أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بعض من بعض الذي كان .. 6.. القراءة المرتدة















المزيد.....

بعض من بعض الذي كان .. 6.. القراءة المرتدة


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6322 - 2019 / 8 / 16 - 23:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعض من بعض الذي كان .. 6.. القراءة المرتدة
جعفر المظفر

واقع الحال إن كل "مرحلة" يجب أن تبحث بظروفها وإيجابياتها وسلبياتها, وفي إعتقادي فإن التعريف السياسي للمرحلة لا بد وإن يفضي إلى وضع بداية خاصة بها ونهاية خاصة بها أيضا, فمرحلة الحرب هي غيرها مرحلة السلام, ومرحلة الحكم الملكي هي غيرها مرحلة الحكم الجمهوري, والذي أتى من خلال الثورة على سابقه. لأن الفشل والنجاح هنا هما نسبيان ويعتمدان على برامج وظروف كلا العهدين المتناقضين الذي إستدعى الثورة كإسلوب تغيير.
حتى مع النظام البعثي الذي تأسس بعد غزوة القصر وسقوط حكومة الرئيس عبدالرحمن عارف فإن من العدالة تصنيفه إلى عهدين, عهد ما قبل مجزرة الخلد وعهد ما بعد المجزرة, بحيث يجوز أن نسمي عهد ما قبل المجزرة بالعهد البعثي بينما يتوجب تسمية العهد الذي تلاها بالعهد الصدامي, رغم وجود بعض التداخلات المشتركة بين العهدين.
ولست أخالف أمنية الكثيرين تلك التي تود (لو) أن النظام الملكي لم يكن قد سقط وذلك من أجل أن لا نرى مآسي وكوارث العهود التي تلته, لكن القول أن فرص ذلك العهد كانت مفتوحة على التطور لو لم يتحرك العسكر لإسقاطه هو قول يفتقد الدقة وموضوعية الأحكام, لأن (مرحلة) النظام الملكي كانت لها بداياتها الخاصة ونهاياتها الخاصة, وهي مرحلة كانت منضبطة ضمن ظروف عالمية وإقليمية ومحلية شديدة الخصوصية بحيث بدت نهاية الحكم الملكي مختومة بنهاية عهد الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس, إذ بعد أن بدأت شمس تلك الأمبراطورية بالأفول فإن المجرات الدائرة في فلكها كان لا بد لها أن تتهاوى أو أن تبحث عن شمس أخرى تستمد منها الطاقة والضياء, وبعدها فإن العودة الى نظام الـ (لو) لقراءة التاريخ وإعادة الإعتبار للنظام الملكي من خلالها هي أشبه بإستعمال المقص بدلا من القلم لكتابة هذا التاريخ و تدوينه.
وربما كان النظام الملكي قد إنتبه إلى حقيقة التغير في مراكز القوى ذلك الذي حدث في عالم ما بعد الحرب الثانية إلا أن إلتحاقه بالعالم الأمريكي كان صعبا جدا بفعل معاناته من إنسدادات إقتصادية وإجتماعية وسياسية لم يكن من السهولة فتحها أو تسليك مجاريها حتى تتمكن من تحقيق تلك النقلة. وأزعم أن النظام الملكي العراقي وكذلك المصري كانا جزءا من العالم القديم, وأعني به العالم المحصور في المرحلة الكائنة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية, لأن الحروب عادة ما تضع في يد المنتصر مفاتيح تغيير الجغرافيا على الأقل, إن لم يكن تغيير العقائد أيضا.
ولم يكن بوسع الوضع العراقي الداخلي المبني على التحالف بين شيوخ القبائل والإقطاعيين أن يحقق نقلته إلى العالم الجديد هكذا بسهولة, فالنقلة كانت تقتضي قلع أسس الدار لغرض نقله كاملا وليس نقل الأثاث لوحده.
إن واحدة من الأمثلة التي يمكن لنا أن نستدعيها في هذا السياق هو المثال الأمريكي. إنتقال هذه الدولة العملاقة من الإقتصاد الزراعي إلى الإقتصاد الصناعي كان كلف المجتمع الأمريكي حربا أهلية طاحنة بين الشمال والجنوب. لنتذكر أن إقطاعي الجنوب كانوا بحاجة إلى فلاحين عبيد بينما صار صناعيو الشمال بحاجة إلى عمال أحرار, وما عاد ممكنا للبلد بعد ذلك غير أن يواجه التقسيم أو أن يتغير, وما كان تحرير العبيد والإنتقال من المجتمع الإقطاعي الزراعي إلى المجتمع الرأسمالي الصناعي والمحافظة على وحدة الأراضي الأمريكية ليتحقق دون أن يكلف ذلك أمريكا حربا أهلية وخسائر بشرية ومادية هائلة.
صحيح أن العراق بلد على قدر حاله وليس من العدل مقارنته بأمريكا, لكن الصحيح أيضا أن البلد كان مُنَظّما ضمن قواعد لعبة ما بعد الحرب العالمية الأولى, والتي كانت لعبة بجذور وإمتدادات إنكليزية وفرنسية خالصة, ولم تكن الدار الأنكلو عراقية أو العراقوإنكليزية من نوع الأبنية الجاهزة التي تتحرك على عجلات, بل كانت دارا بقواعد إجتماعية وإقتصادية لم يكن ممكنا تغييرها إلا من خلال حركة إصلاحية عميقة أو ثورة ساحقة تزيح نظامه وسياسيه وتغير قواعد لعبته بقواعد جديدة.
فإن كانت اللعبة الجديدة بعد ذلك قد أخفقت فلن يدل على ذلك أن اللعبة القديمة كانت تمتلك قوانين إستمرارها من داخلها, فالنظام الملكي عجز عن العثور على إصلاحييه من داخله, وفي تلك المرحلة لم تكن هناك فرصة لغير العسكر أن يتحركوا. فإن لم يكن ذلك قد أتى بإتفاق مع قوانين الثورت الشعبية فذلك كان خطأ التاريخ ولم يكن خطأ العسكر.
وكنت سابقا قد تحدثت عن القراءة الإسقاطية وقصدت بها العودة لقراءة التاريخ بعيون وعقل ونفسية قارئه حاليا, أي تلك التي تستقطع جانبا حساب مساوئ تلك المرحلة بمساطرها وفراجيلها وتعود لقرائتها وهي تحمل على أكتافها كوارث وإحباطات ما تلاها من مراحل, بإدعاء أن هذه الكوارث لم يكن مقدرا لها أن تحصل لو أن العراق كان تحت حُكم وحِكمة نوري السعيد.
واليوم فإن القراءة الإسقاطية لم تعد منهجا لإولئك المُحبَطين الذين يعودون لقراءة إنجازات الفترة (السعيدية الملكية) بعيون أهوالهم الحالية لكنها أيضا صارت منهجا أيضا لمجاميع الإسقاطيين من مدعي ثقافة (العصر الصدامي الجميل) الذين نراهم يعودون لقراءة الحقبة الصدامية من خلال مقارنتها بمرحلة ما بعد الإحتلال ناسين أن الشيطان قد يصير ملاكا من خلال قراءة كهذه.
وأجزم أن دخول الطائفية على خط الصراع كان لها الأثر أيضا لدفع هذا النوع من القراءات إلى السطح, حتى أن بعض أولئك الذين كانوا تضرروا كثيرا في عهد صدام, وربما من دون وعي, فقد راحوا يعيدون الإعتبار لذلك العهد ظنا منهم أن إستذكاره بسوء سوف يمنح ضدهم الطائفي مكاسب سياسية مجانية.
إن قراءة نكوصية ومرتدة كهذه هي وليدة ظروف متداخلة وغاية في الصعوبة والتعقيد ولا تخلو من
من (عزةٍ بإثم).
وفي حالات عدة لم يعد ممكنا العودة إلى قراءة تاريخ العهد الصدامي دون إستذكار الدور الكبير لصدام نفسه في الوقوف ضد الأطماع الإيرانية التي تأكد صحتها بعد زواله, ولذا فإن ثقافة (العصر الصدامي الجميل) تبدو في بعض تمظهراتها وكأنها لم تتأسس جوهريا على محبة حقيقية لصدام وإنما على كراهية حقيقية لأعدائه الإيرانيين ولأتبعاعهم في الداخل العراقي



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض من بعض الذي كان ..5 .. عيوب في نظرية العصر الجميل
- بعض من بعض الذي كان .. 4..عبقرية نوري السعيد أم تبعيته
- قطة ليلة الدخلة .. 3 .. بعض من بعض الذي كان
- في رثاء ولدي .. سعد الصالحي , الطبيب والفنان والشاعر
- بعض من بعض الذي كان .. 2 – تدوين أم إعتراف
- بعض من بعض الذي كان .. (1) .. تدوين أم إعتراف
- بين أمريكا وإيران .. حرب أم لاحرب
- 14 تموز .. ثورة من كانت الثورة
- الدولة السمسارة
- بيننا وبين إيران والسعودية .. ثنائية الكراهية
- المرجعية الشيعية العراقية ودولة الكيان الموازي*
- القسم الرابع .. ثلاثة إسلامات*
- يوم الخلاص آتٍ آتٍ وإن طال أمده
- حول السعودية وإيران والحوثيين
- الإيرانيون ونحن وناس آخرون
- عن (أبناء ملجم) مرة أخرى
- أميري أنا وليس أميركم يا أبناء ملجم .. بمناسبة يوم إستشهاده
- إلى جماعة الماما تيريزا من خصوم الحرب ضد إيران
- الإسلام السياسي العربي بشقيه / وقضية التبعية والعمالة*
- جليل كريم العين وأنا وسلطان بروناي


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بعض من بعض الذي كان .. 6.. القراءة المرتدة