|
معسكرات تأهيل وليس الدية
محمد نبيل صابر
الحوار المتمدن-العدد: 6327 - 2019 / 8 / 21 - 14:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فى التاسع عشر من أغسطس الحالى، أطلق احد نشطاء شباب تيار التأسلم السياسى مبادرة أوضح فى ثناياها انها صادرة من أفراد داخل السجون المصرية "للوصول الى اتفاق لانهاء هذه المأساة لصالح وطننا الغالى بكامله، هذا الوطن الذى لطالما حمل بين جنباته جميع الاطياف والاتجاهات والاديان" ، وتعترف المبادرة "أن عددا كبيرا من المعتقلين فد وعوا الدرس.......وهم على أتم الاستعداد لمراجعة مواقفهم ....وهم يأملون فى فرصة جديدة يعملون فيها على الالتحام مجددا بنسيج مجتمعهم، والتعايش بسلام تام مع ابناء وطنهم وبلا تدخل فى الشأن العام نهائيا، والمساعدة فى بناء بلدهم بالقدر والشكل الذى يخدم مصالح الوطن العليا" وتضمنت المبادرة الخطوط العريضة التالية اولا: يتعهد المسجون بعدم المشاركة السياسية مطلقا واعتزال العمل العام بما فيها الدعوى والخيرى وللأجهزة الامنية اتخاذ التدابير اللازمة دفع مبلغ مالى تحت مسمى (كفالة- فدية- تبرع لصندوق تحيا مصر ) بالنقد الاجنبى ثالثا: تراجع الاجهزة الامنية ملفات المتقدمين رابعا: تسمية جهة للأشراف على هذه المقترحات مثل الأزهر الشريف او المجلس القومى لحقوق الانسان وعرضت بقية المبادرة الكلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التى سيجنيها النظام الحاكم والمكاسب التاريخية فى حالة موافقته على تلك المبادرة مع التأكيد فى الخاتمة انه " بلغ الخلاف السياسى مبلغا يستحيل حله فى هذه الحياة ، فلنؤجل الفصل فى هذا النزاع الى يوم يفصل فيه الحكم العدل "..ثم انتهت المبادرة بديباجة "نحيا مصر بكل ابناءها " . ولقد جذبت تلك المبادرة العديد من الاضواء وتعرض لها الاعلام المصرى بالهجوم والتشكيك فى نواياها عبر الاعلاميين عمرو أديب واحمد موسى وخلافه ... كما هاجمه المنتمون الى تنظيم الأخوان عبر قنواتهم وفى حوارات منفصلة فى الجزيرة حيث أعلن المتحدث الرسمى باسم الاخوان رفض اى مبادرة للمصالحة مع النظام المصرى فى الوقت الحالى ، والتاكيد على ثبات ما أسماهم "بالمعتقلين " وخاصة بعد ما اسماه "استشهاد" الشيوخ مهدى عاكف و"الشهيد" محمد مرسى .
وبعيدا عن ردود الأفعال وعن كون المبادرة ذات ثقل ام لا، رغم اصرار مقدميها على كونها حصلت على موافقة العديد مما اسماهم "المعتقلين" وأسرهم ، دعونا ننظر للأمر بعين تبحث عن المصلحة وهى الهدف الأهم من ممارسة السياسة :- اولا: لا يستطيع احد ان ينكر انه رغم نجاح التجربة الناصرية فى سحق الأخوان المسلمين الا ان تواجد فئات بأفكار راديكالية فى مكان واحد يدفع الى أبراز افكار اشد راديكالية للتمايز بين المجموعات المتشابهة وهو ما نتج عنه تنظيمات العنف الجهادى فى السبعينات والتى بدأت من ادخل السجون وهو ما تكرر ايضا حتى فى التجربة الامريكية فى سجون ابو غريب وبوكا ثانيا: عدد لا بأس به من المسجونين يقضون مدة محكوميتهم بتهم "الانتماء الى جماعة محظورة والعمل على قلب نظام الحكم " ، تلك التهم التى تتعلق غالبا بالتعاطف مع جماعة الاخوان وأفكارها وتسمح تحت مسمى المظلومية بكسب مزيد من التعاطف فى أسر ومحيط عمل المسجونين، وهو ما لمسته شخصيا ويلمسه اى شخص يتحدث عن صديق تم سجنه ثالثا: لا يمكن اهمال انه قد سبق تلك المبادرة بثلاثة ايام اصدار رسالة من داخل السجون وقع عليها ما يقرب من 1300 مسجون ينتمون الى جماعة الاخوان المسلمين بطريقة او بأخرى (تعاطف او انتماء فكرى او عضوية فعلية) ، وجهت الرسالة الى قادة وشيوخ الجماعة عن الاوضاع الفكرية والسياسية لشبابهم داخل السجون وتعلن - وانقل منها اقتباسا " ان جموع المعتقلين باتت منهكة ولا تطيق ذرعا بأبسط الامور ، بات اليأس حليفها ، وفقدان الأمل رفيقها " وانه " ما عاد الحديث عن الثبات داخل زنازين مرعبة يجدى مع الكم الهائل من الركام المتحطم داخل النفوس " وان " الشباب اصبح لا يرى من الشيوخ والقيادات الا سجنا داخل السجن .....وتصدير للشباب شعارات كاذبة ، ثبات مزيف وادعاءات لا تمت للحقيقة ولا الواقع بصلة" ، وتدعو الرسالة القيادات الى طلب التصالح مع النظام المصرى واتخاذ خطوة الى الوراء من اجل هولاء المسجونين الذين يبتعدون عن الجماعة يوميا "واننا لنرفض كل ما يرفع اليكم من تصوير للاوضاع داخل السجون من ثبات وصمود وعلو همة عن طريق القيادات الصغيرة المنتشرة داخل السجون ، والله لهى أبعد عن ما يكون عن الصورة الحقيقية ". رابعا: تبرؤ الجماعة من المباردة والرسائل يمنح النظام فرصة ذهبية للاحتلال مكانها وكسب التعاطف لصالحه من أسر المسجونين خامسا: على الجانب الأخر يقضى المسجونين قضاياهم بتهم جنائية لا تحت اوامر اعتقالات سياسية كما يحاول الاخوان تصوير الامر فهم مسجونين جنائيين وليسوا معتقلين سياسيين ، وبالتالى تعد فكرة دفع مال مقابل الافراج عنهم فكرة مرفوضة شكلا وموضوعا ورغم أعتراضى الشخصى على اسلوب تعامل النظام مع جماعة الاخوان وتركه للعديد من القيادات الوسطى لهم فى مواقع وشركات استراتيجية داخل الدولة وغيرها الكثير الا ان الحالة التى وصل لها المسجونين الموقعين على الرسالة المذكورة والذين تقدموا بالمبادرة وامكانية حدوث مكاسب حقيقية تفرض على التقدم باقتراح لتعديل المبادرة اولا: يتقدم المسجون بالتعهد المذكور فى المبادرة كبادرة لحسن النية ثانيا: الا تتضمن المبادرة اى متهم فى القضايا الكبرى المتعلقة باعتصام رابعة والاحداث التالية للفض او المنتمين الى تنظيمات حسم وخلافه ثالثا: تبدا المبادرة على من ينطبق عليهم الشرط السابق من الموقعين على الرسالة المذكورة كمرحلة اولى رابعا: يستكمل المسجونين بقية مدتهم فى "معسكرات اعادة تأهيل " تتضمن دروس فكرية واعمال زراعية واستصلاح اراضى ومحو امية للبدو فى معسكرات تقام فى ممناطق نائية وتحت اشراف القوات المسلحة والشرطة والاوقاف والازهر وخبراء معهد البحوث الجنائية والاستعانة بأخرين لغسل مخ هولاء من الافكار المتهافتة لجماعة الاخوان المسلمين خامسا: تدرس لجنة الافراج عن المسجونين والجهات الامنية مدى تقدم هولاء المسجونين فى برنامج التأهيل ومطابقتهم لشروط الحصول على عفو لاحقا والحقيقة ان " معسكرات اعادة التأهيل " ليست بدعة من النظام المصرى بل سبق وان طبقتها المانيا مع 3 مليون نازى سابق عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وسريلانكا عقب انتصارها على جماعة نمور تحرير تاميل ايلام على كل من استسلم من افراد الجماعة عقب سحقها عسكريا، وبالتعاون مع منظمة دراسات الارهاب ومكافحة الارهاب الامريكية ، ومصر نفسها عقب رعايتها لقوافل الازهر والمراجعات الفكرية فى التسعينات . ان الاستفادة من الحالة النفسية السيئة والضعف البادى على افراد الاخوان المسجونين من اجل تنقية افكارهم من افكار تلك الجماعة هو الخطوة الاهم والنجاح الاكبر فى خطة مكافحة الارهاب بشكل دائم . فالافكار هى البذرة الشيطانية لتلك الجماعة ومحوها هو السبيل الامثل لهزيمتها.
لعل تلك الفكرة من خارج الصندوق تلقى آذانا صاغية او تثير حراكا من اجل تعديلها الى الافضل بما يضمن مصرنا اقوى وافضل ومتطهرة من درن الاخوان وافكارهم .
#محمد_نبيل_صابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأشبين
-
الحاكمية عند الشيعة
-
حزب التحرير.. المنسى فى الاسلام السياسى
-
من قتل السياسة فى مصر؟!! -2-
-
احمد خالد توفيق...وداعا
-
من قتل السياسة فى مصر؟!!
-
من اجل القلعة
-
الخروج من عباءة فايمار المصرية
-
الامير المصرى
-
ثورة بلا قضية
-
موعد مع الرئيس
-
كوكب العقلاء...مصر
-
لماذا لا يحب الجمهور مجلس طاهر ؟
-
من اجل تاريخنا يا د. محسوب
-
فى وداع يناير
-
رسائل عاشق قديم
-
جمهورية البلح
-
العودة الى ارض الزومبى
-
اعزائى النحانيح... صمتا
-
رسالة الى معلومة العنوان
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|