|
السياحة المستدامة في بعض الدول العربية
حاوشين ابتسام
الحوار المتمدن-العدد: 6319 - 2019 / 8 / 13 - 21:17
المحور:
السياحة والرحلات
مقدمة: غدت السياحة المستدامة منهجاً وأسلوباً تقوم عليه العديد من المؤسسات السياحية العالمية، وعلى غير ما يعتقد الكثير فإن تطبيق مفهوم السياحة المستدامة لا يعد مكلفاً من الناحية المالية، فإن عائده المعنوي والمادي، ويعود بالربح والفائدة على المؤسسات السياحية.
إن تطبيق مفهوم الاستدامة السياحية يعتمد على ثلاثة جوانب هامة، أولاً، العائد المادي لأصحاب المشاريع السياحية، وثانياً البعد الاجتماعي، على اعتبار أن هذه المؤسسات هي جزء من المجتمع المحلي وعليها الاستفادة من الخبرات والكفاءات المحلية ما أمكن، بالإضافة إلى إشراك المجتمع المحلي والأخذ برأيه.
أما البعد الثالث فهو البيئة، حيث تعامل هذه المؤسسات على أنها جزء من البيئة، وبالتالي يجب عليها المحافظة على الموارد الطبيعية من ماء وطاقة ونباتات وأحياء طبيعية لدرء أي خطر من مشاكل التلوث والتدهور.
وعليه فإن الإشكالية الرئيسية التي يعالجها بحثنا يمكن صياغتها على النحو التالي:
ما هي ماهية السياحة المستدامة وكيف تم تطبيقها بالنظر إلى تجارب بعض الدول العربية؟
1-مفاهيم متعلقة بالسياحة
1-مفهوم السياحة وأهميتها
تعتبر السياحة من أكثر الصناعات نمواً في العالم، فقد أصبحت اليوم من أهم القطاعات في التجارة الدولية، حيث بلغت قيمة الصادرات السياحية في عام 1998 نحو 532 بليون دولار، يليها مباشرة إنتاج المركبات بقيمة 522 بليون دولار، إن السياحة من منظور اقتصادي هي قطاع إنتاجي يلعب دوراً مهماً في زيادة الدخل القومي وتحسين ميزان المدفوعات، ومصدراً للعملات الصعبة، وفرصة لتشغيل الأيدي العاملة، وهدفاً لتحقيق برامج التنمية.
ومن منظور اجتماعي وحضاري، فإن السياحة هي حركة ديناميكية ترتبط بالجوانب الثقافية والحضارية للإنسان؛ بمعنى أنها رسالة حضارية وجسر للتواصل بين الثقافات والمعارف الإنسانية للأمم والشعوب، ومحصلة طبيعية لتطور المجتمعات السياحية وارتفاع مستوى معيشة الفرد.
وعلى الصعيد البيئي تعتبر السياحة عاملاً جاذباً للسياح وإشباع رغباتهم من حيث زيارة الأماكن الطبيعية المختلفة والتعرف على تضاريسها وعلى نباتاتها والحياة الفطرية، بالإضافة إلى زيارة المجتمعات المحلية للتعرف على عاداتها وتقاليدها.
2-مكونات السياحة
تتداخل نشاطات السياحة مع العديد من المجالات، وفي ما يلي المكونات الأساسية للسياحة التي يجب أخذها بعين الاعتبار في أي عملية تخطيط:
عوامل وعناصر جذب الزوار: تتضمن العناصر الطبيعية مثل المناخ والتضاريس والشواطئ والبحار والأنهار والغابات والمحميات، والدوافع البشرية مثل المواقع التاريخية والحضارية والأثرية والدينية ومدن الملاهي والألعاب. مرافق وخدمات الإيواء والضيافة: مثل الفنادق والنزل وبيوت الضيافة والمطاعم والاستراحات. خدمات مختلفة: مثل مراكز المعلومات السياحية ووكالات السياحة والسفر، ومراكز صناعة وبيع الحرف اليدوية والبنوك والمراكز الطبية والبريد والشرطة والإدلاء السياحيين. خدمات النقل: تشمل وسائل النقل، على اختلاف أنواعها إلى المنطقة السياحية. خدمات البنية التحتية: تشمل توفير المياه الصالحة للشرب والطاقة الكهربائية والتخلص من المياه العادمة والفضلات الصلبة، وتوفير شبكة من الطرق والاتصالات. عناصر مؤسسية: تتضمن خطط التسويق وبرامج الترويج للسياحة، مثل سن التشريعات والقوانين والهياكل التنظيمية العامة، ودوافع جذب الاستثمار في القطاع السياحي، وبرامج تعليم وتدريب الموظفين في القطاع السياحي. 3-الاستثمار السياحي:
الاستثمار هو المجال الذي يسمح بخلق ثروة جديدة وتجديد الثروات القائمة، وهو أحد المراحل الرئيسية في الدورة الاقتصادية التي تتمثل في الإنتاج، التوزيع، الاستهلاك، الادخار والاستثمار، وتؤكد الدراسات الاقتصادية بأن ارتفاع معدلات الادخار تساعد على ارتفاع معدلات الاستثمار، والذي يؤدي إلى معدل نمو أكبر والعكس بالعكس.(1)
ويعتبر الاستثمار السياحي جزءاً من الاستثمارات الإجمالية للدول، وهو ما يخصص من رؤوس الأموال لتمويل مشاريع القطاع السياحي.
ويعد الاستثمار السياحي من الأنشطة الواعدة التي تتيح فرصاً استثمارية قادرة على المنافسة في سوق السياحة العالمية، ذلك أن رواج صناعة السياحة يؤثر بشكل مباشر على اقتصاديات الدول، ونمو الصناعات والأنشطة المرتبطة بصناعتها.
وكان لتطور حجم الاستثمارات السياحية تأثيراً واضحاً على تطور صناعة السياحة على المستوى العالمي. ويتجلى ذلك في الزيادة الملحوظة في تدفق الاستثمار الأجنبي على المستوى العالمي منذ العقد الأخير من القرن الماضي. وتؤكد البيانات أن حوالي 85% كانت استثمارات متبادلة بين الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة، كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والاتحاد الأوروبي واليابان، أما الجزء الباقي للدول النامية يتركز على عدد محدود منها لا يزيد إلا قليلاً على عدد أصابع اليد الواحدة. (2)
4-علاقات صناعة السياحة مع البيئة والمجتمع والاقتصاد:
تعتمد مواقع السياحة الأكثر نجاحاً في الوقت الحاضر على المحيط المادي النظيف، والبيئات المحمية والأنماط الثقافية المميزة للمجتمعات المحلية، أما المناطق التي لا تقدم هذه المميزات فتعاني من تناقص في الأعداد ونوعية السياح، وهو ما يؤدي بالتالي إلى تناقص الفوائد الاقتصادية للمجتمعات المحلية.
ومن الجائز أن تكون السياحة عاملاً بارزاً في حماية البيئة عندما يتم تكييفها مع البيئة المحلية، والمجتمع المحلي، وذلك من خلال التخطيط والإدارة السليمة، ويتوفر هذا عند وجود بيئة ذات جمال طبيعي وتضاريس مثيرة للاهتمام، وحياة نباتية برية وافرة وهواء نقي وماء نظيف، مما يساعد على اجتذاب السياح.
ويتساوى كل من التخطيط والتنمية السياحية في الأهمية من أجل حماية التراث الثقافي لمنطقة ما. وتشكل المناطق الأثرية والتاريخية، وتصاميم العمارة المميزة وأساليب الرقص الشعبي، والموسيقى، والدراما والفنون والحرف التقليدية والملابس الشعبية والعادات والتقاليد وثقافة وتراث المنطقة عوامل تجذب الزوار، خاصة إذا كانت على شكل محمية يرتادها السياح بانتظام، فتتعزز مكانتها أو تبقى ذات أهمية أقل، وكل ذلك يرجع للطريقة التي يتم بها تنمية السياحة وإدارتها.
5-بعض الأمثلة على آثار السياحة السلبية على البيئة:
فيما يلي بعض الآثار السيئة للسياحة على البيئة وهذا بأخذ أمثلة من الواقع المعاش في بعض الدول:
في نيبال يستهلك السائح نحو ستة كيلو غرامات من الحطب يومياً من أجل التدفئة، في بلد يفتقر إلى مصادر الطاقة؛ في مصر يستهلك فندقاً كبيراً من الطاقة الكهربائية بمقدار يعادل ما تستهلكه نحو 3600 أسرة متوسطة الدخل. في جزر البحر الكاريبي تقوم السفن السياحية بإلقاء نحو 70.000 طن من المخلفات سنوياً في البحر؛ في الأردن يستهلك فندقاً كبيراً من الماء بمقدار ما تستهلكه نحو 300 أسرة متوسطة الحجم والدخل، في بلد يعاني من شح في موارده المائية؛ في المناطق السياحية والمطارات يساعد النقل الجوي على رفع درجة حرارة الهواء بنسبة 4%؛ في منطقة عسير بالسعودية تناقصت أعداد النمور نتيجة الصيد وازدياد أعداد الزائرين للمنطقة، مما أدى إلى تزايد أعداد القردة والسعادين في المنطقة. 11-مفاهيم متعلقة بالسياحة البيئية أو المستدامة
قبل التطرف إلى كل ما يتعلق بالسياحة المستدامة لابد من عرض القواعد التي تبنى عليها.
1-قواعد السياحة المستدامة: يمكن عرضها في النقاط التالية: (3)
تقليل الآثار السلبية للسياحة على الموارد الطبيعية والثقافية والاجتماعية في المناطق السياحية؛ تثقيف السياح بأهمية المحافظة على المناطق الطبيعية؛ التأكيد على أهمية الاستثمار المسؤول، والذي يركز على التعاون مع السلطات المحلية من أجل تلبية احتياجات السكان المحليين والمحافظة على عاداتهم وتقاليدهم؛ إجراء البحوث الاجتماعية والبيئية في المناطق السياحية والبيئية لتقليل الآثار السليبة؛ العمل على مضاعفة الجهود لتحقيق أعلى مردود مادي للبلد المضيف من خلال استخدام الموارد المحلية الطبيعية والإمكانيات البشرية؛ أن يسير التطور السياحي جنباً إلى جنباً مع التطور الاجتماعي والبيئي، بمعنى أن تتزامن التطورات في كافة المجالات لكي لا يشعر المجتمع بتغيير مفاجئ؛ الاعتماد على البنية التحتية التي تنسجم مع ظروف البيئة، وتقليل استخدام الأشجار في التدفئة، والمحافظة على الحياة الفطرية والثقافية. وعليه، يجب على السياحة المستدامة أن: (4)
تحقق الاستخدام الأمثل للموارد البيئية: التي تشكل عنصراً أساسياً في التنمية السياحية، والمحافظة على العمليات البيئية الرئيسية، والمساعدة في الحفاظ على التراث الطبيعي والتنوع الحيوي؛ تحترم الأصالة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات المحلية المضيفة؛ والحفاظ على الموروث الثقافي المشيد والحي والقيم التقليدية، والمساهمة في التفاهم والتسامح بين الثقافات؛ ضمان عمليات اقتصادية قابلة للاستمرار على المدى الطويل، توفر منافع اجتماعية – اقتصادية لجميع المعنيين وأصحاب المصلحة بحيث تكون موزعة بشكل عادل، بما في ذلك العمالة الثابتة وفرص كسب الرزق، والخدمات الاجتماعية في المجتمعات المضيفة، وتسهم في القضاء على الفقر. تتطلب التنمية السياحية المستدامة المشاركة الواعية من المعنيين أصحاب المصلحة، فضلاً عن قيادة سياسية قوية لضمان المشاركة الواسعة وبناء أراء توفقيه.
إن تحقيق السياحة المستدامة هي عملية مستمرة وتتطلب رصداً مستمراً للتأثيرات المحتملة، تقدم التدابير الوقائية و/ أو التصحيحية اللازمة كلما استدعت الضرورة.
كما يترتب على السياحة المستدامة الحفاظ على مستوى عال من الرضا السياحي، وضمان حصول السائحين على تجربة ذات معنى، في الوقت الذي تتم فيه رفع توعيتهم حول موضوع الاستدامة وتعزيز ممارسات السياحة المستدامة فيما بينهم.
2-مفهوم السياحة البيئية والاستدامة:
إن السياحة البيئية هي عملية تعلم وثقافة وتربية بمكونات البيئة، وبذلك فهي وسيلة لتعريف السياح بالبيئة والانخراط بها، أما السياحة المستدامة فهي الاستغلال الأمثل للمواقع السياحية من حيث دخول السياح بأعداد متوازنة للمواقع السياحية على أن يكونوا على علم مسبق ومعرفة بأهمية المناطق السياحية والتعامل معها بشكل ودي، وذلك للحيلولة دون وقوع الأضرار على الطرفين.
وتلبي السياحة المستدامة احتياجات السياح مثلما تعمل على الحفاظ على المناطق السياحية وزيادة فرص العمل للمجتمع المحلي، وهي تعمل على إدارة كل الموارد المتاحة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو جمالية أو طبيعية في التعامل مع المعطيات التراثية والثقافية، بالإضافة إلى ضرورة المحافظة على التوازن البيئي والتنوع الحيوي.
وقد ركزت المنظمة العالمية للسياحة WTO على مفهوم السياحة المستدامة في إعلان مانيلا 1980، وفي اكوبولكو 1982، وفي صوفيا 1985، وفي القاهرة 1995.
3-مفهوم وتعرف السياحة المستدامة
يعرف "عبد الوهاب" التنمية السياحية المستدامة والمتوازنة بأنها "تنمية يبدأ تنفيذها بعد دراسة علمية كاملة ومخططة داخل إطار التخطيط المتكامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية داخل الدولة ككل أو داخل أي إقليم من الدولة تتجمع فيه مقومات التنمية السياحية من عناصر جذب طبيعية وحضارية أو أيهما".(5)
وعرف الاتحاد الأوروبي للبيئة والمنتزهات القومية في عام 1993 التنمية السياحية المستدامة على أنها "نشاط يحافظ على البيئة ويحقق التكامل الاقتصادي الاجتماعي ويرتقي بالبيئة المعمارية".(6)
ويوجد عدة تعاريف للتنمية السياحية المستدامة على أنها "التنمية التي تقابل وتشبع احتياجات السياح والمجتمعات المضيفة الحالية وضمان استفادة الأجيال المستقبلية، كما أنها التنمية التي تدير الموارد بأسلوب يحقق الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والجمالية مع الإبقاء على الوحدة الثقافية واستمرارية العمليات الايكولوجية والتنوع البيولوجي ومقومات الحياة الأساسية"(7)
وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار السياحة المستدامة على أنها نقطة التلاقي ما بين احتياجات الزوار والمنطقة المضيفة لهم، مما يؤدي إلى حماية ودعم فرص التطوير المستقبلي، بحيث يتم إدارة جميع المصادر بطريقة توفر الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والروحية، ولكنها في الوقت ذاته تحافظ على الواقع الحضاري والنمط البيئي الضروري والتنوع الحيوي وجميع مستلزمات الحياة وأنظمتها. 3-1-مبادئ السياحة المستدامة:
عند محاولة دمج الرؤى والقضايا سابقة الذكر والتي تتعلق بالسياسات والممارسات المحلية، يجب أن تؤخذ المبادئ التالية بعين الاعتبار:
يجب أن يكون التخطيط للسياحة وتنميتها وإداراتها جزء من استراتيجيات الحماية أو التنمية المستدامة للإقليم أو الدولة، كما يجب أن يتم تخطيط وإدارة السياحة بشكل متداخل وموحد يتضمن إشراك وكالات حكومية مختلفة، ومؤسسات خاصة، ومواطنين سواء كانوا مجموعات أم أفراد لتوفير أكبر قدر من المنافع. يجب أن تتبع هذه الوكالات، والمؤسسات، والجماعات، والأفراد المبادئ الأخلاقية والمبادئ الأخرى التي تحترم ثقافة وبيئة واقتصاد المنطقة المضيفة، والطريقة التقليدية لحياة المجتمع وسلوكه بما في ذلك الأنماط السياسية. يجب أن يتم تخطيط وإدارة السياحة بطريقة مستدامة وذلك من أجل الحماية والاستخدامات الاقتصادية المثلى للبيئة الطبيعية والبشرية في المنطقة المضيفة. يجب أن تهتم السياحة بعدالة توزيع المكاسب بين مروجي السياحة وأفراد المجتمع المضيف والمنطقة. يجب أن تتوفر الدراسات والمعلومات عن طبيعة السياحة وتأثيراتها على السكان والبيئة الثقافية قبل وأثناء التنمية، خاصة للمجتمع المحلي، حتى يمكنهم المشاركة والتأثير على اتجاهات التنمية الشاملة. يجب أن يتم عمل تحليل متداخل للتخطيط البيئي والاجتماعي والاقتصادي قبل المباشرة بأي تنمية سياحية أو أي مشاريع أخرى بحيث يتم الأخذ بمتطلبات البيئة والمجتمع. يجب أن يتم تشجيع الأشخاص المحليين على القيام بأدوار قيادية في التخطيط والتنمية بمساعدة الحكومة، وقطاع الأعمال، والقطاع المالي، وغيرها من المصالح. يجب أن يتم تنفيذ برنامجاً للرقابة والتدقيق والتصحيح أثناء جميع مراحل تنمية وإدارة السياحة، بما يسمح للسكان المحليين وغيرهم من الانتفاع من الفرص المتوفرة والتكيف مع التغييرات التي ستطرأ على حياتهم. 3-2-تنمية السياحة المستدامة:
لتحقيق التنمية السياحية المستدامة، سنورد بعض المبادئ والأنظمة التي لاقت نجاحاً في المواءمة بين رغبات ونشاطات السياح من جهة وحماية الموارد البيئية والاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى، وذلك بهدف تطبيقها وهي:
وجود مراكز دخول في المواقع السياحية لتنظيم حركة السياح وتزويدهم بالمعلومات الضرورية. ضرورة توفر مراكز للزوار تقدم معلومات شاملة عن المواقع، وإعطاء بعض الإرشادات الضرورية حول كيفية التعامل مع الموقع، ويفضل أن يعمل في هذه المراكز السكان المحليون الذين يدربون على إدارة الموقع والتعامل مع المعطيات الطبيعية. ضرورة وجود قوانين وأنظمة تضمن السيطرة على أعداد السياح الوافدين وتأمينهم بالخدمات والمعلومات وتوفير الأمن والحماية بدون إحداث أي أضرار بالبيئة. ضرورة وجود إدارة سليمة للموارد الطبيعية والبشرية في المنطقة، يمكنها أن تحافظ على هذه المكتنزات للأجيال القادمة من خلال عناصر بشرية مدربة. التوعية والتثقيف البيئي من خلال توعية السكان المحليين أولاً بأهمية البيئة والمحافظة عليها، فكثيراً ما نلاحظ أن السكان المحليين هم الذين يسعون إلى تخريب وتدمير بيئتهم لأسباب مادية، ولكن هؤلاء لا يعرفون أنهم يدمرون قوتهم ومستقبل أولادهم من خلال هذا التخريب، ولذلك يجب التركيز على التوعية والتثقيف البيئي للسكان المحليين وللعاملين في الموقع، مع الحرص على وجود اللوحات الإرشادية التي تؤكد على أهمية ذلك. تحديد القدرة الاستيعابية للمكان السياحي، بحيث يحدد أعداد السياح الوافدين للمنطقة السياحية بدون ازدحام واكتظاظ، حتى لا تؤثر ذلك على البيئة الطبيعية والاجتماعية من جهة وعلى السياح من جهة أخرى فيرون بيئة جاذبة توفر لهم الخدمات والأنشطة؛ وهناك عدة مصطلحات للقدرة الاستيعابية، منها: الطاقة الاحتمالية المكانية – والتي تعتمد على قدرة المكان في استيعاب الحد الأعلى من السياح – حسب الخدمات المتوفرة في الموقع. الطاقة الاحتمالية البيئية وهي تعتمد على الحد الأعلى من الزوار الذين يمكن استقبالهم بدون حدوث تأثيرات سلبية على البيئة والحياة الفطرية وعلى السكان المحليين. الطاقة الاحتمالية النباتية والحيوانية، وهي تعتمد على الحد الأعلى من السياح الذين يفترض وجودهم بدون التأثير على الحياة الفطرية، وهي تعتمد على جيولوجية المنطقة والحياة الفطرية وطبيعة الأنشطة السياحية. الطاقة الاحتمالية للسياحة البيئية، أي الحد الأعلى من السياح الذين يمكن استقبالهم في الموقع وتوفير كافة المتطلبات والخدمات لهم وبدون ازدحام، على أن لا يؤثر عددهم على الحياة الفطرية والبيئية والاجتماعية في الموقع. ولا يوجد رقم محدد طوال العام لأعداد السياح، وإنما يزداد وينقص حسب مواسم السنة من حيث موسم التزهير عند النباتات والتفقيس عند الطيور. دمج السكان المحليين وتوعيتهم وتثقيفهم بيئياً وسياحياً. توفير مشاريع مدرة للدخل للسكان المحليين، مثل الصناعات الحرفية التقليدية ومرافقة الدواب لنقل السياح وتشجيع الزراعة العضوية فضلاً عن العمل كمرشدين سياحيين. تضافر كل الجهود لنجاح السياحة البيئية من خلال تعاون كل القطاعات ذات العلاقة بالسياحة، مثل القطاع الخاص والحكومي والمؤسسات الرسمية والهيئات غير الحكومية والسكان المحليين. 111-تجارب دولية حول السياحة المستدامة
بعد التعرض إلى كل ما يتعلق بالسياحة المستدامة كمفهوم لابد أن نتعرض إليها كفعل تطبقه الدول على سياحتها وهذا حفاظاً منها على ارثها الحضري، وعلى هذا الأساس حاولنا أن نتعرض إلى تجارب بعض الدول العربية السياحية في هذا المجال بما فيها محاولات تطبيقها على السياحة الجزائرية.
1-تجربة لبنان (محمية أرز الشوف):
تمتد محمية أرز الشوف الطبيعية من ظهر البيدر شمالاً حتى جبل نيحا قرب جزين جنوباً، وتطل المنحدرات الشرقية للمحمية التي تغطيها أشجار السنديان، على مناظر جميلة لسهل البقاع، غير أن أكثر ما يجذب الزوار غابات الأرز الواقعة في أعلى المنحدرات الغربية في سلسلة جبال لبنان.
وفوق بلدة الباروك يرى الزائر بوضوح صفوف المصاطب حيث زرعت أشجار الأرز في الستينات في سياق جهود إعادة التشجير، وبعد منع الرعي الجائر وقيام الإنسان بالحفاظ على الغابات، تعيش غابة الأرز عملية تجدد طبيعية، حيث شكلت أشجار الأرز نحو 5% من مساحة المحمية.
ونتيجة لزيادة درجة الأمان في المحمية، فقد غدت موقعاً ممتازاً للحفاظ على الثدييات الضخمة كالذئاب والأضباع والغزلان الجبلية ووعل الجبل، وقد قامت المحمية بإنشاء بحيرة جبلية كي تشرب منها الحيوانات.
وتعد المحمية اليوم موقعاً مهماً للطيور المهاجرة، حيث تقع على المسار القاري، مما يشكل موقعاً رائعاً للذين يحبون مراقبة الطيور، كما تتوفر في المحمية مجموعة وفيرة من الأزهار والنباتات الطبيعية والفطرية، كما تضم بعض المواقع الأثرية مثل حصن نيحا.
وتعتبر المحمية اليوم موقعاً سياحياً مهماً يؤمه العديد من السياح والزوار الذين يتشوقون للإطلاع على معالم المنطقة النادرة، ويوجد في المنطقة مركز استقبال يقوم باستقبال المجموعات السياحية وإرشادها بمصاحبة مرشدين سياحيين بيئيين، كما يوجد مركز للمعلومات السياحية يقع في بلدة الباروك يعطي الزوار المعلومات المتنوعة عن المحمية، ويتوفر في المركز ركناً لشراء الأطعمة العضوية، كما يستطيع المركز أن يقدم وجبات غذائية يعدها ويقدمها سكان المنطقة المحليين، مما يعزز درجة التفاعل بين سكان المنطقة والزوار، كما يوفر المركز معلومات عن الأنشطة التي يمكن القيام بها مثل المشي وركوب الدراجات والتجوال في حافلات صغيرة بإشراف مرشدين متخصصين.
وتتوفر على مقربة من غابات الأرز مجموعة كبيرة من المحال التجارية، المتخصصة بالصناعات التقليدية والحرفية خاصة الخشبية منها، ولكن خوفاً من أن تتأثر الغابات بهذه الصناعات، فهناك تعليمات صارمة حيال قطع الأشجار.
إن نموذج محمية أرز الشوف هو مثال طيب للسياحة المستدامة الهادفة التي تحرص على المحافظة على الإرث الطبيعي والتاريخي والحيوي والبيئي، مع إعطاء السكان المحليين فرصة الاستفادة من مآثر السياح الذين يفدون إلى المنطقة، سواء من حيث مرافقة الأفواج السياحية كمرشدين، أو العمل في مركز بيع الأطعمة العضوية المنتجة من المنطقة، أو من خلال تقديم الطعام أو من خلال بيع الصناعات التقليدية للزوار والسياح.
2-تجربة مصر (واحة سيوة للتنمية المستدامة):
تقع واحدة سيوة في قلب صحراء مصر الغربية، يقطنها مجموعة من السكان المحليين الذين انقطعوا عن العالم بالرغم من تاريخهم الطويل، وكان الهدف من المشروع هو التعريف بحضارة وطبيعة هذه المنطقة من خلال مشروع اقتصادي كبير يهدف إلى إبراز الجانب الثقافي والتراثي والبيئي للمنطقة، لقد قام القطاع الخاص والمؤسسات الدولية غير الربحية بدعم المشروع من أجل تدريب المهارات والكفاءات المحلية، وتعريف وتثقيف السكان المحليين، للاستفادة من المعطيات المتوفرة، ولكن بشكل لا يؤثر على استدامة الحياة والتراث في المنطقة وبيئتها، وقد أطلقت المجموعة على نفسها اسم المجموعة النوعية للمحافظة على البيئة.
لقد تم الاستفادة أولاً من الأماكن السكنية التي قام القدماء ببنائها منذ أكثر من 2500 سنة والتي تبنى من الصخور الملحية، لقد خلق المشروع مئات من فرص العمل للسكان المحليين وعمل على تشجيع التجارة الحرفية والتقليدية القديمة، بالإضافة إلى تعريف العالم بحضارة سيوة التي تعد من أكثر البيئات الحساسة في العالم، كما شجع المشروع الحكومة المصرية ممثلة ببلدية سيوة والعديد من الهيئات الدولية على الانخراط في المشروع.
لقد أثار المشروع اهتمام العديدين لقدرته على خلق فرص العمل وتنمية السكان المحليين والمحافظة على تراثهم واطلاع العالم على هذه المكنونات، كما ساهم المشروع في تطوير مهارات الصناعات التقليدية لدى النساء وخاصة فيما يتعلق بالصناعات الغذائية، وقامت المجموعة النوعية للمحافظة على البيئة بدعم مشروعات التدوير والاستفادة من المواد العضوية وتحليلها، وكذلك تثقيف السكان بعدم استعمال الأكياس البلاستيكية والاستعاضة عنها بالأكياس الورقية المدورة والتي لا تؤذي الطبيعة أو الإنسان.
2-1 كيف حقق المشروع عناصر الاستدامة:
يعتبر مشروع سيوة من أفضل المشاريع الاقتصادية المستدامة التي تعود بمنافع اقتصادية ويغطي كامل نفقاته ويحقق أرباحاً مجزية، لقد استفاد السكان المحليين من فرص العمل المتاحة، كما حافظ المشروع على الإرث الطبيعي والثقافي للمجتمع كما بدأ السكان يعتمدون على أنفسهم في توفير وتصنيع احتياجاتهم بدلاً من استيراد الكثير من المواد من خارج المنطقة مثل وادي النيل، كما استقطب المشروع افتتاح أول بنك في الواحة هو بنك القاهرة والذي بدوره قدم خدمات جليلة للسكان.
لقد ساهم المشروع أيضاً بتطوير الصناعات الحرفية والتقليدية بين السكان المحليين، وقد وجدت بعض الصناعات طريقها إلى الأسواق الأوربية مثل إيطاليا، فرنسا، وبريطانيا، كما ساهم أيضاً في تنقية المياه العادمة والصرف بطريقة عضوية لا يحتاج فيها إلى أية مواد كيميائية، وذلك من أجل المحافظة على البيئة.
لقد نفذ هذا المشروع بشكل يحافظ على عادات وتقاليد وممارسات السكان المحليين، وبالتالي فإن الأثر السلبي الاجتماعي الذي حققه المشروع كان ضئيلاً للغاية، مما شجع الحكومة على تطبيق نموذج سيوة على العديد من المناطق السياحية تحاشياً لأي تأثيرات اجتماعية سلبية.
2-2 النتائج والآثار التي حققها المشروع:
لم تظهر حتى اليوم تأثيرات سلبية للمشروع، بل وفر المشروع أكثر من 200 فرصة عمل دائمة ومباشرة في المشروع للسكان المحليين، ونحو 400 فرصة عمل غير مباشرة كالعمل في الصناعات الحرفية والأثاث والنقل، كما ساهم أيضاً في إعادة الاهتمام بالتراث المعماري القديم حيث تم إنشاء أكثر من 50 مسكناً قام السكان المحليين ببنائها مستخدمين الأدوات والمواد الأولية المحلية، كما حافظ المشروع على عادات ومعتقدات حضارة أهل سيوه وتعريفها للعالم الخارجي، وقد طلبت محافظة مرسى مطروح من جميع سكان سيوه بإنشاء مبانيهم بطريقة معمارية تقليدية، بل قامت بدعم مشروعات البناء الجديدة وصيانة الأبنية القديمة من خلال قروض ميسرة للسكان، ويشارك السكان المحليين كذلك في إدارة وتنفيذ المشروعات السياحية المحلية.
لقد كان مشروع واحة سيوه السياحي نموذجاً هاماً للسياحة المستدامة، الذي أخذ على عاتقه تطوير الإمكانات والمصادر المحلية التي كانت غير مستغلة، ووفر الحياة الكريمة للسكان المحليين بدون أن تتأثر البيئة المحلية أو حتى البيئة الاجتماعية.
3-التجربة الأردنية
قبل المباشرة بتنفيذ المشروع، كان لابد من التخطيط الدقيق له، وذلك بتحديد أهداف المشروع الأساسية، والتي تمحورت حول النقاط التالية:
إدارة الموقع بصورة مستدامة. تحديد نوعية الزوار المستهدفة. إشراك المجتمع المحلي في المشروع، ومدى تأثرهم وتأثيرهم به. وفي النهاية خرجت خطة التطوير السياحي البيئي لمحمية ضانا لتحدد عناصر الإدارة، والتي تم تنفيذها على الشكل التالي:
تم تأسيس جمعية لإدارة المشروع. تم دراسة الإمكانية الاقتصادية لنجاح المشروع. تم دراسة الفوائد الاقتصادية التي يمكن أن يوفرها المشروع للموقع وللسكان المحليين. تم دراسة أساليب وطرق تسويق الموقع سياحياً، داخلياً وخارجياً. تم تحديد طرق الوصول للمحمية، والتي تهدف لتحديد طريقة السيطرة على تدفق الزوار ودخولهم للموقع وخروجهم. تم تحديد نقاط الدخول للمحمية، وهي ثلاث نقاط أساسية، تضمنت مرافق خاصة لاستقبال الزوار. تم منع دخول أي نوع من وسائل النقل إلى داخل المحمية، وتم بناء مواقف للسيارات والحافلات تتناسب وطبيعة الموقع، وعدد الزوار. تم توفير خدمة نقل للزوار وأمتعتهم من نقطة الاستقبال إلى داخل المحمية بواسطة حافلة سميت حافلة الطبيعة. تم تحديد ممرات محددة للمشاة، وتحديدها بعلامات خاصة. تم تحديد أماكن التخييم. تم دراسة وتحديد أنواع النشاطات التي يمكن للزوار القيام بها. تم تحديد طرق البيان التي يجب استخدامها، مثل اللوحات الإرشادية والتوضيحية والتعليمية والمطويات والكتيبات وكذلك توفير قاعة خاصة لعرض الصور والأشكال التوضيحية لطبيعة المشروع. تم تحديد السعة الاحتمالية من أعداد الزوار لكل من المخيمات وممرات المشاة، وبشكل قطعي صارم لا يتم تجاوزه. تم توظيف عدد من السكان المحليين، وتدريبهم للقيام بتقديم مختلف أنواع الخدمات السياحية مثل الإدلاء، والإداريين، والاستقبال، وخدمة الطعام والشراب. تم تحديد خطة مراقبة لتأثير السياحة على طبيعة الموقع. في محمية ضانا يعمل حالياً ما يقارب 50 موظفاً، جميعهم من السكان المحليين، و80% منهم يعملون في مجال السياحة البيئية في المحمية، كموظفي دلالة وموظفي استقبال وفي خدمة الطعام والشراب. فبالإضافة لما يحققونه كدخل مالي، فإنهم يكتسبون خبرة وثقافة عامة من خلال التدريب المتواصل الذي تقوم به الجمعية لتأهيلهم علمياً وعملياً، ومن خلال اتصالهم بالزوار من مختلف أنحاء العالم، كما أن لهم تأثير إيجابي على مجتمعهم المحلي، وقد استطاعت مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي قامت بها المحمية من توفير مصادر دخل بديلة لما لا يقل عن 70 عائلة من سكان المنطقة.
4-التجربة الجزائرية للسياحة المستدامة:
بالرغم من امتلاك الجزائر لمؤهلات سياحية هائلة (ثروة طبيعية ومادية متنوعة وتراث حضاري وثقافي ثمين) إلا أنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها في صناعة السياحة، حيث نصيب الجزائر من السياحة العالمية لا يتعدى 1% وتتواجد ضمن الرتب الأخيرة عالمياً ضمن أضعف الوجهات السياحية، وهذا راجع لعدة أسباب منها السياسة السياحية التي تبنتها الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا والتي تميزت بما يلي:(8)
تطور ملحوظ من حيث إنجاز طاقات الإيواء ولكنها لم تحقق الأهداف المسطرة، وتبقى غير كافية، وهذا راجع للصعوبات والمشاكل المرتبطة بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي عموماً، والتأخير في إنجاز المشاريع. خلال فترة التسعينات اعتمدت الجزائر سياسة سياحية جديدة مبنية على تشجيع الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي للقطاع السياحي، لكنه تزامن مع فترة تردي الوضع الأمني في الجزائر. لقد تم في مطلع سنة 2000 صياغة إستراتيجية حول تطوير قطاع السياحة لآفاق سنة 2013 في شكل وثيقة تحت عنوان: مخطط أعمال التنمية المستدامة للسياحة في الجزائر آفاق 2010، أدخلت على هذا الأخير بعض التعديلات بالنظر للتطورات الجديدة الحاصلة على المستويين الداخلي والخارجي، قصد إعطاء الديناميكية لقطاع السياحة من خلال:
تحديد الاختيارات المستقبلية من أجل تثمين عقلاني للإمكانات التي تزخر بها البلاد وتفعيلها لتصبح الجزائر مقصداً سياحياً؛ تحديد الأهداف النوعية والكيفية المنتظرة في آفاق 2013؛ تحديد التدابير والأدوات المعتمدة لتنفيذ البرامج المسطرة بهدف الشروع في إنشاء صناعة سياحية مستقلة. ليعرف القطاع السياحي الجزائري بذلك تحسناً ملحوظاً بعد سنة 2000 من حيث التدفقات السياحية حيث بلغت في الفترة 2000-2005 نسبة زيادة قدرت بـ 10% بالنسبة للسياح المحليين و18% بالنسبة للسياح الأجانب.
إن الجزائر تتطلع بأن تكون قطباً سياحياً متواجد في ركب التنافس الإقليمي بمنتجات سياحية عصرية وجذابة، لذا تبنت إستراتيجية سياحية من خلال المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية مع تطبيق قواعد الاستدامة، وقد تم تحديد مجموعة من البرامج (SDAT) آفاق 2025 لتهيئة الأقطاب السياحية في الجزائر سواء كانت من الدرجة الأولى أو التكميلية، ويعتبر المخطط التوجيهي لتهيئة الإقليم الإطار المرجعي لهذا التوجه (SNAT).
وينص المخطط الوطني لتهيئة الإقليم حسب ممثل الحكومة شريف رحماني، على ضرورة العمل على تحقيق التوازن الإقليمي والتنافسية وتحقيق التوفيق المنسجم بين إقامة توازن مستدام والمكونات الكبرى للإقليم وتكييفها مع متطلبات الاقتصاد المعاصر في إطار الحكم الراشد من خلال ضبط مراحل تنفيذه في إطار إستراتيجية تنفيذية واضحة وهادفة.
وحسب الدكتور بوكرامي (عضو اللجنة الوطنية للإحصاء الاقتصادي المنصبة خلال شهر جوان 2010، فإن الحكم الراشد يعني الشفافية أيضاً، وبالرغم من المرسوم التنفيذي رقم 04-81 المؤرخ في 22 محرم عام 1425 الموافق لـ 14 مارس سنة 2004 والذي يحدد كيفيات وضع بنك معطيات للسياحة وهذا طبعاً تجسيداً للشفافية وتوفير المعلومات المتمثلة في:
القدرات السياحية التي تزخر بها البلاد؛ تنظيم السياحة وكذا الإطار القانوني لتشجيع الاستثمار السياحي في الجزائر؛ طاقات الاستقبال وأصناف الإيواء؛ كل معلومة ذات طابع اقتصادي واجتماعي لها صلة بالنشاط السياحي. والذي يقوم بتزويد بنك المعطيات السياحية هم المديريات الولائية للسياحة، الديوان الوطني للسياح، الوكالة الوطنية للتنمية السياحية، الجمعيات التي تنشط في المجال السياحي، وذلك بإرسال المعطيات المجمعة إلى المصالح المختصة بإدارة الوزارة المكلفة بالسياحة، بعدها توضع هذه المعلومات تحت تصرف الجمهور للإطلاع عليها.
إذن على الرغم من كثرة وتنوع النصوص القانونية ووجود الإرادة السياسية والأموال المرصودة إلا أن الواقع يعكس عدة مشاكل واختلالات ونقائص (نقص المعلومات وتناقضها أحياناً وهذا طبعاً في غياب ما يسمى ببنك المعلومات والمتعلق بالنشاط السياحي وعلاقته مع باقي القطاعات) ضف إلى ذلك الرهانات التي تنتظر الجزائر والتي تتمثل أساساً في إشكالية انخفاض معدل الموارد الطبيعية وندرة المياه وهشاشة التربة وأزمة عالم الريف ومشكل النزوح والنمو الديمغرافي.
في الأخير، يجب القول بأن العامل البشري هو أساس العملية التنموية مهما كانت أبعادها ورهاناتها، وكما قال الأستاذ محمد طيبي من جامعة وهران، الإدارة لا تصنع تنمية، وعليه فإن سلوك ووعي السياح بمتطلبات السياحة المستدامة يعتبر بمثابة حجر الزاوية في نجاح مساعي تحقيق التنمية المستدامة للنشاط السياحي وأيضاً لكون كل فرد من بني البشر يعتبر سائح نسبي، سواء محلياً أو دولياً. التشجيع على السياحة المستدامة : لقد اصبحت السياحة المستدامة جزء لا يتجزأ من السياحة العادية فلها عدة اجابيات على المحيط وعلى موارد الدولة٬ وهي في تزايد مستمر في الدول العربية. وعموما يعرف قطاع السياحة في الوطن العربي تطورا كبير خاصة في مصر وتونس والاردن والمغرب والامارات العربية المتحدة حيث تستقبل دبي مثلا لوحدها حوالي 15 مليون زائر سنويا٬ وقد ساعدت الثورة التكنولوجية على تعريف اعالم على السياحة في العالم العربية حيث اصبحت الكثير من المواقع الالكترونية تقدم خدمات تعريفية هامة سواء للفرد العربي او الغربي تشجعه على زيارة البلدان العربية التي تزخر بمقومات سياحية هامة خاصة المطلة على المتوسط٬ فمثلا موقع روائع السفر https://www.travelmasterpieces.com/ وهو موقع عربي ضخم في مجال السياحة يقدم معلومات قيمة على اكثر 10 وجهات سياحية عربية في افريقيا واسيا٬ حيث اصبحت هذه الخدمات الالكترونية مع الخدمات الموجودة باللغة الانجليزية مثل بوكينج وEXPIDIA تسهل بشكل كبير تعريف العالم بالسياحة العربية.
الخاتمة لقد ناقشت هذه الدراسة مفهوم السياحة المستدامة وتجارب تطبيقها في بعض الدول العربية على أمل أن يتفهم أصحاب الاستثمارات السياحية في الوطن العربي جدوى تطبيق هذا المفهوم.
إن تطبيق مفهوم السياحة المستدامة يعني وجود سياحة نظيفة رفيقة بالبيئة وصديقة للمجتمع وذات مردود مالي كبير، ونأمل أن تشجع المؤسسات السياحية على تطبيق هذا المفهوم، من خلال احتفال سنوي يعلن به أسماء المؤسسات التي نجحت في تطبيق مفهوم السياحة المستدامة، ثم توضع شعارات لاصقة على كل المؤسسات التي طبقت هذا المفهوم.
وعليه من خلال هذه الدراسة نتوصل إلى النتائج التالية:
مفهوم التنمية السياحية المستدامة ليس حالة ثابتة من التوازن بين تحقيق الفوائد الاقتصادية وبين حماية البيئة ومواردها الطبيعية، فهناك ما يقارب 60 تعريف متعلق بالاستدامة، وإن كان ذلك لا يقلل من الالتزام بمفهوم أفضل ممارسة بيئية باعتباره الأداة المثلى لتحقيق الاستدامة، كما أن مفهوم أفضل ممارسة بيئية قد يختلف من منطقة لأخرى من منطلق اختلاف مشكلات وظروف التنمية في كل منطقة الأمر الذي أدى إلى اختلاف مفهوم التنمية السياحية المستدامة أيضاً. التخطيط للتنمية السياحية المستدامة قد يكون سياسة عامة للإقليم أو دولة وقد يكون برنامج مقتصر على مساحة معينة من العمليات داخل نطاق معين.
المصادر : عبد الوهاب رزيق: "منتدى الاستثمار في شمال إفريقيا"، المركز الإنمائي لشمال إفريقيا، نشرة التنمية، العدد8، طنجة (المغرب)، ديسمبر 2001. السياحة العربية ٬ موقع روائع السفر ٬ على الرابط: https://www.travelmasterpieces.com ٬ تصفح بتاريخ : 11-06-2019 . جامعة الدول العربية، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الدليل الإرشادي للسياحة المستدامة في الوطن العربي، مرجع سبق ذكره، ص04. مؤتمر الأطراف الحادي عشر مشروع القرار7، السياحة والأراضي الرطبة، بوخاريست، رومانيا، 6-13 تموز 2012، ص06 على موقع: http://www.ramsar.org/doc/.cop11-dr07-arabic.doc عبد الوهاب صلاح الدين، السياحة في عالم متغير، الطبعة الأولى، دار زهران، القاهرة، مصر، 1996، ص182. -Emån Helmy, towards sustainable planning for tourism devolopment : case study on egypt, Ph .D thesis, faculty of tourism and hotels, Helwan University, Cairo, Egypt, 1999, p5. محمد إبراهيم عرافي، فاروق عبد النبي عطا الله، التنمية السياحة في مصر: دراسة تقويمية بالتطبيق على محافظة الإسكندرية، ورقة بحثية مقدمة في إطار ورشة عمل السياحة الإسكندرية، مصر، 2007، ص04. وزاني محمد، السياحة المستدامة واقعها، وتحدياتها بالنسبة للجزائر "دراسة القطاع السياحي لولاية السعيدة – حمام ربي-"، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير، تخصص تسويق الخدمات، معهد العلوم الاقتصادية والتسيير، تلمسان، 2010/2011.
#حاوشين_ابتسام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
قلعة الكهف
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|