إيمان بوقردغة
شاعرة و كاتبة و باحثة تونسيّةـ فرنسيّة.
(Imen Boukordagha)
الحوار المتمدن-العدد: 6317 - 2019 / 8 / 11 - 10:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان تطبيق القانون هو في صلب الواجب الدستوري لرئيس الدولة الذي يضمن رعاية تنفيذ القوانين بإخلاص وهي آلية أساسية لتفعيل السياسة التنظيمية الوطنية.
وضمن مجال اختصاصه "بضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع" فإن تصميم استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب يجب أن يوجه عملية صنع القرار فكرئيس لمجلس الأمن القومي وقائد أعلى للقوات المسلحة ،ليست لرئيس الدولة مسؤولية أكبر من حماية الشعب التونسي و ضمان سلامته وأمنه وهي مسؤولية محصَّنة بجميع الصلاحيات اللازمة.
إن التعهد بهذه القيم الدستورية الأساسية والالتزام بالأمن ودعم سيادة القانون يمكّننا من حمايةالسلامة العامة.
إن السلطة على القوات المسلحة هي سلطة دستورية تؤهِّل الرئيس لاستخدام القوة العسكرية رداً على التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي.
ومن ناحية ثانية فإن تحديد وتطوير استراتيجيات لتمكين أجهزة الأمن من الاستجابة للتهديدات الداخلية ومراجعة وتقديم توصيات بشأن السياسات المتعلقة بالمسائل المتعلقة بالأمن القومي هو في صميم تحقيق الأمن القومي للجمهورية.
و ترتيبا على هذه المقدمات فإن الرئيس الذي تكون عملية صنع قراره مستنيرة بالثوابت الدستورية ، سيعتمد على الصلاحيات المخوَّلة له، في مواجهة التحديات الإرهابية المتفاقمة منذ استعار الإنتفاضة بتونس
حيث أرسلت تونس واحدة من أكبر فرق المقاتلين إلى سوريا والعراق ، ومعظمهم انضموا إلى داعش ، إلى جانب تسفير عدد كبير من المقاتلين إلى ليبيا. فضلا عن ذلك فعندما بدأت الأنشطة الجهادية في تونس حدثت زيادة هائلة في الهجمات الإرهابية ، حيث شن كل من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وداعش هجمات ضد البلاد ، وخاصة ضد قطاع السياحة الاستراتيجي. فلا يمكن إنكار أن عدم الاستقرار وانعدام الأمن والأزمة الاقتصادية هي عوامل تهدد بالفعل الانتقال الديمقراطي في تونس وإنكار ذلك ينطوي بالضرورة على سوء نية أو تواطئ.
وفي سياق انهيار داعش في الشرق الأوسط واحتمال عودة الآلاف من المقاتلين الأجانب التونسيين من تلك المنطقة ، يمكن أن تصبح ليبيا ، الدولة المنهارة ، وجهة هؤلاء العائدين ، الذين سيتّحدون مع الجماعات الجهادية هناك
مما يعمق التهديدات على الأمن القومي خاصة وأنهم اكتسبوا من ناحيةخبرات قتالية مباشرة وروابط بالشبكات الدولية ومن ناحية ثانية فإنه يُنظر إلى تونس على أنها "نقطة ضعف" في شمال إفريقياإذ تقدم تونس قاعدة لوجستية خلفية حيث أدى انهيار "الخلافة "في سوريا وعدم الاستقرار المستمر في ليبيا إلى تعرض تونس مباشرة لتهديد تلك المنظمات الإرهابية.
ويمكن العثور على جذور الجهادية في تونس في المجموعة الإسلامية المقاتلة التونسية ، التي تم إنشاؤها في عام 2000 على الأرجح في جلال آباد (أفغانستان) ، عندما دعا العديد من الأفغان التونسيين بقيادة طارق معروفي وسيف الله بن حسين (المعروف باسم أبي عياض) إلى تنظيم الجهاديين التونسيين المتطرفين وفي هذا المقام أومأ جليل لوناس ,وهو أستاذ مساعد للدراسات الدولية في برنامج أبحاث العمارة الإقليمية الاستراتيجية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنسق برنامج الدراسات الجامعية الدولية في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الأخوين في المغرب في بحث بعنوان "الجهاد التونسي: بين القاعدة و الدولة الإسلامية في العراق وسوريا" "The Tunisian Jihad: Between al-Qaeda and ISIS", إلى أنه "ولكن كما يشرح حبيب صياح، فإن الجماعة الإسلامية كانت إلى حد كبير منظمة خارجية كانت راغبة في "ربط ودعم وتنظيم المجتمع الجهادي التونسي في المنفى". والواقع أن الجهاديين التونسيين كانوا في الأصل من الناشطين في حركة الاتجاه الإسلامي، القريبة من جماعة الإخوان المسلمين بقيادة راشد غنوشي.
However, as Habib Sayyah explains, the TICG was largely an offshore organization that wanted to “connect, support and structure the Tunisian jihadi community in exile.” Indeed, the Tunisian jihadists originally were militants of the Mouvement de Tendance Islamique (MTI), close to the Muslim Brotherhood and led by Rached Genouchi
فإبان الإنتفاضة و في سياق الفراغ الأمني ليس غريبا أن تدعو حركة النهضة إلى العفو عن السجناء السياسيين
بما فيهم "الجهاديون" الذين انخرطوا في أنشطة سياسية مشبوهة مُشهرين سيوفهم وأعلامهم السوداء "الجهادية" في ظل الإفلات التام من العقاب وهو ما يعني تصميم استراتيجية متعمدة من جانب السلطات للسماح بنشاط التنظيمات الإرهابية على التراب الوطني بل و دعمها .وهي استراتيجية ارهابية أدت إلى تنفيذ سلسلة من الإغتيالات الممنهجة ضد قادة و زعماء وطنيين على غرار الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمدالبراهمي الذي لم تمنعه تأديته لمناسك الحج من أن يكون قبلة لرصاص الإسلام السياسي في تونس وهو ما يكشف الحجاب عن سياسة اسلاموية إرهابية بامتياز تندمج في استراتيجية إجرامية تعمل مع سابقية القصد و الإضمارعلى تصفية الخصوم السياسيين التونسيين الوطنيين وهي تستقبل في نفس الوقت الصهيوني برنارهنري ليفي على أرض تونس التي أصبحت مرتعا للجماعات الإرهابية على غرار مجموعة جندـالخلافة الموالية لتنظيم داعش الإرهابي المتركِّزة بشكل أساسي في منطقة القصرين والمرتبطة مباشرة بفرع جند الخلافة الجزائري ، وهو أحد فروع داعش فضلا عن وجود خلايا إرهابية تجنيدية ، مستقلة عن بعضها البعض تتعهد بالولاء لداعش تنشط في المناطق الحضرية وفي بعض الجامعات وهذه الخلايا تلعب دورًا لوجستيًا بمعنى أنها "توفر مخابئ ، وتخفي الغذاء والأسلحة ، وتنتظر الانتفاضة العامة" وفي هذا المناخ السياسي الداعم للإرهاب تدعّمت الحاضنة الشعبية للإرهاب فلا يمكننا إنكار الدعم اللوجستي لجماعات من المواطنين المتواطئين للإرهابيين حتى في المدن الكبرى.
و في مقام آخر استغل المتطرفون التونسيون دولة ليبيا المجاورة لإقامة معسكرات تدريب ، مستفيدين من عدم الاستقرار وانعدام الأمن في هذه المنطقة و من ليبيا ، شنوا هجمات ضد تونس مما شكل تهديدًا وطنيًا متفاقما أسفر عن هجوم سوسة الإرهابي حيث هاجم أحد أعضاء داعش العائدين من ليبيا منتجع سوسة الساحلي ، مما أسفر عن مقتل 39 سائحًا و يعتبر هذا الهجوم فاقرة فقرت الإقتصاد التونسي وهي جائحة تعزّزت بواقعة تفجير حافلة في شارع رئيسي وسط العاصمة والذي راح ضحيته 12 على الأقل من نخبة الأمن الرئاسي التونسي .
وترتيبا على ذلك فإنه في سياق أمني مضطرب تعززت فيه مناخات الإرهاب فإن صياغة استراتيجية رئاسية ناجعة لمكافحة الإرهاب وتنفيذها يعد من الأولويات في سبيل تمكين أجهزة الأمن القومي من التعاون والعمل بفعالية ؛ وتقييم الأهداف والالتزامات والمخاطر التي تحيق بالجمهورية ضمانا لسلامة المواطنين حيث أنه من الضروري حماية حق الإنسان في الأمن بسيادة القانون الذي يفرض العقوبة كحكم "على كل من يخالف الأحكام القانونية “وهي تفرض باسم المجتمع "لأنها رد فعل اجتماعي لحماية أمن المجتمع وضمان استقراره" وتحقيقا لمطمح العدالة الباسق
ضد الجريمة التي هي "عدوان على العدالة فيه معنى التحـدي للـشعور الاجتماعي العام ، لما تنطوي عليه من ظلم ، لان فيها حرمـان للمجنـي عليه من حق له ، فالعقوبة تهدف إلى رفع هذا العدوان من خلال الألم الـذي ينزل بالمحكوم عليه في ماله أو حريته أو في شخـصه ، فالعقوبـة تعيـد
التوازن القانوني الذي اختل بسبب ارتكاب الجريمة"
وفي مقام آخر فقدأكدت الأخلاقيات السياسة على السبل التي يمكن بها للديمقراطيات أن تنهار في غياب فضائل أخلاقية فضلا عن أن المؤسسات السياسية لا يمكنها أن تعمل إلا عندما يكون كل من يشاركون فيها قادرين على التسوية والحكم هذا الأمر متعارف عليه في الديمقراطيات العريقة فمابالك بانتقال ديمقراطي هش مناخه الأمني مشوَّش
ومن جهة أخرى فإنه سيرا على نهج التقليد الهيجيلي الذي اعتبر الأخلاق عبارة "عن اتّباع القوانين وإطاعتها و الإنسان الخلوق هو من كان في نيّته أن يطيع القانون" فإنه من الأخلاقيات السياسية التي ينبغي أن تتوفّر في رئيس الجمهورية المرتقب بتونس حماية سلامة المواطنين عبر تسييد القانون في مجال المكافحة المزدوجة للإرهاب و" للإفلات من العقاب وتعزيز المساءلة وسيادة القانون".
#إيمان_بوقردغة (هاشتاغ)
Imen_Boukordagha#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟