خميس بن محمد عرفاوي
(Arfaoui Khemais)
الحوار المتمدن-العدد: 6295 - 2019 / 7 / 19 - 20:14
المحور:
ملف 1 أيار - ماي يوم العمال العالمي 2019 - سبل تقوية وتعزيز دور الحركة النقابية والعمالية في العالم العربي
تاريخيا نشأت النقابة في صلب الطبقة الشغيلة وهي تنظيم مهني أسسه في البداية العمال أنفسهم. غير أن التسمية أطلقت في تونس على عدة أصناف من التنظيمات الأخرى مثل نقابات الأعراف ونقابات الفلاحين (التيمومي، الهادي، 1983). ولهذا وضعنا كلمة الشغيلة لتمييز الحركة النقابية التي أسسها أو انخرط فيها العمال في تونس. وهي ظاهرة جديدة لم يمر عليها قرن من الزمن إذا اعتبرنا تأسيس أول جامعة نقابية تونسية سنة 1924، وما تزال يافعة وعنصر استقطاب في الحياة الاجتماعية بحيث حافظت على نفس خصائصها إلى الآن. ولكننا سنتوقف في بداية سنة 2011 وهو تاريخ الثورة في تونس والإطاحة برمز الاستبداد الذي سعى جاهدا إلى تغيير طبيعة العمل النقابي للشغيلة في تونس.
كثيرون هم الباحثون والكتاب وخاصة النقابيون منهم، الذين اهتموا بالكتابة حول الحركة النقابية للشغيلة في تونس خاصة أثناء عهد الاستعمار المباشر. ولكن اختلفت الكتابات من حيث الصنف إذ ينتمي بعضها إلى صنف الشهادات (Achour, Habib, 1989) والمذكرات (فينيدوري، جون بول، 2016) وينتمي البعض الآخر إلى صنف الدراسات الجامعية والبيوغرافية (Ben Hamida, Abdessalem, 2003) أو تجميع مقالات (الواعر، الأسعد، 2014) الخ. كما تختلف الكتابات حسب القراءات والتوجّهات. فنجد الكتابات التي تغلب عليها الرؤية الذاتية (Ben Miled (A), 1984) ونجد الكتابات التي يغلب عليها الطابع السردي والمنحازة للقراءة الوطنية (Azaiez, Boubaker Ltaief, 1980, p. 41) إلى جانب القراءات النقدية التي تنطلق من توجهات يساريّة ماركسيّة (الهمامي، الطاهر، 1985. والهمامي، جيلاني، 2016) الخ. لذلك فإنّنا سنقتصر في هذه الورقة على إبراز الخصائص التي تتحلّى بها الحركة النقابية للشغيلة في تونس. ولعل أهم خاصيّة هي الجمع بين البعد الوطني وهو بالضرورة بعد سياسي والبعد الاجتماعي المطلبي. هذه الخاصية تثير تباينا لدى أصحاب الرأي بين موافق وبين معارض إذ ليس من البديهي أن يرتبط هذان البعدان في حركة نقابية نظرا إلى ما هو متعارف عليه من كون النقابة تهتم بالمسائل المهنية والمادية فحسب. وهذا ما يحيلنا على إشكالية طبيعة العمل النقابي في وسط استعماري واستعماري جديد. فهل وفّقت الحركة النقابية التونسية في الجمع بين البعدين المذكورين؟
للإجابة عن هذا التساؤل سنتطرق في مرحلة أولى إلى البعد الوطني في نضال النقابيين التونسيين وفي مرحلة ثانية إلى البعد الاجتماعي.
I. الطابع الوطني للحركة النقابية التونسية
تأسست الحركة النقابية التونسية في ظل الاستعمار الفرنسي المباشر. ونظرا إلى الاضطهاد الذي كانت تتعرض له الطبقة العاملة بحكم انتمائها الوطني فقد طغى على حركتها النقابية في الكثير من الأحيان الطابع الوطني وتجاوزت ما هو مطلبي صرف لتشارك في العمل السياسي.
أولا- نشأة الطبقة العاملة في تونس
في الواقع نشأت الطبقة العاملة التونسية إثر انتصاب نظام الحماية وتحوّل تونس إلى مستعمرة سنة 1881. فقد ساعد الاستعمار على تسرّب الرأسماليّة في تونس وفي دخول الآلة وتعصير طرق الإنتاج تدريجيا وانتشار نظام الأجرة وتوسّع الملكية الفردية وتقسيم العمل. ولكن الطبقة العاملة في تونس لم تكن متجانسة. فقد كانت تنتمي إلى جنسيات مختلفة: عرب، يهود، ايطاليون، مالطيون، فرنسيون خاصة. وبدورهم كان العمال العرب يتألفون من عمال تونسيين وعمال من بقية البلدان المغاربية.
تنحدر النواة الأولى للطبقة العاملة التونسيّة من أبناء الريف المفقرين والنازحين إلى المدن والقرى المنجميّة ومن صغار الحرفيين وصنّاعهم الذين قضت عليهم المزاحمة الأجنبيّة فضلا عن أفواج العاطلين. وتجمعت تلك النواة في الصناعة الاستخراجيّة بالمناجم (مناجم الفسفاط في منطقة قفصة والقلعة الجرداء ومناجم الرصاص والحديد بالجريصة وملاحات تونس وسوسة وغيرها) والخدمات (النقل والموانئ والوظيفة العمومية) والضيعات الكبرى وصناعة مواد البناء والأشغال العامة والصناعات التحويلية (مثل الصناعات الغذائية كالمعاصر ومصانع الصابون والمطاحن). لقد تميزت هذه القطاعات بالهشاشة فالمؤسسات الصناعية الكبرى كانت قليلة جدا ومنها ترسخانة فريفيل (3000 عامل) ومصنع التبغ (800 عامل). بحيث كان عدد العمال التونسيين في مطلع القرن 20 حوالي 63.153 (قد يكون من بينهم بقية العمال العرب) على 86.404 عامل من بينهم فرنسيين 2620 وايطاليين 86.404 ومالطيين 2000 (Mahjoub (Azzam), 1983, p. 247). وخلال سنوات 1950 ارتفع عدد العمال إلى ما بين 200 و250 ألف أجير بما في ذلك الأجراء الفلاحيون والعاطلون جزئيا عن العمل. هذه المحدودية في العدد وما صاحبها من محدودية في الوعي سيكون لها تأثير على ضعف الدور الذي لعبته الطبقة العاملة على المستوى السياسي وتخلفها عن القيام بدور قيادي في الحركة الوطنية، وهو الدور الذي اضطلعت به البورجوازية الصغيرة.
وقد تضافرت كافة العوامل لتجعل من العامل التونسي فريسة آفتين: التخلف الموروث من العهود السابقة والاضطهاد العنصري. فقد كان يحتل مرتبة دونية بعد الفرنسيين وباقي الأوروبيين خصوصا وأن الفرنسيين كانوا يتمتعون بامتيازات مادية ومهنية ومعنوية فهم يقومون بالأعمال التي تطلب مهارات ويتقاضون أجورا أرفع ومنحا أكثر إضافة إلى الامتيازات المختلفة مثل منحة الثلث الاستعماري والتسهيلات في السكن الخ.
ما يميّز الطبقة العاملة التونسية هو أيضا تحلّيها بالروح النضالية. فمنذ بداية تشكلها شارك العمال التونسيون رفاقهم الأوروبيين في الحركة الإضرابية التي اندلعت في السنوات الأولى من القرن العشرين (1900، 1904، 1909، 1919، و1920 الخ) وانخرطوا في النقابات الفرنسية المنضوية في الكنفدرالية العامة للشغل (الس ج ت). ولكنهم لم يجدوا فيها التنظيم الممثّل لجنسيتهم ولا النصير المنشود لمطالبهم بسبب طابعها الاستعماري العنصري فسعوا إلى تأسيس نقابات تونسية.
ثانيا- الحركة النقابية التونسية تأسّست على أساس وطني
أوّل من وضع أسس العمل النقابي الوطني في تونس هم عمال الميناء بتونس ثم ببنزرت بإسهامهم في تكوين نقابات مستقلة عن اتحاد النقابات الفرنسية. وكان ذلك في صائفة 1924 عندما كانوا يخوضون إضرابا من أجل تحسين أجورهم. ومن ثمة توسع نطاق تأسيس النقابات ليشمل عدة جهات ومؤسسات، وتوج هذا المجهود بتأسيس جامعة عموم العملة التونسيّة في 19 جانفي 1925. وقد اتّهمهم قياديو الس ج ت بتقسيم الطبقة العاملة وتأسيس نقابات ليس على أساس أممي بل على أساس ملّي وديني (الحدّاد، الطاهر، 1997، ص 146 و148). ما هي حقيقة الأمر؟ لقد كانت فكرة محمد علي الحامي مؤسّس الجامعة وكاتبها العام هي التالية: "إن العملة التونسيين انتبهوا اليوم من غفلتهم وشاهدوا أنهم لم يربحوا أبدا أيّ شيء من انضمامهم لجمعية اتّحاد الشغل الفرنسوية، فأرادوا تكوين جمعية اتّحاد وحدهم بصفتهم أمة لها ذاتية، ثم تنضم بعد ذلك إلى إحدى الجمعيات العالمية بصفتها قسما تونسيا مستقلا. ولا يستفاد من هذا أن جمعيتنا التي أسسناها هي إسلامية محضة أو ملية، بل هي تسعى وراء ضم كل العملة، وتقبل في عضويتها الإيطالي والفرنسي على السواء كالتونسي..." (نفس المصدر، ص 146).
ذلك هو التمشي الذي اختاره العمال التونسيون في تأسيس نقاباتهم المبنية ليس على أساس عرقي وإنما على أساس طبقي وفي إطار وطني منفتح على الأمميّة. وفي الواقع ذلك هو المبدأ الذي تأسست عليه منظمات الطبقة العاملة في العالم(1). ولكن الاشتراكيين الفرنسيين المهيمنين آنذاك على الس ج ت كانوا يؤمنون بالدور التمدينيّ للاستعمار وفي نفس الوقت يتغلفون بشعار الأمميّة المزيَّف (عرفاوي، خميس، 2016، ص 87).
في ذلك الوقت لم يكن ممكنا قانونيا بعث نقابات تونسية لأنه لم يكن هناك قانون ينظم تأسيس النقابات في تونس. لكن الحال يختلف بالنسبة إلى الأوروبيين في تونس وخاصة ذوي الجنسية الفرنسية منهم الذين كانوا يتمتعون بالحق النقابي بمقتضى القانون الفرنسي الصادر في سنة 1884. ولن يصدر أمر يعترف بذلك الحق في تونس إلا سنة 1932(2).
التقت مصلحة السلطة الاستعمارية الحريصة على التفوق الفرنسي وأحزاب اليمين الفرنسي والحزب الاشتراكي الفرنسي واتحاد النقابات الفرنسية والأحزاب التونسية وهي الحزب الحرّ الدستوري التونسي والحزب الإصلاحي وأعضاء القسم التونسي في المجلس الكبير لوأد التجربة النقابية الناشئة وأحيل ستة من قياديها على المحكمة الفرنسية بتهمة المؤامرة ضدّ أمن الدولة الداخلي وسلطت عليهم أحكام قاسية(3).
أعيد إحياء جامعة عموم العملة التونسيّة من جديد سنة 1937 على أيدي الرفاق الذي بقوا أحياء وعلى رأسهم بلقاسم القناوي. لكن هذه التجربة الثانية لم تدم أكثر من بضعة أشهر إذ تسلط عليها الحزب الدستوري الجديد الذي لم يحترم ديمقراطية القرار النقابي وخصوصية إطاره (بن حميدة، عبد السلام، 1984، ص 65 و66).
تغيّرت الأوضاع بعد الحرب العالمية الثانية ونجح فرحات حشاد في تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946 في ظرف كان النظام في فرنسا يسعى إلى إحكام ربط المستعمرات بالإمبراطورية الفرنسية من خلال مشروع الاتحاد الفرنسي. فكان تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل الردّ المناسب على مستوى نقابي على ذلك المشروع. في الواقع لا نجد طرحا للمسألة الوطنية في المؤتمرات الثلاثة الأولى للاتحاد ولكن حشاد ما انفك يعبّر عن مواقف مناهضة للاستعمار.
ثالثا- النضال ضد الاستعمار
دأب النقابيون في تونس على وصف نضال الاتحاد من أجل مطالب سياسية بالبعد الوطني في العمل النقابي. لن نهتم بالجدل حول هذا الإشكال ولكن لنتتبع هذه الشواهد من مواقف فرحات حشاد ثم الاتحاد المنحازة للقضيّة الوطنيّة.
ففي محاضرة ألقاها حشاد بباريس أمام طلبة شمال أفريقيا (20 ديسمبر 1946) حيث قال متحدثا عن المناضلين النقابيين ودورهم إنهم "يقومون بكفاح مزدوج ضد رأس المال المستثمر وضد الاستعمار الغاشم" (الواعر، الأسعد، ص 191). وكتب سنة 1948 ما يلي: "الحركة النقابية التي تأسست لتنظم صفوف العمال، إنما هي حركة ترمي لتحرير الطبقات العاملة من براثن الاستعمار" (المكني، عبد الواحد، 2012، ص 144).
إنّ حشاد يميّز بين مناقشة منخرطي الاتّحاد لمسائل سياسية حولها اختلاف بين الأحزاب ومن شأنها تقسيمهم وبين المسائل التي حولها اتّفاق مثل القضية الوطنية. فهو يقول: "إنّ منظمتنا كسائر المنظمات النقابية لا تخوض في المسائل السياسيّة احتراما لحريّة الفكر وتجنبا لأسباب الاختلاف التي تتبع المسائل الحزبية والتي من شأنها أن تعود بالتفرقة بين صفوف العملة ولكن هناك مسائل وطنية هامة هي موضوع اتفاق الجميع يتحتم علينا أن نسير على ضوئها وأن نسعى لتدعيمها" (المكني، عبد الواحد، 2012، ص 133).
أما على مستوى الاتحاد فإنّنا نجد إشارة إلى البعد السياسي في نضاله في قانونه الأساسي الذي ينص في فصله الثاني على: "الدفاع عن الحريات الديمقراطية العامة والحقوق الطبيعية للفرد"(بن حميدة، عبد السلام، 1984، ص 93). وطالب في أفريل 1949 ببرلمان وطني منتخب وبحكومة ديمقراطية(نفس المرجع، 1984، ص 93). وسيصبح الموقف من الاستعمار ومن المطالب الوطنية واضحة وصريحة في المؤتمر الرابع (مارس 1951) الذي أكد أن "خدمة القضية القومية واجبنا الأول"( نفس المرجع، 1984، ص 92) وقال خلاله حشاد:"لا سبيل إلى تحقيق هدف واحد من أهدافنا النقابية إلا إذا بدلنا النظام السياسي الاستعماري المنافي للمصلحة الوطنية بنظام اقتصادي وسياسي قومي بحت"( نفس المرجع، 1984، ص 92).
كما شدّدت الجامعة العامة للموظفين التابعة للاتحاد على الطابع الوطني لمطالبها ففي سنة 1948 طالبت بأن تتوفر الجنسية التونسية لدى جميع موظفي الدولة التونسية الذين تعيّنهم السلط التونسية دون غيرها وأن يستخدم الأجانب كمتعاقدين لمدة معينة عند الحاجة. كما طالبت بإجبارية استعمال اللغة العربية في المناظرات الإدارية باعتبارها اللغة الرسمية الوحيدة (نفس المرجع، 1984، ص 91).
أما على مستوى النشاط العملي فإن الاتحاد ساهم مساهمة فعالة في الحركة الوطنية. ويتجسد هذا الدور في عدة مستويات نذكر منها الإضرابات العامة كإضراب 21-22-23 ديسمبر 1951 الذي شاركت فيه بقية المنظمات الوطنية والنقابية (اتّحاد النّقابات)(4) وإضراب 1 فيفري 1952 احتجاجا علة عمليات التمشيط والقمع في الوطن القبلي وإضراب 1 أفريل 1952 احتجاجا على تردي أوضاع الحريّات وعلى ممارسات المقيم العام تجاه السلط التونسية (إبعاد أربعة من الوزراء التونسيين بمن فيهم محمد شنيق الوزير الأكبر إلى الجنوب، الضّغط على الباي لسحب الشكوى ضدّ فرنسا أمام مجلس الأمن)( Julien, Charles-André, 1985). وفي غياب القيادة السياسية التي وقع تشتيتها في السجون والمنافي تكفلت قيادة الاتحاد بتنظيم المقاومة ضد الاستعمار سواء كانت في شكل مظاهرات أو مقاومة مسلحة. ونشير أيضا إلى أن قيادة الاتحاد لعبت دورا محوريا دفاعا عن القضية التونسية في علاقة بالمنظمات الدولية وخاصة منظمة الأمم المتحدة.
بعد 1956 وحصول تونس على الاستقلال السياسي تغيّر طرح المسألة الوطنيّة. فقد فرض شق بورقيبة في الحزب الدستوري الجديد الذي مسك بالسلطة نظرته على أساس أنّ تونس تحصلت على استقلالها الكامل. ونظرا إلى أنّ القيادات النقابية المتعاقبة على رأس الاتحاد كانت تنتمي إلى هذا الحزب فإنها تبنت نفس المقولات. ولكن في الواقع تواصلت علاقات التبعية الاقتصادية وأصبح الاستعمار أكثر مخاتلة وأخذ أشكالا غير مباشرة. ولعل استمرار العلاقات غير المتكافئة وارتماء النظام في المديونية والمصادقة على قانون أفريل 1972 الذي يمنح امتيازات عديدة للاستثمارات الأجنبية في تونس وبرنامج الإصلاح الهيكلي الذي شرعت السلطة في تطبيقه سنة 1986 واتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي (الأليكا)(5) أبرز علامات الشكل الجديد للاستعمار. ولقد ساعدت يقظة التيارات النقابية الراديكالية التي تواجدت في الاتحاد منذ السبعينات على نشر الوعي بهذه القضية التي تمثّل جزء هاما في لوائح الهياكل المسيّرة للاتحاد. وتحظى القضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية بمكانة هامة في ما يسميه النقابيون المسألة الوطنية نظرا إلى بعدها المعادي للامبريالية والصهيونية.
للحركة النقابية بعد آخر هو البعد الاجتماعي.
II. النضال النقابي في المجال الاجتماعي
يمثل تنظيم الشغالين والدفاع عن مطالبهم الأهداف الأساسية لكل حركة نقابية. وقد اكتسى هذا النوع من النشاط طابعا قارا خلافا للنضال الوطني.
1) المنظمات النقابية التونسية تجمعات طبقية للعديد من الفئات الاجتماعية
لم تقتصر التجارب النقابية الثلاث على الطبقة العاملة واتسعت قاعدتها لتشمل شرائح عديدة تختلف القواسم المشتركة بينها حسب الفترات. ففي عهد الاستعمار المباشر ضمت المنظمات النقابية العمال والموظفين ولكن أيضا الحرفيين والتجار الصغار(6) والفلاحين(7) قبل أن يستقلوا باتحادات خاصة بهم. وتمثّلت القاعدة الثابتة للمنظمات النقابية للشغيلة في الأجراء الذين يتشكلون من عمال الزراعة وعمال الصناعات والعمال في قطاع الخدمات. وقد أفرزت أوضاعهم المختلفة بعض الاختلافات في المطالب. وانضمت جامعة الموظفين التي تأسّست سنة 1936 للاتحاد العام في مؤتمره التأسيسي المنعقد سنة 1946. وهي تتكون من فروع ثلاثة هي البريد والبرق والهاتف، والتعليم والعدلية وكان لها وزن هام يتمثل في 18 نقابة على 50 شاركت في المؤتمر وهو ما يساوي الربع تقريبا(بن حميدة، عبد السلام، 1984، ص 81).
خلاصة القول أن القاعدة الاجتماعية الثابتة للحركة النقابية في تونس اشتملت على الطبقة العاملة وعلى البعض من الشرائح الوسطى وتسمى جميع هذه المكونات في تقاليد الاتحاد العام التونسي للشغل الشغالين بالفكر والساعد. تشترك في كونها تعيش من الأجر بالنسبة إلى العمال ومن الراتب بالنسبة إلى الموظفين. ولئن كانت تشترك سابقا في تردّي أوضاعها وفي تناقضها مع الاستعمار فإن أهم ما يجمع بينها بعد 1956 هو المطالب المادية. وبصفة عامة فإن القيادات النقابية كانت تنبثق من هذه الشرائح الوسطى التي تشقها خلافات فكرية وسياسية جعلت من بعضها سندا لنظام الاستبداد زمن بورقيبة وبن علي ومن البعض الآخر تابعا للتيارات الأصولية الدينية ومن قسم أخير ينتمي إلى التيار النضالي بمختلف تلويناته الماركسية والعروبية والمستقلين.
تتميّز الحركة النقابية التونسية منذ عهد حشاد بدخول العنصر النسائي معترك الحياة الاجتماعية والنقابية سواء من خلال قطاعات الوظيفة العمومية أو بعض القطاعات العمالية وخاصة في ميدان الصناعات التصديرية مثل النسيج وسيؤدي ذلك إلى طرح بعض المطالب الخاصة بالمرأة (مثل إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة والعطل أثناء الحمل وعند الولادة وساعات الرضاعة الخ) ويساهم في خلخلة البنية التقليدية للعائلة. وعلاوة على تواجد المرأة في الهياكل القطاعية والجهوية للاتحاد العام التونسي للشغل فقد أفردت بلجنة خاصة بالمرأة العاملة يشرف عليها مكتب وطني ولها فروع جهوية وقطاعية ومحلية (8).
ولكن مؤسّسو الحركة النقابية لم يعالجوا مسألة تنظيم العناصر الشعبية والهامشيين مثل بائعي الجرائد وبائعي الخضر والحمّالين والعاطلين عن العمل والخدم وغيرهم. هؤلاء هم من أبرز العناصر الفاعلة في الانفجارات الاجتماعية والحركات الاحتجاجية سواء كان ذلك من حيث العدد أو من حيث الأعمال العفوية التي يقومون بها. كثيرا ما كانت تندلع هذه الحركات في عهد الاستعمار الفرنسي المباشر وفي عهد النظام الدستوري. ولعل أحداث 3 جانفي 1984 تمثل أبرز حركة احتجاجية من هذا النوع رغم مشاركة الطلبة ونشطاء نقابيين وسياسيين مثل الشهيد فاضل ساسي(9).
وقد ارتفع عدد المنخرطين في الحركة النقابية باطّراد إذ انتقل منخرطو الاتحاد من 12000 في 20 جانفي 1946 إلى 80000 في جانفي 1947 (بن حميدة، عبد السلام، 1984، ص 83) أي أنه تضاعف سبع مرات خلال سنة. حاليا يبلغ العدد 700 ألف منخرط.
2) النشاط المطلبي للحركة النقابية
ارتبطت المطالب النقابية في فترة جامعة عموم العملة التونسية بعدة عوامل تتمثل في التضخم المالي الذي حصل بعد الحرب العالمية الأولى وما انجرّ عنه من ارتفاع في الأسعار إلى جانب تدهور أوضاع المشتغلين في الحرف والتجار الصغار بسبب حدة المنافسة الأجنبية والأزمات الظرفية التي مسّت القطاع الفلاحي في بداية العشرينات من القرن الماضي. فكانت المطالب تتمحور حول تطبيق نظام 8 ساعات عمل في اليوم والزيادة في الأجور ومساواتها مع أجور العمال الفرنسيين ومضاعفة أجر العمل أثناء أيام العطل. ولم تقتصر المطالب على ما هو مادي فقد طالبت الجامعة بإرجاع المطرودين إلى عملهم إثر إضرابات 1924.
وقد طبقت في تونس بنود اتفاقيات ماتينيون الممضاة من قبل حكومة الجبهة الشعبية في فرنسا والس ج ت ونقابات الأعراف سنة 1937 وحظيت بذلك الشغيلة التونسية بتحسينات كبيرة في ظروف العمل شملت الترفيع في الأجور و40 ساعة عمل في الأسبوع والعطل خالصة الأجر والعقود المشتركة.
ولكن هذه التحسينات لم تكن سوى محطة في مسار نضالي مطلبي لا ينتهي لأن بعضها يحدث له تآكل مثل الزيادة في الأجور التي تفقد قيمتها بفعل الارتفاع في الأسعار والبعض الآخر يحتاج إلى مراجعة إن لم يكن إلى توسيع تطبيقه على قطاعات جديدة مثل العقود المشتركة وأخيرا مطالب جديدة. فعلاوة على الصنفين الأولين من المطالب تبنى الاتحاد العام التونسي للشغل في مؤتمره التأسيسي المطالب الجديدة التالية: أنظمة التقاعد، المنح العائلية ومجالس التحكيم والعطل خالصة الأجر، تحسين وضعية العمال الفلاحيين من ناحية الأجور والمنح العائلية والعطل خالصة الأجر وأسبوع عمل ب40 ساعة لكافة عمال القطاع الخ. وفي مؤتمر أفريل 1949 طالب الاتحاد بتأميم المؤسسات الكبرى ذات المصلحة العامة وبمقاومة البطالة والتعليم الإلزامي (بن حميدة، عبد السلام، 1984، ص 88). لقد انتقل الاتحاد سنة 1951 إلى المطالبة بإدخال إصلاحات هيكلية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية مثل تجهيز البلاد صناعيا وتوزيع الأراضي على الفلاحين وطالب في مؤتمر 1956 بوضع مخطط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تتمحور حول فكرة تكوين التعاضديات(بن حميدة، عبد السلام، 1984، ص 89).
وكانت أبرز محطة في هذا المسار المطلبي هو بلورة برنامج اقتصادي من قبل فرحات حشاد سنة 1951 ثم تقديم التقرير الاقتصادي للمؤتمر السادس للاتحاد في سبتمبر 1956 المتمحور حول سياسة التعاضد والذي سيتحول إلى برنامج حكم عندما تولى أبرز محرّريه وهو أحمد بن صالح كتابة الدولة للتصميم والمالية سنة 1961.
لقد كان الإضراب أبرز سلاح لدى الحركة النقابية للدفاع عن مطالبها المادية. فجامعة عموم العملة التونسية تأسست في خضم سلسلة من الإضرابات المطلبية دشنها عمال الميناء كما رأينا وختمها عمال شركة الجير والإسمنت بحمام الأنف وعمال ضيعة بوتنفيل (برج السدرية)( فينيدوري، 2016 ص 46 و49). وشهدت الساحة الاجتماعية بعد تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابات مشهودة مثل الإضراب العام يوم 5 أوت 1947 الذي انتهى بمجزرة في صفاقس ومحاكمة شهيرة وإضراب العمال الفلاحيين في سوق الخميس (بوسالم حاليا) الذي دام خمسة أشهر سنة 1949. ولعل الإضراب العام الذي نفذه الاتحاد يوم 26 جانفي 1978 هو أبرز إضراب في تاريخ المنظمة من حيث حدة المواجهة التي قابلت بها السلطة هذا التحرك وعدد الضحايا الذين يعدون بالمئات(10) ونتائجه على الاتحاد الذي اعتقلت قيادته ونصبت على رأسه قيادة موالية للسلطة يقودها التيجاني عبيد. ومهما يكن من أمر فإن أحداث 26 جانفي تمثل أول محاولة جدية لفك الارتباط بين الاتحاد وبين الحزب الحاكم والسلطة ولتكريس استقلالية العمل النقابي.
كما كان للاتحاد دور متميّز في الإطاحة بنظام الاستبداد أثناء ثورة 17 ديسمبر 2010- 14 جانفي 2011 من خلال الإضرابات العامة الجهوية تضامنا مع المحتجين والتي نفذت في صفاقس والقيروان ثم تونس يوم 14 جانفي تاريخ فرار بن علي.
لقد تخلل هذه التحركات سقوط شهداء نذكر منهم شهداء العشرينات في بنزرت (الرصيفيون) والثلاثينات (المتلوي والمظيلة) والأربعينات بصفاقس وبرج التومي والخمسينات ببرج السدرية والنفيضة والسبعينات الخ (Finidori (J-P), 2018, p. 96). كما أفضى أغلبها إلى إيقافات ومحاكمات كنا ذكرنا بعضها. وكان كلّ ما ذكرناه نصيب الحركة النقابية من النضال ضد الاستعمار في مرحلة أولى وتضحيات في سبيل استقلالية العمل النقابي والتقدم الاجتماعي في مرحلة ثانية.
الخاتمة
تشكّلت الطبقة العاملة التونسية في إطار الرأسمالية الاستعمارية التي لم يكن هدفها تنمية البلاد بل استغلالها لفائدة المركز. وهذا ما جعل الاقتصاد في تونس هشا يعاني من اختلالات هيكلية وأفرز طبقة عاملة محدودة العدد والوعي. ولكن التجربة في صلب النقابات الفرنسية إضافة إلى مساعدة عناصر من النخبة المثقفة مكنها من خوض ثلاث تجارب نقابية على أساس وطني منفتح على البعد الأممي. ولئن فشلت التجربتان الأوليتان فإن الاتحاد العام التونسي للشغل بزعامة حشاد حل الإشكال الذي عجزت عنه التجارب السابقة ووضع نفسه في المكان المناسب من حركة التحرر ومحور حوله هذه الأخيرة وأضحى يمثل قيادتها الفعلية. ولا نجانب الصواب بقولنا أنّ القيادة السياسية للحركة الوطنية في عهد الاستعمار الفرنسي تولتها البورجوازية الصغيرة وأن قاعدتها الاجتماعية الأساسية مثلتها الشرائح الشعبية وخاصة الشغالون باعتبار أنهم كانوا منظمين في نقابات الاتحاد العام التونسي للشغل.
ولأن النظام الدستوري في عهدي بورقيبة وبن علي لم يكن بوسعه حل الاتحاد نظرا إلى وزنه التاريخي والاجتماعي فإنه حرص على التحكم فيه وتحويله إلى جهاز من أجهزته يبارك اختياراته ويقبل بأن يلعب دور النقابة المساهمة ويتحوّل إلى جزء من الديكور الديمقراطي. ولكنه في النهاية لم يفلح في تدجين الحركة النقابية وتركيع الاتحاد لعدة أسباب منها حيوية الطبقة العاملة التونسية ومكانة النقابة في وجدان العامل. وهذا ما يفسر تواتر الأزمات في علاقة الاتحاد بالسلطة وداخل الاتحاد بين التوجهات النقابية المناضلة والتوجهات الموالية للسلطة.
يعتبر الشغالون والنقابات المنضوية في الاتحاد العام من صانعي الثورة التونسية التي حررت المنظمة من تسلط الدولة ومكنتها من التحول إلى عنصر مؤثر في المجتمع المدني وفي الحياة السياسية. ورغم ذلك فالمخاطر لا تزال قائمة إذ تكنّ له البعض من الأطراف السياسية عداء مهلكا وتسعى الائتلافات الحاكمة إلى استمالته للحصول على مباركته لتوجهاتها المتناقضة مع الثورة والمعاكسة لاستحقاقات الوطن والشعب.
الهوامش
- يقول ماركس: "ليس للعمال وطن، فليس في الاستطاعة إذن سلبهم ما لا يملكون. وبما أنّ على البروليتاريا أن تستولي أولا على السلطة السياسية، وأن تشيد نفسها بحيث تغدو الطبقة القائدة للأمة، وأن تصبح هي الأمة، فهي لا تزال بعد إذن وطنية، ولكن ليس بالمعنى البورجوازي لهذه الكلمة"، ماركس، انجلس، 1968، ص 75.
2 - أمر 16 نوفمبر 1932.
3 - حكم على محمد علي الحامي والمختار العياري وفينيدوري بالنفي لعشرة سنوات عن التراب العسكري وتوابعه وحكم على محمد الغنوشي ومحمود الكبادي وعلي القروي بخمسة أعوام. الحداد، الطاهر، 1997، ص 236.
4 - ضد مذكّرة 15 ديسمبر للحكومة الفرنسية الرافضة للمطالب الوطنية و المقرة للسيادة المزدوجة على تونس.
5 - شرع في تنفيذ هذه الاتفاقية منذ سنة 1995 وشملت في مرحلة أولى المجال الصناعي.
6 - ضمت جامعة عموم العملة التونسية بعض الحرفيين والتجار الصغار. كما تواجد عدد منهم صلب الإتحاد العام التونسي للشغل الإتحاد العام التونسي للشغل الذي تولت قيادته فرز نقاباتهم وتأسيس الاتحاد العام لصغار التجار والصنايعية سنة 1946. التيمومي، الهادي، 1983، ص 170.
7- ضم الإتحاد العام التونسي للشغل نقابات للمزارعين تركّزت أساسا في الساحل وكوّن منها فرحات حشاد "الاتحاد العام لصغار الفلاحين التونسيين" إلى جانب "الجامعة التونسية للفلاحين المنتجين" التابع للاتحاد. التيمومي، 1983، ص 108 و109.
8 - القانون الأساسي للاتحاد العام التونسي للشغل، الفصل 38.
9 - الشهيد الفاضل ساسي من مواليد 8 سبتمبر 1959 بحي شعبي من أحياء العاصمة. اشتغل مدرسا للغة العربية بتبرسق. كان الفاضل ساسي ناشطا في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس وناشطا في صفوف النقابة الوطنية للتعليم الثانوي ومن مناضلي حركة الوطنيين الديمقراطيين كما انه كان شاعرا ثوريا له عديد القصائد التي نشرها له الاتحاد العام التونسي للشغل في مجموعته الشعرية " وقدري ان ارحل" وهو مقطع من قصيدة كتبها ثلاثة أيام قبل وفاته والتي تم حجزها ولم تر النور إلا بعد سقوط نظام بن علي في 2011. سقط الشهيد الفاضل ساسي في 3 جانفي 1984 في مفترق نزل الانترناسيونال بتونس العاصمة.
10 - سقط 52 قتيل وجرح 365 حسب تصريحات الحكومة بينما بلغ عدد القتلى ما يزيد عن 400 وفاق عدد الجرحى الألف حسب تقارير مستقلة. الهمامي، جيلاني، 2016، ص 80.
المصادر والمراجع
التيمومي (الهادي)، نقابات الأعراف التونسيين (1932 – 1955)، صفاقس- تونس، دار محمد علي الحامي، 1983.
Achour, Habib, Ma vie politique et syndicale : enthousiasme et déceptions (1944-1981), Tunis, Ed. Alif, 1989.
فينيدوري، جون بول، تعريب خميس عرفاوي، معارك عماليّة جامعة عموم العملة التونسيّة والامبرياليون الفرنسيون خلال العشرينات. نصوص ووثائق روبير لوزون، الطبعة 2، تونس، دار سحر للنشر، 2016.
Ben Hamida, Abdessalem, Capitalisme et syndicalisme en Tunisie de 1924 A 1956, Publications de la Faculté des Sciences Humaines et Sociales de Tunis, 2003.
المكني، عبد الواحد، فرحات حشاد المؤسس الشاهد القائد الشهيد، تقديم حسين العباسي، صفاقس، صامد للنشر والتوزيع، 2012.
الواعر، الأسعد، فرحات حشاد المقالات، تونس، 2014.
Ben Miled (A), M’hamed Ali et la naissance du mouvement ouvrier tunisien, Tunis, Editions Salambô, 1984.
Azaiez, Boubaker Ltaief, Tels syndicats tels syndicalistes ou les péripéties du mouvement syndical tunisien 1 ère partie 1900- 1970, Tunis 1980, p. 41.
الهمامي، الطاهر، دفاعا عن الديمقراطية النقابية ماي 1984- ماي 1985، تونس، دار النشر للمغرب العربي، 1985. الهمامي، جيلاني، الاتّحاد العام التونسي للشغل نظرة من الداخل، تونس، 2016.
Mahjoub (Azzam), Industrie et accumulation du capital Première partie de la fin du XVIIIe siècle jusqu’à la seconde guerre mondiale, Imprimerie Officielle de la République tunisienne, 1983, p. 247.
الحدّاد، الطاهر. العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية، (تقديم فتحي الرقيق)، صفاقس، صامد للنشر والتوزيع 1997، ص 146 و148.
عرفاوي، خميس، جدل حول كتاب "تونس الشهيدة، تونس، دار سحر للنشر، 2016، ص 87.
بن حميدة، عبد السلام، تاريخ الحركة النقابية الوطنية للشغيلة بتونس 1924-1956، الجزء الأول، تونس، دار محمد علي الحامي، 1984، ص 65 و66.
المكني، عبد الواحد، فرحات حشاد المؤسس الشاهد القائد الشهيد، صامد للنشر والتوزيع، صفاقس، 2012، ص 144.
- نفسه، ص 133.
Julien, Charles-André, Et la Tunisie devint indépendante (1951-1957), Tunis, Les éditions Jeune Afrique / S.T.D., 1985.
التيمومي، الهادي، نقابات الأعراف التونسيين (1932-1955)، صفاقس، دار محمد علي الحامي، 1983، ص 170.
Finidori (J-P), Ecrits et combats pour une Tunisie juste et indépendante, réunis par Habib Romdhane, préface de Habib Kazdaghli, Tunis, 2018, p. 96.
#خميس_بن_محمد_عرفاوي (هاشتاغ)
Arfaoui_Khemais#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟