه. السيدة المستشارة ذكرت بعض مثالب العبادي وحكومته ومنها تراكم القروض والمشاريع الفاشلة وعدم مكافحة الفساد وهي محقة في ذلك، ولكنها قفزت على حقيقة أن القروض الأجنبية وديون العراق تضاعفت في زمن رئيسها السيد عبد المهدي، وأن المشاريع في عهده اتخذت طابعا تخريبيا خطيرا وضع العراق على كف عفريت إمبريالي معروف، ومنها مثلا خط أنابيب تصدير النفط من البصرة الى العقبة على مرمى حجر من دولة العدو الصهيوني، وبعيدا عن أي سوق دولي لبيع النفط أو مرفأ يؤدي إليه وكأن الهدف الوحيد من هذا الخط الضخم هو إيصال النفط العراقي الخام إلى حيث يحلم الإسرائيليون، وعبر دولة الأردن التي ترتبط بمعادة "سلام" مع هذه الدولة العدوة. ومشروعه لتفعيل مشروع الربط السككي مع إيران والكويت ومشاريع فتح الحدود العراقية أمام المواد "الزبالة" المستوردة دون رسوم كمركية وبناء مناطق لتجميع البضائع المصدرة الى العراق على الحدود مع الكويت والسعودية والأردن، أما تركيا فالأبواب والمعابر الحدودية أمامها مفتوحة على مصاريعها وبوجود قوات احتلال تركية قريبا من تلك المعابر على الأرض العراقية. وفي عهد السيد عبد المهدي تجرأت الدولة الصهيونية على انتهاك سيادة العراق ودمرت وقتلت وجرحت عراقيين دون أن يجرؤ هو أو أي وزير أو مستشار في حكومته على تسمية المعتدي الإسرائيلي بالاسم. إضافة طبعا إلى المُنَح والعوائد المالية التي استمر بدفعها عبد المهدي لإمارة البارزاني وبمبالغ إضافية هائلة دون أن تنفذ هذه الزعامة ما يتوجب عليها من تسليم الحصة الاتحادية من نفط الإقليم حتى اليوم، وقد ذكرت ذلك السيدة المستشارة ذلك في خضم هجومها على البارزاني. بل وقد خطا عبد المهدي عدة خطوات في التنازل عن محافظة كركوك وسهل ونينوى لهذه الزعامة الإقطاعية التي تحرم ملايين الكرد من خيرات بلادهم باعتراف أحزاب وقوى كردية عراقية. واضح أن المستشارة الفتلاوي اعتمدت عمليا على نظرية" الكلب الأسود" ففسرت أداء العبادي السيء وهو سيء فعلا في ميدان الخدمات والفساد واستمرار التبعية لواشنطن، ولكنه لا يتحمل المسؤولية عنه بمفرده بل النظام القائم برمته. وهي بخست دور الرجل في قيادة عمليات تحرير ثلث مساحة العراق من عصابات داعش وقالت إن الفضل لا يعود إليه فقد شارك في التحرير الجميع. نعم، لقد شارك الجميع في صنع النصر ولكن يبقى للرجل مساهمته في القيادة والتدبير الإداري والعسكري على الأقل، ومثلما يحمل البعض نوري المالكي -وهم محقون في ذلك - المسؤولية عن الانهيار والهزيمة وهو الذي تتحالف معه الفتلاوي اليوم في تحالف "البناء"، كان يجدر بها من باب الإنصاف والعقلانية أن تفعل الشيء نفسه فتعترف بدور العبادي في ذلك الإنجاز مهما حتى لو كان دوره متواضعا. أما تعليلها لنجاح عبد المهدي لأنه "سيد" وبسبب وفرة مياه الأمطار والسيول وفشل العبادي بسبب شحة المياه في الأنهار وقلة الأمطار والسيول فهو تعليل مضحك وغير عقلاني يذكرنا بقصة" الكلب الأسود"، وكان ينبغي أن يتم الاعتراف بالإدارة المهنية لأزمة المياه في عهد العبادي وليس بتملق عبد المهدي الذي لم يكن له أي فضل في وفرة المياه، بل إن إدارته لتلك الوفرة كانت مضطربة وغير مهنية وتركت أضرارا كبيرة ولم يتم الاستفادة من تلك المياه وخزنها كما قال المتخصصون! فالمياه كما يعرف الجميع لم تأتِ بأمر أو ذكاء أو شجاعة من السيد عبد المهدي بل من الطبيعة ومن الله المعطي للأمطار والقحط والموت والحياة كما يقول المتدينون. إنَّ خراب الوعي والاحتكام إلى الخرافات والشعوذات في زمن الردة الحضارية والانهيار الشامل للعقلانية هو ما يجعل المستشارة الفتلاوي وغيرها يفسرون الأمور الكبيرة والظواهر المؤثرة في حياة الشعوب بهذه الطريقة البائسة واللاعقلانية؛ فبدلا من الاعتراف بإيجابية وقدرة وكفاءة من قاد الحكومة في الزمن الصعب والأزمة الأمنية والمناخية وشحة المياه القاسية، أو على الأقل الاعتراف بأن الانهيار لم يتفاقم ويؤدي بالبلاد والعباد في عهد هذا الحاكم إلى الخراب الشامل، يجري تجريمه والانتقاص من أدائه والإشادة بمن قاد الحكومة في زمن الفيض المائي المطري الذي لم يعرفه العراق منذ عقود لأن وجوده هذا الشخص في الحكم تصادف مع هذه الوفرة! ترى لماذا لم تتشاءم الفتلاوي من نوري المالكي الذي تعرض خلال حكمه العراق كله لخطر الزوال؟ هل لأنها كانت عضوا في قيادة تحالف "دولة القانون" الذي يقوده المالكي مثلا؟ أغتم هذه المناسبة للتعبير عن اشمئزازي واحتقاري للأسلوب البذيء الذي هاجم فيها النائب فائق الشيخ علي السيدة النائبة حنان الفتلاوى، فهذا الأسلوب الذكوري الرجعي المقرف لا يليق إلا بهذا الشخص الرث شكلا ومضمونا! وختاما، فقد يكون مفيدا أن أكرر أنني لا أفرق سياسيا بين العبادي وعبد المهدي والمالكي والفتلاوي والبارزاني والنجيفي والكربولي ...إلخ، فهم كلهم أقطاب ومسؤولون في نظام طائفي رجعي تابع جاء به الاحتلال ويجب تفكيكه وإنهاؤه بالكفاح السلمي واسع النطاق لأن بقاء هذا النظام سيؤدي بالعراق الى الانهيار والخراب والتقسيم والتلاشي أكثر مما هو منهار وخَرِب ومقسم الآن! كاتب عراقي
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خرافة انتصار الحضارة الغربية النهائي
-
العربدة الإسرائيلية على الحشد ورد الفعل البائس عليها!
-
ج3/مطار كربلاء الدولي في دوامة الفساد
-
ج2/ مطار كربلاء الدولي في دوامة الفساد
-
ج1/ مطار كربلاء الدولي رأس جبل الفساد
-
ما قصة عشرات الجثث المجهولة في منطقة -جرف الصخر-؟
-
العفاريت الثلاثة: الفساد ابن المحاصصة الطائفية بنت الاحتلال
...
-
-لاس فيغاس حجي حمزة- والأسئلة الحرجة!
-
ملعب كربلاء: القداسة في بلد منتهك السيادة!
-
الجينولوجيا تحرج دعاة الفينيقية بلبنان!
-
رفات عسقلان: الجينولوجيا كسلاح بيد الخطاب الصهيوني العنصري!
-
إعادة إعمار الموصل: سننتظر طويلا!
-
النبي إبراهيم بين التوراة والأركيولوجيا
-
مَن هم بناة أورشليم القدس الأوائل؟
-
المعجم الطائفي والفرق بين البحراني والبحريني؟
-
تقاعد النواب والسرقة المفضوحة لمادة تخص المرضى والمصابين أثن
...
-
مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا يخرق الدستور في ثلاثة م
...
-
دستور دولة المكونات رسخ الطائفية وفتح باب التقسيم!
-
السيستاني يحذر من عودة داعش وينتقد النظام الحاكم بحدة!
-
أورشليم القدس في العصر البرونزي: الاسم والهوية!
المزيد.....
-
أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل
...
-
الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر
...
-
الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب
...
-
اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
-
الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
-
بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701
...
-
فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن
...
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|