محمد وجدي
كاتب، وشاعر، وباحث تاريخ
(Mohamed Wagdy)
الحوار المتمدن-العدد: 6309 - 2019 / 8 / 3 - 14:54
المحور:
سيرة ذاتية
كان أبي مسافراً إلى الأردن للعمل، وسافرت أمي له في فترة الإجازة الصيفية، وتركانا في رعاية جدتي – التي كنت أقرب الأحفاد إلى قلبها – وكانت تؤثرني بأفضل شيء عندها؛ ألا وهو حبها الفائض .
ولأنني من إحدى مدن الوجه البحري الصغيرة؛ فقد كان لديها عادة أن تتجول بي في كل ربوع المدينة عندما تنهي أعمال المنزل، وأنتهي من مذاكرتي . فنجلس لدى صويحباتها ومعارفها، أو نزور الأماكن العتيقة التي أتنسم فيها رائحة عطر ذكريات البشر الراحلين، وأشعر بوجوههم تكاد تقفز من وراء جدرانها لتحكي كيف فرحوا وحزنوا وعاشوا .
وفي إحدى المرات أهدتني مشطاً اشترته لي خصيصاً ( وكانت تسميه البطة رغم أنه على شكل دب ) .
كان مشطاً ولكنه ليس مجرد مشط. فقد كان على شكل دبٍ صغيرٍ جميل الشكل رائع اللون فرحت به أيما فرح، واحتفظت به، وكنت أبخل أن أمشط به شعري لئلا يفسده الاستعمال كما هي سنة الأشياء .
الرائع أنه بعد خمس وثلاثين سنة ما زلت أحتفظ به، وأخرجه كلما أردت تنسم عبق جدتي، وتذكر تفاصيل وجهها الطيب فصار المشط طللاً عتيقاً أزوره كما كنت أزور مع جدتي تلك الأماكن العتيقة التي تحكي حكاوي الراحلين؛ ولأرتحل مع امرؤ القيس محيياً الطلول قائلاً :
ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي
#محمد_وجدي (هاشتاغ)
Mohamed_Wagdy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟