الكلمة اليومية ل"صوت إلى الأمام" إذاعة الحزب الشيوعي العمالي العراقي من داخل العراق يكتبها سمير عادل
لم تكف الصواريخ والطائرات التي تنطلق من مناطق الخليج لتدمر وتقتل وتفتك وتهشم عظام الذين لم يقترفوا ذنبا سوى انهم ولدوا في ظل نظام دموي ومجرم ،والتي فرضها عليهم أصحاب أزرار تلك الصواريخ والطائرات.ولم يكف وضع الملايين من جماهير العراق في سجون يحرس أقفالها جلادي صدام وقصي وعدي،ليتحولوا إلى وقود في إدامة آلة الحرب الدموية من اجل الحفاظ على حكم البعث الجائر والمستبد .
تجربة سكان كردستان المرة والتي لا تمحى من الذاكرة مع النظام البعثي الفاشي،تجعلهم يشعرون بالرعب إذا ما تحولت مناطقهم إلى جبهة عسكرية لضرب القوات العسكرية التابعة لحكومة البعث والتي تدفع الأخير برد انتقامي لا يختلف عن ما جرى في مدينة حلبجة .فمع إعلان نهاية المهلة لنظام صدام بأن يغادر العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية،نزح مئات آلاف من أهالي كردستان إلى القرى والجبال والمناطق الحدودية الإيرانية يبحثون عن الكهوف والمخابئ البعيدة عن صواريخ وقنابل النظام المجرم في بغداد .ولم يصدقوا فرحتهم حين رفض البرلمان التركي عبور القوات الأمريكية اراضيه إلى مناطق كردستان العراق لفتح جبهة عسكرية أخرى ضد الجيش العراقي .وكانت تصريحات الطلباني والبرزاني زعيمي الحزبين قبل اندلاع الحرب في عدم مشاركتهم بالهجوم على الجيش العراقي واتخاذ مواقع دفاعية،زاد من تلك الفرحة ،إلا إنها لم تدم طويلا ، فأمريكا قامت بإخضاع قوات الحزبين ووضعها تحت أوامر قيادتها العسكرية ،وفتحا مهبطين أمام الطائرات الأمريكية في منطقتي بكره جو والحرير وبامرني لجلب الجنود.
إن هذه السياسة التي يسير عليها الحزبين القوميين ، سينتج عنها المزيد من قتل الناس والدمار في المنطقتين التي تحت سيطرة الحكومة البعثية وكردستان .فلقد وجه ريبوار احمد "ليدر" الحزب الشيوعي العمالي العراقي رسالة إلى الحزبين المذكورين،يحذرهما من مغبة تحويل كردستان إلى جبهة قتال،إلا انهما وكعادتهما تنصلا من مسئوليتهما أمام الجماهير، ولم يباليا إلى ما ستجلبه سياستهما هذه من ويلات إلى جماهير كردستان .فعلاوة على المجازر وتشريد آلاف من سكان كردستان ومدن كركوك والموصل، فأن التيار القومي العروبي الذي بدوره ارتكب ويرتكب المجازر بحق جماهير العراق تحت عناوين محاربة الإمبريالية والعدو الصهيوني، استبدل تسمية محاربة"قوات البرزاني والطلباني بكلمة "الأكراد" تحت القيادة الأمريكية لاحتلال العراق، لنشر وزيادة التوهم بالنزعة القومية الذي سيؤدي إلى تنظيم موجة جديدة من حمامات الدم بين ناطقي اللغة العربية والكردية .
إن اتباع وتأييد سياسة الحرب والدمار والقتل من قبل الحزبين القوميين الكرديين،التي تلاقي احتجاج وغضب العالم برمته، هي آخر فصول الحركة القومية الكردية"الكردايتي" بعد اثني عشر عاما من الاقتتال الداخلي وتحويل مناطق كردستان إلى منتجع لتجوال جيوش ومخابرات الجمهورية الإسلامية وتركيا وكان آخرها القوات الأمريكية ،تلك السياسة التي ستحمل ويلاتها جماهير كردستان .
لقد بينت تلك السياسة التي وضعت عنوان لها "حرية العراق" بعد تسع أيام من الحرب، بأنها سياسة "حرية مقبرة جماهير العراق" .
29-3-2003