ولادة إقليم كردي جديد بات واقعاً.. قراءة سريعة للبيان الختامي لأستانا (13)

بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)

الحوار المتمدن-العدد: 6309 - 2019 / 8 / 3 - 16:13
المحور: القضية الكردية
    

أكدت الدول الثلاث في البيان الختامي للجولة الـ 13 من محادثات أستانا والتي عقدت في العاصمة الكازاخية "نور سلطان" عدد من البنود منها؛ إن الدول الثلاث -تركيا، إيران، روسيا- "أكدوا التزامهم الثابت بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسيادة اراضيها، وكذلك احترام اهداف ومبادئ ميثاق الامم المتحدة" و"..ناقشوا الوضع في شمال وشرق سوريا واشاروا الى ان تحقيق الاستقرار طويل المدى والامن في هذه المنطقة ممكن تحقيقه بناء على احترام سيادة ووحدة الاراضي السورية" و"بهذا الصدد رفضوا كل المحاولات الرامية الى انشاء وقائع جديدة على الارض بذريعة مكافحة الارهاب بما في ذلك مبادرات غير شرعية للحكم الذاتي، وعبر عن عزمهم لمكافحة الخطط الانفصالية الرامية الى تقويض سيادة سوريا ووحدة اراضيها التي تهدد الامن القومي للدول المجاورة" و"عبروا عن رأيهم بان الصراع السوري ليس له حل عسكري، وأكدوا تمسكهم بضرورة تواصل العملية السياسية من قبل السوريين بدعم من الامم المتحدة وفقا للقرار 2254 لمجلس الامن، وقرارات مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي".

طبعاً هناك عدد من النقاط والقضايا الأخرى والتي جاءت في البيان تتعلق برفض الاحتلال الإسرائيلي للجولان وكذلك بخصوص التهدئة في إدلب وقضايا اللاجئين والعودة وإعادة بناء سوريا وغيرها من الملفات، لكن أخذنا النقاط السابقة بنوع من التفصيل، كونها تمس الحالة والخصوصية الكردية في جوانب مهمة منها؛ أولها رؤية الدول الثلاث بخصوص النظام السياسي القادم حيث جاء التأكيد على "سيادة الجمهورية العربية السورية" على أراضيها وكذلك التأكيد على "وحدتها وسيادة أراضيها" وذلك في إشارة واضحة للإدارة الذاتية في روجآفا وشمال شرق سوريا، بل إن البيان ما زال يتمسك ب"عربية" سوريا وهو تأكيد آخر؛ بأن الدول الثلاث يرفضون أي تغيير للنظام السياسي الذي يمس التكوين الديموغرافي -وليس فقط الجيوسياسي- للبلد وبالتالي هناك مزاج عام لدى الدول الثلاث بعدم الإقرار بالتنوع والتعددية وذلك رغم "تبجح روسيا أحياناً بضرورة مشاركة الكرد"، كون عندما يتعمد استخدام مصطلح "الجمهورية العربية السورية" فهو رفض للتنوع الإثني القومي، أما قضية "السيادة" وفي ظل احتلال الدول الثلاث لجغرافية سوريا فهو نوع من استغباء للقارئ والسوريين عموماً وإلا ما معنى أحتلال تركيا لكل الشمال السوري مثلاً، إن كنا سنتحدث عن أي سيادة وطنية لسوريا!

ويشير البيان وبوضوح إلى تناول الملف الكردي وذلك عندما يؤكد بأنهم؛ "ناقشوا الوضع في شمال وشرق سوريا" وبأن "تحقيق الاستقرار طويل المدى والامن في هذه المنطقة ممكن تحقيقه بناء على احترام سيادة ووحدة الاراضي السورية" وهو تأكيد آخر على رفض أي مشروع سياسي يهدف إلى المس بمركزية الدولة وليس فقط "وحدة الأراضي السورية"، كون ليس هناك مشروع انفصالي لأحد حتى يكون هناك أي مساس بوحدة الأرض السورية، لكن ورغم ذلك يأتي البيان ليقول: و"بهذا الصدد رفضوا كل المحاولات الرامية الى انشاء وقائع جديدة على الارض بذريعة مكافحة الارهاب بما في ذلك مبادرات غير شرعية للحكم الذاتي، وعبر عن عزمهم لمكافحة الخطط الانفصالية الرامية الى تقويض سيادة سوريا ووحدة اراضيها التي تهدد الامن القومي للدول المجاورة". وهكذا يتوضح المعنى تماماً؛ بأن هدف الدول الثلاث -وبالأخص إيران وتركيا- هو منع أي امتيازات وحقوق يناله الكرد في إطار سوريا الجديدة القادمة حيث يريدون الحفاظ على النظام السياسي القديم وذلك خوفاً من امتداد الحالة الثورية لبلدانهم.

لكن وبالمقابل ندرك من خلال لهجة البيان أو كما يقال "فيما يكمن خلف السطور"؛ بأن هناك مشروع أمريكي يهدف إلى إنشاء كيان سياسي في المنطقة الخاضعة لهم بحيث تتحول سوريا من دولة ذات نمط سياسي مركزي مستبد إلى نظام متعدد المراكز والأقطاب وذلك في إطار مشروعهم السياسي للشرق الأوسط الجديد الديمقراطي، ربما قريباً من النموذج العراقي بحيث يصبح الكرد هم الشركاء الجدد في سوريا القادمة وتصبح الإدارة الذاتية نموذجاً مشابهاً لإقليم كردستان وذاك ما يشكل رعباً حقيقياً للنظامين التركي والإيراني ويدعمهم الروس في إطار محاربة الإستراتيجيات الأمريكية بالمنطقة، بمعنى تلاقي المصالح بين الدول الثلاث لمحاربة الكرد والإدارة الذاتية ولذلك -وبقناعتي- لا خوف على الكرد ومشروعهم السياسي في روجآفا، كونهم باتوا جزء من الإستراتيجية الأمريكية حيث فشل وإسقاط الكرد في هذه الجغرافية يعني سقوط المشروع الأمريكي .. نعم؛ أن ولادة إقليم كردي جديد بات واقعاً سياسياً!

#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات