وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6318 - 2019 / 8 / 12 - 14:25
المحور:
سيرة ذاتية
وديع العبيدي
ديوانُ السّبْعينيّاتِ/3
(ولادة في كهف مظلم)
(1)
آهٍ لو تَعْرِفُ مَا مَعنى أغانينا التي ننشِدُها
لو تَعْرِفُ كَمْ قاسيتُ مَنْ وَحْشِ الضّيَاعِ الأبدي..
آهٍ لو تَعْرِفُني.. تَعْرِفُ مَا لونُ شَفاهي..
... تَعْرِفُ إحْسَاسي الذي تَنْسَابُ فيه..
كانَ هَذا العالمُ الأرْضيُّ والفَوْقيّ شيئاً وَاحِداً..
وَأنَا..
ذَاكَ الْفَقيرُ الْعاشِقُ الْمَعْشوقُ في كِبَرٍ يَتيهُ..
أنَا مَا كُنْتُ.. وَلَكنْ.. سأكُونُ..
أنَا مَا خِنْتُ.. وَلَكِنْ.. سَأخُونُ..
(2)
أنَا ابنُ الأرضِ..
مِنْ كُلّ الينابيعِ التي تَشْرَبُهَا كُلّ الْعُيون..
وأنَا أعْرِفُكِ..
كُلُّ زَواياكِ وأسْطُحِكِ التي أحْمِلُها
كَالسّنْدِبادِ الْغَارقِ الْعُمْرَينِ في وَحَلِ البِحَارِ
مُنذما كَانَ حليبُ الدّمْغِ وَالزّيتونِ في فمي
عَلى طُول النّهارِ..
وَأنَا أدْعوكِ..
يَا لَيْلى تَعالي..!
يَمْضي العُمْرُ.. يَأتي الْعُمْرُ..
يَأتي اللّيلُ.. يَمْضي اللّيلُ..
يَصْحو النّاسُ.. يَغْفو النّاس..
يَا لَيْلى تَعالي..!
ثمّ ألْقاكِ بِلا شَفَةٍ وَلا عَينينِ
كَالخَرْساءِ في شَطَحِ الْخَيَالِ..
(3)
آهٍ مَنْ نَفَسي التي عَذّبْتُها..
آهٍ مَنْ شُعْلَةِ إحساسي التي أحْرَقْتُهَا..
آهٍ لَوْ يَعْرِفُ هَذا الْعَالمُ الْحَجَريُّ لَحْظَاتِ السّكُونِ
وَأنَا.. كَالْمَاءِ في إبريقِ شَايكِ في المساء
أمْلأُ عَينيك بِالدّمَعَاتِ.. بِالْضَحِكَاتِ..
بِالْجُرْحِ الدّفينِ..
ثمَّ أشْرَبُك كَخَمْرِ الْبَدَوِيّةِ
نُصْبِحُ شَيْئينِ في شيءٍ..
وَنَفْنَى في سُكُونٍ..
أنَا مَا كُنْتُ.. ولَكِنْ.. سَأكُونُ..
أنَا مَا خُنْتُ..
وَفَكّرْتُ طَويلاً وَطَويلاً..
في هَوَانا الْمَلْحَميّ الضّاحكِ الْمَحْزونِ..
لَكِنْ.. سَأخون!
(4)
لَمْ أزَلْ أدْعوكِ حّتّى الآنَ..
أرْتجفُ كَطِفْلٍ..
صَارَ يُشْقيه الْحنينُ..
لَمْ أزَلْ للآنَ أغْرَقُ في حِكاياتِكِ..
لَمّا التَقيْنا..
لَمْ أزَلْ.. حَتّى انْتَحَرْتُ..!
(13 اكتوبر 1979م)
البصرة/ باب الزبير
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟