أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - تلك الطريق.. ذلك النمو














المزيد.....

تلك الطريق.. ذلك النمو


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 1547 - 2006 / 5 / 11 - 11:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ومع أن كثيرا من الدول العربية ظلت سائرة لعقود من الزمن في تلك الطريق المسماة طريق النمو، إلا أنها لم تدرك في مسيرتها الغاية المنشودة، فلا هي حققت نموا، ولا هي أصابت تقدما، ولا هي أنجزت حراكا اجتماعيا واقتصاديا عميقا، رغم المحاولات ورغم الصخب والضجيج. فقد ظلت دول عالم ثالث متخلف، تكابد الركود والفقر والأمية، وتعيش على الديون والمساعدات الدولية والاستهلاك السلبي لعائدات الطبيعة.
كان المعنى المتداول لمفهوم النمو واضحا ومحددا أمام الجميع. وكانت نماذج التقدم مجسدة للعيان في أمثلة قائمة من أوربا وأمريكا وآسيا. وكانت هناك طرق مرسومة، مستقيمة، ممهدة، ومجربة.. عليها علامات تحدد الاتجاه وتشير للهدف. وفوق هذا وذاك كان هناك طموح شعبي غامر، وحالة من التعبئة والحماس لرفع التحدي، وأحلام مشروعة تراود مخيلة الناس في الوصول إلى حياة عنوانها الكرامة الإنسانية وتحسين شروط العيش، والاكتفاء الذاتي، واللحاق بركب التطور.
ثم وقع ما وقع..
وعند أول خطوة بعد نقطة الانطلاق، اتضح أن قطع أية مسافة في هذا الاتجاه بنجاح، يقتضي مسبقا بناء مجتمع العلم والمعرفة والحرية والديمقراطية، وبناء الفرد والجماعة والمؤسسات، ومراجعة النفس والتاريخ والموروث الثقافي، وإعلاء كلمة العقل والعقلانية ونبذ التقليد والفكر الخرافي.. وهي الأمور التي لم يكن بوسع الدول العربية أن تقوم بها في الإجمال، ولا أن تدفع تكاليفها الباهضة ماديا ومعنويا، ولا كانت هناك في الأصل إرادة لدى الأنظمة الحاكمة المتعاقبة، ولا مصلحة، لتحقيق ذلك، لأن هذه الطريق هي نفسها الطريق المؤدية للوعي السياسي العام وللنهوض الثقافي ولتفشي إرادة الانعتاق والتحرر التي يمكن أن تعصف أول ما تعصف بعروش الاستبداد والظلم والفساد. فكان لابد من تعديل المسار والبحث عن الطريق الالتفافي البديل وهنا رجح النموذج الشمولي المتصلب حيث يتم التنظير لشكل النمو المطلوب ومواصفاته من فوق، وترسم خرائط الوصول إليه، أو بالأحرى السير نحوه، أمنيا وبيروقراطيا.
لم تحترم الدول العربية في معظمها الشروط الدنيا اللازمة لإنجاز أي مشروع للنمو، وهي التخطيط والواقعية والاستمرار وسرعة التنفيذ.. بل بالعكس من ذلك، فقد بالغت في الارتجال والتخبط، وانخرطت في متاهة من المنعطفات والمراحل الانتقالية والأزمات. لأن مطلب النمو لم يكن اختيارا حكوميا نابعا من قناعة ومؤسسا على برامج استراتيجية، بل كان مطلبا شعبيا يكاد يكون لا شعوريا عضدته الإملاءات والتوجيهات الخارجية من الدول الدائنة ومن المؤسسات العالمية والأبناك. فشروط الإعانات والإقراض أصبحت محكومة بالرضوخ لكل الإجراءات التي تسطرها هذه الجهات بما فيها من سياسات غير اجتماعية كسياسات التصحيح والتقويم الهيكلي والتقشف وسياسة التوازنات..
وقد سنت الحكومات العربية في هذا السياق كثير من السياسات اتسمت في الأغلب بالحذر والتردد وقصر النفس والتجريب وعدم المواصلة. وهو المنحى الذي ظل يعود بجهود ومحاولات التنمية في كل مرة إلى نقطة الصفر وينتهي بها إلى التراجع من منتصف الطريق للبداية من جديد.
وتماما كما كان الحال بالنسبة للعدول عن تجارب التنمية البعيدة المدى التي تستهدف التصنيع الضخم وبناء المعامل والجامعات وتطوير الزراعة والتعليم والبحث العلمي وتحسين خدمات الصحة والإسكان والمواصلات.. واكتفي، عوضا عن ذلك، بتنمية قصيرة المدى، قليلة التكلفة، تستهدف المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإنعاش بعض القطاعات كالسياحة والخدمات.. فقد جرى العدول أيضا عن سياسات توجهية كبرى كالتأميم وتشجيع القطاع العمومي وشبه العمومي لصالح سياسة الخوصصة والتفويت وتشجيع المبادرات الحرة والمنافسة. وبطبيعة الحال منطقي أن تجري هذه الانتقالات على خلفية تحولات ومراجعات وتراجعات إيديولوجية ( إن على سبيل التدرج أو القطيعة )، من النمط الاشتراكي في الاقتصاد إلى النمط الرأسمالي، ومن النمط الموجه إلى النمط الحر، وهي تحولات ومراجعات همت كل البلدان العربية وإن بدرجات متفاوتة. فأهداف التنمية التي يسعى إليها الاشتراكيون تختلف عن أهداف التنمية التي يدعو إليها الرأسماليون، والتنمية المحاطة ببعد قومي مخالفة للتنمية التي ترتكن للهم القطري، والتنمية التي تطمح للنفاذ إلى أعماق الطبقات الشعبية لتمس الهامش تناقض التنمية التي تراهن على النخب والطبقات العليا من المجتمع..
وهنا نعود لما أسميناه بالشروط الدنيا للتنمية لنسجل أن تسارع حركة التطور الاقتصادي والتكنولوجي في العالم، على الأقل في الثلاثين سنة الأخيرة، والسباق المحموم الذي انطلق بوتيرة مجنونة زادت منها تحديات العولمة الاقتصادية، جعلت الفارق بين الدول المتقدمة والدول النامية يتسع إلى أبعد حدوده. وإذا استحضرنا العوامل الأخرى التي تتسبب في إيقاف مسيرة النمو وتعطيلها كالاضطرابات الداخلية والانقلابات والحروب ومشكل نزيف الكفاءات وهجرة العقول.. سنجد أن صعوبة كسب رهان النمو ستزداد مستقبلا مما يعني أن مقولة الدول النامية أو البلدان السائرة في طريق النمو ستصبح عما قريب، إن لم تكن قد أصبحت فعلا، مقولة بلا موضوع، اللهم إلا أن نكون قاصدين تلك الحالات التنموية المموهة والمؤقتة التي تقف على دعائم النفط واستثمار شركات البترول الكبرى، فهي على أية حال تنمية وإن كانت مرتبطة بأنابيب الضخ وبسعر الخام في البورصات والأسواق العالمية.
فهل يعنى هذا أننا سنقف "محلك سر"
.. يبدو ذلك.



#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نواب الأمة: حفريات في ترسبات قديمة
- أكاديمية الآلهة
- الأنظمة العربية.. طبعة مزيدة ومنقحة
- الفساد.. ينزل من أعلى
- عم.. يتنافسون؟
- خطاب التشغيل في المغرب: الهروب بلغات متعددة
- من المعارضة إلى المشاركة_تحولات السلوك السياسي الحزبي في الم ...
- الأحزاب السياسية في المغرب
- تخلف جهل.. وحضارة جهالة


المزيد.....




- -حماس- تُعلن رسميا مقتل يحيى السنوار: ننعى قائد معركة -طوفان ...
- أفراد من القوات الأوكرانية يفرون من منطقة كورسك تحت ضربات ال ...
- شيرين عبدالوهاب تحسم جدل لقب -صوت مصر- بعد مقارنتها بأنغام
- أول تعليق من حماس على مقتل السنوار
- كيف يؤثر انقطاع الطمث على دماغ المرأة؟
- غداة اعترافه بمقتل 5 جنود بمعارك مع حزب الله.. الجيش الإسرائ ...
- حماس تنعى رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار
- منفذا عملية البحر الميت.. من هما وما هي وصيتهما؟ (فيديوهات) ...
- المشاركون في اجتماع صيغة -3+3- يدعون إلى وقف التصعيد في الشر ...
- البرلمان الإيراني يفند تصريحات رئيسه التي أثارت غضب لبنان


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - تلك الطريق.. ذلك النمو