|
ظاهرة الالحاد في الوطن العربي
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6295 - 2019 / 7 / 19 - 10:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اُذكِر ( ناقل الكفر ليس بكافر ) ، ان انتشار الالحاد في العالم العربي و تحوله من حالة الى ظاهرة اخذت تقض مضاجع الكثيرين من الشيوخ ومؤسساتهم الدينية كالازهر و المجمع الفقهي وهما اكبر مؤسستين دينيتين في مصر والعالم العربي .اخذت هذه الظاهره بالاتساع في اوساط الشباب بشكل لافت ، اغلبهم في العشرينيات من اعمارهم ، واصبح من الصعوبة بمكان السيطرة عليها . ان انتشار وسائل التواصل الاجتماعي على الفيس و غيره من المواقع سهل عملية التواصل بين الشباب ، و فتحوا مواقع خاصة بهم يتبادلون الاراء و يدعون بقية الشباب الى اللحاق بهم ، قسم من هذه المواقع تشن حملات مبرمجة على الاسلام وتسخر من جوهر الدين ، مما حدا بالازهر الى ان يعلن الاستنفار في صفوف المشايخ ، ومطالبتهم في حث الخطى باتجاه توعية الشباب و اجراء الحوارات في الجامعات و المعاهد لاعادتهم الى حضيرة الاسلام ، و يفضل ان تكون بعيدة عن وسائل الاعلام خوفا من ان يتأثر المشاهدين من العامة بالسجالات الدائرة و هذا اعتراف ضمني بقوة الحجج التي يرتكن اليها الشباب الملحد و فشل المشايخ في مجاراتهم بسبب طريقة الشيوخ التلقينية و كونهم حفظة قدرتهم ضعيفة على المناورة مما وضعهم موضع السخرية ، و بدا واضحا عجزهم على توفير اجوبة مقنعة لاسئلة الشباب المحرجة ، و هذا سبب مهم في زيادة ترسيخ قناعة الشباب مما ادى الى نتائج عكسية . لذلك نرى اعداد الملحدين في تزايد و لا توجد احصائيات دقيقة لاعدادهم بسبب غياب الشفافية ، ولكنهم يؤكدون بأن اعدادهم بالملايين و يقدرونها بخمسة ملايين في مصر و يعتبرونها الاولى على مستوى الوطن العربي . قسم من المشايخ يرجعون هذه الظاهرة الى غياب الوعي و الجهل بالدين ، و انا ارى ان هذا الافتراض غير صحيح لان الكثير من الملحدين ازهريون و سلفيون و خطباء مساجد و حملة شهادات عليا ، و لهم دراية كاملة بكل تفاصيل الدين لهذا قاموا باستغلال معلوماتهم هذه في كشف ما يعتقدونه من مثالب الدين ، وفي مقابلات عشوائية مع ملحدين اكدوا فيها ان الذي نفرهم من الدين هو تصرفات الشيوخ و السلفيين والتشريعات و القوانين التى اطلقوها عندما استلم الاخوان السلطة في مصر ، عكس ما كانت الصورة المرسومة لهم بأنهم ملائكة تمشي على الارض . اذ قام الحكام الجدد من الاخوان بممارسات غبية منها تقييد الحريات و محاولة طمس الطابع المدني للدولة المصرية و احلال الطابع الديني محله ، و يضيف الشباب بان الدين لم يجلب لهم سوى القتل و الخراب و التخلف ، و يضربون مثلا من ان الدول التي تحررت من هيمنة التعاليم الدينية هي الدول الاكثر سعادة و رقي و غنى و علم و تحضر . و ان اقل دولة فيها جرائم سرقة في العالم ليست السعودية التي تقطع يد السارق ، وانما السويد التي فيها اعلى نسبة الحاد في العالم تصل الى 90 % . عليه اصبح الشباب في عموم الوطن العربي اكثر ميلا للتفكير النقدي للدين ، و في مقابلة مع مجموعة متفرقة من الشباب منهم احدى الفتيات ، والدها سلفي جهادي تقول انها بدءت تشكك في الدين قبل اكثر من عام لسبب يتعلق بغياب العدالة و الرحمة التي من المفترض ان يقرها الدين ، و اصرت على اعلان الحادها بالرغم من الضرب الذي تعرضت له من الاب و الاخ في باحة الازهر .و هكذا مع بقية الشباب ، كل يعطي اسباب و مبررات تركه للدين و اكثرها مرتبط بغرابة و صرامة التعاليم و سوء استغلالها من قبل السلفيين و المتشددين و المشايخ .و مع هذا اجمع اساتذة الجامعات اللذين اخذت ارائهم حول الموضوع بان استعمال العنف او اي نوع من انواع العقوبات القاسية ستكون له نتائج عكسية و غير مجدي ، و اوصوا باطلاق الحوار لمعالجة هذه الظاهرة . وفي العراق الحالة لاتختلف كثيرا ، اصبح الالحاد اهم هواجس السلطة الدينية والسياسية في البلاد ، اذ دق المالكي و الحكيم ناقوس الخطر داعين الى معالجة الحالة التي اصبحت تهدد الدين و ثوابته . و على الرغم من ان الدستور العراقي في مادته الخامسة و العشرون تؤكد على حرية الرأي و التعبير ، الا ان السلطات و الاحزاب اخذت بمراقبة اصحاب المكتبات و تحذيرهم من بيع الكتب التي تروج للالحاد و خاصة في مناطق الجنوب . اعتقد ان مرد انتشار هذه الظاهره في العراق عموما هو اصابة الشباب بالاحباط بسبب فشل الحكومة في معالجة كثير من المشاكل الحياتية و اهمها البطالة و المحاصصة و الفساد ، الذ ي ينخر في جسد البلاد اضف الى ذلك تنشيط وعي الشباب الذي توفره منصات التواصل الاجتماعي و انفتاحها على كل العالم اذ اصبحت كل الامور بالمتناول و كتاب مفتوح ما عليك سوى ان تغرف بما يكفي نهمك للمعرفة . من ناحية اخرى ، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مواقع تروج للالحاد مثل الشبكة المصرية للالحاد و السورية و التونسية و شبكة الالحاد العربي الجامعة و الواسعة الانتشار و اعضائها بالالاف . يطالب هذه الايام قسم من الشباب المصري الملحد ان يكون لهم مكان في الدستور وسط معارضة شديدةمن قبل المشايخ ، و حتى من بعض الملحدين اللذين يرون ان الوقت لازال مبكرا على هذا الامر . لا ننسى دور التنظيمات الاسلامية المتطرفة مثل داعش و النصرة … الخ و التي قدمت نفسها كاسوأ نموذج للاسلام و قيامها بممارسة التوحش في ابشع صوره ، و تركت الاف الاسئلة في اذهان الكل و خاصة الشباب التواق الى معرفة و استجلاء الحقيقة . ارى ان الحل الانسب لهكذا حالة هو اعلان الدولة المدنية ، و فصل الدين عن الدولة ، حماية للدولة و الدين في نفس الوقت .
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امة لا تحترم الوقت ، امة خاسرة
-
حد السرقة في الاسلام ( 2 )
-
حد السرقة في الاسلام ( 1 )
-
مفهوم الروح في الاسلام
-
الكتابة من خلف ستار
-
هل السؤال حرام في الاسلام ؟ !
-
ظاهرة التقديس في الاديان
-
انكسار الشخصية المسلمة
-
ثقافة الاعتذار المفقودة في مجتمعاتنا العربية و الاسلامية
-
التكفير في الاسلام
-
فقراء يسكنهم العدل
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|