بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 6311 - 2019 / 8 / 5 - 01:39
المحور:
القضية الكردية
إن التهديدات التركية بخصوص مناطق الإدارة الذاتية -شرق الفرات- ليست بجديدة بالتأكيد حيث حكومة العدالة والتنمية ومنذ إعلان الكرد لتلك الإدارة وتركيا تهدد ب”دفنهم بالخنادق أو القبول بالذل”، كما صرح الرئيس التركي وبكل وضوح مؤخراً وللأسف فعلتها تركيا في عفرين .. وهكذا فإن عداء الحكومات التركية مستدام تاريخياً، لكن الجديد بالموضوع هو تصعيد اللهجة العدائية من قبل الحكومة التركية حيث ومؤخراً صرح أردوغان بأنه؛ قد أعلم كل من الروس والأمريكان بالاجتياح .. طبعاً كلنا يدرك؛ بأن تركيا لا يمكنها أن تخطو خطوة واحدة باتجاه الحدود السورية دون موافقة الدول الكبرى وبالأخص الروس والأمريكان ولا أعتقد بأنها حصلت على ذاك الضوء وإلا كانت قامت بتلك العملية دون كل هذا الضجيج والغبار حيث من يريد القيام بأي عمل لا يحتاج لكل هذه البروباغندا الإعلامية.
إن تأكيدنا على قضية عدم قدرة تركيا -وليس عدم جديتها- باجتياح شرق الفرات، نابع من قضايا عدة؛ أهمها تتعلق بوجود نوع من الحماية الدولية لشرق الفرات والتي لم تكن متوفرة في عفرين وذلك لمن يريد المقارنة بين الواقعين حيث كلنا نعلم بأن هناك الوجود الأمريكي وقد أكدوا وبشكل واضح؛ بأنهم ملزمون بحماية من قاتل معهم ضد “داعش” وقد جاء ذلك على لسان أكثر من مسؤول أمريكي ومؤخراً أكد عليه مرة أخرى المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط؛ جيمس جيفري وذلك خلال لقاءاته بالمسؤولين الأتراك بصدد إنشاء ما تعرف ب”المنطقة الآمنة”، بل ها هو لأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يدعو (جميع الأطراف إلى الاتفاق حول “المنطقة الآمنة” المتوقع إنشاؤها شمالي سوريا، لدرء أي صراعات قد تنشأ) وبالتالي فالقضية أعقد من عملية عسكرية لتركيا، بل تتعلق بموازين القوى في المنطقة والصراعات القائمة بين عدد من الأطراف الدولية والإقليمية بحيث بات الكل يبحث عن حلول سياسية.
وهكذا فإن المسألة لا تتعلق فقط بالكرد وإدارتهم الذاتية ولا حتى بالموافقة الأمريكية -إن حصلت- والتي هي مستبعدة برأي، كون مصالح الأمريكان ليست فقط إرضاء تركيا أو خلق صراع بينها وبين الروس والإيرانيين، بل تتعلق بسياسات ومصالح كل الدول التي تتصارع على الأرض السورية فحتى الروس والإيرانيين لن يقبلوا باحتلال تركي لكل الشمال السوري، إلا إن كان هناك مخطط لدفع المنطقة لحرب شاملة تعتبر حرب شرق أوسطية إن لم نقل عالمية وذلك بهدف إعادة رسم خرائط وفق مصالح الدول السيادية الجديدة بالعالم، لكن تصريح الأمريكان والروس ومعهم الأمم المتحدة هو ليس باتجاه ذاك التصعيد، بل محاولة لايجاد مخارج للأزمة وأعتقد أن بالأخير سيرضخ الجميع لمصالحهم والقبول بالجلوس حول طاولة المفاوضات وإن أردوغان يحاول كسب المزيد من الامتيازات من خلال التهديد بالاجتياخ العسكري لشرق الفرات.. وأخيراً يمكننا القول: بأن الإدارة الذاتية باتت واقعاً وجزء من المعادلات والتوازات السياسية.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟