اسماعيل موسى حميدي
الحوار المتمدن-العدد: 6309 - 2019 / 8 / 3 - 02:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تموز الأكثر إحباطا في ساحة التحرير
د.اسماعيل موسى حميدي........الحوار المتمدن
وأنت تمر بالقرب من ساحة التحرير ترى عينك أسلاكا شائكة تلف المكان بغطرسة وهي تحتضن اعدادا قليلة يائسة من بقايا متظاهرين مشتتين وكأنهم يمثلون احباط الساحة بعدما كانت بالامس مترعة بالحماسة وتدوي تقاطعاتها بعجيج المتظاهرين ، المهم، الاسلاك الشائكة في المكان لاتتناسب واعداد للمتظاهرين الذين اكتفوا بالنوم في الساحة فقط، وهي لها تاريخ مع ابائهم على حدود الوطن بالامس، وانتقلت اليوم داخل المدن وهذه هي نقطة التغيير الجوهري في العراق الجديد ، مجرد تحريك بامكنة الاسلاك الشائكة .
الغريب ان هؤلاء القلة من المتظاهرين اصبحوا سخرية للمارة لاسيما اصحاب الكيات والتكسيات الذين يترددون كثيرا باليوم الواحد على المكان وقد حفظوا حتى وجوه المتظاهرين ،أحد اصحاب التكسيات وهو رجل طاعن في السن ،ما ان وصل ساحة التحرير حتى أخرج رأسه الاشعث من نافذة سيارته صادحا (لا يا عارات) ،ولا اعرف لمن كان يقصد هذا الرجل الاشيب، هل يقصد المتظاهرين لانهم يراهنون مع سياسي لايراهم بعين الوطنية والانصاف ، هل كان يقصد اسلوبهم السلمي في التظاهر الذي لايجدي نفعا مع حيتان الفساد، هل كان يقصد العسكر الذي يضيقون على المتظاهرين ساحتهم، هل يقصد الشعب المنتفظ بالامس والذي تبدد وترك هؤلاء القلة وحدهم يخوطون في الساحة .هل يقصد الشعب العراقي أجمع.
وما ان يجن الليل ،حتى يتشتت هؤلاء القلة من المتظاهرين وبعضهم يقضي ليلته وهو يتدثر السماء تحت النصب املآ في انقشاع ليله الذي طال في العراق وعيناه تفتشان في مجسمات جواد سليم المتشابكة هي الاخرى لعله يحظى بعطف نظرات مسؤول تمرق من خلف ستارة رباعيته المتكبرة.
تحجيم التظاهرات في بلد إنبهر العالم بفساده يبني لفكرة ان من كان يقود المظاهرات بالامس ُسيس، او انه فاقد للوطنية الحقيقية، او كان يصطنعها فالوطنيون لاتنفك وطنيتهم عن الحماسة حتى تزلزل الارض لتعود الاعلام الى سواريها.
المظاهرات في كل الاحيان تنجح ،وأسمى غاياتها هي إشعار المسؤولين بقوة الردع التي تطارد فسادهم بعيون شعب لاينام يمثله ثلة وطنيين لاتخلو صفحات التاريخ منهم ،لذا اخطأ من ظن ان التظاهرات تفشل عندما لا تحقق مطالبها.
تموز هذا العام الأكثر احباطا في ساحة التحرير.
#اسماعيل_موسى_حميدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟