أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مايكل ليفي - دراسة في فكر ارنستو تشي جيفارا















المزيد.....


دراسة في فكر ارنستو تشي جيفارا


مايكل ليفي

الحوار المتمدن-العدد: 1549 - 2006 / 5 / 13 - 11:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في مقالة نشرت عام 1928 كتب خوسيه كارلوس ماريتجوا ، المؤسس الحقيقي لماركسية امريكا اللاتينية " بالطبع نحن لا نعمل من اجل اشتراكية في امريكا اللاتينية كنسخة او تقليد ، لابد أن تكون خلقا بطوليا ، ان علينا ان نستوحي اشتراكية هنديةظامريكية من واقعنا الخاص ، ولغتنا الخاصة ، ان هذه مهمة تستحق تكريس جيل جديد بأكمله من اجها "
لكن تحذيره هذا لم يلق اذانا صاغية ، ففي نفس تلك السنة خضعت الحركة الشيوعية الامريكو/لاتينية للنوذج الستاليني السوفيتي ، الذي ابقى عليها لمدة نصف قرن في حالة تقليد ونسخ للايديولوجيا البيروقراطية السوفيتية أو ما أسمي ب " الاشتراكية المحققة "
لا ندري فيما اذا كان تشي قد اطلع على مقالة ماريتيجوا ، ربما كان قد قرأها ، او اذا كانت زميلته هيلدا جيديا قد اعارته كتابات ماريتجوا في السنوات التي سبقت الثورة الكوبية ، ومهما كان الامر فان الكثير من افكاره السياسية وممارساته ، وخاصة في الستينات ، يمكن القول بأنها كانت محاولات لتجاوز الانسداد الذي قاد اليه التقليد الاعمى للاتحاد السوفيتي من قبل اوروبا الشرقية ، ان افكاره في بناء الاشتراكية هي محاولة من أجل " الخلق البطولي " لشيئ ما جديد ، وان كان بحثا – متقطعا وغير مكتمل – للوصول الى نموذج متميز للاشتراكية ، يتصدى بمعان ومستويات كثيرة بشكل جذري للكاريكاتور البيروقراطي " للاشتراكية المحققة " .
لقد تطورت أفكار تشي في الفترة ما بين 1959 – 1967 بشكل ملموس ، لقد أخذ ينأى بنفسه أكثر وأكثر بعيدا عن الاوهام القديمة التي كانت عالقة بفيما يخص السوفييت ، او النمط السوفييتي للاشتراكية – اي الطبعة الستالينية للماركسية ، ففي رسالة ارسلها عام 1965 الى صديق كوبي ، وجه نقدا لاذعا " للذيلية الايديولوجية " وهو ما كان يطبع في كوبا على شكل كراريس ودليل عمل كتعليمات عن الماركسية ، هذه الكراريس او الادلة ( جمع دليل ) كان يسميها تشي ( الطوب السوفييتي ) قائلا " ان من مضارها انها تخلو مما يحفزك على التفكير : فالحزب صاغها من أجلك وان عليك ان تهضمها " .
اما الاكثر وضوحا ، ولا سيما في كتاباته ما قبل عام 1963 ، هو رفضه للنسخ والتقليد وبحثه عن نموذج بديل ، ان محاولته هي تشكيل مدخل اخر الى الاشتراكية ، اكثر جذرية ، اكثر مساواة ، واكثر اخوية ، واكثر انسانية واكثر تمسكا وانسجاما مع الاخلاق الشيوعية .
ادى رحيل تشي المبكر عام 1967 الى قطع عملية انضاج مستقل وتطور ثقافي ، ان عمله ليس بأي حال نظاما مغلقا ، ليست نظاما يدعي الاجابة على كل شيئ ، فتجاه اسئلة عديدة ، مثل التخطيط والنضال ضد البيروقراطية وغيرها ، بقي تفكيره غير مكتمل .
ان القوة المحركة خلف هذه العملية في شق طريق جديد – فوق وقبل اية قضايا اقتصادية محددة – كان القناعة بأن الاشتراكية بلا معنى وبالنتيجة لا يمكن ان تنتصر مالم تتعهد بموقف حضاري ، واخلاق اجتماعية ، ونموذج لمجتمع هو بشكل كبير متناقض تناحريا مع المصالح الفردية الصغيرة والأنا المنفلته ، والمنافسه ، وحرب الكل ضد الكل التي تسم الحضارة الرأسمالية ، هذا العالم الذي يأكل في الانسان الانسان .
ان بناء الاشتراكية لا يمكن فصله عن قيم اخلاقية معينة ، وهذا يعكس المفاهيم الاقتصادوية لستالين وخروتشيف ومن اتى بعدهما الذي يأخذون بالاعتبار تطور القوى الاقتصادية وحده .
في مقابلة مشهورة مع الصحفي جين دائييل في تموز 1963 ، كان تشي قد طور نقدا ضمنيا للاشتراكية المحققة " الاشتراكية الاقتصادية بدون اخلاق شيوعية لا تعنيني ، اننا نحارب الفقر ، ولكن في الوقت نفسه الاغتراب .. فاذا ما تم فصل الشيوعية عن الوعي ، فإنها قد تكون نموذجا للتوزيع ولكنها لا تعود بأخلاق ثورية "
اذا ما ادعت الاشتراكية انها تقارع الرأسمالية وتقهرها على ارضها اي لانتاجية والاستهلاك مستخدمة نفس الاسلحة الرأسمالية – الشكل السلعي للمنافسة ، الفردية المتمركزة على ذاتها – فإنها سائرة للفشل ، ويمكن القول ان تشي استشرف تفكك الاتحاد السوفييتي ولكنه بطريقة او اخرى استوحى او حدس ان نظاما اشتراكيا لا يتسامح مع الاختلافات ، لا يحتوي على قيم جديدة ، حيث يحاول تقليد نقيضه ، ليست لديه طموحات سوى ان يحلق بـ ويتجاوز انتاج المراكز الامبريالية ، انما هو نظام لا مستقبل له .

تمثل الاشتراكية بالنسبة ل تشي المشروع التاريخي لمشروع جديد يعتمد على قيم المساواة والتضامن الاجتماعي ، والايثار الثوري والنقاش الحر والمشاركة الجماهيرية ، ان نقده المتواصل والمتزايد للاشتراكية المحققة ، مثل ممارساته كقائد وتفكيره في التجربة الكوبية كانت قد تأثرت بهذه اليوتيبا الشيوعية بالمعنى الذي اعطاه ارنست بلوخ

هناك ثلاثة أشياء أثرت في استيحاء وحدس جيفارا بشكل محدد وبحثه عن طريق جديد : النقاش في اسس الادارة الاقتصادية ، ومسألة التعبير الحر عن الاختلافات وملامح الديمقراطية الاشتراكية ، احتلت الاولى المركز الرئيسي في تفكير تشي بينما الاثنتين الاخريين ، اللتين لهما علاقة قوية بالاولى لم يتم تطويرها بشكل كبير ، مع بعض التناقضات ، ولكن تم عرضها او وردت في اهتماماته وممارسته السياسية
مبادئ الادارة الاقتصادية :
يشير هذا الى النقاش الشهير عامي 1963-64 فيما يخص سمات متعددة في التخطيط ، حيث وجد جيفارا نفسه في تعارض مع داعمي النموذج السوفيتي /، وزير التجارة الخارجية ، البرتو مورا ، ومدير المعهد الوطني للاصلاح الزراعي ( اي انار ايه ) كارلوس رفاشيل رودريغيز ، اللذين ايدهما الاقتصادي الماركسي الشهير تشارلز بتلهايم .

ان مواقف تشي – التي دعمت من قبل الاقتصاد الماركسي البلجيكي المعروف ارنست ماندل – شكلت نقدا ، ضمنيا في البداية وعلنيا فيما بعد ، للاشتراكية المحققة ، لقد عورضت السمات الاساسية للنموذج الشرق اوربي من قبل تشي :
قانون القيمة كقانون موضوعي للاقتصاد في مرحلة الانتقال الى الاشتراكية ، وهي اطروحة ستالين التي تبناها انذاك تشارلز بتلهايم .
السلعة كأساس لنظام الانتاج .
المنافسة بين المشاريع او بين العمال ، كعمل لزيادة الانتاج .
الفرد وليس الحوافز الجماعية ومبادئ التوزيع .
الامتيازات الاقتصادية للمدراء والاداريين .
سمة السوق في العلاقات الاقتصادية بين البلدان الاشتراكية .

في خطابه الشهير في الجزائر في شباط 1965 ، دعى تشي البلدان التي تزعم انها اشتراكية " لان تصنع حدا لتشابهها مع البلدان المستغلة في الغرب " والتي يتم التعبير عنها بعلاقات التبادل اللامتكافئ التي تتلوث بها هذه البلدان في علاقتها بالبلدان التي تدخل صراعا ضد الامبريالية ، ان الاشتراكية بالنسبة لجيفارا لا يمكن ان توجد بدون تغير الوعي ، ليس فقط في المجتمعات التي تبني الاشتراكية او بنتها ، بل ايضا على الصعيد العالمي لكل الشعوب التي تعاني من القمع الامبريالي "

في مقالته في اذار 1965 : " الاشتراكية والانسان في كوبا " حيث حلل نماذج بناء الاشتراكية التي طبقت في اوربا الشرقية ، ورفض تشي المفهوم الذي ادعى " قهر الرأسمالية عبر صنميتها " ، " والتوهم بان تحقيق الاشتراكية يمكن انجازه بمساعدة الادوات الغبية التي تركتها او خلفتها لنا الرأسمالية ( السلعة كنواة اقتصادية ، الاربحية ، المصالح المادية الفردية كرافعة .. الخ ) يمكن القبول بها بشكل اعمى .. لبناء الشيوعية لا بد ان يترافق بناء اسسها المادية الجديدة بناء الانسان ايضا "

ان احد اهم مخاطر النموذج المستورد من بلدان اوربا الشرقية هو تزايد عدم المساواة الاجتماعية وتشكيل نخبة أو شريحة ذات امتيازات من التكنوقراط والبيروقراط : ان المدراء هم الذين يكسبون أكثر بشكل دائم ، ويكفي أن تنظر الى المقترح الاخير في ألمانيا الديمقراطية ، والاهمية التي يوليها للدور الاداري للمدير ، أو ما هو أكثر من ذلك ، ما يتلقاه المدير لقاء دوره الاداري " .
وبشكل أساسي ، فإن النقاش كان مواجهة بين وجهة النظر " الاقتصادوية " التي تعتبر المجال الاقتصادي كنظام مستقل محكوم بقوانينه الخاصة كقانون القيمة أو قوانين السوق ، والمفهوم السياسي الاشتراكي الذي تكون يعتبر القرارات الاقتصادية فيما يخص أولويات الانتاج ، الاسعار وما شابه ، محكومة بمعايير اجتماعية أخلاقية وسياسية .
ان الاقتراحات أو الفرضيات الاقتصادية عند تشي – التخطيط في مواجهة قوى السوق ، نظام الموازنة المالية الجماعية أو الحوافز الاخلاقية – هي محاولات لايجاد نموذج لبناء اشتراكية قائمة على هذه المعايير والتي بالطبع تختلف عن النموذج السوفييتي .
لا بد من الاضافة ان جيفارا لم ينجح في تطوير فكرة واضحة عن طبيعة النظام البيروقراطي الستاليني ، وبرأيي ، فإنه قد أخطأ في اقتفاء أثر أساس مشاكل ومحدوديات التجربة السوفيتية وصولا الى السياسة الاقتصادية الجديدة ، وليس بالاحرى الثرميدور الستاليني .


2- حرية النقاش :
في المناقشات الاقتصادية في 63-64 ، هناك ملمحا سياسيا هاما تجدر الاشارة اليه باعتباره الحقيقة الاساسية في النقاش ، وهو الوضع الذي يكون فيه الاختلاف في التعبير أمرا عاديا في عملية بناء الاشتراكية ، او مشروعية ديمقراطية تعددية في الثورة .
كانت هذه الاشكالية موجودة ضمنا في نقاشه السياسي ، الا أن جيفارا لم يطوره بوضوح او بشكل منتظم ، وهو بالتاكيد لم يربطه بقضية الديمقراطية في التخطيط ، ولكنه تبنى في مناسبات عدة خلال الستينات من القرن العشرين موقفا يميل الى حرية النقاش في المعسكر الثوري واحترام تعدد الاراء .
هناك مثالا مهما على هذا وهو تواصله مع التروتسكية الكوبية ، وان لم يتفق معها قط ( فقد نقدهم بشدة في أكثر من مناسبة ) ، في عام 1961 في نقاش مع المثقف اليساري من أمريكا الشمالية موريس زلين ، ندد جيفارا بتدمير البوليس الكوبي لصفائح طباعة كتاب تروتسكي ( الثورة الدائمة ) معتبرا ذلك خطئاَ لا يجب أن يحصل ، وبعد عدة سنوات ، قبل رحيله عن كوبا عام 65 ، تمكن من تحرير التروتسكي الكوبي روبرتو اكوستا هيشيفاريا من السجن ، ورافقه وحياه بشكل اخوي : أكوستا لا يمكنك قتل الأفكار بالمتفجرات " وكان اوضح مثال هو رده في تقرير 64 الاقتصادي لرفاقه في وزارة الصناعة على اتهام التروتسكية حيث تم استخدامه ضده من قبل السوفييت :

" في هذا الصدد اما أن تكون لدينا القدرة على مواجهة الافكار المضادة بالنقاش أو أن علينا السماح لها بالتعبير عن نفسها .. لا يمكن تدمير الاراء بالقوة ، لأن هذا يحتجز اي تطوير حر للثقافة أو الفكر ، هناك الكثير مما له قيمة في التفكير التروتسكي ، على الرغم من أنه كما يبدو لي أن مفاهيمه الاساسية كانت خاطئة وأن عمله الاخير كان خطئا "

ليس من قبيل الصدفة ، بناء على ذلك ، أن يكون اوضح دفاع من جيفارا عن حرية التعبير ، وأكثر نقد واضح للسلطوية الستالينية قد تجلت في ميدان الفن ، ففي مقالته الاساسية " الاشتراكية والانسان في كوبا " شجب النموذج السوفيتي " الواقعية الاشتراكية " باعتبارها فرض شكل منفرد للفن " ذلك النوع من الفن الذي يفهمه الوظيفيون " بهذا المنهج ، " أكد أنه عبر هذا ينتهي البحث الفني الحقيقي " ، وأن " نموذجا مفصلا ومفروضا " يتم فرضه " على التعبير الفني للانسان الذي كان قد ولد .. "

3- ديمقراطية الاشتراكية :

ورغم ان جيفارا لم يتمكن من صياغة نظرية نهائية لدور الديمقراطية في مسار التحول الى الاشتراكية ، وربما كانت هذه هي الفجوة الرئيسية في عمله – فقد رفض المفاهيم الدكتاتورية والسلطوية التي أسهمت كثيرا في الاضرار التي لحقت بالاشتراكية في القرن العشرين . كان تشي ضد عملية تعليم الناس من الاعلى كعقيدة زائفة ، كان ماركس قد فندها نفسه بأطروحته ضد لودفيج فيورباخ " من يعلم المعلم ؟ " وهو ما اجاب عليه جيفارا في حديث عام 1960 بالقول " أن أول وصفة في تعليم الشعب هو أن تجذبهم الى الثورة ، علينا عدم الافتراض بأننا بتثقيف الناس يمكن أن يتعلموا ، اي بالتعليم وحده ، على يد نظام طغياني فوق ظهورهم ، يمكن ان ينتزعوا حقوقهم ، عليك تعليمهم اولا وقبل كل شيئ ، كيف ينتزعوا حقوقهم ، وعندما يصبحوا ممثلين في حكومة فانهم سوف يعرفون ما تعلموه دون عناء واكثر منه " بكلمات أخرى : ان التعليم التحريري الوحيد هو التعليم الذاتي ، ممارستهم الثورية الخاصة ، أو كما وضعها ماركس نفسه ، في الايدلوجيا الالمانية " تطابق أو التساير ما بين الظروف الانسانية والجهد الانساني ، وأن تغيير الذات يمكن تفهمه واستيعابه ذهنيا فقط عبر التجربة الثورية "

وعلى الطريق نفسه ، كتب بعض الملاحظات النقدية عام 1966 فيما يخص كراسات التلقين في الاقتصاد السياسي السوفيتي وارساء دعائم طائفة سلطوية لا قيود عليها ".

تكمن المحدودية الاساسية في عدم كفاءه تفكيره حول العلاقة بين الديمقراطية والتخطيط أن نقاشه في الدفاع عن التخطيط ومعارضة صياغات السوق هامة بشكل كبير جدا وتصبح أكثر صله على ضوء العبارات اللليبرالية الجديدة التي تهيمن حاليا والتي تعرض نظام السوق كما لو كان معتقدا دينيا "

الا انهم اي السوفييت ، تركوا جانبا السؤال السياسي الاساسي : من الذي يقوم بالتخطيط ؟ ومن الذي يحدد الخيارات الاساسية في الخط الاقتصادية ؟ من الذي يحدد اولويات الانتاج والاستهلاك ؟ فبدون ديمقراطية اصيلة – حيث ، انه بدون (1) التعددية السياسية (2) النقاش الحر للاولويات ، ( 3) حق السكان الحر في الاختيار بين الفرضيات الاقتصادية والاسس التي تم الحوار عليها – ان التخطيط قد تحول الى نظام بيروقراطي سلطوي " لديكتاتورية فوق الحاجات " ، والتي تم الترويج لها بشكل هائل في تاريخ الاتحاد السوفيتي السابق . ، وبكلمات أخرى فان المشاكل الاقتصادية للتحول الى الاشتراكية لا يمكن فصلها عن طبيعة النظام السياسي ، لقد كشفت التجربة الكوبية في العقود الثلاثة الماضية ، أيضا عن نتائج سلبية غياب المؤسسات الديمقراطية الاشتراكية ، رغم ان كوبا كانت قد دأبت على تجنب مساوئ الشمولية والبيروقراطية لدى دول " الاشتراكية المحققة " .

يرتبط هذا النقاش بمشكلة المؤسسات الثورية ، يرفض جيفارا الديمقراطية البرجوازية ، ولكنه رغم مواقفه الواضحة ضد البيروقراطية وحساسيته لصالح المساواة – كان بعيدا عن تكوين رؤية واضحة للاشتراكية الديمقراطية في مقالته " الاشتراكية والانسان في كوبا " يقر بأن الدولة الثورية يمكن ان تخطأ وهو ما يثير الرد بالطبع رد فعل سلبي بين الجماهير ويرغم الدولة على اجراء تصحيح : والمثال على ذلك السياسة الفئوية او الجهوية للحزب تحت قيادة انيبال اسكالنتي في 61 – 1962 لكنه أردف " ان هذه الالية ليست كافية للتاكيد بأن معايير او اجراءات قانونية سوف تترتب عليها ، ان صلات عميقة وبنيوية بالجماهير مسأله هامة وضرورية في هذا الصدد "

بدى انه في البداية كان مكتفيا ب " وحدة جدلية " بين القيادة والجماهير ، لكنه في صفحات أخرى لاحقة اعترف بأن المشكلة بعيدة جدا عن تحقيق حل كاف والذي بوسعه السماح او اعطاء متسع لرقابة ديمقراطية فعالة " هذا التمأسس للثورة لم يتم انجازه بعد . اننا نتطلع الى شيئ ما جديد "

نحن نعلم انه في السنوات الاخيرة من حياته ، كان ارنستو تشي جيفارا قد قطع شوطا في ابعاد نفسه عن النموذج السوفيتي وفي رفضه لعملية " النسخ والتقليد " ل " الاشتراكية المحققة " . ان جزءا ملموسا من كتاباته الاخيرة بقي غير مطبوع لا سباب غير معروفة .

من بين هذه الوثائق نقد جذري لدليل الاقتصاد السياسي في اكاديمية العلوم السوفيتية ، والذي كتب عام 1966 ، ففي مقالة كتبها كارلوس تابلادا ، مؤلف كتاب هام عن فكر تشي الاقتصادي ، وردت فقرات من تلك الوثيقة ، حيث كانت لهذا الكاتب فرصة الاطلاع عليها ولكن لم يسمح له بنشرها كاملة ، ان احدى الفقرات ذان اهمية بالغة حيث تبين افكار تشي السياسية النهائية قريبة جدا من الديمقراطية الاشتراكية ، هي ديمقراطية عملية التخطيط التي يقوم بها الناس انفسهم ، العمال وبكلماته " الجماهير " سوف تجعل من الاجراءات الاقتصادية الاساسية " في تناقض مع مفهوم الخطة كقرار اقتصادي من قبل الجماهير ، وحرصا منا على مصالح هذا الشعب ، فقد قدمنا علاجا اعطى للعوامل الاقتصادية دور تقرير مصير المجموع ، ان هذا تكنيك ميكانيكي وليس ماركسي ، لا بد للجماهير من ان تكون قادرة على تقرير مصيرها ، ان تقرر ما هي الحصة من الانتاج التي يجب أن تخصص على التوالي لكل من التراكم والاستهلاك ، لابد للتكنيك الاقتصادي ان يعمل ضمن حدود هذه المعلومات ولا بد لوعي الجماهير من تأكيد تطبيقه "

في اكتوبر 1967 اغتيل جيفارا برصاص وكالة المخابرات الاميركية وعملائها البولفيين وبالتالي قطع هذا " الخلق البطولي " لاشتراكية ثورية جديدة وديمقراطية شيوعية ثورية .

•مايكل ليفي مؤلف عدة كتب منها ماركسية تشي جيفارا .


عن مجلة كنعان - النشرة الالكترونية



#مايكل_ليفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
- تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل ...
- في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو ...
- التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل ...
- السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي ...
- الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو ...
- بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
- محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان ...
- المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
- القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟ ...


المزيد.....

- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مايكل ليفي - دراسة في فكر ارنستو تشي جيفارا